خبير فى التنمية البشرية اعتدت الخروج مساءاً في أيام الأجازات , وفى إحدى الليالى طلبت منى أختى الصغرى سميره أن تخرج معى واستمرت فى الإلحاح حتى وافقت أن تذهب معى . وتحركنا بالسيارة وفى طريقنا لمحنا " الشيخ " محفظ القرآن الذي يأتي إلى سميره كل يوم ليحفظها ، وكانت سميرة لا تتقبل حواره بالشكل الكافى باعتباره من المحفظين القدامى ، لا من المحفظين الكاجوال ممن ظهروا بالقرى , فوقفت له جانبا وعرضت عليه توصيله الى مكان ذهابه وبالفعل وصلنا الشيخ وودعناه . ونظرت إلى سميرة فوجدتها تتنفس بعمق ، وكأنها كانت كاتمة أنفاسها طول تلك المدة حتى صاحت قائله بصوت عال ياريتنى مافكرت فى الشيخ ولا جه على بالى ......فابتسمت ضاحكا من قولها وعجبت من فطرتها السليمه . فكيف لتلك الطفله التى مازالت فى الصف الثالث الإبتدائى أن تعي أنها لو فكرت فى شيء بشدة وجدته أمامها وكلما ازدادت من التفكير فى فكرة ما حققتها . وكأنها أيقنت قانون الجذب دون أن تدرسه أو أحاورها فيه فراودتنى فكرة قلت لنفسى ولم لا ؟ لماذا لانتحدث مع أطفالنا وصغارنا عن تلك القوانين التى تساعدهم فى تحقيق أمانيهم البسيطه: وقررت على الفور وضع فكرتى فى الفعل وبدأت حوارى مع سميرة على الفور : وقلت لها إن مايحدث لنا فى حياتنا اليومية هو ناتج من أفكارنا ونظرتنا للأشياء فإذا كان تفكيرنا فى أمر سلبى وغير مرغوب فيه ونشعر دائما بضيق عندما نتذكره وبالإستمرار فى التفكير فيه ليل نهار نجذبه إلينا ويصبح واقعا نعيش فيه ونتألم كل مايحدث ذلك لنا دون أن نعى أننا السبب فى ذلك وأننا وراء جذب هذا الشىء الذى لانحبه الى حياتنا . وكذلك ..... لو فكرنا بطريقة إيجابيه فى أشياء نرغب بها ونتمنى حدوثها ونشعر بسعاده ومتعه عندما نتذكرها ولانزال مستمرين فى التفكير فيها حتى نجدها أمام أعيننا تحقق وتصبح واقعا نعيش فيه .....فهاهى أحلامنا قد جذبناها الى حياتنا بالتفكير فيها فما من شىء ضاعفنا تفكيرنا فيه وتنمينا حدوثه وسألنا الله بصدق أن يعطينا هذا الشئ الا وقد وهبنا الله تعالى إياه . وضربت لها مثالا عابراً وقلت لها كم هى درجتك فى أخر امتحان ؟ فأجابتنى 28 من 30 فقلت لها ولماذا لا تحصلى على 30 من 30 ؟! وسألتها عن إذا ماكانت تريد أن تحصل على درجة 30 ؟ فهزت برأسها... فقلت لها فكرى فى ال 30 ولا تتوقعى إنك ممكن تحصلى على درجة أقل منها , وجعلتها تردد ما أخبرتها به خلال الدقائق السابقة وأنهينا حوارنا وعدنا الى البيت. وماحدث كان نتاجا عن تقبل الفكره فلم يمضى يومين بالتحديد إلا وإذا بسميرة تخبرنى أنها حصلت على 30 من 30 فى آخر امتحان .... فقلت الحمد لله ومضت الأيام وأنا جالسا أمام الكمبيوتر فإذا بجدتى تدق جرس الباب لتدخل البيت وتجلس مع والدتى ومع أختى سميرة وبدأت حوارها المعتاد بالحديث عن المرض والإقتراب من الموت وعن مشاكل الناس التى لاتنتهى .........والمفاجأة التى حدثت وأذهلتنى وجعلتنى أشعر بسعادة بالغة هى أننى فوجئت بسميرة تحدث جدتها عن قانون الجذب وعن جذبها للمرض وللمشاكل بالتفكير فيهما بصفة مستمرة وأنها لوأرادت أن تعيش فى جو ملئ بالسعادة والراحة فعليها أن تكف بالحديث عن ماتكره لتتحدث باستمرار عن ماتحب وتتمنى وترغب . فكم بلغت سعادتى بها ... وكم تشجعت على تعليمها أكثر وأكثر بتلك القوانين التى ستفيدها كثيرا .....فالأطفال يمكنهم إستيعاب تلك القوانين بصورة جميلة تؤثر سريعا فى حياتهم وتطفى عليهم تغييرا ملحوظاً يمكن لمن حولهم الإستمتاع به . واليكم بأفضل الأمثلة وأعظمها على مر التاريخ الإسلامى, إنه الشاب المسلم محمد الفاتح الذى تعهّده والده بالرعاية والتعليم ليكون مشروعا لصناعة بطل حقيقى لا كأبطال السينما والمسرح اليوم ,إنه بطل يحقق النصر لأمته ويعلى من شأن بلاده بتحقيق الحلم الذى يراود الجميع ألا وهو فتح القسطنطينية , إنه الحلم الذى يراود محمد الفاتح منذ طفولته ويكبر معه يوما بعد يوم , هذا الطفل الذى لايختلف كثيراً عن أطفالنا اليوم إلا بنشأته على هدف عظيم وغاية نبيلة , فلا أمانع من أن يحلم أطفالنا بأن يكونوا كريستيانو رونالدو ولكنى آمل أن يحلموا بأن يكونوا صلاح الدين . فكيف كان لهذا الحلم أن يخرج للنور كما يخرج الجنين من بطن أمه تعهد والد محمد برعايته وتعليمه ليكون جديرًا بالإمارة والقيادة وتحقيق حلم فتح القسطنطينية , فأتم حفظ القرآن ، وقرأ الحديث، وتعلم الفقه، ودرس الرياضيات والفلك وأمور الحرب كما تعلم من اللغات العربية والفارسية واللاتينية واليونانية ، الى جانب ذلك ضربت لنا الأم خير الامثلة لتطبيق قانون الجذب فى حياة ولدها فكانت تصحبه كل صباح الى أعلى مكان عند الشروق وتجعله ينظر الى القسطنطينية على مد البصر ويملى نظره منها ويركز عليها وتقول له حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى يقول ( لتفتحن القسطنطينية , فلنعم الأمير أميرها , ولنعم الجيش جيشها ) وتلمح له بأن هو المقصود من حديث رسول الله وأخذت تربيه على هذا المعنى حتى صار هذا الامر حلمه الذى يعيش من أجله وصار يملئ كل كيانه وتفكيره حتى أنه كان إذا جلس فى مجلس لايتحدث بحديث سوى حلم فتح القسطنطينية كما نجح شيوخ ومعلمى محمد الفاتح في أن يبثوا فيه روح الأمير والقائد الذى يحب الجهاد والتطلع إلى معالي الأمور فضلا عن كونه طامح النفس ، عالي الهمة، موفور الثقافة، رهيف الحس والشعور، ملما بشئون الحرب والسياسة . كل ماسبق كان نتاجه قائدا بارعا ينصر الله المسلمين على يديه ويفتح القسطنطينية وعمره ثلاث وعشرين عاما ليستحق بذلك لقب السلطان محمد الفاتح . فما يستطيع العقل فهمه وتصديقه يستطيع تحقيقه (نورمان بيل ) والتخيل أهم من المعرفة (ألبرت إينشتاين) ترى لو وهب الله سبحانه وتعالى كل منا مايتمناه فى حياته ومايحلم أن يحققه فوهب محمد الصحة الجيدة والأولاد ذكورا وإناثا ووهب محمود السيارة الفارهه والمال الوفير , وحقق لحسام حلمه فأصبح عالما بارعا ولأسماء حلمها فصارت طبيبة ناجحة , أما سارة فصارت داعية إسلامية كما كانت تتمنى ,وأما طارق فوهبه الله بالزوجة الصالحة والشقة التى تطل على النيل مباشرة , وبخصوص إسماعيل فتمنى أن يملك العتبة الخضراء فلحسن حظة أصابتها الخصخصة فملكها وتحقق حلمة وكذلك باقى البشر ... فهل ينقص ذلك من ملك الله شىء ؟ لاينقص ذلك من ملك الله شىء إلا كما تنقص المخيط إذا نزلت فى عرض البحر أى بمثل ماتنقصة إبرة الخياطة من ماء البحر عند إنزالها وإخراجها منه , فاذا كان الأمر كذلك وجميع أمانينا ممكنه فلما لانحلم ؟ لم لانسأل الله ماتمنينا وأن نلح بالسؤال حتى يمكننا الله ولانيأس ولانهن ولانحزن ونحن الأعلون . (ولا تيأسوا من روح الله إنه لاييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ) والآن حآن الوقت لأن نحلم لأنفسنا ماشئنا ولأطفالنا ولمن حولنا ونعمل جاهدين على بث روح القدرة والإرادة والمعرفة بدلا من نشر روح اليأس والإحباط الذى كثر رواده هذه الأيام , وبدلا من تحطيم طائراتهم الورقيه , وتكسير أجنحتهم الضعيفه التى قد تجعلهم يحلقون فى السماء فى يوم من الأيام إذا نصرناهم ودعمناهم بكل مانستطيع من قوة فكما استطاع محمد الفاتح أن يحقق هدفه وحلمه سابقا كذلك نستطبع نحن اليوم تحقيق أهدافنا وأحلامنا إذا ركزنا عليها وداومنا التفكير فيها . وأيضا ... يستطيع أطفال اليوم أن يفعلوا مافعله الفاتح إذا نحن أنرنا لهم الغد . فإنى والله أشم ريح غد مشرق إذا مافكرنا فيه بمثل هذا الأسلوب وإذا دوما كنا حريصين على أن نرفع من شأن بلادنا وننهض بأمتنا الإسلامية كما نهض بها سالفا أجدادنا . وفقنا الله تعالى وإياكم إلى ما فيه الخير وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم