أصحي الصبح بدري.. ألبس مريلتي.. أروح المدرسة.. أدخل فصلي.. ولما يدق جرس الفسحة ألعب وأجري مع زمايلي.. يمكن ماقدرش.. يمكن مابشوفش.. يمكن مش قادر أفهم بسرعة.. لكن من حقي أتعلم وأحلم. إنها صرخة طفل معاق تنطلق مع بداية عام دراسي جديد.. تفتح المدارس أبوابها تستقبل التلاميذ جميعا إلا من طفل معاق منحناه الحق في التعليم «علي الورق» لكني، وإذا كان هناك حوالي 15 مليون معاق فهناك 2 مليون محرومون من التعليم تقريبا في سن التعليم والمدارس غير مؤهلة لاستقبال أي طفل يعاني من أي إعاقة وإذا استقبلته فهو يعيش العذاب بعينه.. وبرامج الدمج التي نصت عليها القوانين والمواثيق المحلية والدولية. هي مشاريع «للتجمل» فإذا كان الطفل يعاني من إعاقة ذهنية فهو خارج منظومة التعليم أيا كانت نسبة ذكائه، وإذا كان يعاني من إعاقة حركية فالمدارس ترحب به لكن غياب «الإتاحة» يجعل المدرسة خطرا علي حياته، أما المكفوفون فلهم مدارس «النور» وكثير منها يمثل عبئا علي التلاميذ ومدارس الأمل للصم والبكم تصنع لهم مسارا جبريا وتوجههم للتعليم الفني أما المدارس العادية فهي غير مؤهلة للتعامل مع «المكفوفين» أو الصم والبكم لغياب طرق التعليم المناسبة لهم سواء «برايل» أو لغة الإشارة والمعلمون غير مؤهلين لا علميا ولا نفسيا للتعامل مع طفل له احتياج خاص، مما يجعل أكثر من 13 مليون معاق يعيشون رحلة عذاب بداية من دخول المدرسة ويعاني أهل الطفل صاحب الإعاقة ألوانا من المعاناة لمجرد التفكير في الحصول علي حق الابن الإنساني القانوني في أن يتعلم. والحقيقة أن دستور 2014 الذي أنصف ذوي الاحتياجات الخاصة أكد حق التعليم والدمج لهؤلاء المواطنين الذين يتساوون في الحقوق والواجبات مع الجميع لتصبح التفرقة في التطبيق، وهناك عشرات بل مئات الحالات التي تؤكد أن التعليم «صعب» علي ذوي الاحتياجات بفعل قصور في التنفيذ والتأهيل للمدارس والمدرسين سواء في المدارس العادية أو المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة كمدارس المكفوفين حيث إن بعض هذه المدارس لا يتم العمل فيها بجدية ولا رقابة علي أداء المعلمين، وعلي سبيل المثال فقد حكت تلميذه بإحدي مدارس المكفوفين عن أن المدرسة لا تعلمهم شيئا بل تقضي اليوم الدراسي تبيع ملابس ومكياچ لزميلاتها. مأساة محيي كان من المفترض أن يلتحق محيي مع أقرانه بإحدي مدارس التعليم الحكومي خاصة أنهم في مدرسة حلوان يوفرون فصلا للاحتياجات الخاصة، ويتطلب ذلك أن يجري الطفل اختبارات الذكاء في مستشفي النصر التابعة للتأمين الصحي.. لكن رحلة العذاب التي عانتها والدته العام الماضي غيرت من مسار أحلامه وأحلام أسرته.. فقد تم عمل الاختبار وتم التعامل معنا بكثير من السخف والقسوة علي الطفل وأصروا علي أن يدخل بمفرده وبعد عذاب ووسايط دخل ب67٪ ثم أخبرتني إحدي المفتشات أن ابني عليه أن ينتظر عاما آخر بعد كل هذه الإجراءات ثم إن المدرسة ليس بها أي امكانيات للتعامل معه واضطررت في النهاية لإلحاقه بمدرسة خاصة تكلفني 4 آلاف جنيه في السنة الواحدة والفصل بها عبارة عن حجرة صغيرة جدا يعيش فيها حالات مثل ابني في عزلة كما أنه يعود منها مريضا وفي كل مرة تشكو فيها يقول المسئولون سنجهز لهم فصلا أكبر، في النهاية وجدتني مضطرة لإلحاقه بمؤسسة خاصة لتنمية مهاراته بعد أن فشلت في إلحاقه بالتعليم العام. خالد طفل مسكين كان قدره أن يولد بضعف شديد بالبصر بالإضافة الي معاناته من التقزم عندما بلغ سن المدرسة دقت أسرته أبواب المدرسة الابتدائية بإحدي قري البدرشين وتم قبوله لكن نظرا لظروفه لم يكن باستطاعة أهله الذهاب به الي المدرسة يوميا وتم تمريره في سنة أولي ابتدائي لكن سنة ثانية الأمر مختلف لابد أن يحضر وللمرة الثانية تقرر أمه عدم ذهابه لامكانية تعرضه للخطر مع ضعف بصره الشديد واضطر الأب لأن يعطيه دروسا منزلية خصوصية في كل المواد ونتيجة ذلك تعثر الولد في المدرسة لأنها أصلا غير مؤهلة لاستقبال طفل «شبه كفيف»، الأسرة غير قادرة علي تحمل مصروفات مدرسة خاصة ربما يجد فيها عناية لكن لا توجد مدرسة خاصة تقبل حالته اضطر والده في النهاية لإلحاقه بكُتّاب القرية كعشرات الأطفال في مثل حالته. غياب القرار الوزاري رقم 264 لسنة 2011 الخاص بدمج الأشخاص ذوي الإعاقة في مدارس التعليم العام لم يصحبه تهيئة البيئة المناسبة للدمج كعدم توافر التدريبات الكافية للمعلمين والقائمين علي التعليم الدامج داخل المدارس أو كيفية التعاون مع الأطفال ذوي الإعاقات داخل الفصول الخاصة بالدمج كما لم تتوافر غرف «المصادر» وفق المعايير الدولية الخاصة بتلاميذ الدمج، ووفقا للدكتور مرفت السمان رئيس مجلس إدارة اتحاد مصر لجمعيات الأشخاص ذوي الإعاقة فإن هناك غيابا تاما لبرامج التوعية الخاصة بأسر التلاميذ من غير ذوي الإعاقات ولا تلاميذ التعليم العام، عن كيفية التعامل واستقبال أقرانهم داخل المدارس وفصول الدمج وهي الأركان الأساسية داخل الدمج التعليمي، كما أن هناك تمييزا في القرار رقم 264 ضد الأطفال ذوي الإعاقات المزدوجة لحرمانهم من دخول المدارس سواء الدمج أو حتي مدارس التربية الخاصة للمعاقين وأصبح الطفل من ذوي الإعاقة المزدوجة خارج منظومة التعليم إلا القليل من مدارس التعليم الخاص الذي يتكلف مصروفات باهظة وقد يقبلونه في هذه المدارس أو لا يقبلونه لذلك فأطفال التوحد خارج منظومة التعليم بمفهومها الشامل بما يستوجب علي وزارة التعليم عمل خطط وبرامج إصلاحية للتعليم الدامج مع عمل مناهج لمدارس التربية الخاصة تناسب كافة الإعاقات. كما أن الأطفال من الصم والبكم لهم إشكالية خاصة أيضا كما تشير الدكتورة السمان فهم يدخلون مدارس الأمل للصم والتي توجه طاقاتهم نحو التعليم المهني فقط لأن التعليم داخل هذه المدارس يحول دون التحاقهم بالجامعات، كما لا تتوافر الإمكانيات التكنولوجية داخل مدارس التربية الخاصة «الأمل للصم والبكم» و«النور للمكفوفين» فلا تتواجد التقنيات والتكنولوچيا التعليمية الخاصة بهم مما زاد من أمية تلاميذ مدارس الصم والبكم كما أن وقف الإعارات والتدريبات الداخلية لمعلمي مدارس التربية الخاصة أدي الي تدهور مستوي أداء معلمي تلك المدارس مما أثر سلبا علي العملية التعليمية بها. المدهش أن الطلاب من ذوي الإعاقات يضربون أروع الأمثلة في التفوق العلمي ويخرج منهم أوائل في الثانوية العامة وطلاب مدارس النور للمكفوفين يدرسون نفس مناهج الثانوية العامة، أما 99٪ من الصم فهم خريجو مدرسة الأمل ويمنحون شهادة الدبلوم الفني ويقف هذا عائقا بعد ذلك أمام دخولهم الجامعات التي لا تقبل حملة هذه الدبلومات ولا التربية الخاصة، وعن المشكلات التي تواجه الأطفال المعاقين داخل المدارس تؤكد الدكتورة مرفت السمان أن هذه المشاكل لا تتعلق بالطفل وإعاقته بقدر ما تتعلق بتهيئة المدارس للتعامل معه وتعليمه.. فمثلا هناك إعاقات ذهنية يمكنها أن تتعلم حسب نوع الإعاقة حيث من الممكن أن يكون الطفل ذكيا جدا.