بقلم عمرو خليل صدمتنا بلا شك تلك الجريمة النكراء التى حدثت فى إحدى المدارس من إنتهاك تلاميذ بالأعدادية حرمة زميل لهم وتعدوا عليه بفعل قوم لوط .. صدمنا للفعل نفسه الذى يأباه الدين وتنكره الأعراف وينفر منه الحياء والنخوة .. الفعل الذى عذب الله قوم بأكملهم بسببه ولم يرحمهم وهو الرحيم .صدمنا للفاعل الذى مازال فى سن الحداثة .. كيف جالت تلك الفكرة الخبيثة وكيف نما داخله وحش الرغبة الذى من المفروض أن يكون كامناً .. كيف تضخمت تلك الرغبه حتى صارت وحشاً ينهشه من الداخل حتى خربته فظهر إلى الخارج يعلن عن نفسه .. الفاعل الذى ظهرت عليه ملامح الإجرام تنبئ عن شخص غير سوى لا ينتمى إلى الإنسانية أو الأدمية.صُدمنا لكون المفعول به مازال طفلاً ذكر يخطوا إلى مقتبل الحياة يتعرض لصدمة فى بداية حياته فى مجتمعنا الشرقى لا يبرء منها الإ مع الأمد البعيد.صُدمنا بالفعل والفاعل والمفعول به .. وصدمتنا أكبر تناول الإعلام لهذه الحادثة بهذا الأسلوب الذى فيه إفضاح لا إعلام .. تجريس لا تحذير .. تشهير لا علاج .. ما الذى يفيد المجتمع أن يعرف أسم الطفل وأسم أبيه ومدرسته ما الذى يفيد المجتمع من نشر صورة الطفل مع وضع رتوش على إستحياء لتغير الملامح لا تسمن ولا تخفى شخصيته ثم صورة أبيه ثم عمل حديث صحفى معه .. ما السبق الصحفى فى هذا؟فليتخيل كل واحد منا لمدة ثوانى قليلة نفسه مكان هذا الأب المكلوم .. ماذا يكون إحساسك –أعفاك الله- عندما يصلك هذا الخبر عن فلذت كبدك؟ .. وما رد فعلك عندما تنشر الصحف حادثة إبنك؟ –حفظك الله وولدك- وتنشر إسمك وإسم ولدك وصورتكما .. ماذا تفعل مع كل العيون التى ترقبك والألسن التى تلوك قصة إبنك؟ .. كيف ستحيى فى حيك؟ .. كيف ستمشى فيه؟ .. كيف ستُرى وجهك لجيرانك وأقاربك؟ .. ما هو إحساسك تجاه أبنك؟ .. ألن تشعر بالذنب أنك لم تستطع أن تحميه على الرغم من أنك ليس لك دخل فيما حدث؟ .. لكنه طفلك .. كيف سيحيا أبنك ويبلغ مبلغ الرجال؟.أيها القارئ هل تخيلت؟ .. ما هو إحساسك الأن؟هل رأيتم ماذا فعل الإعلام بالضحية بالمغدور بالمظلوم؟ .. لقد دمر الفاعل حياته مرة واحدة ودمرت الصحافة حياته ألف مرة .. وهو تلميذ وهو طالب وهو شاب وهو رجل وهو زوج وهو أب فستظل معه هذه الحادثة فى نفسه ويزيد وطئتها إعلان الصحف عنه.هذا الصحفى الذى تمطع وأنتشى وسابق الهوى فى أن يأتى بسبق صحفى .. هل فكر قليلاً وتخيل نفسه مكان هذا الطفل ماذا كان إحساسه؟ .. لو فكر أنه مكان هذا الأب ماذا كان شعوره؟ما المانع أن يتخذ القانون مجراه وينفذ القانون بقسوة على الفاعل فى مثل هذه الجرائم، ولا تأخذكم به رأفة ولا شفقة .. نعم قد نعلم أن جريمة بهذا الفعل الشنيع وهذا الحكم قد حدث ولكن لابد ألا نعلم لمن حدثت .. لا نعرف أسمه ولا نرى صورته .. وتبعاً للحكمة القائلة "إذا بوليتم فأستتروا" فالستر جميل فالله هو الستار.أيها الصحفى فلتسئل نفسك هل تحب أن يُفعل معك كما فُعل مع هذا الطفل لا أقصد الفعل –أعاذك الله- لكن التشهير والتجريس والفضيحة.أيها القارئ هناك حوادث لابد أن نتعامل معها بحرص شديد ولنحسب حساب كل كلمة فيها وما سيعود على المجتمع من فوائد وعلى أصحاب الحواث وعلى الصحفى نفسه.ولنعلم جميعاً أننا فى مجتمع شرقى له قوانينه الخاصة فلابد أن نراعى تلك القوانين ولابد أن نراعى أحاسيس ومشاعر الناس فرب كلمة تقضى على أسرة .. ومن لا يرحم لا يرحم.