القاهرة «القدس العربي»: واصلت الصحف المصرية الصادرة أمس الاثنين 20 يوليو/تموز التركيز على كيفية قضاء المصريين أيام عيد الفطر المبارك في الحدائق والمنتزهات والشواطئ، التي امتلأت بهم، أما الفنادق في المنتجعات الساحلية وفي الإسكندرية فكانت مكتملة العدد، لدرجة أن عدد من تدفقوا على مدينة رأس البر، في محافظة دمياط وصل إلى مليون مواطن. أما الموضوع الثاني الذي اجتذب اهتمام الغالبية فهو مباراة فريقي الأهلي والزمالك اليوم الثلاثاء، وانتهاء أزمة تحديد الملعب الذي ستتم عليه، وكانت الشرطة قد اقترحت ملعب الجونة في البحر الأحمر، خلافا لرغبة الأهلي الذي أعلن مجلس إدارته أنه لن يلعب في الجونة وعادت الداخلية للموافقة على إستاد برج العرب في الإسكندرية وهو تابع للجيش. أما الموضوع الثالث الذي سيتصدر الاهتمام في الأيام المقبلة، فهو بدء عمل مكاتب تنسيق القبول في الجامعات في المرحلة الأولى، كما بدأ الاهتمام يتزايد تدريجيا بقرب الاحتفال بافتتاح قناة السويس الجديدة في السادس من الشهر المقبل، بعد إعلان هيئة قناة السويس انتهاء جميع الأعمال يوم الجمعة والبدء في التشغيل التجريبي ووضع العلامات الإرشادية. ومن الأخبار الأخرى التي نشرتها الصحف، مواصلة الحكومة افتتاح المزيد من مشروعات الصرف الصحي لخمسة وأربعين قرية، من آلاف القرى التي تعهدت دولة الإمارات بإدخال الصرف الصحي إليها، وكان قد تم إدخال نظام الصرف الصحي في العامين الماضيين إلى أكثر من ألف وخمسمئة قرية. كما أعلنت وزارة البترول أن إحدى شركاتها بالتعاون مع أكاديمية البحث العلمي توصلا إلى نوع من السماد العضوي، يزيد من إنتاج الأرض بنسبة ثلاثين في المئة ويغني عن استخدام سماد اليوريا ويوفر للدولة مليارين ومئتي مليون جنيه سنويا. وإلى بعض مما عندنا.... أحمد عبد المعطي حجازي: تحولنا إلى مصفقين للحاكم الفرد كلما تقترب ذكرى ثورة يوليو/تموز سنة 1952 ينشط بعض خصومها وكارهو قائدها خالد الذكر جمال عبد الناصر في تكرار ما سبق وهاجموها به لدرجة مملة. وبمرور السنين بدأت الحملات تخف، لأن كل التطورات والأحداث التي مرت على مصر والمنطقة العربية كانت تؤكد عظمة الثورة وإيجابياتها، وأنها كانت وستظل ملهمة للشعوب العربية في سعيها لتحقيق حريتها ووحدتها القومية، رغم كل الانتكاسات والهزائم والأخطاء التي حدثت، لكن ما بقي منها من إنجازات مادية، خاصة في ما يتعلق بالعدالة الاجتماعية، وكونها ملهمة للشعوب العربية في سعيها نحو وحدتها القومية، أقوى من أي شيء. أما أعجب وأطرف من ظهروا على حين غرة في مهاجمة الثورة وقائدها، لدرجة العمل على تدمير سمعتها فكان واحدا من أبنائها، الذي كان ناصريا متحمسا ثم بعثيا متحمسا هو زميلنا وصديقنا الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، الذي تلبسته حالة أنه رسول الثورة الفرنسية لحمل مبادئها في الحرية والإخاء والمساواة والدفاع عن فترة ما قبل ثورة يوليو، باعتبارها نقطة الضوء والحضارة التي جاءت الثورة وأطفأتها، واعتبر الثورة وقائدها إخوان مسلمين «حليقي اللحية»، أما الإخوان فإنهم بلحية، كما اعتبرهم مماليك. ومن مدة ذهب لزيارة فرنسا وأرسل مقالاته من باريس ل»الأهرام» التي تنشرها له كل أربعاء، في أولها شرح عن أحياء باريس، وما يتميز به كل حي ومبانيها مكررا، تجربة الشيخ رفاعة الطهطاوي، الذي رافق أول بعثة أرسلها محمد علي باشا إلى فرنسا ليكون إمام وواعظ البعثة. ومما قاله يوم الأربعاء الماضي وهو في أحد شوارع باريس وبعد أن مسح دمعتين: «أتابع وأنا في باريس ما يحدث في مصر ساعة بساعة ونشرة بعد أخرى. وأكتب عن مدينة النور وأعني مصر. أنام وأصحو باحثا عن الأسباب التي قطعت الطريق على نهضتنا الحديثة، وحرمت علينا أن نشارك في حكم بلادنا، وحولتنا إلى مصفقين للحاكم الفرد، الذي انفرد بكل شيء واستبد بكل شيء، ووضعتنا بين خيارين اثنين لا ثالث لهما، إما ديكتاتوريته أو إرهابه. وجدنا الإخوان يكررون نظام يوليو بحذافيره في ما عدا المظهر الخارجي. فنظام الإخوان نظام ملتح، ونظام يوليو حليق! لكن ما علاقة هذا كله بباريس؟ علاقة هذا بباريس هي أننا لم نتحرر من سلطة العثمانيين، ولم نستعد وعينا بأنفسنا وبتاريخنا، ولم نميز بين الدولة الوطنية والإمبراطوريات الدينية، ولم نسترجع حقنا في حمل السلاح، ولم نعرف طريقنا للدستور والبرلمان، إلا في نهضتنا الحديثة التي كانت باريس عونا لنا في تحقيقها. وقد أشرت فى مقالة الأربعاء الماضي للخدمات الجليلة التي قدمها لنا الفرنسيون أيام محمد علي فى بناء قواتنا المسلحة. وفى هذه المقالة أذكّر بما قدموه لنا في بناء دولتنا الوطنية وإقامة مؤسساتها». الاحتلال الفرنسي وأثره في البلاد العربية وفي حقيقة الأمر فإن أحدا لا ينكر أثر الاحتلال الفرنسي لمصر لمدة ثلاث سنوات بقيادة نابليون بونابرت من سنة 1798 1801 لكنه كان احتلالا قامت خلاله ثورتان شعبيتان ثورة القاهرة الأولى وقتل فيها نابليون الآلاف وحول الجامع الأزهر إلى إسطبل للخيول. وثورة القاهرة الثانية وكان مركزها حي بولاق أبو العلا الشعبي، الذي تم تدمير معظمه بالمدفعية وقتل الآلاف من المصريين، أما ما فعلته فرنسا في الجزائر بعد احتلالها عام 1830 وفي تونس التي احتلتها عام 1881 ثم المغرب فأمر يندى له جبين أي دولة متحضرة، يكفي أنها قتلت في يوم واحد عام 1945 في مدينة قسطنطينية في الجزائر خمسة وأربعين ألف جزائري لمطالبتهم بالاستقلال بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وعملت فرنسا على محو اللغة العربية في بلاد المغرب العربي وفرنستها، وتحويل مساجدها إلى كنائس واستجلاب مستوطنين، واعتبار الجزائر جزءا من فرنسا، واتفقت مع بريطانيا على أن ترثا الإمبراطورية العثمانية في الشام والعراق، فرنسا لها سوريا ولبنان، وسفكت دماء أبنائهما عندما ثاروا على احتلالها، وسلمت قطعة من سوريا إلى تركيا هي إقليم الاسكندرونة وفرنسا هي التي تحالفت مع بريطانيا وإسرائيل لمهاجمة مصر عام 1956، فلماذا لم يذكر هذا كله ولماذا لم يمتدح الاحتلال البريطاني، على الأقل لم يحاول الإنكليز فرض لغتهم وثقافتهم على الشعوب التي احتلوها، وكانوا لا يتدخلون في كل شيء وأنشأوا الطرق والمصارف والترع وخطوط السكك الحديدية، وأجبروا النظام في مصر على إلغاء نظام الرق والعبيد، وتوجهت البعثات إلى بلادهم. جنينة: أتهم ثورة يوليو بأنها السبب في الفساد الكبير المنتشر الآن أما المهاجم الثاني الذي برز على حين غرة لثورة يوليو، فلم يكن متوقعا منه ذلك وهو المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، ولأول مرة أعرف أن له اهتمامات بالتاريخ في هذا المنصب، لأني تابعت كل أحاديثه وتصريحاته منذ تعيينه في هذا المنصب عام 2012 وكل ما دار حوله ونشر ضده وردوده على مهاجميه، وكلها كانت حول قضايا خاصة بعمل الجهاز. أما حكاية اهتمامه بالتاريخ فكانت جديدة والمشكلة أنه تحدث عن وقائع لا أعرف أين قرأها. ففي يوم صيحة حجازي من باريس نفسه نشرت مجلة «المصور» حديثا أجراه محرروها مع المستشار هشام على ست صفحات، أتهم ثورة يوليو بأنها السبب في الفساد الكبير المنتشر الآن، والذي يتصدى له ومما قاله: «أن نرجئ الحديث عن إصلاح منظومة العدالة والإعلام والثقافة ونواجه مواجهة حقيقية الفساد تحت دعوى مواجهة الإرهاب، فإننا نعيد إنتاج المنظومة نفسها التي قامت بعد ثورة 23 يوليو 1952 بأنه لا صوت يعلو على صوت المعركة، وكانت النتيجة أن ضعفت الدولة، في الوقت الذي كونت مجموعة من العصابات دولة قوية في إسرائيل، وهذا هو الفشل الحقيقي، وعلينا أن نتوقف على تعليق المشاكل على «شماعات» الإخوان والإرهاب، ولابد من فتح هذه الملفات ومواجهتها مواجهة حقيقية لإرساء قوام الدولة الحديثة. الموضوعية تقتضي أن نقول إن بداية الانهيار الحقيقي كانت في أعقاب قيام ثورة 23 يوليو 1952، التي لها ما لها وعليها ما عليها، وهذا ليس انتقاصا منها، فالثورة قامت من أجل 6 مبادئ لم يتحقق منها شيء وهذا ما استدعى قيام 25 يناير/كانون الثاني، فالأزمة بدأت حين قتلت الحياة السياسية في مصر، فالثورة حققت مكاسب على الشكل العام بأن المواطن أصبح يشعر بحقه في البلد، وعلى قدر نجاح عبد الناصر في ملف أهمل ملفات أخرى، وهذه هي طبيعة العنصر البشري. وعندما تنهار الحياة السياسية بعد أن وصلنا إلى تعددية حزبية، لدرجة محاسبة الملك على نفقات قصره، وعلى صفقة الأسلحة الفاسدة، فلا بد أن أحمل الثورة مسؤولية هذا الانهيار. ربما لا يعلم كثيرون أن قضية الأسلحة الفاسدة ومصروفات القصر الملكي فحصت بمعرفة الجهاز المركزي للمحاسبات، وقت رئاسة محمود محمد محمود وهو نجل وزير الداخلية الأسبق محمد محمود. واعترض وقتها الجهاز على المخصصات المنصرفة للديوان الملكي، وعلى العمولات التي ثبت تقاضي الملك لها في صفقة الأسلحة الفاسدة، وسجل ذلك رئيس الجهاز في تقريره، وأصر على موقفه، رغم تدخل رئيس الحكومة الوفدية في ذلك الوقت مصطفى النحاس، الذي طلب رفع هذه الملاحظة من التقرير، ولكن رئيس الجهاز رفض وأصر على تدوينها. فالانهيار في المؤسسات الذي بدأ مع ثورة يوليو هو الذي وصل بنا إلى هذا المستوى». تقنين الفساد هو أخطر أنواع الفساد ولكنه في مواضع أخرى نسف كل اتهاماته لنظام خالد الذكر بنفسه وبالأدلة والقانون قال بالنص، وهو يتحدث عما قال إنه فساد في منطقة الحزام الأخضر في مدينة السادس من أكتوبر وعن أراضي الدولة: «وما يُقال عن صعوبة استرداد الأراضي المنهوبة بدعوى أنهم حصلوا عليها بالقانون ليس صحيحاً، ولكن هو ضعف في مواجهة الفساد، فعبد الناصر عندما أقدم على تغييرات جذرية لإصلاح الخلل في التركيبة الاجتماعية للمجتمع، بتحديد الحد الأقصى للملكية، كانت أرضهم بالقانون، ولكنه فعل ذلك بقرارات الإصلاح الزراعي، وتحديد الملكية كان الهدف منه هدم التركيبة التي شابها الخلل الشديد ووقف معه الشعب في ذلك. تقنين الفساد هو أخطر أنواع الفساد، ولو أردنا استرداد حق الدولة لفعلنا، فهناك طرق قانونية لإبطال العقود المشهرة. وعند حديثه عن أزمة الطاقة نسي وأخطأ بالقول: إنني أعتبر التأخر المتعمد في اللجوء لاستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية جريمة في حق مصر، ولا يوجد أي مبرر للتأخر، فالرئيس جمال عبد الناصر وضع اللبنة الأولى لمفاعل أنشاص». قوانين لا ينبغي صدورها في غيبة البرلمان وإلى قضية أخرى مشتعلة بسبب توقيع الرئيس السيسي على القانون رقم 89 لسنة 2015 الخاص بحق رئيس الجمهورية في إعفاء رؤساء الهيئات الخاصة، وما أثير ويثار الآن، بأن المقصود به إقالة أو إعفاء المستشار هشام جنينة من منصبه، بسبب ما يقال إنه من الإخوان المسلمين، وإن الذي عينه في منصبه هو الرئيس الأسبق الدكتور محمد مرسي، وآخرون قالوا إن الرجل يطارد الفساد الموجود ويتقدم بتقارير لا يتم التحقيق فيها، وإنه لم تكن هناك حالة طارئة وخطيرة في البلاد بحيث تتطلب إصدار الرئيس لهذا القانون في غيبة البرلمان، ما يوقن بأن هناك هدفا من ورائه، وأن السبب هو الصراع القائم بين رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ووزير العدل المستشار أحمد الزند، بينما ينفي آخرون كل هذه الاستنتاجات. وقد نشرت «الأخبار» (قومية) يوم الخميس مقالا لزميلنا محمد علي خير قال فيه: «القرار بقانون كأنه صدر للتخلص من شخص (هشام جنينة أو أشخاص بأعينهم رؤساء بعض الهيئات المستقلة)، والأصل في القوانين أنها تصدر عامة غير مقيدة لغرض. من حيث المواءمة السياسية فإن مثل هذه القوانين لا ينبغي صدورها في غيبة البرلمان، وكان ينبغي انتظار مجلس النواب الجديد خلال شهور، وهو صاحب الحق في إعفاء أي مسؤول من سلطاته. لا يخفى على متابع الحالة المصرية أن دولاب الدولة الرسمي في قمته العليا لا يحمل القدر المطلوب من التناغم، فلا تزال هناك جبهات تتصارع، إما بحثا عن كسب ثقة الرئيس أو التخلص من خصومها، أو تثبيت الأرض تحت أقدامها، بل أن وجود بعض رموز من فترة حكم مبارك في دوائر السلطة بات واقعا عاديا، ما سبق يستدعي من صانع القرار أن يتريث قبل التوقيع على أي قرار. الأجهزة الرقابية تتشابه بطبيعة تخصصها مع عمل الأجهزة القضائية، هكذا يراها العالم الذي نعيش فيه، وتقديري أن الإطاحة بالعزل لرئيس أي جهاز رقابي كبير، قبل انتهاء مدته القانونية قد يساء فهمه في الخارج (والداخل أيضا)، بوصفه تدخلا من السلطة التنفيذية في عمل الأجهزة الرقابية، وتلك قصة أخرى تستحق البحث والتحليل للوصول إلى حلول.عزل رئيس جهاز رقابي وفق القانون الجديد، من دون التحقيق في أي بلاغ من بلاغاته المتعلق بالفساد، يعطي انطباعا بأن الفساد لا يزال بعد ثورتين أكبر من القانون وأعلى من الدولة، ويقيني أن هذا لم يقصده الرئيس حين توقيعه على هذا القرار بقانون». المركز العائلي للأغذية والأعلاف! بينما زميلنا في «الأخبار» أحمد جلال قال في العدد نفسه في بروازه «صباح جديد»: «عضو في الجهاز المركزي للمحاسبات قام بالتوسط لتعيين 13 من أقاربه في وظائف مختلفة في المركز الإقليمي للأغذية والأعلاف، التابع لوزارة الزراعة، ومنهم زوجته وابنته وزوجها وأربعة من أولاد شقيقاته وثلاثة من أبناء عمه وزوجة أحد أبناء عمه، يعني أصبح المركز العائلي للأغذية والأعلاف، كما توسط العضو نفسه لتعيين شقيق أحد المسؤولين في الجهاز في المركز نفسه، والسؤال بعد كل هذه الكوسة والمحسوبية هل يمكن لعضو جهاز المحاسبات القيام بواجبه في الرقابة على المركز، بما يرضي الله؟ أم أنه سيتغاضي عن المخالفات المالية لأنهم بالبلدي كاسرين عينه؟». سامح عاشور: يحقّ للرئيس إصدار التشريعات ونغادر «الأخبار» إلى «التحرير» في يوم الخميس نفسه لنطلع على الجزء الخاص بالقانون 89، في الحديث الذي نشرته مع صديقنا ونقيب المحامين سامح عاشور وأجرته معه زميلتنا الجميلة يارا حلمي وقوله: « إصدار الرئيس للتشريعات حاليا حق لا يمكننا الحديث فيه، لأنه يحقّ للرئيس إصدار التشريعات، في ظل غياب البرلمان، لكن ما نستطيع التحدث عنه هو مسافة التجاوز في استخدام هذا الحق. حتى الآن لا نستطيع القول بأن هناك تخطيا، لأنه لا يستطيع أن يترك الأمور ويقف موقف المشاهد، وهذا هو ما نتحدّث عنه ما بين الشرعية والثورية، فلا بد أن توجد مساحة ثورية في الموضوع، لأننا إذا تعاملنا بالمسطرة سوف نخرج خاسرين. قانون عزل رؤساء الهيئات الرقابية، القضية في هذا القانون ليست هي هل من حق الرئيس أم لا، لكن الأمر الأهم هو مَن سيحاسب الرئيس، الأمر يحتاج إلى مراجعة، ولا بد من وجود أسس له، فمن الممكن أن يكون للرئيس قرار في هذا الشأن على أن يستند لمؤسسة، سواء أكانت مجلس النواب أو مجلس الأمة أو المحكمة الدستورية العليا، أو غير ذلك، ولا يوجد عيب في صدور قرار بعزل أحد رؤساء الهيئات الرقابية، على أن يُسند تأييده للجهة المنصوص عليها، لكن في الحالة الحالية، الأمر يشبه وجود سلطة التشريع في يد الرئيس لحين انعقاد البرلمان». نصيب أحزاب اليسار في تشكيلة البرلمان المقبل مقلق وهكذا نبهنا سامح إلى ما كدنا ننساه عما نشر عن انتخابات مجلس النواب المقبلة التي ستتم بعد مدة، على أن ينعقد المجلس قبل نهاية العام الحالي وموقف الأحزاب منها خاصة اليسارية، حيث نشرت «روز اليوسف» يوم الأحد قبل الماضي حديثا مع أحمد بهاء الدين شعبان الأمين العام للحزب الاشتراكي أجرته معه زميلتنا الجميلة مي زكريا قال فيه: «نصيب أحزاب اليسار في تشكيلة البرلمان المقبل مقلق، لذا لن يكون لها مستقبل كبير في البرلمان المقبل، من المتوقع أن يسيطر عليه رأس المال وفلول نظام مبارك والأحزاب الكبيرة، التي تعتمد على شراء المرشحين الأقوياء وليس الناخبين فقط، وأخشى أن تدخل الحياة السياسية في نفق مظلم من خلال إنتاج برلمان لا يعبر عن الإرادة الشعبية، والحكم برفض حل حزب النور السلفي يعد أحد مظاهر الخلل في الحياة السياسية، الذي تعطي الدولة فيه الحق للمحرضين على العنف والإرهاب، والداعين للانقلاب الحق في الممارسة السياسية رغم أن القانون يمنع إنشاء الأحزاب الدينية فكيف يمكن محاربة الإرهاب وإعطاء الشرعية لمثل هذه الأحزاب الداعشية ورفض إشهار حزبنا رسميا ليظل حزبا تحت التأسيس لمجرد وجود تشابه في الأسماء».وبهاء يشير إلى حزب التحالف الشعبي الاشتراكي الذي يرأسه صديقنا عبد الغفار شكر وأمينة العام زميلنا وصديقنا مدحت الزاهد، وكانا من قيادات حزب التجمع اليساري. هل نحن مؤهلون لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة؟ ويوم الاثنين قبل الماضي نظر زميلنا في «الأهرام» سامي خير الله إلى خريطة القوى والأحزاب السياسية وضحك من وضعها السيئ وقال: «هل نحن مؤهلون لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة؟ سؤال يطرح نفسه ليلا ونهارا بين أروقة البلد الأم والمهتمين بمستقبل هذا الوطن الجريح.. والحريصين على وحدته وتماسكه. هل لدينا أحزاب منظمة وفعالة على أرض الواقع تستطيع أن تقود المجتمع بطوائفه وتؤثر فيه وتحشده تجاه صناديق الاقتراع؟ وهل توجد بيننا شخصيات مؤثرة قادرة على مواجهة التحديات بالداخل والخارج وتشكيل أغلبية داخل البرلمان، بعيدا عن التيارات الأصولية والمتشدقين بالدين.. وهل لدينا القدرة على تكوين مجلس توافقي لا ميل فيه إلا لمصلحة الوطن؟ والحل إرجاء الانتخابات برمتها حتى لا نقع في فخ جديد قد يعيدنا للوراء أعواما.. ونعيد ترتيب البيت من الداخل ..أمنيا وسياسيا واجتماعيا، على أسس تدفع البلاد إلى أن تقف شامخة بين الشعوب.. ولا نلتفت من حولنا لتأخر هذا الاستحقاق، حتى لا نبكى على اللبن المسكوب». وبصرف النظر عن اللبن الذي سيقع على الأرض دون أن نشربه أو نضعه في الشاي فإن مشكلة زميلنا سامي في البيان الذي سيلقيه الرئيس على الشعب يبرر به تأجيل الانتخابات ورد فعل الناس عليه عندما يقول أن السبب هو عدم وعيكم وقدرتكم على اختيار من يمثلكم. العبث باسم القانون وننتقل الآن إلى «المصري اليوم» عدد يوم الأحد لنطلع على مقال نيوتن عن سوء الاستخدام الذي قال فيه: «قرأت لزميلي في الصفحة – سليمان جودة- مقالاً عن علاء وجمال مبارك. كان يتساءل لماذا ظلا مسجونين، على الرغم من انقضاء مدة السجن القانونية. نحن نتفهم الاستثناءات. كانت نتيجة بداية الثورة. بكل ما صاحبها من هلع. كل ما قذف لها من قرابين بشرية. استجابوا فيها لكل بلاغ. وأي بلاغ. كل البلاغات أزاحها النائب العام- حينئذ- من أمامه. كان شعاره وشعار الجميع يومها فلأنجو أنا بنفسي حتى لو كنت النائب العام، إلى أن يفرجها الله، ويدبر لي مخرجاً في الخليج إن أمكن. أما اليوم، إذا عجز أي محام أو حتى مواطن في أن يجد تبريرا قانونيا عن أي من التساؤلات الآتية: لماذا فلان في السجن الآن؟.. لماذا فلان خارج البلاد الآن؟.. لماذا الآخر مطلوب من الإنتربول إحضاره؟.. لماذا يستمر كل هؤلاء التنفيذيين متهمين والجميع يعلم أنهم أبرياء؟.. لماذا الاستمرار في إجراءات «روبسبيير» في أعقاب الثورة الفرنسية؟ حيث كان الجيلوتين وسيلتهم للإعدام... لماذا مطاردة مؤسسات الصحافة المصرية بتهمة الهدايا... على الرغم من أنه كان تقليداً معمولاً به في كل الصحف... وُجه إلى آلاف المسؤولين وقبله آلاف المسؤولين. إذن أنت يا عزيزى القارئ في بلد لم يستقر فيه السلام الاجتماعي بعد. أنت في بلد يُساء فيه استخدام القانون. يستخدم في غير أغراضه. الدليل مراجعات محاكم النقد. التي فندت كل هذا التلاعب. بعد ضياع كل هذا الوقت. بعد ضياع كل هذا المال. وبعد تدمير سمعة كل هؤلاء الرجال. القانون أصبح جيلوتين. ننتقم باسمه. من وراء كل هذا؟ كيف يكون معنا السيسي الآن. ومعه محلب وبجانبهم وزارة اسمها العدالة الانتقالية. ويستمر كل هذا العبث باسم القانون. تصورنا أن وجود وزير للعدالة الانتقالية هو تمهيد لعودة البلاد إلى القانون. هنا فقط تتحقق العدالة. القانون الذي يقف الجميع أمامه متساوين. إذا كان هناك استثناء واحد فلا توجد عدالة. والقانون أصبح أداة انتقام وترهيب. أصبح جيلوتين. باسمه نتعدى عليه. وباسمه نتجاوز». سيدي الرئيس إمسك ورقة وابتعد عن الارتجال أما زميله إبراهيم الجارحي فيطالب الرئيس في العدد نفسه من «المصري اليوم» بأن يمسك بيده ورقة يقول: «عندي مشكلة جوهرية مع إصرار الرئيس السيسي على أن تكون كل خطاباته مرتجلة.. أتفهم أن تكون لدى الرئيس رغبة في محادثة شعبه بطريقة تلقائية لا تجمل فيها، لكنني لا أفهم سر إلحاحه الدؤوب على بناء صورة ذهنية لنفسه، ظاهرها أنه رجل تائه يتخبط في كلماته، ولا ينهي جملة بدأها أبدا، ويجرفه الاسترسال بين أفكاره وكأنه يتوقع من كل من يسمعونه أن يكونوا عارفين بما يجول في رأسه وما ينطوي عليه فؤاده. والارتجال بحد ذاته ليس نقيصة في الخطابة السياسية، لكنه مزعج جدا إذا استولى على الخطابة والخطاب معا.. لا بأس من الخروج على النص أحيانا، فهذا أمر يستحسنه الجمهور، لكن الجمهور سيتشكك في جودة العمل كله إذا شعر بأنه يشاهد خروجا على نص لا نص له أصلا.. هذه طبيعة المسرح الذي لا ينفصل المسرح السياسي عنه كثيرا... تؤكد الخطابات السابقة للرئيس السيسي أن العلاقة بينه وبين اللغة العربية الفصحى ليست بأفضل من علاقته بجماعة الإخوان، وأن علاقته باللغات الأجنبية أسوأ بكثير من علاقته بجماعة أنصار بيت المقدس، كما تؤكد على أن قدرته على استخراج سطر مستقيم من وسط زحام أفكاره وسحب المواءمات السياسية التي تضطره الظروف معظم الوقت إلى تغييم رسالته وسطها، أمر في عداد المستحيل غير المسبوق. والنتيجة هنا تتجاوز سماحة المحبين الذين يغفرون العبارات المنقوصة والأفكار المبتسرة والجمل الغامضة والأغلاط اللغوية والمنطقية الفادحة، فالارتجال تصرف يوحي بسمة العشوائية، ويضرب صورة التخطيط والاستعداد المسبق في مقتل.. المسألة ليست قاصرة على رئيس يحبه شعبه ويقبل منه أي طريقة يتكلم بها، لكنها مسألة صورة ذهنية كاملة للدولة والقيادة في الداخل والخارج وبين المحبين والخصوم على حد سواء.... لا يمكن الاعتماد على الارتجال بصورة دائمة مهما كان قبول الجمهور للارتجال، لأن الارتجال يأكل من هذا القبول نفسه، ولا يمكن الاعتماد على جدوى التلقائية وأنها تبني صورة لزعيم مقرب من شعبه ويتحدث كما يتحدثون، فهذا الشعب الذي يريد ذلك بالفعل يتوقع ويريد أيضا أن يكون رئيسه في الحقيقة متزنا ومنظما وحادا ويعرف مسبقا ما في رأسه، ولديه خطة مرتبة لعرضها وإظهارها، وهو ما يتناقض ظاهريا مع مبدأ الارتجال. والرئيس هو الشريك الرئيسي في عملية بناء صورته الذهنية، وهي صورة كما أسلفنا لا تتعلق بمحبيه فقط، ولكنها تتعلق بصورة القيادة أمام الشعب كله، مؤيدين وخصوما، وبصورة الدولة التي يمثلها الرئيس في ظرف سياسي وأمني دقيق يحتاج أن تصل الصور الذهنية إلى أهدافها بدقة تماما كما يحتاج أن تصل الرصاصات والقذائف إلى أهدافها بدقة». حفل أسطوري من جيوب المواطنين وأخيرا إلى «الشروق» ومقال الكاتب فهمي هويدي عن الضجة المثارة بسبب قرب افتتاح تفريعة قناة السويس يقول: «لا أعرف من الذي أفتى بأن هيبة مصر تقتضي إقامة حفل أسطوري لإبهار العالم في مناسبة افتتاح تفريعة قناة السويس، لكن الذي أفهمه أن الإسراف والبذخ في هذه المناسبة في الظروف التي تمر بها مصر، ينالان من الهيبة وينطبق عليه المثل القائل بأن كل ما زاد عن حده انقلب إلى ضده. ولا يقولن أحد أن الدولة لن تتكلف شيئا من نفقات الحفل الأسطوري، وإن الشركات وتبرعات المواطنين ستغطي التكاليف التي قدرت بعشرات الملايين من الجنيهات. وتلك حجة تحسب على القائلين لأنها تعني ان الدولة المأزومة تمارس «الفشخرة» من جيوب الآخرين، وأنها تشجع القادرين على التنافس في ذلك الباب متجاهلة أن هناك أبوابا أخرى أولى وأنفع، كما أن ذلك يعيد إلى الأذهان صورة الخديوي إسماعيل الذي كان مفلسا بدوره، لكنه استدان لكي يقيم حفلا أسطوريا في الافتتاح، حتى تحول البذخ الذي اتسم به الحفل إلى مادة للسخرية منه والتندر على الادعاء الذي مارسه، ولا يزال سفهه مضرب الأمثال حتى الآن. ذلك انه حين دعا الملوك وأباطرة زمانه لكي يبهرهم فإنه لم يكترث بالورطة التى أوقع مصر فيها. فضلا عن أن السماسرة والديَانة كانوا ينتظرونه لكي يرد إليهم حقوقهم. ومن المفارقات أن الحديث الجارى الآن عن الأسطورة والإبهار فى الحفل وحملة الاحتشاد والتعبئة لاستقباله، هي ذاتها التى سبق استخدامها في احتفالات الخديوي إسماعيل. وقد استشعرت غُصة حين قرأت في الصحف المصرية أن الاحتفال المرتقب في السادس من شهر أغسطس/آب المقبل سيدعى لحضوره نحو ستة آلاف شخص، وهو ذات الرقم الذي تتداوله المراجع التاريخية عن ضيوف وحضور احتفال الخديوي إسماعيل».