بقلم د. عادل عامر أسدلت محكمة القضاء الإداري الستار على سرطان التشريع عبر إصدار حكم بحل جميع المجالس الشعبية والمحلية على مستوى الجمهورية وإلزام المجلس العسكري ومجلس الوزراء بإصدار قرار بحل تلك المجالس ومن قبله جاء حل مجلسي الشعب والشورى حيث جاء حكم المحكمة بمثابة نهاية حاسمة لحقبة تشريعية من أسوء حقب التاريخ المصري والتي اتسمت بالفشل التشريعي والمحسوبية في إصدار القوانين والتشريعات بل وصل حد الفساد إلى تشويه الدستور بإجراء تعديلات سيئة الغرض منها توريث الحكم وإهدار كافة الحقوق والحريات التي ضمنها الدستور السابق للشعب المصري رغم ضئالتها. إلا أن حكم المحكمة جاء ليطوى هذه الصفحة السلبية في تاريخ مصر .. جديراً بالذكر أن من أثار هذا الحكم .. حل هذه الشبكة العنكبوتية للحزب المنحل ورفع أخر شرعية لأعضائه المنتشرين كالأفاعي في ربوع مصر وأفقدهم أخر معقل لهم والذي طالما استخدموه في إشعال الثورة المضادة وإشاعة الفتنة بين المواطنين وتبدو الساحة اليوم خالية من أي غطاء شرعي للثورة المضادة وهو الأمر الذي يعد بمثابة قذيفة من العيار الثقيل في وجه الثورة المضادة والتي تحصنت بالمجالس المنحلة للعبث بالمجتمع ومقدراته ولعل هذا الحكم يكون بمثابة الرسالة الأخيرة " غير مدفوعة الثمن " لكافة عناصر الثورة المضادة أن ما حدث أمس من أحداث مؤسفة فى ضوء ما شاهدناه وسمعناه من وسائل الإعلام المرئية والمقروءة لا يمكن أن يكون بعيدا عن أنه رد فعل لحكم المحكمة التاريخي الذي صدر بالأمس والذي يقضي بحل جميع المجالس المحلية ، وذلك لما يعلمه الجميع من أن هذه المجالس هي أكبر ورم سرطاني للفساد فى جسد الوطن. أن الغرض منها إشاعة الفوضى وعودة الاضطراب بين الشعب وأجهزة الأمن ، والوقيعة بين الشعب وحكومة الدكتور عصام شرف ، وبالتالي نعود للدوران فى الحلقة المفرغة من تبادل الاتهامات بين الشعب والسلطة الحاكمة الأمر الذى يؤخر المضي قدماً نحو خارطة الطريق التى وافق عليها الشعب والتي تصل بنا للإنتقال إلى سلطة مدنية منتخبة تعبر عن إرادة الشعب. إن ما حدث في ميدان التحرير يعتبر فوضي وليس حرية تعبير أن هذه الأحداث تشير إلى انفلات امني غريب. انسحاب الشرطة يعني انتقاص هيبة الدولة مجبرة من قبل بعض البلطجية والذين وصل عدد المصابين منهم 1036 كيف حضر هذا العدد إلى الميدان ولماذا حضر ومن أحضرهم ولذلك يجب التحقيق معهم للتعرف على من هو وراء التشويش على الشعب المصري والوقيعة بينه وبين الشرطة لان هذه المشكلات سوف تفقد الثورة قيمتها . ويجب علي المواطنين بان يتفهموا أن الديمقراطية معناها التعبير والانضباط وليس التعبير والحرية في التصرف بشكل غير مسئول ويجب بمراجعة الفيديوهات للتأكد من أن البلطجية هم الذين يقومون بالاعتداء على الشرطة ونلتمس من الإعلام بان يكون واقعي ومنصف ويعطي للدولة هيبتها وقيمتها.أن ما يحدث بميدان التحرير منذ مساء الثلاثاء، هو انعكاس لحالة الاستقطاب السياسي والانقسامات الحادة بين النخب المدنية والرموز السياسية والتصريحات غير المسئولة لبعض المسئولين في الحكومة. مسئولية ما حدث، تقع علي طرفين هما المجلس العسكري والنخبة المدنية وتعبر بشكل مباشر عن خلل جوهري في إدارة المرحلة الانتقالية، فيما يكتفي المجلس العسكري " بالمراقبة ويتدخل عندما تحدث أي أزمة".أما النخبة المدنية فقد "فشلت" في تحقيق الحد الأدنى من التوافق علي أولويات المرحلة، ويسعى كل طرف سياسي لتحقيق مكاسبه الحزبية بعيداً عن المطالب العامة للجماعة الوطنية المصرية. أن ماحدث بميدان التحرير هو رد فعل لأمرين، أحدهما خاص ويتعلق بقرار حل المحليات، فالأيدي الخفية وراء أحداث التشابك التي وقعت منذ مساء الثلاثاء بين الشعب وبين الشرطة ليسوا بعيدين عن المتضررين من قرار حل المحليات، وهو ما وصفهم ب"فلول النظام"، حيث يبلغ أعضاء المجالس المحلية طبقا لانتخابات 2008، 53 ألف عضوا، بينهم ألف عضو فقط حصل عليها أحزاب الجبهة والوفد والتجمع عن طريق" المساومة" مع الدولة لتهدئة أحداث 6 إبريل 2008 والتي تمركزت في المحلة الكبري. أما السبب الثاني فهو عام ويتعلق بوراء ما يحدث في التحرير منذ مساء الأمس فهو، ، يرجع إلي غياب جهاز الأمن الذي "تحلل"، وأصبح ما يقوم به هو رد الفعل دون استعداد لمواجهة مثل تلك الأحداث. هو عدم استقرار الأمن، وهي مسئولية يلقي بها علي عاتق المجلس العسكري" لأننا لا يمكن التصديق بأن القوات المسلحة لاتستطيع فرض الأمن وقد سبق وفرضته في يناير 77".لكن التدليل الزائد للشرطة، هو دافع قوي لما يحدث، فلا يمكن أن نقول إن الشرطة مجروحة ونجعل ذلك سببا لعدم إدراكها مهامها وتصر علي النزول والتعامل مع المتظاهرين بنفس طريقتها يوم 28 يناير. هناك أيضا فلول تلعب ضد الثورة، عن اعتقادي أنهم مأجورون فلا يعقل، أن يكون بين أهالي الشهداء أصحاب" موتوسيكلات"!، وهدف الفلول هو إحداث وقيعة بين الطرفين القوات المسلحة والشعب أصحاب الثورة الحقيقيين" لتنقلب عليه القوات المسلحة وتتهمه بتخريب الثورة". أن ما يحدث سوف ينعش ذاكرة الثورة" المسترخية" حاليا. فما يحدث يعني أن الثورة في خطر وأن فلول النظام عادت مرة أخري ولابد من العودة إلي الميدان. من غير المعقول أن يصمت الثوار والشعب صاحب الثورة وأهالي الشهداء. وكان يجب علي أجهزة الدولة أن تعاقب الفاعل الحقيقي بدلا من" إلصاق" التهم للأبرياء. فحتي الآن تتعامل الداخلية والأمن بشكل يسمح لبلطجية محسوبين علي فلول النظام بالتحرك وإثارة الفتنة بين الشعب والجيش والشعب والشرطة، ويتزامن هذا مع قرار حل المحليات، مع وجود دلائل وصور تؤكد أن من قاموا بأعمال العنف ليسوا من أهالي الشهداء. أن الثورة تعود إلي الوراء وأن توجه الحكومة بتكوين لجنة تقصي حقائق تشكل من أفراد لهم سمعتهم السياسية المشهود لها، ينزلون إلي ميدان التحرير ويتعرفون علي حقيقة ماحدث ويصدرون تقريرا مفصلا عن الحدث. إن مستقبل البلد والثورة يتوقف علي قرار منها. أن هناك دورا علي أجهزة الإعلام في نقل الحدث كاملا بكل جوانبه، ودور أخر يقع علي ائتلافات شباب الثورة والتي تعتبر ميدان التحرير ميدانها، وعليهم هنا المحافظة علي الثورة والتعرف علي حقيقة ما يحدث ومحاولة احتواء الشباب والسيطرة علي انفعالاتهم. أن قوات الأمن تحتاج إلي دعم شعبي وإعلامي لمواجهة هذه الموجه من الانفلات وإلا سنمضي في اتجاه فوضي تزيد يوما بعد الآخر. عدم تخلي الأمن عن دوره، أن البعض من أبناء الشرطة لديهم "خوف" من المحاكمات لأن بعض زملائهم، كانوا يحافظون علي أقسام الشرطة ويتعرضون الآن للمحاكمات. أن هؤلاء الذين تخلوا عن دورهم هم قلة قليلة علي الجانب الآخر لدينا شهداء من أفراد الشرطة أثناء القيام بعملهم منهم 3 شهداء في سيناء وشهيد علي الطريق الدائري ولدينا نموذج مأمور قسم الموسكي الذي خرج معرضا نفسه للخطر في مواجهة البلطجية وكل ذلك يتعارف مع التفكير المسموم الذي يشيعه البعض بأن هناك نوعا من التخاذل".بقوانين صارمة تحمي أفراد الشرطة في حالة الدفاع عن أنفسهم أو عن المنشآت، أن ما حدث أمس هو أن الشرطة دافعت عن نفسها وعن المنشآت ومبني وزارة الداخلية، لكن من يخرج عن القانون يتحاسب سواء كان من الشرطة أو من المواطنين. كاتب المقال خبير في القانون العام ورئيس مركز الجبهة للدراسات السياسية والقانونية ورئيس تحرير جريدة صوت المصريين الالكترونية وعضو الاتحاد العربي للصحافة الالكترونية محمول 0124121902