بقلم حسن الشايب هذه العبارة تكررت كثيراً في وسائل الإعلام عقب إعلان الدكتور محمد البرادعي المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية نيته الترشح لانتخابات الرئاسة في مصر، ثم عودته للبلاد واستقباله أمام مطار القاهرة ببعض لافتات الترحيب والتأييد التي تحمل صوره والتي لا ترفع إلا للزعماء والرؤساء، مما أصاب النظام ورجاله في رأيي بنوع من القلق والضيق الشديد ، ذلك لأن مصر لم تتعود سابقاً على مثل هذا الاستقبال لغير شخص واحد .. هو شخص الرئيس! المؤكد لو إن هذا الشخص الذي (تجرأ) على اتخاذ هذا الموقف مواطناً مصرياً آخر غير د. البرادعي ، لكان مصيره إما مستشفى الأمراض العقلية أو سجن ليمان طرة أو على الأقل تطفيشه بشكل أو بآخر من مصر كلها .. وبلا رجعة!! .. لكن شخصية البرادعي الدولية وحصوله على جائزة نوبل وقلادة النيل من رئيس الجمهورية ، فضلاً عن خلو سيرة الرجل من أي شبهة علاقة أو مصلحة داخل مصر.. ناهيك عن رصد كل تحركاته ونشاطاته أثناء زيارته مصر من مختلف وسائل الإعلام المحلية والعالمية.. كل ذلك جعل الحكومة المصرية مكتوفة الأيدي وعاجزة عن اتخاذ أي إجراء (غبي) ضده. وقد يقول قائل: الحكومة التي تتحدث عنها هي نفسها التي سمحت لشخصيات عديدة بالترشح لانتخابات الرئاسة أمام الرئيس مبارك نفسه عام 2005م ، ولم تفعل معهم شيئاً ولكنهم فشلوا في هذه الانتخابات فشلاً ذريعاً!!.. ولكن هذا القول مردود عليه بأن هذه كانت شبه مسرحية لإظهار الانتخابات وكأنها ديمقراطية .. ولو كانت ديمقراطية فعلاً لما تم وضع عقبات وسدود أمام حق جميع المصريين في ممارسة هذا الحق! كل المصريين يعرفون تمام المعرفة إننا لا نزال بعيدين عن الديمقراطية الحقيقية التي عنوانها الرئيس هو حرية الممارسة السياسية والانتخابات وتداول السلطة ، وكل ما نتباهى به من حريات أخرى مثل حرية الرأي والتعبير والإعلام ، هي جزء يسير من حقوق الشعب وليست كلها ، وهي أيضاً ليست منة أو منحة من الحكومة للشعب .. بل لا أبالغ إذا قلت إن إطلاق مثل هذه الحريات يكون وراءه أهداف وأغراض أخرى لصالح الحكومة، منها تخفيف الضغوط الداخلية والخارجية عليها. أعود إلى عبارة (أنا البرادعي يا حسني)، التي أشتقها من جملة شهيرة كان يرددها بطل أحد المسلسلات التليفزيونية القديمة ، وعلى ما أذكر كان من أبطاله الفنان الراحل عبدالله غيث والممثلة الصاعدة حينذاك ليلى علوي ، والفنان حسن مصطفى الذى قام بدور (البرادعي) الذي كان ينشر الرعب في نفوس أبطال المسلسل ، ومنهم ضابط الشرطة نفسه وكان اسمه رشدي ، بعبارته الهاتفية الشهيرة: (أنا البرادعي يا رشدي)!. كانت هذه العبارة كفيلة بأن تصيب الطرف الآخر بالفزع والرعب لأنها صادرة من (بعبع) اسمه البرادعي، وقد انتشرت هذه العبارة الشهيرة في الشارع المصري أثناء وبعد عرض هذا المسلسل ، وكان البعض يستخدمها في اتصالاته الهاتفية على سبيل الدعابة، فكنت تفاجأ باتصال هاتفي من شخص وعندما تسأله: (مين حضرتك)، يفاجئك بقوله: (أنا البرادعي يا رشدي أو يا فهمي أو يا حسني .... الخ). ولكن لماذا الربط بين (برادعي) المسلسل التليفزيوني الذي شاهدته في مقتبل عمري، وبين (برادعي) وكالة الطاقة الذرية الحاصل على جائزة نوبل؟ في رأيي ، هناك ثمة علاقة بين الشخصيتين، في استخدامهما (فزاعة) لتخويف الطرف الآخر.. ف (البرادعي) التليفزيوني كان شخصية متخفية وغامضة طوال حلقات المسلسل، استخدمها المخرج ل (تخويف) أبطال المسلسل في قالب بوليسي مثير جذب اهتمام المشاهدين الذين كانوا ينتظرون مساء كل يوم الكشف عن سر الأخ البرادعي!. أما الدكتور محمد البرادعي، وهو صاحب الملامح المصرية والشخصية البسيطة التي لم تتغير رغم ما حققه من نجاحات على المستوى الدولي ، فقد استغلت بعض الأحزاب والقوى والتيارات السياسية إعلانه إمكانية ترشحه لانتخابات الرئاسة القادمة لو تحققت بعض الشروط التي تضمن حيدة ونزاهة هذه الانتخابات، لتستخدمه – أي د. البرادعي- ك (فزاعة) جديدة لتخويف النظام والضغط عليه بهذه الورقة ، كما حاولوا ولا يزالون يحاولون استخدام العديد من الأوراق والفزاعات للنيل من هذا النظام. وللأسف نسي هؤلاء إن انتظارهم لشخص مثل الدكتور البرادعي وغيره أمثال الدكتور أحمد زويل وعمرو موسى ، لينقذوا مصر بهم – حسب رؤيتهم- مما هي فيه من تخلف سياسي وديمقراطي اقتصادي وتعليمي وصحي ... الخ، نسوا إن ذلك دليل حي على فشلهم الذريع على الساحة السياسية وعدم قدرتهم حتى على إيجاد الشخصية القادرة على المنافسة على منصب رئيس الجمهورية. خاصة تلك الأحزاب التي تستطيع بحكم تعديلات المادة (76) من الدستور ترشيح ممثلين، بخلاف الدكتور البرادعي أو غيره من المستقلين الذين يصعب بل ربما يستحيل عليهم تحقيق اشتراطات الترشح لهذا المنصب الرفيع، لكون الحزب الوطني الحاكم هو المسيطر على مجلسي الشعب والشورى والمجالس المحلية، وبالتالي وحسب الوضع الحالي، يكون من المعجزات حصول د. البرادعي أو غيره على (جواز المرور) للترشح لهذه الانتخابات!. إذا .. سواء ترشح البرادعي للانتخابات أم لم يترشح، وسواء سمح له النظام المصري بالتحرك السياسي والإعلامي هنا وهناك، أم ضيق عليه.. فالمؤكد إن الطريق أمام الرجل شبه مسدود، وفي رأيي إن كل هذا الصخب واللغط حول إنقاذ مصر على يد البرادعي، يظل ال (شماعة) التي يعلق عليها أغلبية المصريين أحلامهم المؤجلة في التغيير. والبعض يستخدم الرجل ك (فزاعة) لتخويف النظام ، وهم يرددون عبارة بطل المسلسل التليفزيوني الذي حدثتكم عنه - بعد تعديل طفيف- ليقولوا: (أنا البرادعي يا حسني)!.