القاهرة- الزمان المصرى :حافظ الشاعر: واكب الثورة في شوارع مصر ثورة في وسائل الإعلام التي كانت إحدى ركائز نظام الحكم الاستبدادي للرئيس حسني مبارك. وبمجرد تخليه عن منصب رئيس الجمهورية يوم الجمعة الماضي انقلبت الصحف اليومية الرئيسية المملوكة للدولة على مبارك وأعلنت انتصار الثورة وبدأت في الاعتذار عن تغطيتها للانتفاضة التي بدأت في 25 يناير كانون الثاني. وكان العنوان الرئيسي لصحيفة الجمهورية التي كانت أكثر الصحف المملوكة للدولة في خدمة نظام مبارك "سطعت شمس الحرية".وأعلنت صحيفة الأهرام اليومية الرئيسية المملوكة للدولة "الشعب أسقط النظام". ووصف أحد كتاب الأهرام مبارك "بالفرعون الأخير". ولم يكن التغيير في التلفزيون المملوك للدولة أقل قوة. واستبدلت الاغاني الوطنية التي تعود إلى حقبة الستينات بلقطات لشبان مفعمون بالنشاط في مسيرة من اجل الحرية في أغنية للمغني المصري محمد منير.واستبدلت بعض الوجوه التي ارتبطت بسنوات مبارك الصارمة بمقدمي برامج لم يشملهم عهد تعبئة وسائل الاعلام الجماهيرية. وقالت شهيرة أمين وهي مذيعة مخضرمة في التلفزيون المصري "انهم غيروا تغطيتهم." واستقالت أمين قبل أسبوعين بسبب التغطية التي صورت المحتجين على أنهم مخربون تدعمهم جهات اجنبية وأنهم قلة.وأضافت قائلة "أرجو ألا يكون تغيير النبرة مجرد مسألة شكلية. ما أخشاه حيث أنني عملت هناك لفترة طويلة جدا أن يكون الفساد مستشر في مؤسسات الإعلام المملوكة للدولة بحيث أنها في حاجة حقيقية لإعادة ترتيب البيت." واستخدم المجلس الاعلى للقوات المسلحة التلفزيون الرسمي لإذاعة خمسة بيانات لشرح خططه لإعادة السلطة الي المدنيين من خلال تعديلات دستورية وانتخابات وتحذير الشعب من الاستمرار في الإضراب والعودة إلى العمل من أجل مصر.واجتمع الجيش -الذي أدرك أهمية الإعلام عندما استولى على السلطة في 1952 - مع كبار الصحفيين يوم الثلاثاء في إطار جهوده في الأيام القليلة الماضية لإقناع وسائل الإعلام بعرض الأحداث الجديدة بطريقة ايجابية. وتحرير وسائل الاعلام هو أحد مطالب المحتجين وجماعات المعارضة.ونشرت الصحف موضوعات عن جماعة الإخوان المسلمين التي تعامل معها مبارك بعداء كما أناح التلفزيون مساحة من البث لأعضاء في الجماعة لعرض آرائهم.وقال احمد موسى مدير تحرير صحيفة الأهرام ان مجالا واسعا انفتح أمام الإعلام وان "سقف الحرية أصبح الآن عاليا جدا ولا يقتصر فقط على الصحافة." وأضاف قائلا "اليوم.. 80 مليون مصري أصبحوا محللين سياسيين وكل شخص يقول ما يشاء."في مثل هذا المناخ يمكننا ان نقول ان السقف لن ينخفض أبدا مرة أخرى. نحن جميع أحرار الآن... الأهرام لن يعود صوتا للحكومة مرة أخرى."في هذه المرحلة الأهرام يدخل مرحلة جديدة.. في هذه المرحلة الأهرام سيكون جورنالا (صحيفة) قوميا وليس جريدة حزبية أو حكومية." ووسائل الإعلام المملوكة للدولة التي يعمل في مقارها الرئيسية في القاهرة فقط 46 ألفا لديها انتشار كبير جدا. وتضم أكثر من قناة تلفزيونية أرضية وفضائية وعددا كبيرا من محطات الإذاعة وحوالي 24 صحيفة ومجلة مملوكة للدولة. وتملك مصر شركة كبيرة للاقمار الصناعية للبث الفضائي هي نايل سات وتملك حصة في شركة عرب سات. وقطعت الحكومة المصرية بث قناة الجزيرة الفضائية ومقرها قطر من عبر النايل سات في الأيام الأولى من الاضطرابات.ولكن في مصر الجديدة جرى بث الجزيرة من قمر اخر رغم تحرش قوات الأمن المصرية بمراسليها وأفراد طاقمها أثناء التصوير في شوارع الإسكندرية يوم الثلاثاء. وفي عهد مبارك وسعت أجهزة الامن العديدة نفوذها ليشمل كل جانب من جوانب الحياة بما في ذلك الإعلام.وقال هشام قاسم وهو ناشط حقوقي وناشر "لم تعد رقابة أمن الدولة هي المشكلة. كان ذلك قبل أسابيع قليلة. لن يجرؤ ضابط أمن دولة على تهديد الصحافة." وأضاف قائلا "الكل في وزارة الداخلية يدور ويخشون على أوضاعهم. نتوقع المزيد من التغطية الأكثر انفتاحا في وسائل الإعلام المستقلة ومعدلات أعلى للقراء نتيجة لذلك. هذا واضح بالفعل الآن." ويقول صحفيون ان رؤساء القنوات التلفزيونية ومحطات الاذاعة ورؤساء تحرير الصحف الذين سهلوا تجسس الدولة عليهم ما زالوا في مواقعهم لكن الضغوط من أجل تغييرهم تأتي من العاملين في المؤسسات الإعلامية.وقال كارم يحيى وهو صحفي في الأهرام ان رؤساء تحرير الصحف المنتمين للحزب الوطني الديمقراطي الذي تزعمه مبارك يتعرضون لضغوط كي يرحلوا. وأطاح أعضاء في نقابة الصحفيين فعليا بنقيبهم المدعوم من مبارك.ووصف يحيى هؤلاء بأن ضميرهم ميت وقال انهم تآمروا على الشعب لعشرات السنين. وأضاف انه لا بد من رحيلهم والأمر لا يتعلق بالوجوه فقط وإنما بالسياسة التحريرية ولا بد أن يتخذ الصحفيون موقفا الآن