التعريف : الجبر والتفويض والقدر مصطلحاتٌ يُعتد بها في علم الكلام، ومن خلالها تتم مناقشة أفعال الانسان وتصرفاته ومدى فعالية إرادة الله فيها. فرقة الجبرية " المجبرة " : هو الإعتقاد بأنّ إرادة الله هي التي تسير إرادة البشر وأفعالهم وتصرفاتهم دون أن يكون لهم الخيار في ذلك، وهذا ما ذهب إليه المذهب الجبري الذي ينفي قدرة العبد على الإختيار . وهذا الإعتقاد بطبيعة الحال هو اعتقادٌ فاسدٌ مرفوضٌ لدى عموم المسلمين ماعدا أهل المذهب الجبري . وثمة تداخلٍ وازدواجيةٍ في المفهوم العام بين المذهب الجبري و بين معتقد الإيمان بالقدر خيره وشره، حيث ينسب القدر خيره وشره إلى الله تعالى ، وفي هذا اختلافٌ بين مذاهب المسلمين، ولم تعده بعض المذاهب من أركان الدين لكونه يدخل في شمولية التوحيد والقدرة الإلٰهية الحكيمة. نتيجة المعتقد أعلاه : قول الجبرية بأن الإنسان مسيّرٌ في أفعاله غير مخيّرٍ ، وأنّ كلّ ما يصدر منه من تصرفاتٍ فهي بإرادة الله تعالى في العباد ، وهو قولٌ مردودٌ يَنسب الظلم إلى الله لا شعوريا !! فطالما أنّ الآنسان مجبورٌ ومرغمٌ على أفعاله ومسلوب الإرادة والقدرة ، بل وأكثر من ذلك من حيث أنّ هذا المعتقد يعطي المبررات ويبيح التنصل للمجرمين وأهل الخطايا من ذنوبهم . فلماذا العقاب إذًا ولماذا الحساب والجنة والنار ؟! وهنا يقع الجبريون في فوضويةٍ يصعب الخروج منها وهل الله ظالمٌ أو غير ظالم ؟ فاذا قلنا بالجبر والعقاب فهو ظالمٌ والعياذ باللٰه، فكيف يجبر العباد على أفعالهم ثم يعاقبهم !! فرقة المفوضة : التفويض هو ما ذهبت إليه الفرقة المفوضة من معتقد أنّ الله تعالى فوّض مطلق التفويض في تصرفات العباد إلى العباد أنفسهم دون تدخلٍ منه تعالى ، ووفق هذا المنطق اللأ عقلاني تكون النتيجة هي نفي إرادة الله ودوره في في أفعال العياد وتصرفاتهم . خلاصة القول أنّ الجبر والتفويض : رغم التناقض الحاصل بين المجبرة والمفوضة إلّا أنّ هنالك وجود عاملٍ مشتركٍ بينهما وهو التقليل من دور إرادة الله المتسمة بحكمة التدبير . فِرقُ القدريّة : الفرقة الأولى : (( القدرية هي فرقة كلامية تنتسب إلى الإسلام، وتعدّ من أول الفرق الإسلامية المخالفة وقد ظهرت في بداية عهد الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز، وأول من أسسها غيلان القدري وقد قتله الخليفة هشام بن عبد الملك بصلبه على أبواب الشام، هو مفهوم يرى أن الله لا يعلم شيئا إلا بعد وقوعه وإن الأحداث بمشيئة البشر وليست بمشيئة الله، وتقول: لا قدر والأمر أنف أي مستأنف، وهو نفي لعلم الله السابق، وأن الله لا يعلم الأشياء إلا بعد حدوثها [1] .)) ولقد خالف عقيدتهم هذه أهل السنة والجماعة وكافة الفرق الإسلامية . ا________________________ [1]. القدرية….عقيدتهم….والرد عليهم إسلام ويب، 17 يونيو 2001. وصل لهذا المسار في 11 مايو 2016 نسخة محفوظة 31 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين. الفرقة الثانية : وهي الفرقة السائدة المؤمنة بأنّ القدر كله بيد الله خيره وشره، وهو معتقدٌ في أنّ النظام الكوني نظام حتميّ الحدوث، وأنّ جميع الأحداث والأفعال والسلوكيات وفق حكم القدر لا يمكن تغييرها أو تلافيها. وهذا القول له دلالاته وصحته من جانب ٍ واحدٍ ، بينما جانبه الثاني جانبته الحقيقة ونفاه العقل السليم حيث أنّ الكثير من الأحداث الواقعة من صنع البشر ولا دخل لقدر الله فيها بتاتًا ، كالحروب العامة والحروب البيولوجية بأنواعها ، والزلازل المصطنعة، والآفات الزراعية، وانتشار الحشرات والأوبئة والأمراض الناتجة عنها ، جرائم القتل المتعمد، والحصار السياسي وتجويع الشعوب كلها من فعل البشر لا من فعل القدر الذي قدره الله، وهنا تتضح فلسفة القول بالقدر خيره وشره، حيث تمّ إطلاق مصطلح الإيمان بالقدر بصوره العامة ودون تحديد لهوية بعض الصور، مما يجعل الإنسان يستسلم للعدمية نتيجة استسلامه لما تم ذكره من الحوادث المصطنعة، ولا استخدام ما أتاه الله من عقلٍ مدبرٍ للتقليل من مخاطر القدر الطبيعة كالزلازل والفياضانات وحرائق الغابات كما فعلت اليابان. وبعض الدول المتقدمه من تقليل مخاطر الأحداث الطبيعية . الدين لا يعني الجمود ولا يعني الغباء ولا يعني غض النظر عن التطور وإدراك العلم لدفع الكثير من الخطر . قاعدة " لا جبر ولا تفويض وإنّما امرٌ بين امرين " : هي المخرج العقلاني من الإشكالات التي تمّ ذكرها 0علاه ، وهذا ما صرح به الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه، عندما سئل عن الجبر والتفويض، وهي القاعدة الثابتة عند الكثير من أهل السنة والجماعة وعند الشيعة، وهي القاعدة الفصل التي لا تضيع حق الله في عباده وكائناته ، ولا تسلب إرادة الانسان في أعماله ومسئوليته عن تصرفاته .