في مساء تاريخي، وعلى وقع ترددات تتجاوز حدود مدينة واحدة، خط زهران ممدانى اسمه بحروف من نور في صفحات الصيرورة السياسية في الولاياتالمتحدة. فبهذا الفوز، صار أول مسلم ينتخب عمدة لمدينة كانت، لعقود، تجسد ائتلافَ الحلم الأميركي بكل مجازاته. #الميلاد_والشرارة ولد ممدانى في أوغندا، من أصول جنوب آسيوية، ثم هاجر مع أسرته إلى نيويورك وهو في سن السابعة. قادته هذه الخلفية المتعددة إلى أن ينظر إلى المدينة ليس كمجموعة من الأحياء المتباينة فحسب، بل كمسرح لتلاق إنساني، وميدان لصراع من أجل الكرامة المشتركة. #منصة_الانتخاب.. العدالة والتمثيل في حملته، لم يعدم ممدانى أن يعلن عن هويته: "أنا مسلم، أنا ديمقراطي اشتراكي، ولن أعتذر عن هذا". وامتدت رسالته إلى من كانوا يسمّون "الفئات المنسية" من سائقي التاكسي، والممرضات، وأُمهات وحيدات تكافح ارتفاع كلفة العيش. بهذا، نجح في مزج الهوية والمطالبة الاقتصادية، وأقنع ناخبين كانوا ربما لا ينظرون إلى السياسة باعتبارها خيارا لهم. #السؤال:لماذا يعد هذا النجاح استثنائيا؟ لأنه يمثل (مرآة الأمل) للمسلمين الأميركيين، الذين عاشوا عقودا وسط هشاشات الهوية، ورغم ذلك نالوا فرصة التمثيل المباشر في موقعٍ قيادي. لأنه يهدد نمطا سياسيا قائما..إذ إن الفوز جاء في وجه مرشح قوي يمثل التيار التقليدي، في مدينة لطالما كانت مركزا للامتياز. لأنه رسالة إلى العالم العربي والإسلامي بأن "المجتمع الأميركيّ" – بالرغم ما فيه من تحديات – ما زال يشكل فضاء لتغيير رمزي حقيقي. #الرسائل_المتبادلة بين ممدانى وترامب عند إعلان النّتيجة، نظر ممدانى مباشرة إلى الرئيس السابق ترامب عبر خطابه قائلا: بما أننى اعلم أنك تشاهدنى الآن اطالبك بأن ترفع صوتك التلفاز..فإذا أردت الوصول إلى أي منا، فعليك أن تتجاوزنا كلا معا. ترامب من ناحيته لم يرد عبر خطاب رسمي، لكنه سجل في منصة التواصل الاجتماعي: «AND SO IT BEGINS!» على ما يبدو في إشارة إلى التحدي الذي يمثله هذا الفوز في نظره. قبل الانتخابات، هدد ترامب بأن "التمويل الفيدرالي" لمدينة نيويورك قد يقيد إذا فاز ممدانى، واصفا إياه ب "الشيوعي المحتمل". #لماذا_أفراح_العالم_العربي؟ النّجاح هنا ليس فقط حادثا أميركيا داخليا، بل رسالة عالمية للأقليات، للمسلمين، ولمن كانوا ينظرون إلى السياسة كمنطقة حِمام فقط. بالنسبة لكثير من العرب والمسلمين فانتخاب شخص من أصول غير أوروبية في موقع قيادي كبيرٍ في الولاياتالمتحدة، يمثل "انتصارا" رمزيا بعد حقبة طويلة من التهميش والانكفاء. يأملون أن يكون هذا الفوز دفعة نحو مزيد من التمثيل، ليس في أميركا فقط، بل في السياسة العالمية، وأن يلهم "الأنا الأقل حضورا" أن يقول كلمته. ورغم الانتقادات التي قد توجه أيضا إلى برنامج ممدانى أو رؤيته اليسارية، فإن البعد الرمزي يفوق أحيانا التفاصيل في العين العربية: "ها هو مسلم يقود نيويورك". #ما_بين_الواقع_والآمال ربما لا يخفي أحد أن الطريق أمام ممدانى مليء بالصعاب. مدينة نيويورك تحدياتها جسيمة، والخصوم ليسوا أقل تأثيرا. لكن ما لا يمكن تجاهله هو أن الهلال الرمزي للأمل ارتفع اليوم، وأن "أول مسلم ينتخب لقيادة مدينة كبرى في أميركا" صار واقعا وللعالم العربي، يبقى هذا النجاح منارة ليس لأنه "أميركيٌّ" بحدّ ذاته، بل لأنه مثال على أن التغير ممكن، وأن الحضور لا يقتصر على الظل.