جفت الأقلام وطويت الصحف ، والنفق مظلم ..وضعنا فيه هذا الشعب الذى لا يتعلم من أخطائه ، ويستلذ بتعذيب نفسه ،فقد كتبت مقالين سابقين بجريدتنا الغراء "الزمان المصرى "بعنوان "البديل الكارثة 1،2"وحذرت القوى السياسية والإخوان المسلمون تحديدا من هذا المأزق الذى نعيشه الآن ، ولكن الجميع ركب رأسه ،فكانت الطامة الكبرى ..فوضعونا بين خيارين أحلاهما مر ..بسبب عدم القدرة على دراسة نفسية هذا الشعب ؛فما حدث – حتى الآن – ولم تعلن النتيجة رسميا من قِبل اللجنة العليا لإنتخابات الرئاسة ، ولكن المؤشرات تؤكد الإعادة بين مرسى وشفيق . نام الشعب المصرى ليلة أمس الأول وأمس حزينا يجلد نفسه بالذنب ، فمن أعطى صوته للفلول يعض أنامل الغيظ ويسأل نفسه كيف فعلت هذا ؟!..عذره الوحيد أن هذه أول سنة ديمقراطية له.. وأعذره فى ذلك فطوال عمره كان لا يخرج إلى صناديق الإقتراع لأن النتيجة كانت معروفة لديه ،وإذا خرج فيعطى صوته لمن يستطيع انجاز مصلحة شخصية له . وعندما جاءته الهبة الربانية وهى ثورة 25 يناير ، لم يصدق ،وبعد مرور عامين شبح مبارك يطارده ، ونظام مبارك الذى يعيث فى الأرض فسادا منذ قيام الثورة وحتى الآن يرهبه ، فظن أن مبارك سيعود ،وإذا لم يعد فنظامه موجود ، كلامى ليس تنظيرا ولكنها الحقيقة ..أى بنى آدم فى بر مصر المحروسة لو ذهب إلى أى مصلحة حكومية فلابد من فتح الدرج عشان يمشى حاله ، أو يأتى ب"الفراش" فى تلك المصلحة والذى كان عضوا الحزب المنحل فينهيها له عن طريق أمين محافظته بالحزب المنحل ، وعندما أجريت الإنتخابات البرلمانية بعد الثورة ، ما زال الإعتقاد سائدا لدى هذا المواطن الغلبان أن عضو مجلس الشعب يستطيع انهاء مشكلته ، فلجا إلى الأغلبية وهم "الإخوان" ولسوء حظ "الإخوان"الطلب لا ينفذ ، فسرت فى شرايين المواطنيين أن الإخوان أوسخ من الحزب الواطى ، ولكن اللى كان فى الحزب الواطى ينجز مصلحة الغلبان ، يبقى يشيله على رأسه. وخان التوفيق الإخوان فى فهم تلك السيكولوجية للإنسان المصرى ؛فلجأوا إلى ما هو أخطر – بدلا من علاج تلك المشكلة – لجأوا إلى توزيع "زيت وسكر" على المواطنين أيام الانتخابات وعملوا أسواقا خيرية ، وهذا المواطن المصرى المقهور والغلبان فى فكره – ذكى ، لأنه ربط هذا بما كان يفعله الحزب المنحل من توزيع كراتين رمضان ، يعنى أنتم زى بعض، واستغلوا لجان الزكاة التى يسيطرون عليها فى القرى فى فرض آرائهم وتوجهاتهم على "الست المطلقة أو الأرملة أو المعدومة" ..فعندما يعطى لها ما أفاض الله به عليهم يعطى لها الورقة الإنتخابية لمرشحه ، فكانت النتيجة كما نشاهدها الآن "البديل الكارثة" وهو توجه المواطن إلى شفيق أو إلى حسنى مبارك ..فو الله لو خرج مبارك من السجن ورشح نفسه سيعطى هذا الغلبان صوته له . لا غرو فى ذلك فما زال القهر الإجباري مسيطر عليه وتصرفات الإخوان يفهمونها على هواهم ، لأنه تربى طوال 30 عاما على ذلك ..نحن نتكلم على شعب 60 % منه تحت خط الفقر ، عايز "المم" اطعمنى يا عم وأنا أبوس ايد اللى جابوك ..فلعب أنصار شفيق على هذا الوتر وجميعهم رجال أعمال وزوجات ضباط الشرطة ، فرجال الأعمال فى قراهم ينزلها بسيارة فارهة والسائق يفتح الباب له ونظارة "ريبان " يرتديها ، فالعامة والدهماء يقتربون منه فيوزع عليهم الحتة أم خمسة والحتة أم عشرة ، وفى العيد الكبير يذبح "عجلين ثلاثة "ويوزعها عليهم ، وفى رمضان يوزع زكاته ، وعندما أتى "شفيق" فينزل ويدعوهم لإنتخابه ، والطبيعى ينتخبوه ، لأن "العيش أو المم" هو فى حاجة إليه..فلا تستغربوا على حصول شفيق على هذه النسبة ..وقارن بين الفل والإخوان. أما المناضل "حمدين صباحى" نصير الغلابة والفقراء والعمال والفلاحين .. اخونا المنظرين على الفضائيات صدعونا بتحليلهم وأن "صباحى"الحصان الأسود ولم نكن نصدق أن يحتل – حتى الآن – المركز الثالث ، وعلى هذه الشاكلة يصدعونا ؛وهم مخطئون فى تحليلهم ، فحمدين ليس "ظاهرة" ، ولكنه واقع ناضل من أجل فقراء هذا الوطن ،وأنا حزين وربما قررت ألا أشارك فى السياسية بسبب عدم فوزه بانتخابات الرئاسة ..هذا الرجل ضحى من أجل وطنه وأمته العربية ..ضحى من أجل فقراء هذا الوطن وفلاحيه وعماله ، ووضع برنامجا لإخراجنا من المنحنى الذى وضعنا فيه النظامين السابقين ،أخيرا كنا سنتنفس الصعداء ونعيش بحرية وكرامة وتكون هناك عدالة اجتماعية ، وكانت مصر لن يبيت فيها "لا جعان ولا متهان". حمل هموم وطنه على كتفيه ، واحد مننا "همنا همه" ،يأكل على الطبلية مثلنا ، يأكل "جبنة قريش ومش بدوده" ، يحمل هم "شوار " كل بنت فى مصر، يحمل هم كل امرأة معيلة وكل خريج وكل عانس ، يشعر بفقر هذا الشعب ؛فلماذا لا يحتل المركز الأول ؟!.. اليوم وأمس ليس هناك كلام فى المواصلات العامة ولا المصالح الحكومية ولا المقاهي ولا المنتديات سوى "حمدين صباحي"، والجميع يشعرون بأنهم أخطأوا فى حقه وحق هذا البلد ، أقسم لكم بالله كان شغلى الشاغل اليوم الظهور فى تلك الأماكن ..فالوجوه مكفهرة والندم يعلو جبين المواطنين والجملة التى تكررت كثيرا أمامي "يا ريتنى خدت حمدين".