عجيب أمر الشعب المصرى ؛ قالوا عنه "القائد والمعلم" وقالوا عنه " سيدنا الشعب" وأول من انكوى بلهيبه من سيدوه ؛ولم يقف بجوارهم فى يوم من الأيام ؛بالعكس سلط سوطه على ظهورهم وأوسعهم ضرباً ؛بالرغم من أنهم أول من وقفوا بجواره فى أفراحه وأتراحه ؛ولكنه لفظهم . وأعتقد أن نتائج انتخابات الجولة الأولى والثانية خير دليل على صدق ما أقوله ؛فلم ينجح أحد من الأحزاب صاحبة الصيت العالى والتى كانت تقف دائما بجوار المواطن الغلبان سواء كان عاملا أو فلاحا ؛ وأعطى الناخب صوته لمن سرطونه وأجبروه على القهر الإجباري ؛لأنهم يمتلكون المال ..وتسيد الشعب مقولة "اللى نعرفه أحسن من اللى ما نعرفوش" ؛وجاءوا بالفلول ولواءات الشرطة والجيش كنواب لهم ؛ حتى من يرقصون على السلم ويأكلون على كل الموائد أتوا بهم وأعطوهم أصواتهم ..ومن خدمهم ويخدمهم ملوش لازمة فى عرفهم!! المصرى لن يتغير وباستعراض سريع من بعد ثورة 25 يناير وحتى كتابة السطور التالية ..نجد أن الشعب المصرى أو السواد الأعظم منه لم يخرج فى ثورة 25 يناير ومن خرج فيها شباب فى عمر الزهور ..منهم من قضى نحبه بالاستشهاد ومنهم من أصبح بعاهة ،ومنهم من ساير الموجة وأصبح عضواً بمجلس الشعب إبان حكم الإخوان والآن ومنهم من لزم بيته واكتفى بمقولة سيدنا على رضى الله عنه "فليسعك بيتك". ما علينا ..وعندما اشتد وطيس المعركة وتحديدا فى 28 يناير وحتى آخر خطاب للمخلوع "مبارك" فى 8 فبراير ؛خرج السواد الأعظم من الشعب المصرى ومنهم آبائنا وأمهاتنا وزوجاتنا يلعنوننا بخروجنا عليه ويطالبوننا بأن نتركه مهلة 6 شهور ؛ ولولا إصرارنا لخرج الشعب علينا لنتركه فى موقعه ؛بالرغم من القهر الإجبارى المفروض عليهم. ولو كان نزل الشارع بسيارته لخرج الشعب واصطف على جانبى الطريق يحيوه كعادتهم ..ولأننا شعب لا يقرأ وأصبحت ثقافته يستقيها من "العوكش وموسى"؛ لفعل الشعب كما فعل سلفه الصالح ..فهو لا ينسى الإساءة ؛فالقبطى المصرى ركب دابته وتكبد عناء السفر لعاصمة العرب ليقف بين أمير المؤمنين "عمر بن الخطاب" رضى الله يريد حقه من والى مصر وقتها عمرو بن العاص.ولكنه لا يقرأ واستكان لوضعه أيام المخلوع . وعندما أجريت انتخابات الرئاسة الأولى بعد الثورة تخيلوا انتخبوا من ؟! انتخبوا تيار الإسلام السياسى المتمثل فى الإخوان المسلمين والسلفيين والفلول متمثلا فى أحمد شفيق..وأين كان رجال وشباب الثورة من أجندتهم ..كانوا صفرا على الشمال..وفى الإعادة التى كانت متقاربة جدا انتخبوا تيار الإسلام السياسى وأتوا بمرسى رئيسا . وفى انتخابات مجلس الشعب والشورى اختاروا الأغلبية من تيار الإسلام السياسى "اخوان وسلفيين" ؛ولم يدرج شباب الثورة على أجندة شعبنا الكريم . وعندما تولى تيار الإسلام السياسى الحكم ؛ استبشر الشعب خيراً ، ومنهم من ربا لحيته وقصر جلبابه وانضم للجان الزكاة فى قريته ، وشاهد تعالى وعنجهية السلفيين والإخوان وصار على دربهم ؛ ولولا معركة المنصورة التى استمرت 11 يوماً ؛وكان نتاجها شهيداً تحت عجلات مدرعات الشرطة بشارع قناة السويس ؛واقتحم الأمن وقتها مقر التيار الشعبى المصرى ؛فكان ملجا لكل أحرار الدقهلية ؛ ووقتها أيقنت الأجهزة السيادية أن أول مسمار فى نعش الإخوان وضعها التيار الشعبى ؛فتم عمل "تمرد" وبدأنا نجمع توقيعات أهالينا لسحب الثقة من مرسى ساعدنا كثيرون منهم مؤسسات بالدولة ؛فلم يخش المواطن من التوقيع على الإستمارة . وكانت "تمرد" قبلة الحياة للفلول لتصدر المشهد ثانية فأنفقوا من أموالهم الملايين بكل ميادين مصر "تأمين ميدان وأكل وشرب وخلافه "؛ وقامت 30 يونيه ونزل الشعب ؛ولما لا ينزل وهو محاط بحماية من الجميع ؛على النقيض تماما فى 25 يناير لم يكن هناك ظهيرا للشباب ،والأهالى بفعل القهر الإجبارى جالسون فى منازلهم ، وتم التخلص من الإخوان وتيار الإسلام السياسى . وكانت خارطة الطريق ، واستوحى الشعب صورة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر وركبها على وزير الدفاع وقتها الفريق عبد الفتاح السيسى ،واستخدم الثوار مقولة وقتها "الجيش يحمى والثورة تحكم" ؛ ولكن اتجاه الشعب كان غير ما قيل ..فأصروا على اختيار وزير الدفاع رئيسا لهم وخرجوا فرادى وجماعات يؤيدوا ما اعتقدوه ومن يخالفهم فهو خائن وعميل ؛حتى رفقاء الميدان انقسموا على أنفسهم . وبالفعل أجريت انتخابات الرئاسة ولوحت بعض الأجهزة بشخصية مرتضى منصور ليخوض الرئاسة أمام المشير عبد الفتاح السيسى ،ولكنهم وجدوا كمية تريقة من صفحات التواصل الإجتماعى ، فتم الضغط على المناضل "حمدين صباحى" ليخوض تلك المعركة للمرة الثانية ففى الأولى كان الحصان الأسود ، ولكن الرجل يؤمن بمقولة أن الشعب هو القائد والمعلم ..والشعب اختار المشير عبد الفتاح السيسى ،بالرغم مما حدث نزل الرجل بعد اجتماعه مع بعض أعضاء حركة "تمرد" وأعضاء التيار الشعبى بمعهد القادة وأعلن خوضه انتخابات الرئاسة ..لتقتل المعارضة نهائيا بمصر ، فكان والتيار الشعبى وحزب الكرامة المؤهلين للمعارضة بعدما ركبت جميع الأحزاب الموجة . وكان السقوط المدوى فى انتخابات الرئاسة للمعارضة فى مصر ، وانتهى إلى غير رجعة حلم الغلابة ،وخرج علينا الأفاقون والمراءون والفلول ليشنوا حربا شرسة ضد حمدين والتيار الشعبى ،واغتالوهم معنويا وسياسيا ،وصدق الشعب الغلبان الترسانة الإعلامية بأن هؤلاء لا يحبون البلد ..وفتح رجال الأعمال صفحات جرائدهم وقنواتهم الفضائية لمن كانوا قبيل ثورة 25 يناير مرشدين على زملائهم ،وأصبح لهم برامج عبر الفضائيات يدسون سمهم فى رأس الغلبان العائد من أرضه مرهقا ،فيجلس على جنبه يحتسى كوبا من الشاى ويستمع لعوكشة وموسى وما شاكل ويصدقهم ..وكانت النهاية موت المعارضة . وجاء الإستحقاق الثانى وهو التصديق على الدستور ،وخرج الشعب ووافق عليه ..بالرغم من أنه كتب بالنوايا الحسنة؛واختاروا له لجنة ليست كلها على ما يرام . وجاء الإستحقاق الثالث وهو الإنتخابات البرلمانية ..وكما شاهدتم حصدت قائمة "فى حب مصر" كل مقاعد القائمة ،وكلها فلول ويترأسها رجل كل تاريخه أنه محلل سياسى خرج من الجيش وفجأة وجدناه محللا سياسيا – عن نفسى لم أقتنع بتحليلاته أبدا- وحصل على منصب بجريدة الأهرام ..ملايين من خريجى كلية الإعلام وأقسام الإعلام يستنشقون على فرصة فى جريدة ولو تحت بير السلم ، والأخ يتقلد منصبا بها ..أين مؤهلاته؟!! أما من نجح فباستعراضهم سنجدهم صورة بالكربون من برلمان "احمد عز" 2010 ؛ وطعموه ببعض الوجوه الجديدة لزوم الوجاهة الإعلامية . ونفس الأخطاء التى مارستها المعارضة بعد ثورة 25 يناير ..مارستها أيضا فى البرلمان الحالى ؛ وجزء منهم قاطع وجزء شارك..ومسكوا العصا من المنتصف ؛لخوفهم من هجمة الشعب عليهم..أى شعب أيتها المعارضة ..الشعب الخارج يعطى صوته بمقابل 50 جنيها فيما فوق ..أو يحصل على رشوة مادية أوعينية أو جنسية!! نحن فى وهم ونعيشه وسنظل نستمرأه لأننا نمسك العصا من المنتصف دائما ..لا يزايد أحد على حبنا للبلد ،ولكن شعبنا لا يعرف مصلحته ..كل همه حاجتين "الأكل والشرب وإنجاب العيال"!!وملعون أبو أى شىء بعدها. اقرأوا التاريخ جيدا فلو رجعنا للوراء إبان حكم الزعيم جمال عبد الناصر –مع حبى الشديد له- انهزمنا فى 67 ووقف الشعب ورائه وانتصرنا فى حرب الاستنزاف ولو قال ناصر لهم "ارموا أنفسكم فى البحر لرموا" وبعدها تولى السادات مقاليد الحكم وعقد معاهدة صلح مع عدونا الأزلى "إسرائيل" وحملوا أنور السادات على الأكتاف وأصبح بطلا قوميا ؛مع اختلاف ما فعله مع الزعيم جمال عبد الناصر. وامرأة فرعون المرأة الأولى في مصر نسيت كل ملكها وجاهها ومكانتها الاجتماعية وأحبت النبي يوسف عليه السلام حبا جعلها تخسر مكانتها عند الملك وعند المصريين . الشعب المصري من أطيب الشعوب العربية ومعاشرتهم سهلة ولينة ويدخلون القلوب ويتأقلمون بسرعة مع أى أحد وانظر إليهم فى الدول العربية والأوروبية والإفريقية ،ويعشق المصرى وطنه ويثور لو تكلم أحدا عنها بسوء ..ويحبون أولياء الله ويتبركون بهم ويعشقون الأماكن المقدسة ..وهو سريع الدموع ويحب الكلام الطيب ويتأثر بالكلام السىء فنحن المصريون إذا أحببنا زوجاتنا صرنا "قيساً" وإذا أحببنا عملنا أبدعنا، وإذا أحببنا ديننا أخلصنا له ،وإذا أحببنا وطننا شمرنا عن ساعدنا للنهوض به ، وإذا أحببنا الحياة عشناها بكل تفاصيلها. فنحن في الأعراس نعمل زيطة وزمبليطة ونعمل حفلة حتى الصباح يتراقص كل جزء من جسمنا ابتهاجا ؛وفى العزاء نشاهد البكاء والعويل والنحيب بعكس المجتمعات الأخرى..فلدينا مبالغة فى الفرح والحزن . فى النهاية بقى أن أقول ..نحن المصريون نحتاج إلى ضبط العاطفة وتحكيم العقل لنصبح أعظم دولة فى العالم ..فلا النحنحة تجدى ولا السمر يغنى ..فلنتخذ بينهما سبيلاً!!