جاء من بعيد على خلاف العرف السائد في العائلة السعودية لكنه لم يكتفى بهذا التقدم على من يسبقونه في ترتيب البيعة , فمنصبه الرسمي ولي ولي العهد ووزير الدفاع لم يعد يكفي تطلعاته السياسية والتنفيذية , محمد بن سلمان الرجل الأقوى حالياً في العائلة السعودية , والمطور الشاب لما اسموه ب "طموحات المملكة" يعتبر وجه جديد لسياسة سعودية أقل خبرةً وأكثر تهوراً في كل قضاياها العالقة . تابع الجميع اللقاء الأخير لوزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان , وما رافقه من تحضيرات هي الأولى التي تحدث لملك سعودي وليس ولي ولي عهد ! , فاللقاء تمت تغطيته على كل القنوات الخليجية بشكل مباشر ,وعكف المحللون السياسيون على تحليل كل كلمة قالها في هذا اللقاء , الأمر في الخليج مختلف تماماً عن ذي قبل , الجميع يعلم ان التحضير على قدم وساق لإعلان بن سلمان ملكاً فعلياً للمملكة وما سيلحقه من اضطرابات سياسية قد تحدث داخل العائلة الملكية , وهو ما يؤثر بالتبعية على إستقرار باقي الممالك والإمارات الخليجية . تاريخياً مرت المملكة بمراحل مضطربة في تأسيسها وحتى تثبيت أقدامها فمن المملكة الأولى على يد محمد بن سعود عام 1744 م , إلى المملكة الثانية (إمارة نجد) عام 1818م ثم المملكة الثالثة عام 1932 م بقيادة عبد العزيز آل سعود , تأرجحت فيها السياسة السعودية بين الشرق والغرب إلى أن تم التوصل لتفاهمات مع الولاياتالمتحدةالأمريكية , ضمن بهم السيد الأمريكي سيطرة عملته على سوق النفط العالمي , ومنذ هذا الوقت وتعتبر السعودية هي الحديقة الخلفية للقرارات الأمريكية , فالقرار السياسي في الرياض ما هو إلا صدى صوت قوى لما يُتخذ في البيت الأبيض من قرارات حتى لو كان على حساب دول الجوار , ظلت السعودية طوال هذا الوقت تتدخل فعلياً في كل المناطق التي تسبب قلقاً للولايات المتحدة ولكن ليس بالشكل المباشر , فإعتمدت المملكة على سلاحها الأشهر وهو النفط والذي طالما استخدمته ضد خصومها السياسيين , فتعمد آل سعود إغراق سوق النفط إلى ما هو دون 10 دولارات للبرميل لإنهاك نظام صدام حسين بعد إنتهاء حربه مع إيران , وتعمدوا ايضا خفض السعر واستخدامه كورقة ضغط على روسياوإيران للتخلي عن سوريا , و إعتمدت المملكة ايضاً على أكثر اوراقها ربحاً وهو الجماعات التكفيرية التي تحمل نفس الفكر الوهابي للملكة والتي وظفته ايضا الولاياتالمتحدة طوال الوقت لتدمير أعدائها في المنطقة . مرات عديدة تورطت فيها السعودية كعضو في فريق السياسة الأمريكية في المنطقة ولكن دون التورط بشكل فردي يتحمل تبعاته النظام السعودي وحده بل والمواطن في المملكة , إلى ان وصل الملك سلمان إلى سدة الحكم فرأينا قرارات سعودية أكثر جرأة لا تنتج من ملك في أواخر العمر , فحدث تدخل سعودي أكثر حدة في سوريا من خلال تسليح الإرهابيين بأحدث الأسلحة , وتدخل متهور في اليمن لم يعد على المملكة بشئ بعد أكثر من 3 سنوات على بدءه , فالحوثي يتمدد أكثر وأكثر وهادي لم يعد أكثر من عروس ماريونت تحركه الأصابع السعودية . وفي الأخير سقطت كل المزاعم السعودية حول اليمن بعد تصريح بن سلمان القائد الحقيقى للعدوان " بأن الحوثي لا يصله دعم وهو ما يقصر أمد المعركة " مما ينسف كل المزاعم السعودية حول شكل التدخل الايراني في اليمن . فشل وراء فشل يلحق ببن سلمان القائد الشاب للمملكة ولكنه يتسخدم هذا الفشل لطرح نفسه أكثر وأكثر على الساحة السعودية فالصراع الداخلي للعائلة أصبح في العلن ويجرى الآن تحضير الساحة العربية لتورط سعودي أكبر يسهل عليه السيطرة فى المملكة دون أن يعترض عليه أحد , ولما لا فلن يحدث هذا الزلزال داخل العائلة إلا بوجود زلزال سياسي اكبر يحدث في المنطقة . لم يبقى أمامنا الآن سوى تجهيز الأوراق لمملكة سعودية رابعة على رأسها بن سلمان , قد تكون أكثر تهوراً وما سيتبعها من نهايات ستكون أكثر دراماتيكية فيما تبقى من قضاياها العالقة في المنطقة .