من مجدو وعوفر إلى هشارون، 67 عاما رسمت معاناة أطفال فلسطين داخل زنازين الاحتلال الصهيوني، منذ أن دنس المحتل أرض القدس عام 1948، آخرها اعتقال أكثر من 500 طفل في شهر واحد. الطفل الفلسطيني رغم أن عمره لا يتجاوز سنوات معدودة إلا أنه أصبح الهدف الأول لنيران الاحتلال الصهيوني، وبات العدو اللدود لحكوماته المتعاقبة.
فمنذ أن شوهد أطفال فلسطين وهم يحملون الحجارة للدفاع عن القدس، ازداد العداء تجاههم من قبل قوات العدوان، فبدأ الانتقام إما بالرصاص أو بالاعتقال والتعذيب النفسي والجسدي آخرها ما حدث مع الطفل أحمد مناصرة والذي بات رمزًا فلسطينيا حيا يرسم معاناة جيل فلسطيني كامل، يتعرض للإبادة. أحمد مناصرة (13 عاما) طفل فلسطيني أظهرت مشاهد فيديو سربت تعرضه لضغوط ومعاملة قاسية أثناء التحقيق معه من قبل الشرطة الإسرائيلية بتهمة مشاركته في عملية طعن، هذا الطفل الذي انهار أمام هذا الوضع هو واحد من مئات وآلاف الحالات لأطفال فلسطينيين ينتهك الاحتلال حقوقهم وطفولتهم البريئة التي تنص القوانين الدولية والإنسانية على ضرورة حمايتها. 500 طفل رئيس نادي الأسير الفلسطيني، قدورة فارس، أكد في تصريحات صحفية أن عدد الأطفال الفلسطينيين الذين اعتقلتهم القوات الإسرائيلية خلال شهر أكتوبر الماضي وصل إلى 500 طفل. وندد فارس، "باستمرار صمت المؤسسات الحقوقية الدولية بشأن الانتهاكات التي تمارسها إسرائيل بحق المعتقلين، لاسيما الأطفال"، مشيرا إلى أن فيديو تعذيب الطفل أحمد مناصرة جرى في ذروة حملات اعتقال واسعة تجري بحق الأطفال. مخطط صهيوني المفكر السياسي الفلسطيني عبد القادر ياسين قال، إن الاحتلال كأي مغتصب للحق يحاول قتل صاحب الحق لقطع الطريق عن الأجيال الجديدة، وبالتالي يرى في استهداف الأطفال تنفيذ لمخططه.
وأوضح المفكر السياسي الفلسطيني في تصريحات أن إسرائيل تستبق الأحداث يعملون من أجل تأكيد وجودهم، مشيراً إلى أن ما حدث مع الطفل مناصرة وانتزاع الاعترافات منه بالإكراه، جريمة ضد الإنسانية. وتابع: هذه المشاهد تثبت مجددا "تورط جهاز القضاء العسكري لإسرائيل في إلصاق التهم للأسرى الفلسطينيين" خاصة وأن الاحتلال حركة فاشية لا تتورع في فعل أي شيئ. وأشار إلى أن القانون الدولي كرباج في يد القوي ونحن الشعب الفلسطيني ضعفاء الآن، لذلك لن يعطينا القانون الدولي حقوقنا. واستطرد ياسين كلامه، حكام العرب شأنهم شأن القبور لا نتوقع منهم شيئًا، "الممارسات الإجرامية لا تزال موجودة في دول مارقة مثل إسرائيل، لا تحترم المعاهدات والاتفاقيات الدولية، ومن ثم سنظلّ تحت رحمة الكيان. من جهته، يرى العضو العربي، مسؤول ملف الأسرى في الكنيست، بسام السعدي، أن "الغاية من وراء التسريب، أكبر من مضمونه، على الرغم من المخالفات الكبيرة الموجودة فيه، مما يقود إلى الاستنتاج بأن الاستخبارات الإسرائيلية، هي من قامت بالتسريب على الأغلب". ترهيب الأطفال ويتابع السعدي في تصريحات صحفية: "في ملف مناصرة، تمّ تسريب أربعة أشرطة حتى الآن. سُرّب الشريط الأول يوم إصابة أحمد (الشهر الماضي) وتركه ينزف فيما كان أحد المستوطنين يكيل له شتائم نابية، والثاني في المستشفى، والثالث في المحكمة، والرابع أمس الأول، في التحقيق". ويوضح أن "الهدف من التسريب هو إرسال رسالة ترهيب وتخويف للأطفال، بأن مصيركم سيكون مثل مصير أحمد مناصرة، وأن هذا هو المصير الذي ينتظركم في غرف التحقيق".
ووفقاً للسعدي، فقد تحرّك النواب العرب في الكنيست عبر توجيه رسالة مستعجلة للمستشار القضائي (يهودا فاينشتاين) ووزير الأمن الداخلي (جلعاد أردان)، تمّ طلب عقد جلسة خاصة للجنة الداخلية في الكنيست، فضلاً عن المطالبة " بالتحقيق في مضمون الشريط والمخالفات الواضحة فيه. من جهته، قال المدير العام للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال خالد قزمار، في تصريحات متلفزة، إن الفيديو المسرب عن الطفل مناصرة هو دليل جديد بالصوت والصورة عن حالات التعذيب النفسي والبدني الذي يتعرض له أطفال فلسطين.
وحسب قزمار فقد اعتقل الاحتلال الإسرائيلي 8500 طفل فلسطيني بين العامين 2000 و2015 أغلبيتهم تعرضوا لما تعرض له الطفل مناصرة من تعذيب نفسي وجسدي، وهي حالات قال إنهم مستمرون في حركتهم في توثيقها لاستخدامها دليلا ضد الاحتلال وقياداته الذين يجب -حسب المتحدث- أن يحاكموا كمجرمي حرب.
ورغم إبداء تشاؤمه من المحكمة الجنائية الدولية التي انضمت إليها فلسطين، اعتبر المدير العام للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال أن مجرد فتح تحقيق أمام هذه المحكمة في جرائم الاحتلال سيشكل رادعا للقيادات الإسرائيلية، معربا عن أمله بأن توقظ حالة الطفل مناصرة ضمير المجتمع الدولي من سباته أمام ما يتعرض له الفلسطينيون من انتهاكات. في السياق، أكدت تقارير صحفية فلسطنية و كذا يسارية صهيونية و كذا تقارير صادرة عن الحركة العالمية للدفاع عن أطفال فلسطين أن عمليات اعتقال أطفال فلسطين ما بين 12 عشر الى 17 عشر سنة في تزايد مستمر من قبل الإسرائلين و هي الدولة الوحيدة متحججة بأن هذه الشريحة أصبحت خطرا داهما يهدد أمن الإسرائلين بتهمة الرشق بالحجارة. وتقنينا لانتهاكات الاحتلال، ذكرت مصادر بأن وزارة قضاء الاحتلال الإسرائيلي، تقوم بتحضير مذكرة قانون جديد يسمح باعتقال الأطفال تحت سن 14 عامًا، بمبادرة وزيرة القضاء من حزب البيت اليهودي، أييلت شاكيد، وأن المذكرة وصلت إلى مراحل نهائية. ويتعرض أطفال فلسطين إلى حملة اعتقالات موسعة من قبل قوات الاحتلال الصهيوني، آخرها التي كانت الشهر الماضي حين اعتقل أكثر من 500 طفل في شهر واحد.