أعربت مصر والمجر، عن ارتياحهما لِمَا حققته العلاقات «المصرية-المجرية» المعروفة بتميزها على مدى التاريخ، ويأتي ذلك بالتزامن مع زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي الحالية ورحَّب الجانب المجري بنجاح مصر في تحسين الوضع السياسي والاقتصادي والأمني، فضلاً عن التقدم المُحرَز على صعيد عملية الانتقال السياسي، كما أوضح عن دعمه السياسي الكامل للسلطات المصرية في جهودها المبذولة لمكافحة الإرهاب والتطرف. وقدَّر الجانب المصري، النجاحات التي حققتها نظام المجر في مجال الإصلاح الاقتصادي منذ سنة ألفان و عشر، لاسيما الوصول إلى أحد أعلى معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي في أوربا، وزيادة اعتماد الدولة على قطاع الصناعة وزيادة فرص العمل، بالإضافة إلى تعزيز موارد الدولة المالية. وأوضح الجانب المصري، عن تقديره لسياسة الحكومة المجرية بشأن الانفتاح شرقًا وتمنياته بكل النجاح للسياسة المُعلَنة مؤخرًا بشأن الانفتاح جنوبًا، معربًا عن استعداده للتعاون مع الشركاء المجريين في دول المنطقة العربية وأفريقيا. كما أكد الجانبان التزامهما القوي بأهداف ومبادئ ميثاق الأممالمتحدة ومبادئ القانون الدولي، واستعدادهما لتعزيز التعاون بينهما في المجالات ذات الاهتمام المشترك، وذلك في إطار الأممالمتحدة والمنظمات الدولية الأخرى. كما أعربا عن قلقهما البالغ إزاء تدهور الوضع الأمني في ليبيا، والتهديد المتصاعد للإرهاب فيها والذي يؤثر أيضًا على تأمين واستقرار الدول المجاورة، ومن هذا المنطلق فإنهما يدعمان بقوة تنفيذ إستراتيجية لمكافحة الإرهاب بالتوازي مع الحوار السياسي وعملية المصالحة وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة لاسيما القرارين ألفان و مائتان و ثلاث عشرة وألفان و مائتان و أربع عشرة. وشجَّع الجانب المصري الشركات المجرية على المشاركة والاستثمار في المشروعات التنموية الكبرى التي أطلقتها الحكومة المصرية مؤخرًا، وخصوصًا إقامة منطقة اقتصادية جديدة في إطار مشروع تنمية منطقة قناة السويس وبناء عاصمة جديدة وتحديث السكك الحديدية ومجالات البنية التحتية الأخرى ومنشآت الطاقة المتجددة والزراعة واستصلاح الأراضي ومعالجة وإدارة المياه. كما رحَّبت المجر بأن تعتبرها الشركات المصرية، مركزًا إقليميًا لأنشطتها واستثماراتها في أوربا. وتؤمن المجر – التي تتمتع بعضوية الاتحاد الأوروبي – بأن استقرار مصر هو أفضل ضمان لاستقرار الشرق الأوسط، منطقة الجوار المباشر لأوروبا. وأعلنت دعمها الكامل لحصول مصر علي مقعد في مجلس الأمن الدولي، وفي المقابل، تعهدت القاهرة بتأييد ترشح المجر لعضوية مجلس حقوق الإنسان بجنيف لعامي 2016 – 2017. وبحسب سفير المجر لدي القاهرة د. بيتر كيفيك فإن حكومته مهتمة بمعرفة كيف تنظر الدبلوماسية المصرية للتطورات الخطيرة التي تجري في الشرق الأوسط. وتفضل بودابست اتباع منهج بناء في سياستها الخارجية، بالتركيز علي ما يربط وليس ما يفرق، في مسعي لتوطيد التعاون بدلا من تعميق الصراع. وفي هذا الصدد، اتسمت سياسة بودابست الخارجية بالتوازن داخل الاتحاد الأوروبي، وبخاصة حيال الأزمة الأوكرانية. واتخذ رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان موقفا جريئا عندما استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في فبراير الماضي، مؤكدا أنه لا يمكن تحقيق الأمن في المنطقة بعزل روسيا. وأدت استقلالية صانع القرار المجري في الكثير من القضايا إلي توتر العلاقة مع الولاياتالمتحدة، حتي إن كثيرا من السياسيين الأمريكيين حذروا بودابست من تقاربها مع روسيا، وبلغ الأمر حد التهديد بتعليق الإعفاء من تأشيرة دخول الأراضي الأمريكية. في المجال الاقتصادي، تبدو العلاقات واعدة، فقد أصبحت مصر الشريك التجاري الأول للمجر في العالم العربي عام 2014. وارتفعت التجارة بين البلدين بنحو 50% لتصل إلي مستوي غير مسبوق بلغ 330 مليون دولار. وعقد البلدان جلسة جديدة للجنة الاقتصادية المشتركة شهر مايو الماضي. علي الصعيد الثقافي، تستعد المجر لاستقبال 100 طالب مصري في جامعاتها في منح كاملة تتحملها حكومة بودابست، بدءا من سبتمبر المقبل وعلي مدار الأعوام الثلاثة المقبلة. توقيع 3 مذكرات تفاهم مع المجرأن اتفاقية التعاون السياحى التى تم توقيعها تستهدف تقوية العلاقات السياحية ورفع التبادل المعرفى بتراث وثقافة البلدين ، وتنمية التعاون بين الاجهزة المعنية بالسياحة بشأن تنمية القطاع السياحى ، وتبادل الخبرات والمنشورات الدعائية السياحية . كما تضمنت الاتفاقية بنودا ذات الشأن بتبادل الاحصائيات والمعلومات السياحية ، وإمكانية الاستفادة من التشريعات السياحية فى كلا البلدين ، وتشجيع التعاون فى مجال التدريب المهنى والبرامج التعليمية فى مجال السياحة ، وتشكيل مجموعة عمل لمتابعة تنفيذ الاتفاقية . وفى سياق منفصل ، كان وزير السياحة خالد رامى قد عقد جلسة مباحثات ثنائية مع السفير المجرى بالقاهرة بيتر كيفيك لبحث سبل تعزيز التعاون السياحى بين مصر والمجر أكد رامى خلال اللقاء أهمية تمتين العلاقات السياحية مع المجر خاصة أن نسبة كبيرة من السياحة المجرية تهتم بمنتج السياحة الثقافية الذى عانى كثيرا فى السنوات الاربعة الاخيرة ، مشيدا بالتعاون الوثيق بين وزارة السياحة والسفارة المجرية والسفير المجرى بالقاهرة بشأن دعم السياحة المصرية . تطرق اللقاء إلى ملف الطيران بين البلدين والى إمكانية تسيير طيران عارض بين مدينتى بودابست وشرم الشيخ ، وكذلك التعاون فى مجالات السياحة العلاجية وسياحة المؤتمرات ومجالات استخدام الطاقة المتجددة. وأشار السفير المجرى إلى حرص بلاده على تعميق العلاقات مع مصر فى أوجه تعاون عديدة منها السياحة ، مشيراً إلى أهمية عمل قوافل سياحية لزيادة الوعى السياحى لدى الشعب المجرى بالمقاصد مر العلاقات التعليمية بين الدولتين حالياً بفترة جيدة تتسم بزيارات متبادلة لوفود جامعية بهدف تبادل اعتماد الشهادات والدبلومات والاتفاق على برامج للتبادل الطلابي سواء على الصعيد التعليم المهني أو الفني أو الدراسات العليا. - وفي إطار البرنامج التنفيذي للاتفاق الثقافي التعليمي للأعوام 2008 / 2010 يتم تبادل الطلاب بين الدولتين بصفة منتظمة حيث يحصل 15 طالب مجري على منح مصرية في علوم المصريات واللغة العربية بينما يفد إلى المجر طلاب مصريين علي منح في مجالي علوم الفيزياء والرياضيات بإجمالي 60 شهر. وخلال عام 2008/2009 حصل 14 طالب مصري على منح دراسية معظمها لمدة عام دراسي كامل. كما حصل 17 طالب على منح لعامي 2009/2010. ومن المنتظر خلال عام 2010 استضافة المجر للسيد وزير التعليم العالي المصري للتوقيع على البرنامج التنفيذي الجديد للأعوام 2011 و2012 و2013. – هناك تعاون مبدئي بين المجلس الأعلى للجامعات ومجلس عمداء الجامعات المجري والجانبان بصدد دراسة مذكرة تفاهم تضع الإطار القانوني للتعاون بينهم. - وفي متابعة جيدة لنتائج زيارة السيد الرئيس إلى المجر، وخاصة الشق المعني بتعظيم التعاون العلمي والفني مع المجر، زار مصر خلال الفترة من 6 إلى 14 يناير 2010 وفد من جامعة بودابست الفنية Budapest Polytechnik برئاسة عميد كلية الهندسة الكهربائية، ونائبه، والأستاذ الدكتور السيد حسن أستاذ الهندسة الكهربائية بجامعة بودابست ورئيس رابطة الجاليات العربية وذلك للتوقيع مع كلية الهندسة بجامعة العاشر من رمضان على بروتوكول تعاون في مجال تدريس تخصصين هندسيين هما هندسة الاتصالات Communications Engineering والتحكم الذاتي Automatic Control وخاصة فيما يخص اعتماد الشهادات. -هناك تعاون قائم منذ 9 سنوات بين جامعة كاندو كالمان للعلوم والتكنولوجيا والمعهد العالي للتكنولوجيا بالعاشر من رمضان يتم بمقتضاه إيفاد 24 طالب من مصر سنوياً للتدريب في علوم الهندسة التطبيقية والعملية، وفي نفس هذا الإطار يحضر سنوياً حوالي 50 طالب للتدريب الصيفي لمدة شهرين في الشركات الهندسية المجرية المختلفة تحت إشراف المعهد المجري ذاته. وهناك تعاون بين جامعة كاندو كالمان للعلوم والتكنولوجيا وجامعة قناة السويس في مجال التعليم عن البعد وال e-learning. - يزور المجر وفود من أساتذة الجامعات المصرية لتوقيع بروتوكولات تعاون وتبادل طلابي كوفد المعهد العالي للتكنولوجيا بالعاشر من رمضان ووفد من الأساتذة من أكاديمية الدلتا بالمنصورة الذي وقع على بروتوكول لتبادل الأساتذة والطلاب بين الأكاديمية وجامعة Eger في مجالات تكنولوجيا المعلومات والإعلام، بالإضافة إلى وفد من جامعة أسيوط. – هناك تعاون قائم بين الهيئة العامة للآثار وقسم المصريات بجامعة ELTE المجرية. **كاتب المقال دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية