وزير المالية: 78 مليار جنيه لتحفيز القطاع الخاص على زيادة الإنتاج والتصدير    البتلو يبدأ من 320 جنيهًا، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    محافظ الغربية: حملات إزالة مكثفة للتعديات.. ولا تهاون مع أي مخالفة    أسعار البيض اليوم الأحد بالأسواق (موقع رسمي)    بعد بيان وزارة المالية.. موعد صرف مرتبات شهر يونيو 2025 رسميًا وتفاصيل الزيادة الجديدة    استشهاد 8 فلسطينيين في قصف إسرائيلي على جباليا    فيديو تقديم زيزو لاعباً فى الأهلى يتجاوز ال29 مليون مشاهدة    موعد بدء اختبارات الكرة النسائية في المقاولون    إخماد حريق شب داخل شقة سكنية في الجمالية    إصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بشمال سيناء    ثانى أيام التشريق.. الحجاج المتعجلون يغادرون "منى" قبل الغروب بعد الانتهاء من رمي الجمرات    انتشال جثمان غريق ترعة مشروع ناصر غربي الإسكندرية    تامر حسني يحقق رقما تاريخيا على اليوتيوب ب "ملكة جمال الكون"    أغاني طربية واستعراضات.. ثقافة جنوب سيناء تحتفل بعيد الأضحى    حكم وجود الممرضة مع الطبيب فى عيادة واحدة دون محْرم فى المدينة والقرى    الصحة: إجراء فحص سمعي ل 7.9 ملايين طفل حديث الولادة    الصحة: فحص 7 ملايين و909 آلاف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج ضعف السمع لدى حديثي الولادة    صباحك أوروبي.. نوري يجتاز الفحوصات.. مصير شتيجن.. وعرض جديد لأوسيمين    السماوى يتوج بكأس الأميرة السمراء بيراميدز يخلع ثوب الطموح ويرتدى رداء الأبطال    أسعار الدولار اليوم الأحد 8 يونيو 2025    أسعار الأسماك اليوم الأحد 8 يونيو في سوق العبور للجملة    3 سنوات حبس وجوبي للزوج المعتدي على زوجته وفقًا لقانون العقوبات    استشهاد 11 شخصا وإصابة العشرات في قصف إسرائيلي قرب مركز توزيع مساعدات بغزة    وفاة شاب في مشاجرة بالأسلحة البيضاء بالمحلة الكبرى    وفاة طفل وإصابة آخر دهستهما سيارة نقل في قنا    وريثات عروش ملكية أوروبية غيرن الصورة النمطية عن حياتهن المخملية مقاتلات برتبة أميرات    آلاف الإسرائيليين يتظاهرون مطالبين باتفاق تبادل أسرى ووقف الحرب    أسما شريف منير تتصدر تريند "جوجل".. لهذا السبب    ريستارت «تامر حسنى»    إسدال ستار سميحة أيوب: وداعًا سيدة المسرح    عائلة نوار البحيرى تعلن موعد تشييع جنازته    بالقانون .. للعامل مثل أجر اليوم الذى عمله في الأعياد الرسمية أو يوم عوضا عنها    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    النسوية الإسلامية «خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» السيدة هاجر.. ومناسك الحج "128"    عقوبات صارمة للموظف العام المتعدي على أراضي الدولة أو الأملاك العامة    المواجهة الأولي بين رونالدو ويامال .. تعرف علي موعد مباراة البرتغال وإسبانيا بنهائي الأمم الأوروبية    إصابة مرشح رئاسي برصاصة في رأسه في كولومبيا.. ومكافأة للكشف عن مرتكبيها    مسؤولون أمريكيون: واشنطن ترى أن رد موسكو على استهداف المطارات لم يأت بعدا    استمرار خروج مصر من القائمة السوداء يعكس التزامًا دوليًا بالإصلاحات    مواجهات بين الشرطة ومعارضين للمداهمات ضد المهاجرين في لوس أنجلوس    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم..استشاري تغذية يحذر من شوي اللحوم في عيد الأضحى.. أحمد موسى: فيديو تقديم زيزو حقق أرباحًا خيالية للأهلى خلال أقل من 24 ساعة    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. ثالث أيام العيد    زيزو بعد وصوله ميامي: متحمس جدا لخوض كأس العالم للأندية لأول مرة في حياتي    زيزو يكشف سر رقم قميصه مع النادي الأهلي.. ويختار اللاعب الأفضل في مصر    أوليه: ريفر بليت حاول ضم رونالدو لأجل كأس العالم للأندية    انقطاع التيار الكهربائي في ضواحي كييف وغارة روسية بصاروخ كروز على أوديسا    عقرهم كلب.. كواليس إصابة طالبين في مشاجرة داخل سايبر بالعجوزة    مدير عام "تأمين الغربية" يتفقد مستشفى المجمع الطبي بطنطا في جولة عيد الأضحى    بسبب بكتيريا السالمونيلا.. سحب 1.7 مليون بيضة من الأسواق الأمريكية    الوقت غير مناسب للاستعجال.. حظ برج الدلو اليوم 8 يونيو    البابا تواضروس يناقش أزمة دير سانت كاترين مع بابا الڤاتيكان    «صندوق المكافحة»: أنشطة بالمناطق «بديلة العشوائيات» للتوعية بأضرار المخدرات    إقبال كبير من المواطنين في الدقهلية على الحدائق ثاني أيام عيد الأضحى.. صور    في ذكرى وفاة المشير الجمسي، تعرف على آخر وزير حربية بمصر والمصنف ضمن أبرع 50 شخصية عسكرية بالعالم    في لفتة إنسانية.. الرئيس يطمئن على أحد الأئمة ويكلف بعلاجه فورًا    تعرف على برجك اليوم 2025/6/8.. «الثور»: تمل من العطلة.. و«العذراء»: تمر بحالة من الهدوء والتأني    ما حكم من صلى باتجاه القبلة خطا؟.. أسامة قابيل يجيب    عيد الأضحى 2025.. ما حكم اشتراك المضحي مع صاحب العقيقة في ذبيحة واحدة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور مصطفى يوسف اللداوي يكتب عن : سياسة العزل إعدامٌ للنفس وإزهاقٌ للروح (2)
نشر في الزمان المصري يوم 02 - 09 - 2015

يحلم الأسرى والمعتقلون جميعاً بالتخلص والإفلات من عقوبة العزل، ويرون أنها عقوبة قاسية تهون أمامها كل أشكال العقاب الأخرى، لما لها من أثر قاتل على النفس، ومهلك للروح، وأنها تؤدي بهم إلى الموت البطيء والاكتئاب الدائم، وتفرض عليهم الصمت السلبي، والميل إلى العزلة الدائمة، وتجعل منهم عالة على المجتمع والوسط المحيط، خاملين لا ينتجون، وكسالى لا يعملون، وحائرين لا يركزون، وعبئاً كبيراً يحتاجون إلى من يساعدهم ويعينهم، وينهض بهم ويقوم بحاجاتهم.
ورغم أنهم يرفضون هذه السياسة ويقاومونها بكل الوسائل الممكنة، ويحاولون إبطالها بكل السبل القانونية وغيرها، إلا أنهم وللأسف وعلى الرغم من محاولات الاعتراض عليها بوسائل عدة، منها الشكوى إلى إدارة السجون، ومفاوضتهم ومحاورتهم، ومحاولة إقناعهم والتأثير عليهم، وعمليات الاحتجاج الإضراب عن الطعام، ومحاولات ممارسة الضغط على حكومة الكيان عبر مؤسسات المجتمع المدني، ومنظمات حقوق الإنسان، والجمعيات الأهلية العاملة من أجل الأسرى، إلا أن جهودهم كلها قد باءت بالفشل، ومحاولاتهم الحثيثة لم تنجح في منع سلطات السجون من اعتماد العزل كمكون أساسي من مكونات التعذيب، وأحد أهم الوسائل المشروعة في التعامل مع المعتقلين.
وأخيراً تقدم الأسرى والمعتقلون أنفسهم من خلال محاميهم، وبالتعاون مع منظماتٍ ومؤسساتٍ حقوقية وإنسانية كثيرة، بالتماساتٍ إلى المحكمة العليا الإسرائيلية في القدس، ضد قرارات العزل والحبس الانفرادي، إلا أن المحكمة العليا ردت التماسهم، ورفضت دفوعهم، وأيدت الأجهزة الأمنية في اعتمادها العزل، وبدا من أحكامها أن بعض قضاتها يؤيدون هذه السياسة، ويوافقون على الدفوع السرية التي يتقدم بها ممثلو المخابرات، وقد أجابوهم إلى طلباتهم بمنحهم الحق في استخدام هذا النوع من العقاب، الذي لا يظهر على الجسد كدماتٍ، ولا يتسبب في انحباس الدم، أو تهيج الجلد، أو تمزق في الأنسجة، وغير ذلك من وسائل التعذيب الأخرى التي تبقى آثارها على الجسد بادية، وقد تسبب في مقتل الأسير أو تعرضه لإصاباتٍ جسديةٍ خطيرة، إلا أن العزل الذي قد يفضي إلى الجنون أو الكآبة الدائمة، لا تظهر عوارضه على الجسد عنفاً أو ألماً.
تحاول المخابرات الإسرائيلية وسلطات السجون تبرير اعتمادها سياسة العزل، بل وتدافع عنها، وتؤكد أهميتها ووجوبها، وتعزز دفاعها المشروع بأنها ليست السلطة الوحيدة التي تستخدم العزل وتلجأ إليه، وترى أن العديد من أجهزة العالم الأمنية تمارس هذه السياسة ضد بعض مواطنيها المعتقلين أحياناً، درءاً للخطر، ومنعاً من التنسيق التنظيمي بين المعتقلين، وفي بعض الأحيان عقاباً مسلكياً وتأديباً لهم.
سلطات الاحتلال الإسرائيلي لا تعجز عن إيجاد وخلق حجج ومبرراتٍ تبيح استخدامها العزل والتعذيب والإهانة ضد الأسرى والمعتقلين، ولا تستحي من عرض مبرراتها، ولا تتعمد إخفاءها، بل تجاهر بها، وتنشط دبلوماسيتها الداخلية والخارجية في عرضها وتبريرها، وترى أنها محقة في إجراءاتها، وأنها تلتزم القانون الدولي في ممارساتها، وأنها لا تخالف الأعراف والمواثيق، وهي إن اضطرت إلى تنفيذها فإن التهديدات الأمنية هي التي تلجئها إلى ذلك، وتحمل المعتقلين المسؤولية عن دفعهم لإتباع وسائل العزل والتعذيب المختلفة ضدهم، وترى أنهم يهددون أمنها، ويعرضون حياة الشرطة والسجانين للخطر، أو يقومون من أماكنهم في محابسهم وزنازينهم بإدارة أعمالٍ عسكريةٍ، وتشكيل خلايا تنظيمية، تضر بأمنهم وسلامة كيانهم، مما يستوجب استخدام وسائل عنيفة معهم، لمنعهم من تهديد أمن كيانهم ومواطنيهم، وتعريض حياتهم للخطر.
ولكن الحجة الأمنية التي تسوقها إسرائيل وهي السلطة القائمة بالاحتلال، لتبرير قيامها بعزل آلاف الأسرى الفلسطينيين، وقتل روح ونفس المئات منهم، وتدمير معنوياتهم، ليست صادقة، وليست مبرراً لانتهاك القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان بصورة اعتيادية وقاسية، فهي تلجأ لعزل الأسرى في الظروف العادية، دون أن يكون هناك أدنى خطر يهدد أمنها، أو سلامة شرطتها وعناصرها الأمنية.
إذ لم تشهد الزنازين الإسرائيلية يوماً هادئاً بلا عزل أو تعذيب، بل إن السجون والمعتقلات تعج بعمليات العزل على مدى سنوات الاحتلال كلها، بما فيها فترات الهدوء الأمني، التي تخلو من الأنشطة العسكرية، الأمر الذي يكذب حجة الإسرائيليين، ويبطل ادعاءاتهم، ويؤكد بأن المبررات الأمنية التي تسوقها سلطات الاحتلال لعزل الأسرى مبرراتٌ كاذبة وواهية، وأنه لا يوجد من الأسباب والدوافع ما يبرر قيامهم بهذه الإجراءات المنافية لمختلف القوانين الدولية وشرائع حقوق الإنسان.
لكن الحقيقة أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تهدف من وراء عزل الأسرى إلى إخضاعهم وإرهابهم وترويعهم لإجبارهم على القبول بشروط الاعتقال الإسرائيلية، والتوقف عن المطالبة بحقوقهم وامتيازاتهم، ولردعهم عن المشاركة في أي فعاليات إضرابية ضد إدارة السجون والمعتقلات، ولا يمكن لسلطات الاحتلال أن تنكر هذه الحقيقة، فقد اعترف بها كثيرٌ من ساستها والعديد من ضباطها العاملين في جهاز المخابرات أو من المتقاعدين الذين سبق لهم الخدمة في الأجهزة الأمنية.
العزل في السجون والمعتقلات الإسرائيلية ليس عقابياً دائماً، وقد لا يكون نتيجةً لمخالفة، أو جزاءً لخطأ أو عقاباً على تجاوز، حيث يتم نقل بعض المعتقلين لأوقاتٍ محددة إلى زنازين "إكسات" العزل، وذلك عقاباً لهم على سلوكٍ ما، أو اقتناء ممنوعاتٍ معينة تخالف أنظمة ولوائح السجون والمعتقلات.
بل قد يكون الهدف من العزل في فترات التحقيق خاصةً، التأثير على الروح المعنوية للمعتقل، وإضعاف قدرته على الصمود أمام وسائل التعذيب الأخرى، ودفعه للقبول بما يعرض عليه ليتخلص من حالة العزل التي وضع فيها، والتي تسبب له مضاعفات نفسية، وهواجس وأفكار غريبة، قد تؤثر سلباً على شخصيته.
ولكن الأسرى والمعتقلين يفشلون العدو دوماً، ويحبطون مخططاته، ويثبتون له أنهم أهل الصمود والثبات، وأنهم أقدر على تحمل مختلف صنوف العذاب، وأن العزل لا يفت في عزائمهم، ولا يضعف قدراتهم، ولا يكسر لهم إرادة، ولا يحني لهم هامة.
يتبع ….


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.