المهمشون لا يعنون الفقراء .. ولكن ناس قدموا الكثير لبلادهم ، ولكن للاسف حينما تركوا مهامهم لفت الحياة لهم ظهرها .. الاسم : م .ع ( احتراما لرغبته في عدم ذكر اسمه ) السن: 61 سنه الوظيفة : رئيس الادارة العامة للتهرب الضريبي .... سابقا لفت انتباهي جار يقطن معي بنفس العمارة .. كنت اراه دائما و هو ذاهب الى عمله في تمام السابعه و النصف و هو في كامل نشاطه و حيويته و يلبس ابهى الملابس و رائحه العطر تفوح منه .. فكان يبدو اصغر من سنه بنحو العشر سنوات لكني لاحظت فجأة عدم نزوله في الميعاد المحدد واختفاءه عن الانظار فاعتقدت انه ربما قد حدث له مكروه. لكني رأيته منذ يومين وهو خارج من المنزل ودققت النظر فيه كثيرا لكي أتأكد انه نفس الشخص الذي كنت اراه من قبل في قمة نشاطه .. فقد ظهرت عليه علامات الكبر ولم يعد يهتم بمظهره كما كان من قبل واخذني فضولي ان أسأله عن السبب فسألته وانا ينتابني خجل شديد :- - ماذا حدث استاذي ؟؟ هل لا قدر الله اصابك أي مكروه ؟؟ فانا لم اعد اراك تخرج في الصباح الباكر للذهاب الى عملك منذ فتره - وهو ناظرا الى في استحياء شديد .. انا خرجت على المعاش يا بنتي - جاوبته مسرعة وانا احاول رسم الابتسامه على وجهي .. وايه يعني .. الحياه تبدا بعد الستين ولا تنتهي ابدا مع سن المعاش و لكني فوجئت به يستطرد في الكلام و كأنه لم يتحدث منذ دهر لقد انتهت حياتي مع لملمتي لملفاتي وأوراقي الهامة من مكتبي بعد بلوغي سن المعاش .. فانا كنت اشغل مركز مرموق كما تعلمين ، ومهما وصفت لكي لم تتخيلي مدى النفاق الذي اكتشفته في كل من حولي في هذه اللحظة .. فبعد ان كان الكل يحاول التقرب والتودد لي لم أجد أحدا منهم في هذه اللحظة .. بعد ان كان تليفوني المحمول لا يتوقف عن الرنين ، بل كنت اغلقه في بعض الاحيان لكي استطيع ان اخذ قسط من الراحة .. الآن اصبح جثة هامدة ربما يظل اسبوعا كاملا دون ان يطلبني احد .. حتى اصغر الموظفين الذين تدربوا على يدي ولم ابخل عليهم باي معلومة ممكن ان تفيدهم في حياتهم العملية او الشخصية لم يسأل على احدا منهم كل الابواب المؤصده التي كانت تفتح امامي بمجرد ذكر منصبي أغلقت بسلاسل من حديد .. اصبحت اتردد كثيرا قبل ذكر منصبي السابق كي لا اصاب بمزيد من الاحباط انا لا اعترض ابدا على فكرة المعاش فهذه هي سنة الحياه ولابد لنا من ترك المجال لغيرنا لكي يأخذ فرصته هو الأخر لكني حزين من تصرفات الناس من حولي .. حزين و انا ذاهب لأحصل على تأميناتي فيجعلني الموظف المختص اوقع على ورقه تفيد بانني مازلت على قيد الحياه ... على النظم العقيمة التي تتبعها الدوله في المعاشات و التأمينات الاجتماعيه .. على الطوابير التي يقف فيها اصحاب المعاشات للحصول على معاشاتهم .. على الجحود الذي اصاب الناس بل المجتمع بأكمله في الحقيقه اصابتني غصه شديده من وقع ما سمعت منه .. فهل من يخرج على المعاش يصبح مثل خيل الحكومه .. مهمش لا فائده له و يجب ضربه بالنار .. ؟؟؟