كان الرجل الخمسيني يدافع بشراسة عن نظام حافظ الأسد وإبنه بشار الذي ورث الحكم، بل وكان يدافع عن الاحتلال السوري للبنان، وكان يبرر أيضاً لهذا النظام "الوطني العروبي القومي" أنه لم يطلق رصاصة واحدة ضد "العدو الصهيوني" الذي يحتل أرضا سورية هي الجولان وأرضاً عربية هي فلسطين ومزارع شبعا، بل ولم يخوض حرباً ضد الاجتياح الإسرائيلي للبنان. كنت في زيارة عمل لسوريا أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة، وكان السبب أننا قررنا في اليوم السابع ألا نستسلم للحرب الصحفية بين النظامين السوري والمصري، و أن نكون في موقع الحدث، ودمشق كان فيها غرفة عمليات حماس التي تدير المعركة. كان الحوار مع الرجل السوري، وهو مواطن عادي، هادئاً في بدايته، ولكن بمرور الوقت ارتفع صوته، وبدأ في استخدام عبارات التخوين والعمالة للعدو الصهيوني وللإمبريالية الأمريكية والغرب الاستعماري ... الخ. وكان انطباعي أنه رجل نجح نظام استبدادي في غسيل مخه. لكن بعد اندلاع الثورة في سوريا اكتشفت أنني مخطأ وأن الرجل يدافع عن هذا النظام، لأنه لا يستطيع وقتها ازاحته ولا تغييره، أي أنه يداري ضعفه ولا يواجه به نفسه. الآن سقطت هذه الأقنعة، والجيش العربي السوري الذي لم يطلق رصاصة ضد "العدو الصهيوني" يحصد أرواح الثوار النبلاء الذين يطالبون بالعدل والحرية. ومن المؤكد أن صاحبي السوري في يشارك في المظاهرات لتغيير هذا النظام الوحشي، والذي حول البلد الجميل سوريا إلى "عزبه" تحكمها عصابة، فلا شيئ هناك، لا توجد مؤسسات ولا أحزاب ولا حرية ولا أي شيئ، لا يوجد سوى بشار وعصابته، لا يوجد سوى الأمن ومزيد من الأمن. وهذا ما جعلني أضع عنوان " 7 أيام تحت رحمة الاستخبارات السورية" لما كتبته عن هذه الزيارة في جريدة اليوم السابع.