بقلم ليلى حجازي على مدى أكثر من ستين عام كانت جموع النخب، الكتاب والمثقفين بحالة بحث دائمة عن شباب الامه، فمنهم من أعلن وفاتهم مبكراً وضيعهم فى الجرى واراء الهلس بما تجمله هذة الكلمه من معنى . وقد اهملهم الكثير عندما يقوم هؤلاء الشباب يالتعبير عن الاوضاع الموجودة بالبلد واتهامهم انهم لا يستطيع تغير شيئ وكان مسير بعضهم اما السجن او البحث عن سيجارة من الحشيش لكى يتناسى ورائها همومه، وولكن كان هناك بصيص من امل يجول بخيال وافكار هؤلاء النحبه من الشبابيه .فقد جاء اليوم للطاحة برموز الاستبداد، وما لبثت التحولات الكبرى التي تنبئنا بها ونادينوا لأجلها طويلاً تصبح أمراً واقعاً كنتاج طبيعي لتراكمات نضاليّة متعددة منتشرة على أكثر من صعيد، وفي اتجاهات عديدة منها حريه , وكرامة. وعداله اجتماعية و هذا كان شعار الشعله لثورة 25 يناير المصرية وكانت ثورة عارمة نتاج صبر وجهد دؤوب، وخرج الشارع عن طوع الحاكم والمحكوم، ضاربًا بعرض الحائط كل نقاط الخلاف والاختلاف مردداً:"الشعب المصرى يريد". عدالة احتماعيه ، كرامة ,حريه, ، وهنا لا بد من تسليط الضوء على محاولة البعض إغفال المخاطر القائمة والصعوبات الحاضرة، هذا البعض الذي نسيّ او تناسى التهديدات الصهيو-أمريكية القائمة، والإملاءات الإستعمارية التي كانت بالأمس القريب الموجه الأكبر للأنظمة العربيّة في حربها ضد شعوبها، فبات أبرز وجوه الأنظمة العربيّة الساقطة قادة لحركات الربيع العربي، معتبرين إستقالة أحدهم او انسحابه من تحت سقف الطاغيّة صك براءة يخوله الحصول على لقب ثائر، ومن أمضى سنين عمره في خدمة الهيمنة الغربيّة مروجاً لمصالحها وحاميًا لها يستحصل على إجازة مرور تمنحه الحق بالتقاط الصور في ميادين التحرير. إن استسلام القيادات لهذا التصور يشكل خطراً كبيراً على نهج ثورة الربيع الحديث الذي انتصرت في أكثر من ساحة، هذا النهج الذي لا يقوى على توضيح طروحاته ولا يمكنه معاداة "الاستزلام" مستدعياً الاستعمار سيكون الثغرة الأكبر. واليوم، لا يختلف اثنان على أن الشباب في العالم العربي بدأوا يؤسسون لمرحلة جديدة، سماتها الحرية والحقوق الفردية والشعور بالانتماء للوطن.لقد فجروا هذة الثورة للقضاء على نظام فاسد ، هذه الثورة التي تجلّت بالعديد من المظاهر والمطلبات ,ثورة شكلت الجسر الذي يصل بين أفكار الأمة وتياراتها, ثورة قلبت معايروحسابات دول الغرب ، ،. ، عندما نرى المشهد الان من سطوا على الثورة 25 يناير من نظام الحكم الفاسد وينددون أنهم أصحاب التحول السريع، وأصحاب اللاتحول. ولعل هذا الانشطار الثنائي هو الذي حدّ من حكومه العسكر بأي تغيير، بمعنى آخر نحن،المصريون، لا نتمتع بطول النفس، وهذا ما بينته التفاعلات مع الثورة الحاصلة بقاهرة المعز، صار فريق من الناس يؤمن أن هذه الثورات لم تجلب سوى الفوضى، بكل معانيها غير المجازية، وهم فسطاط اللاتحول، وفريق آخر يريد قطف الثمار قبل أن تنضج، وهم فسطاط التحول السريع. من بين هذين الفريقين نشأ فريق يعطي شهيقه وزفيره الوقت الكافي، ويدرك أن المرحلة صعبة وفي حاجة إلى الوقت الكافي حتى تنضج معالمها، ولعل هذا الفريق الناشئ هو الأكثر عقلانية لأسباب موضوعية، وفي مقدمتها الإدراك بأن "دمقرطة" الدولة هي بمثابة مخاض عسير، ولا ينتهي الأمر بمجرد الولادة، إنما هناك مراحل ما بعد الولادة، إلى أن يصبح الوليد قادراً على المشي وصولاً إلى مرحلة البلوغ والاستقلالية، وكذا تكون الديموقراطية التي ثار شباب الثورة من أجلها. إذنْ، ثمة فوضى تلت إسقاط النطام السابق، وسنشهد فوضى أكثر لاحقاً، بيد أن الفوضى علمياً هي مرحلة تسبق التشكل، ولعله من نافلة القول أن توصف بالهلامية التي منها يأخذ الكيان شكله، مثلاً في تونس أو مصر، قولاً إداً لإثبات عبثية التغيير. إن عقوداً من شمولية الحكم واستبداده، لا تنجلي بأشهر قليلة، ولا بسنة أو اثنتين، خصوصاً أن ممارسة الديموقراطية أمر لم يعتده العرب لأن الديكتاتورية موجودة في جينات العربي، إلا من ندر، وهذا جلي في الكثير من الأمثلة، كديكتاتورية الأب في بيته، أو جبروت الشاب تجاه شقيقته، وحتى في الحوارات حين يعتقد الكثير أن رأيه هو الحقيقة المطلقة، دون أن يعي أن الآخر له رأي أيضاً وان الاختلاف فى الاراء لا تفسد للحوار قضية، فإذا اختلف معه انقض عليه بالتجريح الشخصي. من هنا سنخضع لعدة اختبارات للتحقق من أننا في الاتجاه الصحيح أم لا، فبعد أن تبدأ مصر، مثلاً، في تشكيل جسمها الديموقراطي، قد ينشأ فريق من المصريين يعبّر عن حبه للرئيس المخلوع حسني مبارك، فإذا تم التعرض لهم سواء بالإيذاء اللفظي أو الجسدي، فهذا مؤشر سلبي، ومع ذلك لا يجدر الحكم السريع حالياً نظراً للعواطف الجياشة، وشعور الكثير من المصريين بحالة ثأر نفسي ووجداني بسبب ما عانوه من استبدادية الحكم خلال اكثر من 60 عام أولى بشائر المرحلة التي يرسم معالمها الشباب، هي أن الرئيس باتت محاكمته ممكنة وليست خيالاً أو فصلاً من فصول رواية ، وهذه خطوة أساسية من خطوات تأسيس الجمهوريات الحقيقية، التي يكون فيها الرئيس منتخباً لولاية أو اثنتين لا وريثاً، وأنه مُعرّض للمحاسبة أو الاستجواب، وبالتالي هو موظف في الدولة وفي خدمتها ومواطنيها، يتقاضى راتباً شهريا حتى وإن كان رأس الهرم السياسي. فالكارثة التي حلت بالوطن العربى هي حين اتخذ بعض الرؤساء وأهلوهم من الأوطان مملكة خاصة يمتلكونها ويديرونها، وأن الناس مجرد عبيد عندهم لا مواطنين في أوطانهم، و الدليل على الكارثة هذه هو حين خرج سيف القذافي إلى الليبيين بخطابات جوفاء وهو الذي ليس له أي منصب سياسي، فكونه نجلاً للرئيس لا يخوله أبداً مخاطبة أبناء شعبه. إن هذا التغيير الحاصل سيعيد معنى "المواطَنَة" التى سلك بها طريقها، فلا بد أن يشعر العربي أنه مواطن حقاً في وطنه دون التفكير بالهجرة لو يركب البحر ليعرض حياته للخطر والموت إلى بلد يوفر له عيشة رضية، ومن ثم أن يعى جيدأ كل شاب له الحق المطلق المشاركة في صنع القرار وأن حقوقه مصونة بكفالة القانون، وأنه حين الدفاع عن وطنه فإنه سيدافع عن ترابه لا عن رئيسه ونظامه. ولا عجب من تلك الأحاديث في ظل اعتناق الكثيرين منا لنظرية المؤامرة مستهينين بالدماء التي سفكت وتسفك من أجل الكرامة. لكنّ سؤالا قد يدهم المرء: هل عليه أن يرضى بأنظمة شمولية مستبدة بحجة عدم القبول بالدويلات الديمقراطية؟. ربما يفضل أحدنا غرفة في قصر يمارس حريته فيها، على القصر كله إن كان صاحبه يتحكم بشهيق وزفير مَن فيه، في حال تعذر الخيار الأول وهو جعل القصر واحة للحرية. لذا يجدر بنا التنبه والعمل على حماية الإنجازات التي اكتسبناها في الساحات المنتصرة او التي ستنتصر قريباً، فمحاولة الانقلاب من قبل فلول الأنظمة لا تزال قائمة وما الهدوء الذي يسود الساحة إلا انكفاء مرحلي يعمل على تمرير الموجة لإستغلال الوقت لترتيب البيت الداخلي ونسج تحالفات بين المتضررين مما حدث، والخطأ الكبير الذي يقع به بعض الكتاب هو الاستخفاف بقدرات هؤلاء ووسائلهم، فهم وبكل تأكيد سيستغلون الصغائر لزرع الفتنة بين مكونات الكتلة التي تحدثنا عنها مسبقًا، مستغلين التعدد والتنوع العرقي والديني والقبلي وحتى الفكري منه ماضين نحو التفتيت والتقسيم محققين أهم أهدافهم، مروجين للفصل بين هموم وقضايا الأمة مجدولّين إياها حسب احتياجاتها فتصبح الثورة والتعامل مع أجهزة إستخباراته أمراً طبيعياً، ويصبح المنادي بالتغير الاجتماعى وحريه الكرامه بوقاً من أبواق أحد الأنظمة، مروجين لفكرة الفصل بين التحرر والتحرير. ,وكلامى ما يحدث بمصر ألان, يضعنا في تساؤل مفتوح حول الهوية المصرية القادمة من خلال قراءة واعية لما يحدث في قاهرة المعز التي يتأرجح الصراعات الداخلية فيها بين مد وجزر دون جوهر حقيقي لمعالجات اجتماعية وسياسية واقتصادية بقدر يعود بكل ميادين الثورات إلي حالة من الهدوء الإيجابي الذي يدفع إلي البناء السياسي الجديد والاقتصادي المآمول بما يعود بالنفع المفيد علي الجموع التي ظلمت بفعل فاعل وعلي رأسها الحكم الفاسد ونظام المخلوع و طبقة المثقفين وغيرها من فئات اجتماعية نتيجة لاحتكار السيطرة علي ثروات البلد خرجت هى الثورة من رحم عقول هؤلاء الشباب بشكل عفوي للقضاء علي نظام فاسد بعدما نالهم التهميش والظلم بجهل من ساعد هؤلاء علي ذلك من الحكام الذين أفتقدوا الرؤية السياسية في بناء اجتماعي عادل يحفظ الهوية بمعناها الجوهري بتوزيع الثروة بشكل عادل الا أن نجد أننا في ورطة من الداخل والخارج فالكل له أجندة ومكاسب وأطماع يريد تحقيقها بكل الطرق لكي تصبح ثورات الحرية في خبر (كان )وتنحرف عن مسارها الطبيعي لتصبح هشة وتلفظ أنفاسها سريعا بفعل عقول زائفة التى تحرك جسدا دون عقل ؟!ليكون المصير المؤلم استنزاف واغتصاب وسيطرة علي الثورة والثروات والعقل بلغة من يقرر لعقود طويلة يدفع ثمنها الجميع في دورة الطاحونة الامريكية التي تراهن علي غياب القدوة وسط عواصف تفجرت بدون قائد يعيد الاستقرار للعقل الذي غاب كثيرا عن المشهد السياسي العربي من فرقة وتفاهة وزعامة مريضة, ويبقى الحل مرهوناً بقدرة شباب الثور ة وكل حر يعمل على حمايتها على مواجهة الحملات الإعلاميّة الموبوءة والتي تشكل رأي عام مؤيد للتدخل الأجنبي في شؤون بلدنا، عبر رفضها الفصل بين المشروع التحريري للأمة عن مشروعها التحرري مدركين لحجم الضغوطات التي تمارس على هذه الثورة وقدرتها على التحمل خاصة انها ركيكة البنية ولا تحمل مشروعاً سياسيًا واضحًا، جماكى الله يا مصرنا وحمى من يحميك يا ثورات الربيع ليلى حجازى باريس