فى مقالى منذ أسبوع تكلمت عن التغيير وأكدت على أنه لابد أن يبدأ من القاع ..من داخل البيوت المصرية ..فعلينا أنفسنا .. لو أصلحنا ما فى نفوسنا لغزونا العالم ..ليس حربيا ..وإنما علميا ..واليوم أستكمل ما ختمت به ..فمصر في حاجة إلى نقلة نوعية.. تنقلها من شرعية ثورة يوليو إلى شرعية الدولة بمفهومها الحديث..وحسبى أن شرعية ثورة يوليو انهارت تماما ولم يعد لها وجود ..بدليل مئات الإعتصامات يوميا من كل الطوائف..عمال وفلاحين وموظفين ..والكل اتخذ رصيف القصر العينى مسكنا له ..ولا يطالب وزيرا بالتدخل ..ولكن الجميع ولى شطره إلى الرئس مبارك..يطالبه بالتدخل لرفع الظلم عنه .. وما يعنينى أن شرعية ثورة يوليو العسكرية هي التي تحكم مصر الآن ومنذ زمن ..فنحن نسير الهوينى نحو الدولة الحديثة في حين أن العالم حولنا ينطلق بسرعة الصاروخ ..ماعدا الدول العربية والإسلامية والإفريقية يحكمها العسكر..فنحن قبلناه في فترة الاحتلال لطرد المستعمر الإنجليزى والفرنسى والإيطالى ..والآن ونحن فى الألفية الثالثة فلا داعى لقبول أي حكم عسكري تحت أي مسمي ..فهذا القرن هو قرن حقوق الإنسان والأقليات والمواطنة ومساواة المرأة بالرجل..فيا سادة ..شرعية ثورة يوليو العسكرية انتهت.. أو يجب أن تنتهي ..لنتفرغ إلى بناء المجتمع المدني ..حيث المؤسسات والمعاهد العلمية والإستراتيجية والنفسية هي التي تتخذ القرارات.. المجتمع المدني الذي لا دخل لنظام الحكم بالسلطات الثلاث: القضائية والتشريعية والتنفيذية.. المجتمع المدني الذى يحاسب الوزير عندما يخطىء..المجتمع المدنى الذى يرحمنا من زوار الفجر ..المجتمع المدنى الذى يغلف الحب فى قلوبنا ..المجتمع المدنى الذى يجعل كل أفراده من حكام ومحكومين تحت شرعية القانون..المجتمع المدنى الذى يجعلنا نتكاتف ضد المتآمرين والمشبوهين الذين يتآمرون على أمن مصر في الداخل أو في الخارج ..المجتمع المدني حيث مبدأ المواطنة ..الدين لله والوطن للجميع..ونجعل الدين أداة اتحاد للمصريين أقباطاً ومسلمين ..ولا نجعله أداة قتل وتفرقة كما يفعل متأسلمو هذه الأيام .. المجتمع المدني الذي يعترف بالمرأة كإنسان حر مستقل .. مساو للرجل في الحقوق والواجبات.. وليس كخيمة سوداء نخاف من رؤيتها وهي تسير في الشارع وهي مرتدية الزي البدوي ولا أقول الزي الإسلامي ..لأن الإسلام لم يلزم المرأة أو الرجل بزي معين فيجب الاعتراف بالمرأة كإنسان كامل الأهلية وليس كقاصرة أبدية بحبسها في المنزل.. حتى لا يعيش نصف المجتمع عالة على نصفه الآخر. هذه هي صورة المجتمع الذي نريد أن تكون عليه مصر في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.. فالكل يتحدث عن خليفة مبارك من سيكون.. هل سيكون عمر سليمان كأصلح من يحكم مصر.. ؟هل سيكون حمدين صباحى؟ ..هل سيكون جمال مبارك.. ونظل في دوامة التوريث.. ؟هل سيكون البرادعي.. ؟هل سيكون عمرو موسى..؟وهل سيكون الرئيس مبارك..؟ كلها تكهنات لا يعلمها إلا الله..وأنا لا يعنينى من سيحكم مصر ..بقدر ما يعنينى التغيير الذى ننشده..وكل ما أريده لمصرنا الحبيبة هو الاستقرار أولاً وأخيراً.. الاستقرار الذي سيجلب رأس المال الأجنبي والداخلي للاستثمار وبناء المشاريع وزيادة الإنتاج ويعود بالرخاء على مصر و شعبها المنهك الذي طال صبره وعذابه..آن الأوان لإنهاء حكم ثورة يوليو العسكري وإنهاء حالة الطوارئ التي نعيشها منذ مقتل السادات.. ليحكم مصر رجل مدني لا يشترط فيه أن يكون قادما من الجيش ..كما هو الحال في البلاد المتقدمة ..والبدء في العيش حياة كريمة وشريفة يعيش فيها المواطن المصري حراً و بكرامة آمنا مطمئناً لا خائفاً ولا ذليلا يعمل على تقدم بلاده قدر المستطاع. على الرئيس القادم أن يعمل على تلافي أخطاء حكم مبارك والبناء على الإيجابيات التي تم تحقيقها في عهده حيث لأول مرة بلغ معدل التنمية 5.6 في تاريخ مصر وكذلك يجب القضاء على الفساد المستشري بين رجال الأعمال والقضاء على الرشوة والمحسوبية. لا يوجد نظام حكم حتى في البلدان المتقدمة كله إيجابيات أو كله سلبيات ..المطلوب الآن رجال مخلصون لمصر ولشعبها يضعون مصلحة مصر وشعبها أولى الأولويات لنضع اليد في اليد مسلمين وأقباط، ونتمسك بحب مصرنا الجميلة للتغيير القادم إلى الأفضل ونغير ما بأنفسنا حتى يساعدنا الله في التغيير المأمول لأن ..الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.