محافظ الوادي الجديد يفتتح مصنعا مطورا للتمور بالخارجة بطاقة إنتاجية 15 طنا يوميا    قيادي بحزب مستقبل وطن: معرض تراثنا نقطة انطلاق لتحويل الحرف التقليدية إلى صناعة رقمية مستدامة    حماس تنفي موافقتها على تسليم سلاحها لهيئة فلسطينية مصرية تحت إشراف دولي    إيفرتون يحرم كريستال بالاس من وصافة ترتيب الدورى الإنجليزى بفوز +90    التعادل السلبي يحسم قمة يوفنتوس وميلان بالدوري الإيطالي    وزير التعليم ومحافظ الإسكندرية يفتتحان إدارة المنتزه أول و9 مدارس جديدة عبر الفيديو كونفرانس    وزارة الداخلية تضبط متهمًا سرق دراجة نارية بالغربية بأسلوب المغافلة    عمرو أديب بعد سرقة لوحة أثرية من مقبرة خنتي كا بسقارة: البلد مليانة آثار.. معرفش دي نعمة ولا نقمة    «شاهد على النصر».. صلاح عبدالرازق: استقبلت «عساف ياجورى» أسيرًا فى السجن الحربى    «أنا مش ظالم».. وزير العمل يرد على انتقادات تخفيض العلاوة الدورية من 7% إلى 3%    نائب وزير الصحة لشؤون السكان: «دليل سلامة حديثي الولادة» خطوة فارقة في حماية الأطفال    الديهي: جيل كامل لا يعرف تاريخ بلده.. ومطلوب حملة وعي بصرية للأجيال    عمران القاهرة.. بين السلطة الحاكمة ورأس المال وفقراء الشعب    «هفضل أدافع عن الأهلي».. شوبير يوجه رسالة لجماهير الزمالك قبل برنامجه الجديد    رونالدو يقرب الأهلي من مدرب أجنبي جديد    500 شاب وطفل من ذوي الهمم يشاركون في القافلة المجتمعية لوزارة الشباب بالمنيا    اجتماع ل «قيادات أوقاف الاسكندرية» لمتابعة ملحقات المساجد والمستأجرين (صور)    اليوم العالمي للمعلمين 2025.. دعوة لإعادة صياغة مهنة التدريس    لينك تحميل تقييمات الأسبوع الأول للعام الدراسي 2025-2026 (الخطوات)    المشدد 10 سنوات ل شقيقين بتهمة الشروع في قتل شخص آخر بالمنيا    تفاصيل جديدة في واقعة الفعل الفاضح على المحور    ماذا قال الجيش اللبناني بعد التحقيق مع فضل شاكر؟    «إوعى تآمنلهم».. 3 أبراج أكثر مكرًا    تامر فرج عن وفاة المخرج سامح عبد العزيز: معرفتش أعيط لحد ما غسلته (فيديو)    بطولة منة شلبي وكريم فهمي.. التحضيرات النهائية للعرض الخاص لفيلم هيبتا 2 (صور)    مواقيت الصلاه غدا الإثنين 6 اكتوبرفى محافظة المنيا.... تعرف عليها    أذكار المساء: دليل عملي لراحة البال وحماية المسلم قبل النوم    مظهر شاهين عن «الفعل الفاضح» بطريق المحور: التصوير جريمة أعظم من الذنب نفسه    هل يجوز استخدام تطبيقات تركيب صور الفتيات مع المشاهير؟.. أمين الفتوى يُجيب    الرئيس التشيكي يضع الانتماء إلى الناتو والاتحاد الأوروبي في صميم مشاورات تشكيل الحكومة المقبلة    وكيل وزارة الصحة يتفقد مستشفى كفر الشيخ العام ويؤكد: صحة المواطن أولوية قصوى    ارتفاع بورصات الخليج مدفوعة بتوقعات خفض الفائدة الأمريكية    هالاند يقود جوارديولا لانتصاره رقم 250 في الدوري الإنجليزي على حساب برينتفورد    أحمد عابدين يخطف الأضواء بعد هدفه في شباك شيلي بتصفيات كأس العالم للشباب    مباحث تموين الغربية تضبط 42 مخالفة في حملة رقابية خلال 24 ساعة"    سامح سليم: لا أملك موهبة التمثيل وواجهت مخاطر في "تيتو" و"أفريكانو"    دور المقاومة الشعبية في السويس ضمن احتفالات قصور الثقافة بذكرى النصر    ارتفاع حصيلة ضحايا الانهيارات الأرضية والفيضانات في نيبال إلى 42 قتيلا    إيمان جمجوم ابنة فيروز: اختلاف الديانة بين والدى ووالدتى لم يسبب مشكلة    جامعة بنها الأهلية تنظم الندوة التثقيفية احتفالاً بذكرى نصر أكتوبر المجيد    «القاهرة الإخبارية»: لقاءات القاهرة ستركز على تنفيذ خطة وقف إطلاق النار في غزة    تأجيل محاكمة 5 متهمين بخلية النزهة    مستشفى الغردقة العام تستقبل الراغبين فى الترشح لانتخابات النواب لإجراء الكشف الطبي    مبابي ينضم إلى معسكر منتخب فرنسا رغم الإصابة مع ريال مدريد    أفشة: مشوار الدوري طويل.. وتعاهدنا على إسعاد الجماهير    مجلس الوزراء يوافق على تقنين أوضاع 160 كنيسة ومبنى تابعًا ليصل الإجمالي إلى 3613 دار عبادة    رسميًا.. موعد صرف معاش تكافل وكرامة شهر أكتوبر 2025    موعد أول يوم في شهر رمضان 2026... ترقب واسع والرؤية الشرعية هي الفيصل    شهيد لقمة العيش.. وفاة شاب من كفر الشيخ إثر حادث سير بالكويت (صورة)    إزالة 50 حالة تعدٍّ واسترداد 760 فدان أملاك دولة ضمن المرحلة الثالثة من الموجة ال27    وزير الصحة: تم تدريب 21 ألف كادر طبي على مفاهيم سلامة المرضى    وزير الدفاع الإسرائيلي: 900 ألف فلسطيني نزحوا من مدينة غزة نحو جنوبي القطاع    عشرات الشهداء في 24 ساعة.. حصيلة جديدة لضحايا الحرب على غزة    الأوقاف تعقد 673 مجلسا فقهيا حول أحكام التعدي اللفظي والبدني والتحرش    فاتن حمامة تهتم بالصورة وسعاد حسني بالتعبير.. سامح سليم يكشف سر النجمات أمام الكاميرا    «السبكي» يلتقي رئيس مجلس أمناء مؤسسة «حماة الأرض» لبحث أوجه التعاون    رئيس مجلس الأعمال المصرى الكندى يلتقى بالوفد السودانى لبحث فرص الاستثمار    عودة إصدار مجلة القصر لكلية طب قصر العيني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عادل عامر يكتب عن :الجزاءات المقررة للجرائم الواقعة على التجارة
نشر في الزمان المصري يوم 03 - 04 - 2019

يدخل ضمن مفهوم الجزاء الجنائي العقوبة والتدبير الاحترازي، ولذلك فسوف نعرض في هذا المبحث للعقوبات المقررة للجرائم التي جرى التعرض لها في سياق هذا البحث ، والتدابير الاحترازية التي تحقق فاعلية الجزاء عبر مواجهة الخطورة الإجرامية لدى مرتكبي هذا النوع من الجرائم الذي يشمل ضررها عدد كبير من أفراد المجتمع العماني ، ولذلك فسوف نقسم هذا المبحث إلى ثلاثة مطالب نخصص المطلب الأول للعقوبات المقررة للجرائم الواقعة على التجارة الداخلية ، ونخصص المطلب الثاني للعقوبات المقررة للجرائم الواقعة على التجارة الخارجية ، ونخصص المطلب الثالث للعقوبات المقررة للجرائم الواقعة على التجارة الإلكترونية .
المطلب الأول
العقوبات المقررة للجرائم الواقعة على التجارة الداخلية
سوف نعرض في هذا المطلب للعقوبات الأصلية والتبعية والتكميلية المقررة للجرائم الواقعة على أنظمة التجارة والتي جرى التعرض لها حسب ترتيبها من حيث وقوعها على التجارة الداخلية في جريمة الغش التجاري والإفلاس في المعاملات التجارية ولذلك سوف نعرض للعقوبات المقررة لهذه الجرائم في الفروع الآتية :-
الفرع الأول
العقوبات المقررة لجريمة الغش التجاري
تقرر التشريعات الجنائية عقوبات أصلية وأخرى تكميلية لجريمة الغش التجاري ، حيث تنحصر العقوبات الأصلية في ” الحبس والغرامة ” ثم العقوبات التكميلية الوجوبية المقررة للجريمة ، وهي ” المصادرة ونشر الحكم ” ثم العقوبات التبعية والتكميلية الجوازية وهي ” غلق المنشأة ، وإلغاء الرخصة “( ) وقد تقررت تلك العقوبات في قانون قمع الغش والتدليس المصري رقم ( 48 ) لسنة 1941م والمعدل بالقانون رقم ( 281 ) لسنة 1994م فقد نصت الفقرة الأولى من المادة ” 2 ” من التعديل على ( عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات ، وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز ثلاثين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر ).
ولقد شدد المشرع المصري العقوبة في حالة ما إذا كانت الأغذية أو العقاقير أو النباتات الطبية أو الأدوية أو الحاصلات أو المنتجات مغشوشة أو فاسدة أو التي انتهى تاريخ صلاحيتها أو كانت المواد تستعمل في الغش ضارة بصحة الإنسان أو الحيوان ففي مثل هذه الحالة قرر المشرع المصري عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنية ولا تجاوز أربعين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر .
ويلاحظ التشديد في الحبس والغرامة ، في رفع الحد الأدنى للعقوبة في الظروف العادية وذلك بزيادته من سنة إلى سنتين وزيادة الحد الأقصى من خمس سنوات في الظروف العادية وسبع سنوات في حالة توافر ظروف مشددة .
ولقد جاء ذلك في نص المادة (2 ف 2) من القانون رقم ( 281 ) لسنة 1994م ولقد جاء في شرح هذا النص على أنه قيد حالة تشديد العقاب بإلحاق ضرر بالصحة ، ويحدث ذلك بإحداث تأثير على سلامة الجسم والذي يشمل ثلاثة عناصر هي إما التكامل الجسدي ، أو خلو الجسم من الألم ، أو الصحة العامة فإذا حدث أي خلل لأي عنصر في الجسم أو أي جهاز من أجهزته مثل الجهاز الدوري أو التنفسي أو العصبي . أي أن المادة الضارة التي استخدمت في الغش يجب أن تلحق ضرراً وذلك بتعطيل وظيفة عضو الجسم تعطيلاً كلياً أو جزئياً أو مؤقتاً أو التأثير على سير عمل أجهزة الجسم في صورتها الطبيعة .
وبذلك يتوجب تشديد العقوبة ، أي أن التشديد يشترط تحقق نتيجة ضارة وهذا يعني أنه في حالة الشروع لا يعاقب إلا على الغش في صورته العادية البسيطة وليست المشددة وذلك لعدم وقوع النتيجة في الشروع سواء كان في صورته الموقوفة أو الخائبة أو المستحيلة(( رغم أن العقاب على الشروع في هذه الجريمة هو نفس العقاب على الجريمة التامة خاصة في صورتها العادية أي في حالة وقوعها دون أن تقترن بظرف التشديد ، حيث جاء نص المادة ” 2 ف 1 ” على أنه ( يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنية ولا تجاوز ثلاثين ألف جنية أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر كل من غش أو شرع في أن يغش شيئاً من أغذية
الإنسان أو الحيوان أو من العقاقير ، أو النباتات الطبية أو الأدوية أو من الحاصلات الزراعية أو المنتجات الطبيعية أو من المنتجات الصناعية معدا للبيع ، وكذلك كل من طرح أو عرض للبيع أو باع شيئاً من هذه الأغذية أو العقاقير أو النباتات الطبية أو الأدوية أو الحاصلات أو منتجات مغشوشة كانت أو فاسدة ، أو انتهى تاريخ صلاحيتها مع علمه بذلك ) .
ويلاحظ أيضاً أن هذا النص يسوي في العقاب بين الشروع وجريمة الغش التامة في الحبس والغرامة وهذا يعني أن المشرع المصري لا يشترط وقوع الضرر في هذه الجريمة بصورتها هذه ولكنه قد اشترط وقوع ضرر بالصحة عندما شدد عقوبتي الغرامة والحبس في نص المادة (2 ف 2) كما تبين ذلك في ما أوردناه من تفرقة سابقة .
ونرى سلامة هذا التوجه في تشديد العقاب إذا تعرضت صحة الإنسان أو الحيوان للضرر وذلك يحقق أغراض العقوبة في منع الجريمة وإصلاح المجرمين.
أما بالنسبة للعقوبات التكميلية فقد جاء في نص المادة ” 7 ” من قانون قمع الغش والتدليس على ذكر عقوبتي المصادرة والنشر ، باعتبارهما عقوبتين تكميليتين في جريمة الغش وذلك تحقيقاً لزيادة أثر العقوبة في تحذير الآخرين من عدم الإقدام على ارتكاب مثل هذه الجريمة ومنع الاستفادة منها باعتبارها مواد ضارة وممنوعة تجب مصادرتها ، أما العقوبات التكميلية الجوازية فقد جاءت في نص المادة ” 10 ” بالنص على أنه ( يجوز للمحكمة أن تقضي بغلق المنشأة المخالفة لمدة لا تجاوز سنة ، كما يجوز لها أن تحكم بإلغاء رخصتها ) .
ويلاحظ بأن العقوبتين الجوازيتين يشار إليها في بعض القوانين العربية على إنها تدابير احترازية توقع لمنع حالة العودة إلى الجريمة( ) بينما تقررت في هذا القانون المصري كعقوبات تكميلية جوازية .
أما في التشريع الجنائي العماني ، فقد جاء في قانون الجزاء العماني العقاب على عدة صور من الغش في المعاملات التجارية ، انحصر العقاب عليها في العقوبات الأصلية وترك المشرع العماني العقوبات التكميلية للقاضي يقدر تطبيقها حسب كل حالة على حده من خلال تطبيق نصوص القسم العام المتعلقة بالعقوبات التكميلية ، وهي ما سماها المشرع في نص المادة ” 46 ” من قانون الجزاء بالعقوبات الفرعية أو الإضافية وهي:-
1. منع الإقامة .
2. طرد الأجنبي .
3. الحرمان من الحقوق المدنية .
4. المصادرة .
5. الإقفال ومنع مزاولة أحد الأعمال .
ونرى بأن العقوبات الفرعية المقررة في الفقرات ” 4 ، 5 ” تصلح للتطبيق في جريمة الغش التجاري بينما تعتبر العقوبات الأخرى بمثابة التدابير الاحترازية( ). ولقد تقررت العقوبات الأصلية وهي السجن والغرامة في المواد ” 292 – 294 ” وذلك وفق ما جرى النص عليهما في تلك المواد نذكرها فيما يلي :-
أولاً :- جاء في نص المادة ” 292 ” على أنه ( يعاقب بالسجن من يوم إلى عشرة وبالغرامة من ريال واحد إلى عشرين كل تاجر استعمل في تعاطيه الأعمال التجارية أو اقتنى مقاييس أو مكاييل تختلف عن مقتضيات القانون ) .
ويلاحظ ضآلة العقوبة في هذا النص ويتضح بأن النص قد تقرر على التاجر حسن النية والذي لا يعلم بحقيقة تلك المقاييس لأنه إذا علم بها اعتبر ذلك ظرف تشديد للعقوبة فتصبح العقوبة مضاعفة في حالة السجن وحالة الغرامة فيصبح السجن من يومين إلى عشرين يوماً وفي الغرامة من ريالين إلى أربعين ريالاً حسب قراءتنا لهذا النص إذ يجب أن تضاعف الحدود الدنيا والقصوى في عقوبتي السجن والغرامة .
غير أننا نعترض على تسمية العقوبة السالبة للحرية بالسجن وذلك لضآلة المدة حيث تسمى العقوبة في مثل هذه الحالات بالحبس وليس السجن ذلك أن السجن كما هو معروف هو الإيداع في منشأة عقابية لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات في بعض القوانين العربية وأن أي عقوبة تقل عن سنة إيداع في منشأة عقابية تعرف بالحبس وليس بالسجن(( ، ويبدو أن المشرع العماني قد اعتمد تقسيماً للعقوبات الأصلية إلى إرهابية وتأديبية وتكديرية ، وتعد عقوبة السجن من 24 ساعة إلى عشرة أيام عقوبة تكديرية وإذا زادت عن عشرة أيام أصبحت عقوبة تأديبية .
وفي هذه الحالة فأن الجريمة المرتكبة من قبل حسن النية أو كان العلم مفترضاً في الركن المعنوي لجريمة الغش في المقاييس فإن العقوبة تكون تكديرية فإذا وقعت بعلم يقين كانت العقوبة تأديبية بسبب قيام ظرف تشديد العقوبة وهو العلم المسبق بحقيقة المقاييس التي تستخدم في المعاملات التجارية .
ولم نلحظ وجود مثل تلك المصطلحات على الأقل في القوانين العربية المقارنة مثل القانون المصري واليمني ، حيث تستخدم مصطلحات العقوبات الأصلية دون وجود مسميات قانون الجزاء العماني .
ثانياً :- جاء في نص المادة ” 293 ” على أنه ( يعاقب بالسجن من عشرة أيام إلى سنة وبالغرامة من عشرة ريالات إلى مائتين ، كل من صنع مواد مختصة بغذاء الإنسان أو الحيوان مغشوشة أو فاسدة أو عرضها وهو على علم بأمرها ) .
ويلاحظ من النص اشتراط العلم لأغراض توقيع العقوبة وهذا يعني أن العقوبة لا توقع إلا إذا كانت الجريمة عمدية ، ولقد قرر المشرع العماني مضاعفة العقوبة إذا كانت المواد المذكورة مضرة بصحة الإنسان أو الحيوان وحتى إذا كان الشاري أو المستهلك على علم بالغش أو الفساد الضارين .
ولقد عبر عنه في الفقه المصري بحدوث ضرر بسلامة جسم الإنسان أو الحيوان بأن يحدث ضرراً في الأعضاء أو وظائفها أو تدهور في عمل أجهزة الجسم أو عدم انتظامها الطبيعي في العمل أو التأثير على الصحة العامة و تكون الجريمة قد وقعت في حالة التشديد للعقوبة غير أن هذا التشديد الذي أقره المشرع العماني لا يحقق أغراض العقوبة في الردع أي منع الجريمة ، وذلك لضآلة العقوبة مقارنة مع ضرر الجريمة الذي يلحق بالتجارة بشكل مباشر وصحة وسلامة المستهلك بطريقة غير مباشرة ، وكان يفترض تشديد عقوبتي السجن والغرامة إلى حد يكفي لمنع الجريمة أو يقلل من وقوعها خاصة إذا علمنا بأن مثل هذه الجرائم تقع في الغالب بدافع الجشع والإثراء ، فكان يفترض أن يكون الحد الأدنى للسجن هو أن لا يقل عن سنة والحد الأقصى أن لا يزيد عن عشر سنوات ، وفي الغرامة لا تقل عن مائة ريال ولا تزيد عن عشرة آلاف ريال ويترك أمر تقدير العقوبة لسلطة القاضي التقديرية حسب ظروف كل جريمة على حدة .
ثالثاً:- ولقد جاء في نص المادة ” 294 ” على أنه ( يعاقب بالسجن من شهر إلى سنة وبالغرامة من عشرة ريالات إلى مائتين كل من غش العاقد سواء في طبيعة البضاعة أو صفاتها الجوهرية أو تركيبها أو الكمية التي تحتويها من العناصر المفيدة أو في نوعها أو مصدرها عندما يكون تعيين النوع أو المصدر معتبراً بموجب الاتفاق أو العادات المتبعة في البيع ) وهذه الجريمة تختلف عن الصور السابقة للغش حيث لا يجري الحديث عن وقوع ضرر بالمستهلك وإنما ينحصر الضرر في سلامة التجارة من الغش وهي جريمة تقع بشكل مباشر وأساسي على التجارة رغم أن ضرراً غير مباشر قد يقع على المستهلك إلا أنه يعتقد بأن مثل تلك البضاعة لا صلة لها بالمواد الغذائية وإنما أية بضائع أخرى مثل مواد البناء والملبوسات والمفروشات وما شابه ذلك .
ولقد كان على المشرع العماني وضع عقوبة مالية هي الغرامة بمقدار أكبر مما هو مقرر لمواجهة جشع التجار ، وأن يحذو حذو المشرع المصري الذي قارن بين الغرامة ومقدار قيمة السلعة أيهما أكبر فإذا كانت الغرامة أكبر تم توقيعها وإذا كان ثمن السلعة أكبر اعتمد الثمن كغرامة لكي يضمن تحقيق غرض العقوبة في منع الجريمة ذلك أن الغرامة إذا كانت أقل من قيمة السلعة كانت غير مؤثرة ولذلك نرى ضرورة الأخذ بالاتجاه الذي تبناه المشرع المصري لمواجهة خطورة مرتكبي الجريمة وهم من التجار الذي يرتكبون مثل هذه الجريمة بدوافع الجشع والإثراء .
ويمكن توقيع العقوبات الفرعية إضافة إلى العقوبات الأصلية المقررة لجريمة الغش في صورها المختلفة وذلك بتطبيق نصوص المواد ” 52 – 54 ” من قانون الجزاء وذلك بتوقيع المصادرة كعقوبة وجوبية في جريمة الغش التجاري ، وتوقيع عقوبة الإقفال ومنع مزاولة أحد الأعمال أيضاً كعقوبة تكميلية وجوبية ونرى إمكانية اعتبارها تدابير احترازية لمنع وقوع الجريمة مستقبلاً من ذات الشخص أو غيره .
رابعاً :-عاقب المشرع العماني على جريمتي التلاعب بالأسعار والمضاربات غير المشروعة في نص المادة ” 295 ” ( وذلك بعقوبتي السجن من ستة أشهر إلى سنتين وبالغرامة من خمسين ريالاً إلى خمسمائة كل من توصل أو حاول أن يتوصل بالغش لرفع أو تخفيض أسعار البضائع أو المواد الغذائية أو الأسهم التجارية العامة أو الخاصة المتداولة في البورصة أو خارجها أو أقدم على عمل من شأنه إفساد قاعدة العرض والطلب في السوق ) .
يلاحظ بأن المشرع العماني قد عاقب على الشروع والجريمة التامة بنفس العقوبة ورغم عدم وقوع الغش على السلع بشكل مباشر ، غير أن النص موجه لحماية استقرار الأسعار ومنع المضاربة عن طريق الغش أو حجب السلع عن الجمهور بما يكفل بذلك منع الاحتكار والمضاربة ، غير أن العقوبة المقررة لهذه الجريمة لا تحقق أغراض العقوبة في الردع ، وكان يفترض زيادة في مقدار العقوبة لتحقيق غرض العقوبة في منع الجريمة وإصلاح المجرمين .
ولقد عاقب المشرع اليمني على جريمة الغش في قانون الجرائم والعقوبات رقم ( 12 ) لعام 1994م في نص وحيد ، هو نص المادة ” 312 ” حيث جاء فيه بأنه ( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة أو بالغرامة :-
أولاً : كل من خدع أو شرع في أن يخدع المتعاقد معه بإحدى الطرق الآتية :
1. عدد البضاعة أو مقاسها أو كيلها أو وزنها أو ذرعها أو عيارها.
2. ذاتية البضاعة إذا كان ما سلم منها غير ما تم التعاقد عليه.
3. حقيقة البضاعة، أو طبيعتها، أو صفاتها الجوهرية، أو ما تحتويه من عناصر نافعة وعلى العموم العناصر الداخلة في تركيبها.
4. نوع البضاعة أو أصلها أو مصدرها في الأحوال التي يعتبر ذلك سبباً أساسياً في التعاقد بموجب الاتفاق أو العرف.
ثانياً: من زيف أو أنقص الموازين أو المكاييل أو المقاييس أو الدمغات أو العلامات أو آلات الفحص ، أو استعمل شيئاً منها مزيفاً أو مختلاً ، أو استعمل وسائل أياً كانت من شأنها أن تجعل الوزن أو الكيل أو القياس أو الفحص غير صحيح .
ثالثاً: من غش أو شرع في أن يغش شيئاً من غذاء الإنسان أو الحيوان أو العقاقير الطبية أو الحاصلات الزراعية أو المنتجات الطبيعية معداً إياها للبيع أو طرح شيئاً من ذلك أو عرضة للبيع أو باعه مع علمه بغشه أو فساده .
رابعاً: من طرح أو عرض للبيع أو باع مواد مما يستعمل في غش أغذية الإنسان أو الحيوان أو العقاقير الطبية أو الحاصلات الزراعية أو المنتجات الطبيعية على وجه يتنافى مع استعمالها استعمالاً مشروعاً، وتضاعف العقوبة إذا كانت المواد التي تستعمل في الغش ضارة بصحة الإنسان أو الحيوان .
خامساً: كل من يخالف المواصفات المعتمدة أو القرارات الصادرة من الدولة بغرض حد أدنى أو حد معين من العناصر الداخلة في تركيب المواد الغذائية أو العناصر الطبية أو من بضاعة أو منتجات أخرى معدة للبيع أو فرض أوان أو أوعية معينة لحفظها أو طريقة معينة لتحضيرها ) .
ولم يكن المشرع اليمني قد فرق في العقاب بين تلك الصور رغم اختلاف ظاهر في خطورتها وضررها ، ولقد اكتفى بحصر العقاب في عقوبتي الحبس الذي لا يزيد عن سنة والغرامة التي لم يحدد مقدارها ، وإنما بالعودة إلى نص المادة ” 43 ” من القسم العام ذكر بأن الغرامة هي عقوبة مالية تورد إلى خزينة الدولة لا تقل عن مائة ريال ولا تزيد عن سبعين ألف ريال
ونرى بأنه كان يفترض على المشرع اليمني أن يميز بين صور التجريم للغش ، ويفرق في العقوبة كما فعل المشرع المصري والمشرع العماني ، وأن يرفع من مقدار عقوبة الحبس في حديها الأقصى والأدنى خاصة إذا علمنا أن الحد الأدنى للحبس حسب ما هو مقرر في نص المادة ” 39 ” من القسم العام هي أن لا تقل عن أربع وعشرين ساعة وهذه المدة لا تسمح بتحقيق أغراض العقوبة في منع الجريمة
كما أنها لا تساعد على تأهيل مرتكبيها بسبب قصر مدة العقوبة كما أنها لا تتصف بالطبيعة التحذيرية بسبب قصر المدة وهو أمر لا يتناسب مع خطورة الجريمة وخطورة مرتكبها بسبب دوافع الجشع والإثراء غير المشروع ، كما أن الغرامة في الحدود المنصوص عليها في المادة ” 43 ” لا تحقق أغراض العقوبة المالية في أن تكون مؤثرة على الناحية المالية لمرتكب الجريمة خاصة إذا كان تاجراً وبالتالي نرى إعادة النظر في هذا النص والاستفادة من نصوص قانون قمع الغش والتدليس المصري خاصة في المقارنة بين الغرامة وقيمة السلعة المغشوشة وتطبيق مقدار العقوبة على كبر مقدار ثمن السعلة والغرامة لتحقيق الأثر الفاعل للعقوبة أو رفع مقدار الغرامة وعقوبة الحبس بما يحقق أغراض العقوبة في منع الجريمة إصلاح المجرمين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.