القاهرة من منار عبد الفتاح: أثار القرار الصادر عن وزير العدل المصري المستشار أحمد الزند بشأن تعديلات قوانين الشهر العقاري والتوثيق، والذي يلزم طالب الزواج الأجنبي من مصرية بتقديم شهادة استثمار بقيمة 50 ألف جنيه ذات عائد دوري ممنوح المجموعة «ب» بالبنك الأهلي المصري، إذا ما جاوز فارق السن بينهما 25 سنة، حالة من الجدل لدى فئة كبيرة من الشعب المصري، ما بين مؤيد ومعارض للقرار. المعارضون للقرار اعتبروه إهانة لنساء مصر وتقنينا للدعارة من أجل المال. والمؤيدون له اعتبروه يدخل تحت بند حماية حقوق المرأة المصرية. ومن جانبها، استنكرت مؤسسة «قضايا المرأة المصرية» قرار وزير العدل، وأكدت في بيان لها، أن بنات مصر ونساءها لسن للبيع، وأن مدلول القرار ما هو إلا صورة من صور تسعير الزواج وربطه بمقابل مادي، الذي لن يحل مشكلة الإتجار بالنساء، كذلك اتخاذ البعض ورقة الزواج كوسيلة لذلك، بل سيفتح الباب على المزاودة بأن من يملك أكثر يتزوج أكثر. وناشدت المؤسسة الحقوقية غير الحكومية، الجهات المختصة استبدال القرار بآليات عمل وقرارات تحد من مشاكل زواج الأجانب من مصريات، مثل وضع سن معين للزواج وتقنين الزواج العرفي وزواج المسيار واتخاذ الضوابط القانونية والتشريعية اللازمة لحماية المرأة من مخاطر وتبعيات ذلك الأمر. وهاجمت هدى بدران رئيسة الاتحاد العام لنساء مصر مؤيدي قرار المستشار أحمد الزند، وقالت متسائلة: «يرضوا لبناتهم إنهم يتجوزوا بهذا الشكل»، مؤكدة أن قرار وزير العدل يستهدف استغلال الفتيات الفقيرات، وختمت مداخلتها مشيرة: «إذا كانت الدولة تبحث عن الاستثمار في البنات، فهو أمر غير مقبول». وقالت شاهندة مقلد، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن هذا القرار يعود بنا مرة أخرى إلى تجارة الرقيق واصفة قراره بأنه «تصرف داعشي»، حسب قولها. وأضافت أن الإسلام كرم المرأة وأعطاها حقها، موضحة: «إذا كان هناك خلل في المنظومة الاقتصادية التي تجعل الفقراء يبيعون بناتهم فلا بد من مساعدتهم حتى لا يتمادوا في هذا الإجراء، وكنت أتمنى من وزير العدل إلغاء هذا القانون لا تقنينه»، مضيفة «أعلم أن الوزير الزند يكن كل الاحترام للمرأة وأتمنى منه أن يقوم إما بتأجيل هذا الإجراء أو تركه». وقال مساعد وزير العدل، ممدوح طبوشة، إن قرار الوزير ليس وليد اليوم، بل هو منذ عام 1994 وبدأ ب25 ألف جنيه، وتطور إلى أن وصل إلى 50 ألف جنيه. وأضاف أن هذا القرار هو نوع من الضمان للزوجة المصرية، التي تتزوج من أجنبي يفوقها ب 25 عاما، وهذا القرار لا يفسر التجارة بالمرأة ولكنه نوع من الحماية والعوض إذا حدثت مشكلة. كما دافع حمدي معوض، المتحدث باسم وزارة العدل عن قرار الزند، واعتبره «تحصينا للفتاة»، وقال إن «القرار معمول به منذ 30 عاما، وكان المبلغ 40 ألف جنيه وزودناه ل 50 ألف جنيه»، وأضاف: «الهدف من القرار تحصين الست المصرية وتأمين مستقبلهم، وإحنا عندنا ظاهرة مش هنقدر نخفيها، ولكننا نحاول تقليلها»، متابعا: «والله المصريين فوق دماغنا من فوق». وقالت نهاد أبو القمصان، رئيس المركز المصري لحقوق المرأة، إن قرار المستشار أحمد الزند، يعد خطوة مهمة لوضع عقبات أمام المتاجرين بالفتيات الصغيرات. وأضافت أن بعض العائلات يقعون في شباك المتاجرين بالبنات الصغيرة، وبعض الأزواج يقضون أسبوعا أو اثنين مع الفتاة ويسافرون مرة أخرى إلى بلادهم دون مراعاة حقوق الفتيات. وتابعت: «الدولة قررت اتخاذ قرارات لحماية الفتيات مثل الحصول على شهادة عدم ممانعة من سفارة الزوج لأن بعض الأزواج يأتي بأوراق مزورة حتى لا يستطيع الأهل اللحاق به بعد سفره». وقالت الدكتورة ميرفت التلاوي، رئيسة المجلس القومي للمرأة، خلال مداخلة هاتفية على قناة «أون تي في»، إن قرار المستشار أحمد الزند، جاء لتشديد العقبات التي تحول دون زواج القاصرات من غير المصريين، وضياع حقوقهن. وأضافت «أنه يجب تدعيم هذا القرار، بمنع سحب هذا المبلغ إلا بعد مرور خمس سنوات، منعًا لتحايل البعض على القانون». وتابعت: «البنت بيتاجروا بيها وبيجوزوها أكثر من مرة من أجل جلب الأموال لأسرتها، وهذا الإجراء جاء للحد من هذه الظاهرة». وقال الإعلامي عمرو أديب: إن هذا القرار صادم ومهين. وأضاف «بصرف النظر عن النوايا، أنا شعرت بالإهانة، لو عايزين نقنن ونمنع بيع البنات الصغيرة فيه إجراءات تانية كتير، فين المجلس القومي للمرأة، ليه مش سمعنا صوتهم، يا أخي عيب، شكلنا قدام العالم دلوقتي إيه؟» . وهاجم الإعلامي شريف عبد الرحمن القرار خلال تقديم برنامجه عبر فضائية «العاصمة»، متسائلا: «هل هناك ضرورة ملحة لإصدار هذا القرار... أم هو محاولة للفت الانتباه بعد تردد الحديث حول رئاسة وزير العدل للبرلمان... هل يحول هذا القرار الزواج إلى تجارة وبدل ما العرب يجوا يستثمروا معنا في مشاريع يجوا يستثمروا في بناتنا». وتابع: «أترضى أن تزوج بناتك أو أقاربك بهذه الطريقة... هل وزير العدل بذلك يشجع زواج المتعة من المصريات... ألم يمكن من الأفضل إلغاء هذه المادة من القانون بدلا من تعديلها ووضع استثناءات فيها». ويعود هذا القرار إلى عام 2003، حينما أصدر وزير العدل آنذاك، المستشار فاروق محمد سيف النصر، الذي شغل المنصب من عام 1987وحتى 2004، قرارا بوضع شروط على زواج الأجنبي من مصرية، من بينها وضع شهادة استثمار بقيمة 40 ألف جنيه، في حالة إن كان فارق السن بين الزوجين 25 عاما.