استثمار الوقت فريضة إسلامية (3/3) بقلم : أحمد أبو زيد منذ 9 ساعة 50 دقيقة حين حرص المسلمون على الوقت، ونظموا حياتهم، كما أمرهم الإسلام، أنجزوا ما لم تنجزه أمة في التاريخ، ففي حدود عشرين عاماً منذ بدء الدعوة الإسلامية دانت الجزيرة العربية كلها للإسلام، وأخذ المسلمون يستعدون للتصدي للمعتدين من الرومان والفرس ، ثم امتدت الدعوة في الأرض شرقاً وغرباً وشمالاً خلال فترة قصيرة توالت الانتصارات فيها. لقد كان من جملة ما تميز به الصف المؤمن آنذاك الإدارة والنظام، وتنظيم الوقت والجهد، فالإدارة والنظام عامل رئيس لاحترام الوقت والاستفادة منه، وهما قاعدة رئيسية في الإسلام ومنهجه ، فالشعائر كلها مرتبة على أساس ذلك ، وعلى أساس تنظيم الوقت في حياة المسلمين. ويقدم لنا خبراء الإدارة والاجتماع مجموعة من الإرشادات التي تساعد في إدارة الوقت ، تتمثل فيما يلي: 1- ضع جدولا لليوم أو للغد قبل بدء العمل، واحرص على عمل ذلك في غير ساعات العمل حين تكون مسترخيا وقادرا على التركيز، وضمّنها كل شيء تنوي عمله خلال اليوم القادم ومتى ستفعله. 2- رتِّب مهامك بحسب أولوية كل واحدة منها، فضع قائمة بالمشاريع التي تقوم بتنفيذها مبتدئا بالأهم ثم الأقل أهمية وهكذا، ثم حدِّد أيُّها بحاجة إلى أن تنفذه اليوم وأيُّها ستنفذه بنهاية الأسبوع أو بنهاية الشهر. 3- حاول أن تفرغ مما في يدك من عمل قبل أن تنتقل لمهمة أخرى. فإذا كانت لديك ثلاثة أمور يتوجب عليك عملها اليوم، وثلاثة أخرى يتعين عليك عملها خلال شهر من الآن. خذ المهام الثلاث الأولى ثم حدِّد أيها أكثر أهمية، ثم اشرع في تنفيذه ولا تنصرف عنه إلا بعد أن تفرغ منه. ثم انتقل إلى المشروع الذي يليه وهكذا. 4- لا تضيع أوقات الفراغ. أحيانا يجد الإنسان نفسه محبوسا عند نقطة معينة بسبب ظروف خارجة على سيطرته، وذلك كأن يعجز عن مواصلة العمل في المهمة الأولى إلا بعد أن يتلقى مكالمة هاتفية من شخص ما. وفي هذه الحالة فقط يمكنك الانتقال إلى المشروع الثاني من حيث الأهمية. لكن عليك أن تعود إلى المشروع الأول حالما تتلقى المكالمة التي تنتظرها من ذلك الشخص. 5- لا تخف من المشاريع الكبيرة. لأن المهام الكبيرة تنجز بسرعة إذا جزّأتها إلى عدد من المهام الصغيرة، إن كثيرا من الناس يفضلون البدء بالمهام الأصعب، فإذا كانت لديك مهمة يمكنك إنجازها في مقدار مستمر من الوقت (مثل عمل مكالمات هاتفية وانتظار الرد عليها)، فمن الأفضل أن تبدأ بها ثم تنتقل إلى أداء مهمة أخرى في فترة انتظارك للخطوة التالية، وإذا توجب عليك ترك رسائل صوتية لمن تهاتف من الأشخاص، فاحرص على تزويدهم بأكبر قدر من المعلومات عن الأمور التي تحتاج إليها ومتى تحتاج إليها، لأن ذلك سيوفر عليك كثيرا من الوقت. 6- رتِّب المهام الصغيرة بحسب أولويتها. بعد أن تفرغ من إنجاز جميع المهام الواجب إنجازها في هذا اليوم، اختر عددا من المشاريع الأقل أهمية لتنفق فيها ما تبقى لك من وقت في ذلك اليوم. لكن ركّز على المهام التي يُحتمل أن تكتسب أهمية في القريب العاجل، أو على المشاريع الكبيرة التي تحتاج إلى تقسيمها إلى أجزاء صغيرة، وتجافى عن عمل أي شيء قد يُحوِجك تبدُّل الظروف إلى إعادة عمله من جديد. وفي النهاية لابد أن نعيد ونؤكد أهمية الوقت في الإسلام وأهمية تنظيمه في حياة الأمة، ومسئولية المربين عن تدريب أبنائهم على احترام الوقت والاستفادة منه على أحسن وجه ممكن من خلال الإدارة والنظام والتخطيط. إن المسلمين اليوم وقد تأخروا عن ركب الحضارة والتقدم وصاروا في مؤخرة الأمم، في حاجة ماسة ليعلموا قيمة الوقت، ومهارة تنظيمه ويستثمروا فائض هذا الوقت في حياتهم، ويدركوا قيمة العمل، فالأمة التي تجعل العمل من مقومات وجودها، وهدفاً أساسياً لها في الحياة لن تحصد الا التقدم والرقي المادي والحضاري. والمسلم اليوم في أي موقع من المواقع، مطالب بأن يأخذ بزمام المبادرة ويبدأ في التفكير الجدي حول حياته وكيف يديرها ويقودها نحو ما يهدف إليه، إن جهداً كبيراً في حياة الأمة يُهدر فيما لا طائل منه، في فوضى ولهو وعبث، وسوء إدارة ونظام، وقد آن لنا أن نستثمر أوقاتنا، ونقدر قيمة الوقت الذي هو في النهاية رأس مال كل منا في الحياة. أحمد أبو زيد- [email protected]