اصبح محمد حسني السيد مبارك أول رئيس مصري يواجه احتمال الحكم باعدامه، بعد أن طالبت النيابة العامة المصرية الخميس في مرافعتها أمام محكمة جنايات القاهرة بتوقيع عقوبة الإعدام شنقا عليه وسبعة متهمين آخرين في قضية قتل الثوار. وعلى عكس المخاوف من ضعف الادلة الجنائية ضد مبارك، فقد قدمت النيابة العامة مرافعة قوية لاقت استحسانا من المحامين واهالي الشهداء، ومن المقرر ان تستأنف المحاكمة يوم الاثنين المقبل، حيث سيبدأ الدفاع عن الضحايا ثم عن المتهمين الذي قد يستغرق اسبوعا اخر، سستحجز بعدها القضية للنطق بالحكم. وتوقعت مصادر ان يصدر الحكم خلال الاسابيع المقبلة، ولكن قبل يوم الخامس والعشرين من يناير الذي يحشد ناشطون سياسيون الجماهير ليشهد ما سموه ب'الثورة الثانية' لانهاء حكم العسكر، وتحقيق باقي مطالب الثورة. واضافت ان اوراق القضية تصل الى نحو عشرين الف صفحة، الا ان المحكمة قرأتها بالكامل اثناء الشهور الثلاثة الماضية التي توقفت فيها المحاكمة، بسبب طلب احد المحامين رد القاضي، وهو ما رفضته محكمة الاستئناف. ونقلت عن القاضي احمد رفعت انه قرأ الاوراق لثلاث مرات، وقد لا يحتاج الى وقت طويل بعد انتهاء المرافعات لاصدار الحكم. وقال المستشار مصطفى خاطر ممثل النيابة، بينما رقد مبارك على سرير طبي متحرك في قفص الاتهام، 'قانون العقوبات المصري وضع عقوبة الإعدام لجريمة القتل العمد إذا اقترنت بالظروف المشددة (سبق الإصرار والترصد) ولا ندري حقا ما عقوبة القانون إذا بلغ الضحايا المئات؟'. واستشهد في الثورة نحو 850 متظاهرا وأصيب أكثر من ستة آلاف. وهناك قضايا أخرى في القاهرة وعدد من المحافظات يحاكم فيها متهمون أغلبهم من الشرطة بقتل متظاهرين. والمتهمون مع مبارك بقتل المتظاهرين في القضية المنظورة، هم حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق وستة من كبار مساعديه وقت الانتفاضة. وقال مصطفى سليمان إن مبارك دلل في أقواله على علمه بقتل المتظاهرين بأن 'ذكر (في التحقيقات) إجابة تنم عن مخبآت صدره عندما قال طلبت من القوات المسلحة ضبط الشارع ومشاركة الشرطة في عمليات الأمن ووجدت أنهم لم يقوموا بواجبهم على النحو المطلوب فاضطررت للتنحي'. وأضاف سليمان 'فما هو النحو المطلوب الذي كان يراد ضبط الشعب به؟'. وقال ممثل آخر للنيابة إن المتهمين 'تركوا المؤسسات العامة وأقسام الشرطة أثناء الثورة من دون تأمين وتفرغوا لقمع المتظاهرين وغلبوا مصالحهم الشخصية على المصلحة العامة مما أدى إلى انفلات أمني وترك الشعب يواجه البلطجية والهاربين من السجون'. وأضاف 'هانت أنفسنا وأموالنا وأعراضنا على المتهمين'. وفي شأن استغلال النفوذ والفساد المالي قالت النيابة إن مبارك 'اعتقد أن البلاد ضيعة له... مصر مبارك سيطر عليها الفساد والاستبداد... مبارك وضع جميع أرصدة مكتبة الإسكندرية تحت تصرفه... مبارك استغل نفوذه لتمليك المتهم الثاني حسين سالم مساحات شاسعة (من أراضي الدولة) في أماكن مميزة'. وقالت النيابة 'المتهم الأول أعطى قرارا بتصدير الغاز لإسرائيل بالأمر المباشر... اتفقوا (مبارك ومسؤولون في حكومته) على أن يبيعوا ثروات الوطن بأبخس الأثمان للعدو قبل الصديق'. وأضافت أن الشركة التي تولت بيع الغاز أنشئت لغرض محدد هو تربيح المتهم حسين سالم. وقالت النيابة عن مبارك 'المتهم لم يكن طاهر اليد... تحيطه الشبهات.. تلوكه الألسن.. وفي حقه قضايا فساد مالي'. وترافعت النيابة في القضية على مدى ثلاثة أيام. وقالت في ختام مرافعتها امس إن ابني مبارك ارتكبا جرائم أموال عامة عمدا عن طريق استغلال النفوذ. وأضافت أن ابنه الأكبر علاء 'حقق أطماعه في عالم المال واشتهر باشتراكه في العديد من الشركات'. وقالت عن ابنه الأصغر جمال 'أراد تحقيق أطماعه في تولي الحكم... أراد أن يجني المال والسلطة'. وطالبت النيابة ايضا بأقصى عقوبة في قضية استغلال النفوذ لكن من دون تحديد فترات سجن معينة. من جهة اخرى أكد جيفرى فيلتمان مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط أنه لا يوجد شريك أهم من مصر لدى الولاياتالمتحدة في العالم العربي قائلا 'إن الريادة المصرية في المنطقة تقدم لنا رؤية مهمة للمنطقة التي تمر بمرحلة انتقالية في 2011/2012'. وأضاف فيلتمان - في تصريحات صحافية عقب استقبال السيد محمد عمرو وزير الخارجية له الخميس - ولهذا فإنه من المهم لنا أن نحافظ على مشاورات ثنائية قوية مع الحكومة المصرية. وأشار فيلتمان إلى أنه ناقش مع عمرو عددا من الموضوعات الاقليمية بما فيها رؤية مصر بالنسبة للفترة الانتقالية والتي تجري أيضا في كل من ليبيا وتونس، وكذلك المبادرة العربية في سورية، إضافة إلى بحث موضوع المنظمات غير الحكومية التي تتلقى تمويلا من الولاياتالمتحدة. وردا على سؤال حول ما إذا كانت الإدارة الأمريكية بصدد الاختيار بين المجلس العسكري والثورة أو بين المجلس والديمقراطية، قال فيلتمان 'إن البرلمان المصري يتم تشكيله عن طريق نتائج تصويت الشعب المصري.. والشعب المصري هو المسؤول عن اختيار أعضاء البرلمان وسيلعب هذا البرلمان دورا في حكم مصر بينما تسير مصر الى الأمام'. واعتبر مراقبون ان زيارة فيلتمان تستهدف ابلاغ القاهرة القلق من اغلاق عدد من المنظمات الاهلية مؤخرا، وكذلك استطلاع اراء بعض الاسلاميين تجاه السياسة الخارجية وخاصة السلام مع اسرائيل.