رغم مرور 42 عاماً على حرب أكتوبر المجيدة, ما زالت تلك الملحمة الخالدة, ملهمة للمبدعين على اختلاف مشاربهم, وإذا كانت وسائل الإعلام المرئية قد توقفت – لسبب أو لآخر – عن التنقيب عن كنوز معركة الكرامة التى لا تنتهى, وتقديم صورة مضيئة للأجيال الحالية والقادمة, فإن أصحاب الفكر المقروء كان لهم رأياً آخر, فقد شهدت الساحة الأدبية مولد كتاب جديد يتحدث عن بطولات أبناء السويس خلال فترة الحرب وأثناء حرب الاستنزاف. وصدرت طبعة ثانية من كتاب آخر يفند إدعاءات الناطق باسم الجيش الإسرائيلى التى لا تتوقف بل وتتصاعد مع كل موعد لاحتفال المصريين بمعركة الكرامة, ويفند المزاعم التى يرددها قادة العدو الإسرائيلى بمقدار ما يتنفسون, ويفضح البيانات الكاذبة التى يطلقها المحللون الإسرائيليون, التى أصبحت جزءاً من حياتهم، ويأخذك الكاتب إلى ساحة القتال فلا تستطيع الخروج منها إلا عند النهاية السعيدة التى انتهت بانتصار قواتنا المسلحة واسترداد الأرض المسلوبة. كل رجال السويس فعن دار كنوز للنشر والتوزيع، صدر كتاب تحت عنوان «كل رجال السويس» للكاتب محمد أبوليلة, يكشف الكتاب أسرار الفدائيين فى مدينة السويس وقت حرب أكتوبر والاستنزاف بالتزامن مع الذكرى الثانية والأربعين لنصر أكتوبر المجيد، يقول الكاتب إن أبطال كتاب «كل رجال السويس» مهنتهم الحياة لا السلاح، وفى لحظة الخطر، تحولوا إلى مقاتلين وفدائيين من طراز لا يتكرر، فهم قطعة من قلب مصر، ومن صلب جيناتها العبقرية، ومن مدينة السويس على الخط الأمامى للمقاومة، يكدحون ويمرحون، يعانون ويفرحون، لكنهم لا يتخلفون أبداً عن دفع ضرائب الدم، وترك بيوت هم السكنية إلى لهيب النيران، تصهرهم المحن، وتخلقهم خلقاً جديداً، ويصنعون البطولات المذهلة كأنها من عادات الحياة اليومية. الساعة 1405 كما أصدرت سلسلة كتاب اليوم طبعة جديدة من الساعة 1405 تأليف الكاتب الصحفي الراحل صلاح قبضايا، الذي يروي فيه تفاصيل دقيقة تنشر لأول مرة تأخذك معها إلى جو المعارك داخل خطوط العدو ووراء أعماق الدفاعية، بالإضافة إلى عشرات القصص المثيرة التى تتشابك خيوطها لتشكل في النهاية قصة أول هزيمة في تاريخ إسرائيل كما يرويها أبطال العبور. الكتاب بمثابة بانوراما عسكرية تجسد لحظة العبور بداية من الضربة الجوية لسلاح الطيران المصرى عندما عبرت قناة السويس لتوجه ضربة مفاجئة ومركزة إلى أهداف العدو فى سيناء فى الساعة 1405 أى الثانية وخمس دقائق بعد ظهر يوم السادس من أكتوبر بعبور أكثر من 220 طائرة مصرية لتدمر للعدو مراكز القيادة والسيطرة ومحطات الرادار الإسرائيلية فى جبل يلق وأم خشيب داخل سيناء، حتى إن العدو ظل غير قادر على استخدامها بعد ذلك حتى وقف اطلاق النار، كما استخدمت القوات المصرية ولأول مرة فى تاريخ الحروب الصواريخ المواجهة أرض - أرض فى ضرب الأهداف المعادية فى عمق سيناء وكان ذلك نوعاً مكملاً لدور الغارات الجوية المصرية فى أعماق سيناء. يتناول الكتاب دور سلاح المدفعية فى الحرب، حيث انطلقت أولى نيران هذه المعركة الخالدة من فوهات المدافع المصرية فى تماماً الساعة 1405 التى بلغت 2000 مدفع كانت تنتشر على طول خط المواجهة تم توزيعها على جبهة عرضها 180 كم تأكيداً لشعار سلاح المدفعية «المدفعية فى كل مكان»، وبالفعل أينما تنتقل على طول الجبهة تجد المدفعية دائماً فى كل مكان. كما يتناول الكتاب بالسرد دور سلاح المهندسين فى الحرب فمن بين 800 ألف مقاتل مصرى تجد آلاف العلماء والمهندسين يرتدون الزى العسكرى ودورهم الرئيسى فى القتال هو إعمال الفكر وابتكار أحسن أساليب التطبيق العلمى ومع ذلك، فقد كان هؤلاء العلماء من أوائل الأفواج العابرة لقناة السويس ظهر يوم السادس من أكتوبر، بل وسبقت بعض العناصر المهندسين بداية المعركة وعبرت القناة بين وحدات الصاعقة قبل ساعة الصفر بساعات لتدمير خطوط وأنابيب وخزانات النابالم الموجودة فى الضفة الشرقية، بالإضافة إلى العمل الأضخم وهو المشاركة فى فتح الثغرات فى الساتر الترابى المقام على الضفة الشرقية للقناة لتسهيل عملية نقل المعدات والاسلحة إلى أرض سيناء. ويوضح الكتاب دور قوات الصاعقة يوم 5 أكتوبر التى قامت بعمليات تمهيدية مبكرة - كان لابد منها - تسبق مرحلة العبور حيث تم تكليف وحدات من الصاعقة بهذة المهمة وكان أهم ما يحرص عليه هؤلاء الرجال ألا يشعر بهم العدو حتى لا يتنبه لما أعد له وفى ساعة الصفر كانوا هم أول من عبر قناة السويس وأول من رفع علم مصر على أرض سيناء، بالإضافة إلى تواجد قوات الصاعقة خلف خطوط العدو وتدمر استحكاماته ودفاعاته تمهيداً لعبور القوات المصرية. وعن رجال الدفاع الجوى يقول الكتاب: فى تصريح لأحد القادة الإسرائيليين فى اجتماعات القيادة أثناء الحرب صرخ قائلاً: إن سلاح الجو الإسرائيلى يتأكل بسبب الدفاعات الجوية للقوات المصرية، حيث استطاعت قوات الدفاع الجوى إسقاط أكثر من 27 طائرة فى اليوم الأول من الحرب مما اعتبره أحد الخبراء العسكريين بمثابة كسر الذراع الطويلة للجيش الإسرائيلى التى كانت تتباهى بها أمام العالم، بالإضافة إلى منع الطيران الإسرائيلى من الاقتراب من قناة السويس لمسافة 15 كم أثناء فترة الحرب، ومن حقنا نستطيع أن نفهم خطورة الدور الذى قامت به قوات الدفاع الجوى التى أنهت الأثر النفسى لعمليات العدو الجوية، ومما لا شك فيه أن إنجازات قوات الدفاع الجوى التى برزت سنة 1970 عندما أقامت حائط الصواريخ وتخرجت به إلى أعماقنا ليمتد حتى خط المواجهة على طول جبهة القناة ويلحق انتصاراً كبيراً للوسائل الأرضية على الطائرات الإسرائيلية. وعن رجال البحرية يقول الكتاب خلال معارك أكتوبر كان رجال البحرية المصرية هم أبطال أول معركة تصادمية بالصواريخ فى التاريخ، حيث اشتبك نفس تشكيل الصواريخ البحرية الذى أغرق المدمرة إيلات فى حرب أكتوبر، وكانت المهمة الرئيسية المكلفين بها هى مساندة جانب القوات البرية المتقدمة على الساحل وحماية جانبها الأيسر من ناحية البحر ضد ضربات العدو. قصص وبطولات كثيرة يرويها الكاتب بالتفصيل فى هذا الكتاب مثل أبطال ساعة الصفر «القوات الخاصة 93» رجال الفهد مشاة وأبطال المدرعات، أسرار القتال الصامت ويؤكد المؤلف أن هناك وراء الأبطال جيش آخر من الأبطال لا تسع مئات المجلدات لكل قصصه وحكاياته.. فلم يكن فى معركة العبور جنود القوات المسلحة فقط بل كان ورائهم ملايين المصريين من الرجال والنساء والشباب.