وكأننا أصبحنا على موعد مع الكوارث التي ينتج عنها عشرات القتلى والمصابين ، فلم نكد ننتهي من قراءة الفاتحة على قتلى حادث قطار البدرشين ، والدعاء للمصابين بسرعة الشفاء ، حتى وافتنا الأنباء بإنهيار عقار مكون من (8) طوابق بشارع الرحاب بالمعمورة يحوي (24 ) شقة كلها مشغولة بالسكان ، وأن عدد القتلى تجاوز العشرين والمصابين بالعشرات . المبنى وفقا لتصريح محافظ الاسكندرية المستشار محمد عباس تم بناؤه عام 2005 بدون ترخيص ، في الوقت الذي أكد فيه مدير المباحث الجنائية اللواء ناصر العبد أن الترخيص الصادر للعقار كان (5) طوابق فقط . عندما أعلن الدكتور زكريا عزمي في مجلس الشعب قبل سنوات أن الفساد في المحليات ( للركب ) لم يصدقه أحد ، ولم ينتبه أحد أو يتحرك من الأجهزة الرسمية في الدولة لمواجهة هذا الفساد الذي شاع وانتشر في كل ربوع مصر ، ليأتي إنهيار هذا المبنى وما سبقه وما سيليه كنتيجة طبيعة لهذا الفساد بإضافة المالك عدة أدوار بالمخالفة للترخيص الصادر تحت أعين أجهزة المحليات المختصة التي وافقت على مد هذه الادوار ( المخالفة ) بالخدمات المختلفة من كهرباء وماء وغيرهما ، ولم يتحمل العقار الأحمال الزائدة للأداوار المخالفة فإنهار . العقار المنهار ليس هو الأول كما أن بشائر وزير الإسكان الدكتور طارق وفيق التي أفجعنا بها في مؤتمره الصحفي تشير إلى أن هذا الانهيار لن يكون الأخير ، حيث يوجد في شوارعنا (318) ألف عقار تم بناؤها بدون ترخيص خلال الفترة من 2009 الى 2012 فقط منها (14500 ) عقار في الإسكندرية وحدها والباقي في كل ربوع مصر ، وهذا العدد هو المعلن عنه فقط وما خفي كان أعظم ، وهي نتيجة مباشرة لفساد المحليات التي تجاوزت كل الحدود تحت عين وسمع الحكومات المتعاقبة . إذا فنحن أمام (318) ألف قنبلة موقوتة من الممكن أن تنفجر في أية لحظة وينتج عنها المئات من القتلى والمصابين في طول البلاد وعرضها ، وهو الأمر الذي يتطلب سرعة الانتهاء من قانون المحليات وسد الثغرات التي كان يلجأ إليها ضعاف النفوس من أصحاب العقارات وموظفي الإدارات المحلية بدعوي المساهمة في حل مشكلة الإسكان التي تعاني منها مصر من سنوات طويلة ، وفي الوقت نفسه عمل مسح شامل لكل العقارات المخالفة سواء التي لم يصدر لها ترخيص أو خالفت الترخيص الصادر لها بإنشاء أدوار إضافية أو العقارات القديمة التي انتهى عمرها الافتراضي وأصبحت تشكل خطرا حقيقيا على حياة الناس وإعادة تأهيلها وفقا للقانون وبكل حزم ، مع توفير الدعم اللازم للوزارة المسئولة في مصر عن حل مشاكل الإسكان والتي لا نرى لها جهدا واضحا في هذا الخصوص . مشكلة الإسكان في مصر ليست وليدة اليوم ولا الأمس ، وإنما هي مشكلة مزمنة نعاني منها من عشرات السنين ، وسببها في عدم وجود إرادة حقيقية لعلاجها ، وإنما كان يتم الاكتفاء بالحلول المؤقتة والوقتية التي تنتهي بنهاية عمر الوزارة ، لتظهر المشكلة من جديد مع كل وزارة جديدة بإنهيار عقار ، وتنتهي حياتها أيضا بانهيار عقار ، ليكون عدد العقارات المنهارة هو أهم ما يميز كل وزارة . **كاتب مصرى مقيم بالسعودية