أم «سعيد»: رفضوا ابني في مدرسة الحكومة وأدفع دم قلبي في الخاصة بلا فائدة! فاطمة: يعاملون ابنتي الكفيفة بعنف في مدرسة النور.. وكرهت التعليم! دراسة: مدرسة لكل.. 45 طفلاً معاقاً خبراء: الدمج بدون تأهيل «تعذيب» عندما يحصل الطفل من ذوي الاعاقة على حقه في التعليم الجيد تفتح أمامه الابواب مما يمكنه من تأمين باقي حقوقه في المجتمع من صحة وسكن ووظيفة في المستقبل. وإذا كان مليار شخص على مستوي العالم يتعايشون مع «الإعاقة» فان القليلين منهم يحصلون على فرص متساوية تمكنهم من المشاركة في مجتمعهم وفي مصر هناك 15 مليون معاق منهم نسبة كبيرة من هم في سن التعليم ويعيشون مأساة البحث عن مقعد في مدرسة تراعي احتياجاتهم الخاصة وطبقاً لارقام المجلس القومي لشئون الاعاقة فان هناك حوالي 37 ألفاً من الطلاب ذوي الاعاقة مدرجين في 920 مدرسة تربية خاصة في غياب الدمج الكافي في فصول التعليم العام، وما يحدث في المدارس الخاصة يعتبر استثناء. مأساة حقيقية يعيشها أولياء امور التلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصة ويصبح على كل ولي أمر أراد الله ان يرزقه بطفل من ذوي الاعاقة ان يبحث له عن مكان «خاص» يناسب إعاقته ففاقد البصر يبحث في مدارس النور والأمل التي تعاني أغلبها من ضعف العملية التعليمية وقلة الامكانيات فضلاً عن عدم توافرها بالشكل الكافي، ومدارس الصم اغلبها لا تتوافر فيها وسائل التعليم المناسب بل ان البعض شكا من عدم معرفة المعلمين أنفسهم بلغة الاشارة فضلاً عن غياب قاموس الاشارة الموحد. أما ذوو الاعاقات الفكرية فيقع ذووهم تحت ضغط التكاليف الباهظة لإلحاق أبنائهم بمدارس التربية الفكرية التي تتناسب مع قدراتهم ومهاراتهم ونسب ذكائهم «فاطمة» أم لطفلة كفيفة بالمنصورة أكدت لي أن ابنتها تبكر لكنها لا تتعلم شيئاً لأن المدرسات بالمدرسة لا يقمن بتعليمها ويعاملنها بعنف. أما والدة الطفل «سعيد» من اطفال التوحد فقالت ان ابنها يعاني من «سمات توحد» وليس توحد «كلي» وأكدت أن نسبة ذكائه تسمح له بالالتحاق بمدرسة عادية ولن يلاحظ أحد أي مشكلة عليه لكنها رفضت واضطرت لالحاقه بإحدى مدارس التربية الفكرية الخاصة لكنها تتكلف آلاف الجنيهات مقابل ذلك سنوياً دون جدوى وتضطر لمنح ابنها جلسات تخاطب ب 60 جنيهاً في الساعة وجلسات تنمية مهارات أكثر تكلفة، وقالت: «أدفع دم قلبي لتعليم ابني» دون جدوى اما «سميرة» فهى تلميذة مصابة بمشكلة في العمود الفقري تمنعها من السير.. قالت: أنا في سن خاصة ابتدائي بمدرسة بحلوان «لم ترد ذكر اسمها خشية اضطهادها» اضافت سميرة: أنتظر زملائي ليحملوا عني حقيبتي ثم تحملني «الدادة» أحياناً لأن فصلي في الدور الثاني وإذا لم أجدها أضطر للانتظار واحيانا اظل جالسة في الفناء وصعب أن يحملني زملائي.. كنت أستطيع الصعود على السلم ب «العكاز» لكن لا يوجد ترابزين استند اليه. اغلب الاوقات اغيب لأن المدرسة بالنسبة لي عذاب حقيقي، وحقيقة الأمر أن اغلب المدارس مغلقة بالفعل امام ذوي الاعاقة وقد أفادت دراسة للبنك الدولي بأنه يوجد مدرسة لكل 460 طفلاً مصرياً بينما تتاح مدرسة لكل 4500 طفل من ذوي الاعاقة. قضية الدمج وتظل قضية دمج التلاميذ من ذوي الاعاقة من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام فمنهم من يرحب ومنهم من يرفض، وهو ما تؤكده عبير محمد - مديرة إحدى مدارس التأهيل لذوي الاعاقة - حيث أكدت أن الدمج في ظل عدم وجود أو توافر وسائل الدمج والتأهيل يعتبر تعذيباً للتلاميذ وهو ما نراه في حالات الاطفال من ذوي الاعاقة الذين يلتحقون بالمدارس التعليم العام حيث لا تتوافر لهم الاماكن المخصصة لهم ولا المباني مهينة لإعاقاتهم.. وهناك ضعاف بصر يلتحقون بالمدارس العادية فيفشلون لأن الوسائل التعليمية لا تناسبهم حتى المدرسين غير مؤهلين للتعامل مع الطفل المعاق سواء في مدارس التعليم العام أو المدارس المتخصصة، وحقيقة الأمر أن نسبة كبيرة مما يلتحقون بمدارس المكفوفين أو مدارس الصم والبكم يحصلون على شهادات دون أن يحصلوا على أي «تعليم» مما يعد إهداراً لطاقات هؤلاء التلاميذ لأن منهم من يمنحون الفرحة فيحققون افضل النتائج بدليل أن هناك من بين الاوائل مكفوفين ومعاقين وهناك تلاميذ يحصلون على مجاميع مرتفعة في الثانوية العامة رغم صعوبات التعليم. على صعيد آخر هناك وجهات نظر تؤكد أن الدمج حق من حقوق ذوي الاعاقة في المجتمع وقد سبق وسعت وزارة التعليم المصري لتحقيق التعاون في هذا المجال والسعي لانشاء ادارة يطلق عليها «ادارة التعليم للجميع» على أن تقوم بالتنسيق بين مختلف القطاعات خارج وداخل الوزارة فيها يتعلق بجهود الدمج وذلك بهدف بناء القدرات ودعم الادارات الاخرى مثل ادارة التعليم الخاص والتعليم الاساسي والمناهج والامتحانات وذلك من أجل حل المشكلات التي تواجه الدمج ومتابعة التنفيذ. ومؤخراً اعترض المجلس القومي لشئون الاعلاقة على ختم شهادات اجتياز السنوات التعليمية الممنوحة للطلاب من ذوي الاعاقة بختم الدمج وأوصى المجلس بضرورة ادخال مكون الدمج والأخذ في الاعتبار احتياجات الطلاب من ذوي الاعاقة في مشاريع وزارة التعليم حالياً ومستقبلاً والتأكد من التزام كافة الجهات المشاركة الموكل اليها تطوير المدارس بضرورة تطبيق أكواد الاتاحة الهندسية وذلك عن تطوير ابنية المدارس وأوصى ايضاً بضرورة ادخال مكون التدريب الخاص بالمدرسين على التعامل مع الفروق الفردية في الأنشطة وكذا ايجاد آلية تلزم المدارس بصفة عامة والخاصة والدولية بشكل خاص بتطبيق الدمج ووضع خطة زمنية تلتزم بها المدارس لتكون دامجة. وتشير الدكتورة نسمة محمود الناشطة في مجال حقوق ذوي الاعاقة ان هناك مليار شخص على مستوى العالم يعيشون مع الاعاقة وتواجههم حواجز تشعرهم بالعجز عن مشاركة متساوية مع باقي اعضاء المجتمع ويأتي التعليم على رأس المشاكل التي تواجه ذوي الاعاقة ليس في مصر فقط بل في العديد من دول العالم، فهناك طفل من كل 20 طفلاً يصلون حتى سن 14 سنة مصابون بإعاقات متوسطة أو شديدة، وفي الدول منخفضة ومتوسطة الدخل فان الطفل المعاق هو المرشح للتواجد خارج اسوار المدرسة أما النسبة القليلة التي تتمكن من الالتحاق بها فيكونون الأكثر عرضة للتسرب وترك المدرسة مبكراً وللأسف فإن الاعاقة تكون سبباً في ذلك اذ تتخلى المجتمعات عن دورها في تهيئة المدرسة لاستقبال هؤلاء الاطفال. ومن يتحدى ويظل بالمدرس فان نماذج التعليم التي يتلقاها تكون غالباً منفصلة تماما عن التأهيل مما تجعله مستبعداً «فعلياً» من المنظومة التعليمية، وتضيف د. نسمة: يعد هذا نوعاً من التمييز والحرمان الذي يسلب الطفل فوائد التعليم في المستقبل كالحصول على وظيفة وتحقيق التمييز في أي مجال فضلاً عن أن ذلك يحد من فرص مشاركة الطفل ذوي الاعاقة في المجتمع في كل مراحل عمره أي إنك تعزله بشكل غير مباشر.