الحصر العددي لدائرة السنبلاوين وتمي الأمديد بانتخابات النواب 2025 في الدقهلية    موعد نتيجة المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للتدريب المشترك "ميدوزا - 14"    «خطوات التعامل مع العنف الأسري».. جهات رسمية تستقبل البلاغات على مدار الساعة    26 نوفمبر 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة    محافظ الدقهلية: صرف 139.6 مليون جنيه لمشروعات شباب الخريجين حتى الآن    سعر الجنيه الذهب بالصاغة صباح اليوم الأربعاء    كامل الوزير يجتمع مع 23 شركة لمصنعي الأتوبيسات لاستعراض القدرات المحلية لتوطين صناعة المركبات    استقرار أسعار الذهب في مصر اليوم.. وجرام 21 يسجل 5575 جنيهًا دون تغير    تحت رعاية وحضور رئيس مجلس الوزراء.. انطلاق المؤتمر الوطني "إصلاح وتمكين الإدارة المحلية: الدروس المستفادة من برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر    تسليم 17 مركزًا تكنولوجيًا متنقلًا جديدًا إلى النيابة العامة    مجلس النواب الأردني: المملكة لن تكون ساحة للتطرف ولن تسمح بالتدخلات الخارجية بأمنها    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات العارمة في جنوب تايلاند إلى 33 قتيلا    بركان كيلاويا في هاواي يطلق حمما بركانية للمرة ال37 منذ بدء ثورانه العام الماضي    قوات الاحتلال تفرض حظرًا للتجوال وحصارًا شاملًا على محافظة طوباس    غيابات مؤثرة للأهلي عن مواجهة الجيش الملكي بدوري أبطال أفريقيا    بعثة الزمالك تصل إلى جنوب إفريقيا لمواجهة كايزر تشيفز    مواعيد مباريات الأربعاء 26 أكتوبر - ليفربول وريال مدريد وأرسنال في أبطال أوروبا.. وكأس العرب    محمود فتح الله: تصريحات حسام حسن الأصعب تاريخيًا.. وكان يمكنه تجنبها    ضبط 10 متهمين باستغلال الأطفال في أعمال التسول بالجيزة    تحرير 814 مخالفة مرورية لعدم تركيب الملصق الإلكتروني    قرارات عاجلة من النيابة فى واقعة ضبط طن حشيش فى الرمل بالإسكندرية    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة والعظمى 23 درجة مئوية    «خشية العار».. السجن 3 سنوات للمتهمين بالتخلص من رضيعة في قنا    وفاة الناقد الأدبي البارز الدكتور محمد عبد المطلب    انطلاق الدورة العاشرة لمهرجان المسرح بشرم الشيخ    أبرزهم أحمد مكي.. نجوم شرف «كارثة طبيعية» يتصدرون التريند    في جولة مسائية مفاجئة لوكيل وزارة الصحة بقنا، اكتشاف غياب الطبيب بوحدة الترامسة    فحص 6.1 مليون طالب ضمن مبادرة الكشف عن «الأنيميا والسمنة والتقزم» بالمدارس الابتدائية    وزير الصحة يزور مستشفى «أنقرة جازيلر» المتخصصة في تأهيل إصابات الحبل الشوكي    رئيس الرعاية الصحية: تطوير 300 منشأة بمنظومة التأمين الشامل    السيسى يحقق حلم عبدالناصر    الري: نجاح حاجز التوجيه في حماية قريه عرب صالح من أخطار السيول    حكايات الغياب والمقاومة فى «القاهرة السينمائى»    .. اديهم فرصة واصبر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    انطلاق الملتقى الدولي للتعليم العالي في عصر الذكاء الاصطناعي 2 ديسمبر    حماية الثروة الحيوانية    موعد امتحان نصف العام لصفوف النقل وضوابط وضع الأسئلة    وزير الخارجية: حريصون على دعم لبنان ومساندة مؤسساته    تحسين مستوى المعيشة    اتحاد السلة يعتمد فوز الأهلي بدوري المرتبط بعد انسحاب الاتحاد ويعاقب الناديين    اللجنة العامة للدائرة الثالثة بالغربية تعلن الحصر العددي لأصوات الناخبين    مقتل مطلوبين اثنين من حملة الفكر التكفيري في عملية أمنية بالأردن    إلهام شاهين: تكريم مهرجان شرم الشيخ تتويج لرحلتي الفنية.. مسيرتي كانت مليئة بالتحديات    بعد نجاح "دولة التلاوة".. دعوة لإطلاق جمهورية المؤذنين    دار الإفتاء تؤكد حرمة ضرب الزوجة وتحث على الرحمة والمودة    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    مادورو: سندافع عن فنزويلا ضد أي تهديد والنصر سيكون حليفنا    ترامب: «خطة ال28» للسلام في أوكرانيا «مجرد خريطة»    ريهام عبد الحكيم تتألق في «صدى الأهرامات» بأغنية «بتسأل يا حبيبي» لعمار الشريعي    تقدم مرشح حزب النور ومستقبل وطن.. المؤشرات الأولية للدائرة الأولى بكفر الشيخ    دعاء جوف الليل| اللهم يا شافي القلوب والأبدان أنزل شفاءك على كل مريض    ب8 سيارات إطفاء.. السيطرة على حريق مصنع تدوير القطن والأقمشة بالقليوبية| صور    بروسيا دورتمنود يمطر شباك فياريال برباعية نظيفة    بوروسيا دورتموند يفترس فياريال برباعية في دوري أبطال أوروبا    محمد صبحي عن مرضه: التشخيص كشف عن وجود فيروس في المخ    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الخميس والسبت فى دور ال32 بكأس مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. نادر فرجاني يكتب:أحط أشكال الحكم يختزل الدولة في جهاز بطش لتأمين المتسلط وبطانته
نشر في الدستور الأصلي يوم 07 - 03 - 2011

*الحرية* هي القيمة الإنسانية الأعلى على سلم الطيبات. ولهذا فإن أحد الجوانب المضيئة في التاريخ البشري هي التوق الدائب للتمتع بالحرية، والنضال من أجل نيل تلك الغاية السامية. ولا يتوقف مفهومنا للحرية عند حرية الفرد ولا يُكتفي في حرية الفرد باحترام الحريات المدنية والسياسية. فالحرية مطلوبة للوطن كما للمواطنين جميعا، وحرية الوطن بمعنى ضمان التحرر الوطني وتقرير المصير، هي بالمناسبة من حقوق الشعوب في القانون الدولي لحقوق الإنسان. وعلى مستوى الفرد، نطلب الاحترام الكامل للحريات المدنية والسياسية خاصة على صورة المساواة في حقوق المواطنة كافة. ولكننا نصر إضافة على القضاء على جميع أشكال الانتقاص من
الكرامة الإنسانية مثل الفقر والجهل والمرض والظلم. فالحرية الفردية لا تكتمل إلا بالعدل والاحترام البات للكرامة الإنسانية.
في مقابل الحرية سعى البشر دائما، في جانب أقل إضاءة من السعي للحرية، لامتلاك *القوة* التي تيسر قهر الآخر أو فرض إرادة من يمتلك القوة على الآخرين، خاصة من لا يمتلكون أسباب القوة. وقد تمثلت القوة عبر التاريخ البشري في جانبين: السلطة السياسية والثروة.
وحيث القهر هو نقيض الحرية، فقد قام دائما توتر بين الحرية والقوة في جميع المجتمعات البشرية. واقتضت إدارة هذا التوتر قيام أنظمة الحكم التي تُعني في الأساس بمسألتين: توزيع القوة، بوجهيها، وأسلوب ممارسة القوة، وتتنوع أنظمة الحكم على هذين المحورين.
في أنظمة الحكم الديمقراطي الصالح يتسم توزيع القوة بالعدالة وتُمارس القوة لتحقيق الصالح العام، عبر مؤسسات شفافة تحكمها قواعد ثابتة ومعروفة للجميع، وتأخذ هذه المؤسسات في أنظمة الحكم الديموقراطية شكل الدولة التي تتكون من ثلاث سلطات منفصلة: التشريعية والتنفيذية والقضائية، تقوم بينها علاقات ضبط ومساءلة، وتخضع كلها للمساءلة الدورية من الشعب في انتخابات حرة ونزيهة. وفي هذه الأنظمة تقوم هيئات *مدنية* بحماية أمن الوطن والمواطن تطبيقا للقانون الذي يحمي الحقوق والحريات، تحت رقابة صارمة من القضاء المستقل قطعا.
أما في أنظمة الحكم السيئ فتحتكر قلة القوة، وتمارس القوة، بواسطة ثلة أو حتى فرد واحد متسلط منها، لضمان مصالح الثلة القابضة على مقاليد القوة، وأهمها استمرار قبضتها على مقاليد القوة. وفي أنظمة الحكم السيئ عادة ما يتزاوج وجهي القوة: السلطة والثروة، بما يتيح المناخ المواتي لنشأة متلازمة الفساد-الاستبداد. وعادة تسعى أنظمة حكم الاستبداد والفساد إلى إطالة أمد استبدادها بالقوة وبمغانمه الضخمة، بحرمان الغالبية من مصدري القوة، من خلال إفقارها وإقصائها من السياسة عن طريق خنق المجال العام من خلال تقييد التمتع بالحرية، خاصة الحريات المفتاح للتعبير والتنظيم (التجمع السلمي وإنشاء المنظمات في المجتمعين المدني والسياسي). وعلى وجه التحديد، تُختزل الدولة في أنظمة الحكم التسلطي في سلطة تنفيذية تأتمر بأمر المتسلط الأكبر وشلة تحيط به تسعى لاحتكار السلطة والثورة، كليهما، بينما يجري تهميش السلطتين التشريعية والقضائية، أو يُتلاعب بهما لخدمة الأغراض الدنيئة للحكم التسلطي. وفي أحط أنواع الحكم التسلطي تُختزل السلطة التنفيذية بدورها في جهاز بطش *عسكري* * الطابع* لا يتورع عن العصف بأمن الوطن والمواطنين جميعا في سعيه المأفون لتأمين المتسلط وبطانته قهرا وترويعا للكافة غيرهم. ولا يخفى على حصيف أن هذه كانت بالضبط حالة مصر قبل قيام ثورة شعب مصر الفل.
فقد تحولت الدولة تحت نظام الحكم التسلطي البائد إلى تشكيل عصابي، يكرس احتكار قلة قليلة للثروة والسلطة في البلد، جورا وإرهابا لأهل البلد، ونهبا لثرواتها، واختزلت السلطة التنفيذية في جهاز عسكري الطابع للبطش بالحقوق والمواطنين، يسمي وزارة الداخلية وكان قلبه القاسي المجنون هو جهاز "أمن الدولة"، الذي لم يكن
إلا جهاز قهر مسعور يبطش بالمواطنين، جميع المواطنين خاصة المعارضين منهم، وبكرامتهم الآدمية. وكان هذا التشكيل العصابي يصر على الاستمرار في الحكم ولو كان الثمن خراب البلاد. وغايته من الاستمرار في الحكم اطراد التمرغ في مزايا الفساد الفاجر، وتفادي القصاص العادل من رؤوس الحكم التسلطي على فسادهم
وطغيانهم.
ولا بد هنا من الإشادة بالفعل الثوري اليقظ والمبهر لشباب الثورة الذي تمثل في حصار مقار جهاز مباحث أمن الدولة عندما اشتبهوا بحس عفوي عبقري بأن هذا الجهاز على وشك التخلص من أدلة إدانته بعدما تعالت الأصوات مطالبة بحله، أو على الأقل، تطهيره من غريزة البطش بالحقوق والمواطنين التي زرعها نظام الحكم البائد في هياكله وفي نفوس العاملين به. ولا ريب في أن الإقدام على إعدام وثائق الجهاز، بأوامر من قياداته العليا، يشكل اعترافا مبطنا بأنها دليل إدانة محتمل. ولم يتوانى المجرمون المحاصرون هؤلاء عن تأكيد أسوأ توقعاتنا بشأنهم عندما ردوا على حصار الشباب بالرصاص الحي وقنابل الغاز والنار. ولا يثعتد هنا بأن بعضهم أصيب في هذه الأحداث، فيقيني أنهم لو كانوا قد توقفوا عن إتلاف الوثائق وخرجوا مسالمين، ولو في حماية الجيش، ما كان أصابهم أي أذى من الشباب.
لكننا نعلم الآن، بفضل يقظة الشباب، ما كنا نشتبه فيه، أن هذا الجهاز الإجرامي كان *هو الدولة* *العفنة* التي قامت على الفساد والاستبداد في ظل نظام الحكم التسلطي البائد، إذ كان يدير جميع شؤون البلد، مستحلا جميع الحرمات ومنتهكا جميع الحقوق، وباطشا بالأبرياء. وبلغ من جبروته أن كانت أجهزة الدولة وحتى حزب
الحاكم المخلوع تخطب وده، أو تتفادى شره، بالرِشي الضخمة دوريا.
ومع ذلك نسمع نعيقا من بعض أقطاب نظام الحكم البائد وعمال هذه البؤرة الإجرامية، السابقين أو الحاليين، بأن جهاز البطش هذا "مقدس" ولا يمكن المساس به. والحق أن مصر الحرية لن يستقيم حالها إلا بذبح هذه البقرة المقدسة، ولكن بأساليب مصر الحرية والعدل. وذلك بفتح تحقيق قضائي نزيه وشامل في السلوك المنحرف لهذه الطغمة الفاسدة ثم تقديم من يثبت تورطه من عمال هذه العصابة الإجرامية والمدافعين عنها لمحاكمات عادلة، تحترم فيها حقوقهم الإنسانية التي حرموا منها ضحاياهم الذين أوقعهم حكم الفساد والاستبداد البائد تحت سنابك آلة بطشهم الجهنمية. فلن تتعافي مصر الحرية من آثام الحكم البائد وتنطلق على الطريق للنهضة إلا بأن تبرأ من إرث مسخ "أمن" المتسلط الباطش بالحقوق وبالمواطنين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.