نجل الراحل أحمد عمر هاشم ل"فيتو" بعد تعيينه بالشيوخ: سأكمل مسيرة والدي في خدمة الوطن    أول تعليق من وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي بعد تعيينه في مجلس الشيوخ    وزير الدفاع يشهد تخريج دفعات جديدة من الكليات العسكرية (صور)    كفاءة أم مكافأة ...    بعد تعيينه عضوا بمجلس الشورى، من هو أشرف عبد الغني؟    شعبة القصابين: تراجع شراء اللحوم 20%.. والجزارون يتجهون لفتح مطاعم لبيع «الحواوشي»    مصلحة الضرائب و«رجال أعمال الإسكندرية» توقعان بروتوكول تعاون لتطوير المنظومة الضريبية في مصر    البورصة اليوم.. أسهم مواد البناء الأكثر ارتفاعًا وتحقق أقصى صعود يومي ب20%    «أقصر زيارة في التاريخ».. إعلام عبري يكشف تفاصيل زيارة ترامب لإسرائيل غدًا    جيش الاحتلال يتراجع إلى الخط الأصفر في غزة، وترجيحات بتسليم الأسرى فجر الإثنين    تفاصيل إنقاذ حياة رئيس البعثة العراقية ببطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي    محمد صبحي يحصد برونزية وزن 88 كجم ببطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي    ربة منزل تنهي حياة زوجها وتشعل النار في جثمانه بالشرقية    التأديبية تحجز محاكمة 60 معلما بمدرسة في قليوب للحكم    حسين فهمي يكشف سبب تغيير بوستر مهرجان القاهرة في دورته ال46    بعد تعيينه في مجلس الشيوخ، معلومات لا تعرفها عن الكاتب أحمد مراد    «مش بتسيبه من إيديها».. 3 أبراج لا تستطيع العيش بدون الهاتف    تردد قناة الفجر الجزائرية 2025 لمتابعة أحداث مسلسل قيامة أورهان (عثمان سابقًا)    رئيس منطقة مطروح الأزهرية يكرم الطالبة هاجر إيهاب فهمي لتفوقها في القرآن والخريدة البهية    قافلة دعوية برعاية «أوقاف مطروح» تجوب مدارس الحمام لتعزيز الانتماء ومحاربة التنمر والتعصب    نائب وزير الصحة يحيل إدارة مستشفى الأحرار التعليمي بالشرقية للتحقيق    استعدادا لظاهرة تعامد الشمس بأبوسمبل: الرعاية الصحية تجهز طواقم ووحدات طبية متنقلة    محافظ المنوفية يتفقد عيادات التأمين الصحي بحي غرب شبين الكوم    سويلم يلتقى نائب وزير البيئة والزراعة السعودى ضمن فعاليات أسبوع القاهرة الثامن للمياه    "سلامة الغذاء" تنفذ 51 مأمورية رقابية على السلاسل التجارية في أسبوع    باكستان تغلق حدودها مع أفغانستان عقب تبادل إطلاق نار عبر الحدود    برشلونة يحسم مصير ليفاندوفسكي ويبدأ البحث عن خليفته    ياسر جلال: انضمامي لعضوية مجلس الشيوخ المصري شرف كبير    بحضور كرارة وقمر وجنات وشيكابالا.. أسرة "أوسكار عودة الماموث" تحتفل بعرض الفيلم    "صحة الدقهلية" تعلن إجراء 41 ألف جلسة علاج طبيعي وتشغيل عيادة الأطراف الصناعية    هانى العتال عن تعيينه فى مجلس الشيوخ: شرف كبير أنال ثقة الرئيس السيسي    رام الله: مستوطنون يقتحمون خربة سمرة بالأغوار الشمالية    آلاف المتظاهرين يخرجون إلى شوارع العواصم الأوروبية دعمًا للشعب الفلسطينى    قرار عاجل من محكمة جنايات دمنهور بشأن المتهمين بقتل تاجر الذهب برشيد    الضرائب: الفاتورة الالكترونية والإيصال الإلكتروني شرط أساسي لإثبات التكاليف ورد ضريبة القيمة المضافة    التضامن: تنفيذ 121 زيارة رقابية لدور الرعاية.. وتحرير 8 محاضر ضبط قضائي    بالأرقام.. جهود الداخلية خلال 24 ساعة لتحقيق الأمن ومواجهة الجريمة    تعرف على مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم فى كفر الشيخ    شرطة النقل والكهرباء والضرائب تحصد نتائج ميدانية مميزة في حملات ضبط شاملة    بالفيديو.. ننشر جهود صندوق مكافحة الإدمان في أسبوع    هولندا في مواجهة قوية أمام فنلندا ضمن تصفيات المونديال    مي فاروق: «ألبومي الجديد تاريخي.. والتكريم الحقيقي حب الجمهور»    وزير الصحة يشهد حفل توزيع جائزة «فيركو» للصحة العامة في ألمانيا    رحيل فارس الحديث النبوى أحمد عمر هاشم.. مسيرة عطاء فى خدمة السنة النبوية    السيناريست هانى فوزى: لدى 11 سيناريو فى الدرج    تعرف علي أسعار البنزين والسولار صباح اليوم الأحد 12 أكتوبر 2025 فى محطات الوقود    لليوم الخامس .. فتح لجان تلقى أوراق طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 12اكتوبر 2025 فى المنيا    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للتقييس "أيزو" لمدة 3 أعوام بعد فوز مشرف ومستحق    بتهمة نشر أخبار كاذبة والإنضمام لجماعة إرهابية.. محاكمة 56 متهمًا اليوم    قيادي ب فتح يدعو حماس لإجراء مراجعة وإنهاء حكمهم في غزة.. ويطالب مصر باحتضان حوار فلسطيني-فلسطيني    الاعتراض وحده لا يكفي.. نبيل فهمي: على الدول العربية أن تبادر وتقدّم البدائل العملية لحماية أمنها القومي    العظمى في القاهرة 28 درجة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الأحد 12 أكتوبر 2025    سفارة قطر بالقاهرة تعرب عن بالغ حزنها لوفاة ثلاثة من منتسبي الديوان الأميري في حادث    تركيا تكتسح بلغاريا بسداسية مدوية وتواصل التألق في تصفيات كأس العالم الأوروبية    نجم الأهلي السابق: توروب سيعيد الانضباط للأحمر.. ومدافع الزمالك «جريء»    استبعاد معلمي الحصة من حافز ال 1000 جنيه يثير الجدل.. خبير تربوي يحذر من تداعيات القرار    «كفى ظلمًا».. حسام المندوه: أدخلنا للزمالك 800 مليون جنيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الرازق أحمد الشاعر يكتب عن : مصر بين الهرطقة والماجنا كارتا
نشر في الزمان المصري يوم 10 - 09 - 2012

شهدت الفترة الممتدة بين منتصف القرن الثاني عشر ونهايات القرن الثالث عشر الميلاديين مخاضا مجتمعيا في أوروبا يشبه إلى حد كبير ما تمر به بلادنا الباحثة عن الذات اليوم. فقد تشكلت نواة التمرد على الإقطاع الفكري والسياسي والاجتماعي، وبدأت الخارطة الأوروبية في الانتماء إلى هوية واحدة تشقها الحدود وجوازات السفر إبان تلك الفترة، وتقاسمت الجامعة السلطة مع البابا والإمبراطور. ومع سقوط الإقطاع الزراعي تشكلت مجتمعات حديثة طامحة إلى الحرية وحقوق المواطنة. كما شهدت تلك الفترة صعود وأفول الحروب الصليبية وتشكل تجمعات البروليتاريا التي مهدت لظهور باقي الحركات الإنسانية في القارة الفتية.
غير أن الملفت للنظر أن تلك الفترة التي شهدت مدا سياسيا رائعا تجسد في وثيقة الماجنا كارتا والتي تعد أولى الوثائق الإنجليزية التي تحارب الاستبداد وتناهض السلطة المطلقة وتدعو إلى محاسبة الحاكم وتخضعه للقانون المجتمعي الذي يخضع له السوقة والدهماء، إلا أنها شهدت تراجعا في الحريات الدينية واستبداد رجال الدين الكاثوليك، وإخضاعهم كل من خالف عقيدتهم أو فكرهم لمحاكم التفتيش التي امتد لهيبها ليطال المسلمين الأسبان الذين رفضوا التخلي عن ديانتهم بعد سقوط دولتهم وذهاب مجدهم فيما بعد.
المؤكد أن الجامعة الفرنسية التي حملت لواء الثورة على الاستبداد السياسي وهتفت بسقوط الهيمنة الإمبراطورية على شئون البلاد قد ساهمت إلى حد كبير في شيوع المد التكفيري وذيوع التطرف الديني الذي أودع مقاليد الفكر الغربي في يد حفنة من الكهنة المنتفعين الذين استخدموا شعار الهرطقة سلاحا في وجه الثائرين على السلطان الكنسي غير المقدس وغير النزيه. ولأن الثوار كانوا ينظرون إلى التاريخ بعين واحدة، فقد انصب جام غضبهم على الحاكم المستبد، وجبنوا عن الخروج على سلطان القساوسة الذين ادعوا فيما بعد أنهم يمتلكون صكوك غفران تدخل من يشاءون في رحمة الله وتخرج من يريدون من جنته.
واستمر الأمر قرونا عدة، حتى بدأ المفكرون وخريجوا الجامعات وطبقة البروليتاريا بالتململ والضيق من إسراف الكهنة في استخدام صلاحياتهم المغتصبة والحكم بما لم ينزل الله، فثاروا في وجه كهنوتهم غير المقدس، وبدا دور الدين في أوروبا في التراجع لتحل محله الفلسفات اللادينية وتشيع الهرطقة، ويدرس الفكر الإلحادي في كافة الجامعات ويشهر من فوق كافة المنابر الثقافية هناك.
ولأننا لا زلنا حائرين في صياغة الماجنا كارتا المصرية، ونبذل قصارى وعينا في التمرد على هيمنة الحاكم الفرد محاولين إخضاع الإقطاعيين من السياسيين والرأسماليين في بلادنا لقانون موحد يضع مقاعدهم مع مقاعد طبقات الشعب الكادحة على طاولة واحدة أمام قاض عادل أشعر بالخزي. فمن العار أن نعيد اليوم بعد مرور مئات الأعوام صياغة الماجنا كارتا لنثبت أننا لم نتقدم على مقياس البشرية أنملة واحدة، وأننا نرتكب نفس الحماقات التاريخية وأن التاريخ لا يعيد نفسه إلا في بلادنا المغلوبة على تخلفها.
المخيف في الأمر نشوء حركات دينية رجعية بالتوازي مع تحررنا السياسي تطالبنا بالعودة إلى العصور الوسطى من الفكر اللاهوتي لتستمد بعض القوة من ضعف الفكر الديني وغياب الوعي الإسلامي الذي رافق عهد الانحطاط الثقافي في كافة المجالات. وخطورة تلك الجماعات تنشأ من كونها تخلط في أحكامها بين اليقيني والظني، وبين الثابت والمتحرك من أصول الفكر الإسلامي، وتجتهد في أمور السياسة محاولة تأصيل اجتهاداتها بنصوص قرآنية أو أحاديث نبوية، متجاهلة تقديم النبي صلى الله عليه وسلم رأي أصحابه على رأيه في أمور الدنيا لأنهم أعلم (من النبي) بأمور دنياهم.
ولأن الأتباع كثر، يغتر بعض الدعاة بما لديه من أصوات تهلل، فيتطاول على العباد مسلطا سيف الحق على رقابهم، وكأن الله قد أمره بفحش القول أو البحث في خفايا الناس وكشف سوءاتهم، فيفسد من حيث أراد الإصلاح، والله لا يحب الفساد. فيكون هذا الداعية مدعاة لأولى الأحلام السخيفة وأصحاب الحجج الضعيفة للتجرؤ على الرموز الدينية والتطاول عليها، فيمتد إثمه إلى من سواه. ومن هنا، يجد بعض الموتورين والحاقدين على الإسلام بغيتهم، فينقلون جعبة سهامهم من كتف الراوي إلى كتف الرواية ويبدأ اللمز والغمز فيما يقول صاحبنا وما يفتي به رجال الدين بما استحفظوا من كتاب الله وبما درسوا من آياته. وهكذا تنتقل الحرب من الشخوص إلى النصوص ويتجرأ السفهاء والمتفيقهون على الدين، فيهرفون بما لا يعرفون ويخوضون فيه بأحلامهم ورؤاهم، وهنا تكمن الكارثة.
نحتاج اليوم إلى ماجنا كارتا تنزع عن رئيس الدولة سلطاته المطلقة فلا حاكمية إلا لله، ونحتاج إلى غربلة أفكارنا التقليدية في التعصب للأشخاص والدفاع عن فكرهم دون مراجعته، وبسط أردية مقدسة فوق أكتافهم النحيلة لأننا نضر بديننا من حيث أردنا الدفاع عنه إن فعلنا. نحتاج إلى وعي مجتمعي نصطف خلفه، لا إلى أشخاص يجتهدون بفكرهم فيصيبون ويخطئون فنميل معهم حيث مالوا. ونحتاج أن نكف عن المحاباة فيما يتعلق بأمور السياسة والمجتمع وأن نتوقف عن إقحام النصوص المقدسة في آرائنا غير المقدسة لأن من يقرءون فتاولنا لا يجيدون التفرقة أحيانا بين أمور الدين وأمور الدنيا فيتعصبون للخطأ كما يتعصبون للفضيلة.
أديب مصري مقيم بالإمارات
هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.