بدأت رائحة الدم تخيم على قرى ونجوع الدائرة الأولى ومقرها بندر قنا، لأنها من أكثر الدوائر اشتعالا فى جولة الإعادة نظرا للتركيبة القبلية التى تسيطر عليها، حيث تضم قبائل الهوارة والأشراف والعرب أصحاب الصراع الأزلي فى المنافسات الانتخابية.. كما ذكرت بوابة الأهرام الإلكترونية جاءت نتيجة الجولة الأولى للانتخابات فى هذه الدائرة لتذكر الكثيرين فى المحافظة بالمشكلات الثأرية التى استمرت لمدة عشرات الأعوام بين قبائل الهوارة والأشراف والعر ب فى قنا والتى راح ضحيتها العشرات من الأبرياء خلال السنوات الماضية، معظمهم كان ضحية انتخابات من هذا النوع. لذلك يضع الكل يده على قلبه خوفا من تكرار المشاهد السابقة، فى ظل بيئة قبلية تبدو مستعدة لتقبل أى نوع من أنواع الثأر. جولة الإعادة يوم الأحد التى تحولت من فرح لدى البعض إلى ما يشبه الحزن، خشية المصير الذى ينتظرها، حيث ستتم بين المرشح عبدالباقى عبيد "مستقل - فئات " الذى ينتمى إلى قبيلة الهوارة فى قنا والذى يقف خلفه الآلاف من جموع أبناء الحميدات، وجمال النجار "وطنى- فلاح" وينتمى إلى قبيلة الأشراف، والتى كان لها تمثيل شبه مستمر فى البرلمان على مدار السنوات الماضية. وخرج منها واحد من أبرز أعضاء مجلس الشعب فى تاريخ الصعيد وهو الراحل إسماعيل معتوق الذى نجح فى أن يجمع حوله كل القبائل لخدماته التى لم تفرق بين قبيلة وأخرى. وإلى جانب المرشحين السابقين هناك إمبارك أبوالحجاج مرشح "وطنى - فئات" ومحمود السايح "مستقل - عمال" وكل منهما ينتمى لقبيلة العرب. المثير للانتباه أن السباق فى جولة الإعادة حسم تقريبا من الناحية الحزبية والسياسية لصالح الحزب الوطنى (لوجود ثلاث مرشحين وطنى). فمرشحا الوطنى يخوضان الإعادة ضد المرشح المستقل ( عبد الباقى عبيد )، الذى أعلن تجديد انتمائه للحزب الوطنى ودخوله الإعادة على برنامج الحزب. أما الناحية القبلية فمطلوب فيها الكثير من ضبط النفس الاجتماعى والأمنى. المشكلة أن الدائرة الأولى فى بندر قنا ممتدة ومتسعة وتحوى الكثير من العائلات التى تنتمى إلى وقرى مختلفة. وأبرزها قرى" أولاد عمرو – الحجيرات– الغوصة - القناوية - الأشراف -الجزايرية – المعنا – مدينة قنا - شرق السيد وغرب السيد - الجبلاو - دندرة - الترامسة -الحميدت". والمشكلة الأخطر أن المرشحين الأربعة ينتمون إلى عدد محدود من القرى السابقة، لكن رهانهم الكبير لكسب الأصوات على القرى الأخرى، والتى تمثل مطمعا للمرشحين وفرصة ذهبية، خاصة فى ظل ما يتردد حول لجوء البعض إلى القيام بعمليات تسويد، فى القرى التى خلت من مرشحين فى جولة الإعادة مثل، دندرة وأولاد عمرو والحجيرات والغوصة والقناوية وغيرها. الأمر الذى يمثل تحديا كبيرا للأمن وقدرته المعروفة على ضبط موازين الأمور، حتى لا تختل وتفتح أبوابها لنار الثأر الذى جرى إخماده بوسائل عرفية وأمنية متعددة. لذلك بدأت قوات الأمن تنتبه لخطورة الموقف وتستدعى أعدادا إضافية بلغت أكثر من 3 آلاف جندى وتصل إلى 20 تشكيلاً من أجل فرض السيطرة على المناوشات القبلية التى بدأت بوادرها تلوح فى الأفق منذ ليلة الخميس الماضى. وقد اتخذت أشكالا متباينة، حتى الآن منضبطة، لكن العقلاء يخشون من انفلات الأوضاع، وسط استنفار قبلى غير مسبوق، حاول بعض المرشحين استغلاله بأى وسيلة للوصول إلى مقعد البرلمان. المرشح إمبارك أبوالحجاج الذى ينتمى إلى قرية الترامسة وهو من قبيلة العرب، هدد فى مؤتمر انتخابى عقده "الخميس" بقطع كوبرى دندرة وعدم السماح للمرشحين أو الناخبين بعبوره، لكى يحكم سيطرته على الصناديق فى قرية والقرى المجاورة لها ، خاصة دندرة التى تعتبر الكعكة التى يتصارع حولها للجميع، لما تحويه من أصوات كبيرة تصل إلى نحو 30 ألف صوت، ولا ناقة ولا جمل لها فى السباق الانتخابى. ووصلت المسألة فى خطاب البعض إلى درجة التهديد العلنى بقتل أى شخص يوجد فى قريته من أنصار المرشحين المنافسين. مع أن هذا النوع من التهديدات والشائعات يستخدم فقط لتخويف الناخبين، إلا أن عيون الأمن الساهرة على حماية الوطن وعدت بضبط كل الأمور وفقا للنزاهة والشفافية التى عملت بها فى الجولة الأولى. وفى اتصال هاتفى مع اللواء عادل مهنا، مدير أمن قنا قال ل "بوابة الأهرام" إن الجولة الأولى مرت بسلام فى المحافظة دون حدوث أى أعمال جنائية، ما عدا بعض المناوشات التى لا تستحق الوقوف أمامها، وأكد مهنا أن الأمن سيضرب بيد من حديد خلال جولة الإعادة على كل من تسول له نفسه الإخلال بالأمن العام فى المحافظة، سواء من المرشحين أو الناخبين.