(يقولون عني أنني جميلة ) لا لن أقول هذه العبارة فهي من أقوال المتواضعون وأنا بعيدة تماما عن تلك الصفة ناهيك عن أنني تجاوزت مرحلة الجمال بكثير ناصعة كالثلج المتراكم فوق منزلك فى ليله شتاء قارصة البرودة – لو ان لديك واحدا – أمضي هائمة لا أدي أين أذهب ولا من أين أتيت من الاساس , يقولون انه عندما لا تتذكر كيف بدء الأمر فهو بلا شك إما حلم وإما انك قد فقدت ذاكرتك أجلا ام عاجلا سوف اعرف حقيقة تلك الغابة المقيتة التي وجدت نفسي فيها فاجأه،أشجارها ضخمة عالية ومتشابكة الأغصان تحجب الاضواء رغم خلوها من الأوراق إلا من ضوء خافت بالكاد يمكنك من تبين تفاصيل ما حولك وسط ذلك الضباب المنتشر في كل مكان فلا تدرى هل أنت في الصباح أم المساء بقدمين حافيتين تغوصان في طبقة من الثلوج يغطى معظم الأرض امضي قدما بلا هدي ولا هدف أمسك بطرف ثوب نومى الفضفاض الذى ينافس الثلج المنهمر في لونه الابيض شيء ما يتحرك في البقعة العمياء من بصري ألتفت فلا أجد شيئا لا أدري لماذا لا أبدو خائفة أو أنه فضولي قد فاق خوفي.. بثقة أشق طريقي وسط حيوانات متجمدة تبرز فراؤها من وسط الثلوج.. بعض العقارب والزاحف أيضا لم تنج وتجمدت في مكانها . . أشعر أنني مراقبة ولكن الأمر لم يقلقني ففضولي فاق خوفي ودفعني للدخول في ذلك الممر المظلم من الاشجار على الجانبين والتي مالت علي بعضها لتصنع سقف مستدير من الاغصان يحجب الرؤية . .أصوات صرير الحشرات المزعج يصم أذني .. أتحسس بقدمى أجسام ملساء صلبة ..لا بأس إنها مجرد جماجم وعظام بشرية غطي الثلوج معظمها لم يمنعني ذلك من عبور الممر للجانب الأخر مساحة كبيرة من الثلوج الملساء بلا أشجار مكنني للمرة الأولي أن أرى السماء وهي ملبدة بغيوم قاتمة لا تظهر لك شمس ولا قمر تجعلك تدرك أنه لا فارق بين وجود أغصان تحجب السماء أو لا توجد فالرؤية الضبابية واحدة في كلتا الحالتين .. علي مدى البصر ينتصب شامخا مهيبا وحده وسط كل هذا ليكمل الصورة ويزيدها كآبة .. قصر ضخم من طراز قديم للغاية من تلك القصور التى تعج بالممرات السرية والسراديب و الابراج العالية .. لا أذكر متي أصبحت بهذه الجرأة التي تجعلني أقطع كل تلك المسافة حني أصل للقصر وأدفع بابه الخشبى من ذلك الطراز القديم المطعم بالعديد من الحلى الذهبية , أما بالداخل فقد بدا المشهد مبهر بحق بطرازه و أثاثه الذى يعود للقرون الوسطى ..ألواح زيتية ضخمة لملوك وأميرات العصور الغابرة .. يوما ما كان يصول هنا ويجول وجهاء وأعيان وملوك تلك الحقبة الزمنية بعد أن يكونوا قد عادوا للتو من حرق إحدى الساحرات حية ,أو مطاردة الكونت دراكولا نفسه لحنا سخيفا يصدر من مكان ما لم يمنعني من التقدم بخطى حذرة عبر الردهة الواسعة للغاية وسط الاثاث العتيق .. أكثر ما أثار انتباهي هى نظافة القصر وكأنه يعج بالخدم الحريصين على تنظيفه وتلك المراةفى ركن الردة هى مصدر اللحن تعكف على عزف لحنا جنائزيا على بيانو ضخم وعتيق يتناسب مع ملابسها التى تعود لنفس العصور الغابرة تنظر اليه وعلى وجهها ابتسامة مقيتة دون أن تتوقف عن العزف وهى تتلوى مع اللحن كالأفعى , الاغرب أننى تقبلت الامر ومضيت الى قاعة جانبية سمعت بعض الجلبة تأتي من داخلها , مما دفعنىفضولي الى التلصص من ثقب الباب عما يحدث بالداخل , فوجدتهم يلبسون نفس ملابس الاميرات فى العصور الوسطى مع الكثير من الشراشيب و الاشرطة المتدلية من الاكمام والوسط كانوا يولوني ظهورهم وعاكفين على عمل ما ولكنهم توقفوا والتفتوا إلى الباب وكأنهم يرونى من الثقب , لم اكن اتراجع حتى انفتح الباب فاجأه على مصرعيه وقد تراجعوا جميعا في خوف وهيبة لتتسلق احداهما الجدار و اخريات يلتصقن بالسقف وهن يطلقن فحيح مزعج يبرز معه أنياب رفيعة وحادة .. الجميع افسح الطريق و انا اعبر القاعة الى ان وصلت لما كانوا عاكفين عليه .. رجلين وامرأة مقيدون على مذبح ضخم يتأوهن فى شبة غيبوبة نظرت جانبي لأجد احدى هؤلاء تمد الى يدها بمشرط صغيرة براق و حاد للغاية . . للوهلة الاولي لم اكن ادرى ماذا افعل به . إلا ان اللحظة التالية كنت اتقدم واقطع اوردة هؤلاء المقيدون لتسيل منها الدماء فى مجرى صغير لتتجمع الدماء فى دورق كبير اسفل المذبح , ثار الجميع وهاجوا وماجو بعدها وكأنه نوع من الاحتفال الذي لا يجب أنه يبدأه إلا كبيرتهم . فلم يمض دقيقة حتى برزت انيابنا وتلوثت بالدماء الطازجة والجميع يتلوى كالأفاعيفي رقص محموم و ................ (يا بنتيقومى بقى هاتتأخرى على كليتك) صاحت الأم بهذه العبارة في ضجر وهى تحاول ايقاظ ابنتها من ذلك النوم الثقيل الذى تغط فيه بلا جدوى , حتى افاقت بصعوبة وهى تنظر فى ساعتها لتتأكد من كونها تأخرت على محاضرتها بالفعل وأن امها لا تخدعها كعادتها لتجعلها تستيقظ مبكرا عن معادها , استعادت نشاطها وهى تنفض عن ذهنها بعض الاحلام المزعجة التي راودتها وتقوم بطقوسها اليومية من تجهيز و ارتداء ملابسها وتتناول فطورها وتقبل يد والدها و امها وهى تنزل كالعادة فى عجل للحاق بمحاضراتها فى الجامعة , ابتسمت والدتها وهى تدخل غرفه ابنتها لتعيد ترتيبها وهى تغمغم قائلة أمتى هايجى اليوم الى الاقيكى فيه بترتبىاوضتك بنفسك قبل ماتنزلى و .......... بترت الام عبارتها وهى تمسك بذلك المشرط الصغير البراق والحاد للغاية الذى وجدته على سرير ابنتها و قد لوثته الدماء , توجهت الأم في غضب لزوجها وهى تعطيه المشرط قائلة (شوفت أهمال بنتك وصل لفين مش بعيد يكون المشرط عورها وهى نايمةومحستش ) تفحص الاب المشرط في حيرة وهو يقول - (وهى جابت المشرط الغريب دة منين اصلا ) احمد بدرانتمت