صندوق النقد: التوترات الجيوسياسية تشكل تحديًا لمصر    طائرات الاحتلال الاسرائيلي تشن غارات عنيفة على منازل المدنيين غرب رفح الفلسطينية    في مباراة ماراثونية.. غينيا تقتنص فوزا هاما أمام الجزائر في التصفيات الأفريقية المؤهلة لكأس العالم 2026    غانا تقلب الطاولة على مالي بثنائية في عقر دارها بتصفيات كأس العالم 2026    "ايه اليوم الحلو ده".. أحمد سعد يشعل حفل زفاف جميلة عوض (فيديو)    وفاة المخرج محمد لبيب.. وخالد جلال ينعيه    بعنوان «ثواب الأضحية».. أوقاف الفيوم تعقد 150 ندوة تثقيفية ضمن ندوات مجالس العلم والذكر    شعبة الأدوية: هيئة الدواء أقرت تحريك أسعار بعض الشركات بمتوسط 25%    توقيع بروتوكول تعاون لترسيخ مبادئ الشَّريعة الإسلاميَّة السَّمحة    الرد على الصفقة.. ماذا تضمنت رسالة السنوار إلى مصر وقطر؟    "طاغية".. بايدن يهاجم بوتين أثناء مشاركته في ذكرى إنزال النورماندي    ميليشيا الدعم السريع تحشد قواتها تمهيدا لاجتياح مدينة الفاشر    طائرات الجيش الإسرائيلي يقصف منطقة "كسارة العروش" في مرتفعات جبل الريحان جنوب لبنان    رئاسة الحرمين الشريفين تبدأ تنفيذ المرحلة الثالثة لخطة الحج، واستعدادات خاصة لصلاة الجمعة    حاكم إقليم دارفور: الدعم السريع تحشد قواتها شرقي الفاشر تمهيدا لاجتياحها    مؤتمر لأسر المحبوسين ولائحة الأجور، نقابة الصحفيين تحيي الذكرى 29 ليوم الصحفي الأحد    ب 60 مليون دولار.. تفاصيل تمويل 12 فكرة ناشئة في مجال تكنولوجيا التعليم    موعد سفر بعثة منتخب مصر إلى غينيا بيساو    بثنائية تريزيجيه.. منتخب مصر يفلت من فخ بوركينا فاسو في تصفيات مونديال 2026    الجزائر تخسر ضد غينيا.. ومهاجم بيراميدز يقود الكونغو للتعادل أمام السنغال.. بتصفيات كأس العالم 2026    (فيديو) لحظة إصابة إمام عاشور فى مباراة مصر وبوركينا فاسو    جوميز يختتم المحاضرات الفنية لمدربي قطاعات كرة القدم    إصابة وموقف محرج.. إمام عاشور يثير الجدل أمام بوركينا فاسو    جواب نهائي مع أشطر.. مراجعة شاملة لمادة الجيولوجيا الثانوية العامة الجزء الثاني    مصرع سيدة صعقا بالكهرباء في منزلها بالدقهلية    بينهم 3 أطفال.. إصابة 4 أشخاص إثر تصادم "لودر" الحي بسيارة أجرة ببورسعيد    المهن الموسيقية تنعى العازف محمد علي نصر: أعطى درسا في الأخلاق والرجولة    جواب نهائي مع أشطر.. مراجعة شاملة لمادة الجبر للثانوية العامة الجزء الثالث    أخبار الحوادث اليوم: الاستئناف تتسلم ملف سائق أوبر التجمع.. و12 يونيو أولى جلسات محاكمة عصام صاصا    مصرع تلميذه غرقا فى ترعة الطارف بسوهاج    انتهاء المراجعة الثالثة.. صندوق النقد: مصر ستحصل على 820 مليون دولار    التنمية المحلية: 98% نسبة مسحوبات التمويل من البنك الدولي لبرنامج تنمية الصعيد    حظك اليوم| برج الحوت الجمعة 7 يونيو.. «القمر مازال موجود في برج الحوت المائي ويدعم كل المواليد المائية»    نجل فؤاد المهندس: والدي كان يحب هؤلاء النجوم وهذا ما فعله بعد وفاة الضيف أحمد    عيد ميلاده ال89.. أحمد عبد المعطي حجازي أحد رواد القصيدة الحديثة    نادين، أبرز المعلومات عن الدكتورة هدى في مسلسل دواعي السفر    خالد جلال ينعى المخرج محمد لبيب مدير دار عرض مسرح الطليعة    رئيس شعبة الذهب: المعدن الأصفر ملاذ آمن واستثمار على المدى البعيد (فيديو)    صندوق النقد يعلن إتمام المراجعة الثالثة مع مصر    نجاح أول تجربة لعلاج جيني يعمل على إعادة السمع للأطفال.. النتائج مبشرة    تهشمت جمجمتها.. جراحة تجميلية ناجحة لطفلة سقطت من الطابق الرابع بالبحيرة    ماذا كان يفعل النبي محمد بعد رؤية هلال شهر ذي الحجة؟ دار الإفتاء توضح    «زوجي عاوزني أشتغل وأصرف عليه؟».. وأمين الفتوى: عنده مشكلة في معرفته لذاته    الحبس وغرامة 300 ألف جنيه عقوبة استخدام برنامج معلوماتي في محتوى مناف للآداب    الشوبكى: الهدف من بيان «شاس الإسرائيلى» مواجهة الأحزاب المتشددة    أحلى بطيخ ممكن تاكله والناس بسأل عليه بالاسم.. بطيخ بلطيم.. فيديو    حزب مصر أكتوبر يجتمع بأمانة الغربية بشأن خطة عمل الفترة المقبلة    وجدي زين الدين: خطاب الرئيس السيسي لتشكيل الحكومة الجديدة يحمل توجيهات لبناء الإنسان    هانى تمام ب"لعلهم يفقهون": لا تجوز الأضحية من مال الزكاة على الإطلاق    القباج وجندي تناقشان آلية إنشاء صندوق «حماية وتأمين المصريين بالخارج»    رئيس جامعة الأزهر يبحث مع وزير الشئون الدينية الصيني سبل التعاون العلمي    التشيك: فتح تحقيق بعد مقتل 4 أشخاص وإصابة 27 جراء تصادم قطارين    الفريق أول محمد زكى يلتقى منسق مجلس الأمن القومى الأمريكى    اعتماد مخططات مدينتى أجا والجمالية بالدقهلية    ماذا قال الشيخ الشعراوي عن العشر من ذي الحجة؟.. «اكتمل فيها الإسلام»    المشدد من 7 إلى 10 سنوات للمتهمين بتزوير توكيل لقنصلية مصر بفرنسا    فحص 889 حالة خلال قافلة طبية بقرية الفرجاني بمركز بني مزار في المنيا    مصر تتعاون مع مدغشقر في مجال الصناعات الدوائية.. و«الصحة»: نسعى لتبادل الخبرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى الذكرى ال42 لنصر أكتوبر.. مصر أجبرت إسرائيل علي وقف إطلاق النار
نشر في الوفد يوم 30 - 09 - 2015

قال اللواء دكتور محمد إبراهيم نجاتى، مدير كلية الحرب العليا الأسبق، مدرس أركان حرب، رئيس كرسى الاستراتيجية بأكاديمية ناصر العليا، إن الحرب للإكراه والسياسة للتفاوض ولكنهما وجهان لعملة واحدة، لأن المفاوضات السياسية الناجحة هى التى يتكامل فيها السياسى والعسكرى مع أن القيادة السياسية هى التى تصدر الأوامر والتوجيهات إلى القيادة العسكرية التى لا تملك إلا التنفيذ أو الاستقالة وليس من حقها الاعتراض وإلا سيكون مصيرها المحاكمة، مؤكداً أن الرئيس السادات بسياسته العاقلة أصدر توجيهاً إلى القيادة العسكرية طالبهم فيه بعبور الجيش المصرى إلى الضفة الشرقية وعمل خسائر فادحة فى القوات والمعدات الإسرائيلية حتى لا تطمئن أن القناة ليست حدوداً آمنة لهم مع الاستيلاء على أراض فى سيناء طبقاً للظروف، مختتماً توجيهه بأنه يريد رجلاً فى الشرق لأنه يعلم أن الحرب لابد لها من سياسة للتفاوض تكمل نتائج الحرب وهذا ما كان له.. واصفاً هنرى كسينجر اليهودى حتى النخاع الذى لعب دوراً خطيراً لصالح إسرائيل لأن نيكسون كان متورطاً فى فضيحة ووترجيت وترك له الأمور الخارجية ولهذا أخبر كسينجر الرئيس السادات لو أنهت مصر على القوات الإسرائيلية المحاصرة فى الثغرة ستتدخل أمريكا عسكرياً ولهذا تم حل أزمة الثغرة سياسياً، ولم تحل عسكرياً.
ما التكامل السياسى العسكرى فى الحروب؟
- أولاً لابد أن نعرف أن الحرب والسياسة وجهان لعملة واحدة والحرب امتداد للسياسة لكن وسيلتها الإكراه، أما السياسة وسيلتها التفاوض لأن الحروب تبدأ بمشكلة سياسية ثم تتحول إلى عمليات ضغط، فتتدخل القوات المسلحة لأنها القوة الحامية لتنهى العمل بالقوة المسلحة، ولكن مازالت السياسة تستفيد من الحرب لأنه عندما تنتهى الحرب تبدأ السياسة وتظهر المفاوضات والاتفاقيات والمعاهدات التى تنفذها السياسة فى الوجود العسكرى، إذن يوجد تكامل سياسى عسكرى 100٪ فى الحروب والمفاوضات السياسية الناجحة.
ومتى بدأ التكامل السياسى العسكرى لحرب أكتوبر؟
- بدأت عندما أرغمنا إسرائيل على قبول القرار 242 بوقف إطلاق النار لأنها كانت ترفض هذا القرار و«موشى دايان» قال: مصر أصبحت بوابة من غير خفير يدخلها من يشاء لأن جنودها انسحبوا إلى قراهم ومحافظاتهم والدولة منهارة، فقامت معركة رأس العش التى أثبتت قوة المقاتل المصرى، ثم فى 15 يونية قامت القوات الجوية بالهجوم على المواقع الإسرائيلية فى سيناء ثم توجت هذه العمليات يوم 21 أكتوبر بإغراق المدمرة إيلات وهنا تأكدت إسرائيل أن مصر لم تنهر ثم جاء القرار السياسى بتهجير سكان مدن القناة حتى تتفرغ مصر للحرب وهذه كانت رسائل عسكرية وسياسية إلى إسرائيل وهذا كان أول تعاون بين العسكرية والسياسة بعد الهزيمة وبالفعل بعد يومين فقط وقعت إسرائيل على قرار 242 لوقف إطلاق النيران.
الردود الغاضبة
وكيف تم التعاون السياسى العسكرى بعد مجىء «السادات» رئيساً؟
- بدأ حكم السادات بصدامه مع مجموعة مراكز القوى فى 15 مايو 1971 لأنهم كانوا يرونه رجلاً ضعيفاً وأنهم سوف يحكمون من خلاله، ولكنه قضى عليهم وأودعهم السجون وشكل وزارة جديدة عين فيها الفريق محمد صادق وزيراً للدفاع وحدث الخلاف الشهير بين القيادة السياسية وبين القيادة العسكرية عندما قال لهم السادات نريد شن حرب على إسرائيل لاستعادة سيناء فردت عليه القيادة العسكرية ردوداً أغضبته خاصة من الفريق صادق ومن قائد القوات البحرية ولكن الكلمة العليا دائماً ما تكون للقيادة السياسية لأن الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، والقائد العسكرى عندما يصدر إليه الأمر عليه التنفيذ أو الاستقالة وليس من حقه الاعتراض أو الرفض وإلا تتم محاكمته، فعين السادات الفريق أحمد إسماعيل وزيراً للدفاع بدلاً من الفريق صادق.
وماذا عن الرئيس السادات السياسى الذى قام به للخداع؟
- الأوضاع فى الداخل كانت صعبة جداً والشعب مخنوق والسادات بدأ التحضير للخداع أولاً بمفرده عندما أعلن عن عام الحسم ثم عام الضباب، مما أشعر إسرائيل أن هذا الرجل «بتاع كلام» ولن يحارب بل خدع الداخل أولاً قبل الخارج ونجح فى هذا بدهاء شديد جداً لدرجة أن المظاهرات خرجت ضده وهاجمته وأطلق عليه الشعب النكت، والرجل صبر وتحمل بل كان يصدره للخارج مزيداً للخداع.
وكيف كان الموقف السياسى العسكرى الدولى تجاه الأزمة المصرية؟
- حدث أمر خطير جداً على مستوى القمة العالمية بين روسيا وأمريكا، حيث اجتمع جونسون وبرجنيف فى روسيا، واتفقت الدولتان على فرض حالة الاسترخاء العسكرى فى الشرق الأوسط إذن روسيا لن تعطى لمصر السلاح حتى لا تحارب إسرائيل طبقاً لاتفاقية الدولتين.
حلحلة الموقف
وماذا كان رد الفعل السياسى والعسكرى فى مصر؟
- الرئيس السادات أصبح فى موقف لا يحسد عليه وهو كان يكره الروس وحدث صدام بين السادات وفرتشوف الذى احتد عليه لكن السادات عمل موقفاً سياسياً رهيباً حتى يكسبهم ويرد على الأمريكان ويحلحل الموقف بعض الشىء حيث طلب توقيع معاهدة صداقة وتعاون مع روسيا وكان فى يوم 25 مايو 1972، وهذا لم يفعله عبدالناصر وعندما أرادوا صياغة بيان الصداقة والتعاون بين مصر وروسيا ظلوا 6 ساعات مختلفين على كلمة التعاون العسكرى أم لا؟ ثم اتفقوا على تعويمها بالتعاون فى جميع المجالات، وهذا هو السادات الداهية الذى قال للوفد المصرى يا ولاد الظروف أقوى مننا ثم أرسل طائرة إلى القاهرة وأحضرت نياشين مصرية ومنحها للزعماء الروس وهو هناك على أساس أنه يرد على أمريكا.
ولماذا إذن قام بطرد الخبراء الروس بعد عودته من هذه الرحلة؟
- السادات قرر الاستغناء عن الروس فى 1972 لأسباب سياسية أولها أنهم سيكونون جواسيس، ثانياً قال طالما سيحارب فلو انتصر سيقال إن الروس هم المنتصرون ولو حدثت هزيمة سيقولون قلنا لهم ولم يستمعوا إلينا فهزموا، ثم إن روسيا غضبت من هذا القرار وشعرت أنها خسرت كل شىء، وتأكدوا أن السادات مصمم على الحرب وهنا سيضيع دورها السابق فى مساندة مصر هباء فاضطرت إلى العودة إلى مصر والتعاون معها مرة أخرى فى أوائل 1973، ولكنهم لم يعطونا غير الأسلحة الدفاعية المضادة للطائرات والصواريخ الثابتة فى مكانها للدفاع فقط، ورفضوا إعطاءنا الأسلحة الهجومية لطرد إسرائيل من سيناء مثل الطائرات والدبابات.
قرار طرد الروس طالما كان سياسياً لماذا لم تستفد منه مصر من الجانب الأمريكى؟
- سألوا هنرى كسينجر عن رأيه فى قرار طرد الروس من مصر وأنهم لم يقفوا مع مصر أو يساعدوها أو يعطوها شيئاً مقابل هذا القرار فأجاب: إن الرئيس السادات لم يطلب منهم شيئاً نظير هذا القرار، ولو كان طلب أى شىء كنا لن نتأخر، فقد كان كسينجر يهودياً حتى النخاع ولعب دوراً خطيراً لصالح إسرائيل لأن نيكسون كان متورطاً فى فضيحة ووتر جيت وترك الأمور الخارجية لهنرى كسينجر.
أسلحة متطورة
وكيف عاد التعاون المثمر بين القاهرة وموسكو؟
- بدأت الاتصالات بين الطرفين ثم أرسل السادات الدكتور عزيز صدقى، رئيس الوزراء، مرتين إلى روسيا، ثم أرسل مستشاره للأمن القومى حافظ إسماعيل حتى يتفاوضوا على صفقات سلاح هجومية، لأن السياسة تؤكد أن روسيا هى مفتاح الأسلحة لمنح مصر أسلحة متطورة، وكان السادات ذهب إلى روسيا مرتين قبل أكتوبر 1973، وأصبح التعاون مثمراً فى السلاح والتجهيزات، وتم تجهيز مليون عسكرى للحشد، ثم لعبت السياسة الدور الرئيسى فى التنسيق مع سوريا وكانوا يصلون القاهرة عن طريق المراكب وطرق مختلفة.
وكيف خدعت السياسة إسرائيل وأمريكا قبل الحرب مباشرة؟
- لأن السادات طلب من عصمت عبدالمجيد فى يوليو 1973 أن يطلب عقد مجلس الأمن وكان مندوب مصر فى الأمم المتحدة وعندما شاور عبدالمجيد السفيرين الإنجليزى والفرنسى فى هذا الأمر فقالا له لم يحدث شىء جديد فى الشرق الأوسط يستدعى هذا الطلب فأخبر السادات بذلك ولكنه أصر على هذا الطلب ليكمل خطة الخداع، وبالفعل عقد مجلس الأمن والكل وافق على الحل فيما عدا أمريكا المهم ظهر السادات أمام العالم أنه لا ينوى الحرب، ثم أرسل حسن الزيات، وزير الخارجية، وعصمت عبدالمجيد يوم 5 أكتوبر 1973 لمقابلة هنرى كسينجر الذى كان قادماً من الأمن القومى لتولى وزارة الخارجية الأمريكية ليقدما له حلولاً لمشكلة الشرق الأوسط، فقال كسينجر لهما أنا قادم للخارجية جديد وتخطيطى أن ملف الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية لن أفتحه إلا فى 1974 ثانياً لا أستطيع التحدث مع جولدا مائير لأن الانتخابات فى إسرائيل آخر العام ولا أعلم هل ستثمر أم لا، فلننتظر العام المقبل والمقابلة كانت فاترة جداً، ولكن ثانى يوم قامت الحرب فاتصل كسينجر ب«عبدالمجيد» تليفونياً وأصبحت قضية الشرق الأوسط هى الملف الأول لدى كسينجر وهذه هى السياسة.
وما الأمر السياسى الذى وجه إلى القيادة العسكرية لقيام الحرب؟
- بما أن السادات كان القائد الأعلى للقوات المسلحة فأعطى لها توجيهاً ذكر فيه أنه يريد أن يعبر بالجيش المصرى وأحدث خسائر كبيرة جداً فى القوات والمعدات الإسرائيلية حتى تتأكد إسرائيل أن القناة ليست حائط صد لهم، وليست حدوداً آمنة لهم، وتستولى القوات على أجزاء من سيناء طبقاً للظروف، إذن هو كان يعرف أن الحرب ليست سهلة، ولهذا لم يقل لهم استعادة سيناء، لأن المفترض أن القائد السياسى يعطى مهمة للقائد العسكرى على قدر الإمكانيات المتاحة، وقال أيضاً على قد المستطاع حرروا أراضى سيناء، وقال أنا عاوز رجل فى الشرق وهنا السياسة كانت عاقلة جداً لأنه أعطى القوات المسلحة مهمة كانوا قادرين عليها.
هزيمة استراتيجية
وما دور السياسة الدولية عندما بدأت الحرب؟
- بدأت الحرب وكسينجر كان يعتقد أن مصر ستقذف فى القناة ولن تستطيع العبور كما أخبرته إسرائيل، ولكن عندما نجحت مصر فى عبور القناة واقتحام خط بارليف، اتصل كسينجر بموشى دايان ليستفسر منه عن الأوضاع، فقال له أمهلنا 3 أيام حتى يوم الاثنين، ثم دفع موشى دايان بالفرقة 152 مدرعة بقيادة أدان على الطريق الأوسط وفرقة مدرعة أخرى بقيادة شارون فى منطقة الطاسة ليطوقوا الجيش الثانى ويستولوا على رؤوس الكبارى ليعبروا إلى الضفة الغربية، ولكنهم فشلوا، فقام كسينجر بالاتصال بالقاهرة ومع إن العلاقات المصرية الأمريكية كانت مقطوعة سياسياً فاتصل عن طريق المخابرات وسأل الرئيس السادات ماذا تريدون فى المفاوضات وهذا يعنى أن السياسة هى التى ستنهى الحرب بالمفاوضات، وكان هذا فى صالح إسرائيل، لأنه ذكر فى كتابه قائلاً: إنه ترك الأمر 48 ساعة حتى ينكسر لدى إسرائيل حكاية الجيش الذى لا يقهر، وأيضاً عندما تحدثت معه جولدا مائير يوم 9/10/1973 وهى تبكى وتقول: إسرائيل ستنتهى فقال لها لا إنما هى هزيمة استراتيجية ويكفى مصر ما حققته، لأن بعد ذلك ستتدخل الأسلحة الأمريكية.
وما دور كسينجر السياسى فى حرب أكتوبر ولماذا توحش دوره هكذا؟
- لأن الرئيس نيكسون كان متورطاً فى فضيحة ووترجيت وترك كثيراً من الأمور لكسينجر وعندما طلبت إسرائيل قائمة كبيرة جداً من الأسلحة لتعوض خسائرها ورفض وزير الدفاع الأمريكى هذه القائمة بل قال لكسينجر إن إسرائيل تريد تخزين أسلحة للمستقبل، وأنا لا أستطيع أن أعطيها هذه الأسلحة لأن هذا معناه سأعطيها من الاحتياطى الاستراتيجى الأمريكى فى ألمانيا، فاتصل بالرئيس نيكسون لتسهيل الأمر وتحدث مع إسرائيل وطلب منهم إرسال طائرات لتحميل الأسلحة قائلاً لهم حتى لا يعقدوا الأمر عليه بحجة عدم توافر الطائرات للنقل وبالفعل تم هذا الجسر الجوى الرهيب، ومصر أسرت دبابات عمل عدادها 200 كم فقط وهى المسافة من مطار العريش وحتى أرض المعركة، وهذا هو الدور السياسى لكسينجر فى المرحلة الأولى.
هدف عسكرى
وماذا عن الصراع السياسى الروسى الأمريكى خلال الحرب وخاصة بعد اختراق الثغرة؟
- حدثت الثغرة من السويس بعد الفشل من الاختراق من الإسماعيلية، فظهر القرار 222 بوقف إطلاق النيران ولكن كسينجر عطله لأن روسيا اقترحت وقف إطلاق النيران يوم 8 أكتوبر ومصر كانت مكتسحة إسرائيل، وأمريكا تحاول التأجيل حتى تحقق إسرائيل أى موقف عسكرى لصالحها تستطيع التفاوض عليه، بل أمريكا قالت لإسرائيل إنها لن تستطيع التأجيل أكثر من ذلك، ثم ذهب كسينجر إلى روسيا وقال: لابد أن تفعلوا شيئاً حتى نحل الأزمة وأنا أمامى 13 ساعة لأصل واشنطن، وبالطبع روسيا انزعجت بشدة لأن أمريكا تدخلت وخشيت أن يتكرر موقف 1956، لدرجة أنهم هددا ورفعوا درجة الاستعداد لنقل فرقتى نقل جوى إلى مصر، فرقة من المجر والثانية من روسيا، بعدما مر كسينجر إلى إسرائيل خلال عودته من روسيا، ولذلك دفعت إسرائيل فرقتين فى اتجاه السويس، والمهم أن كسينجر اضطر إلى قبول وقف إطلاق النيران يوم 24 أكتوبر ولكن إسرائيل لم تلتزم بالتوقف وروسيا علمت أن أمريكا تدعم إسرائيل للاستيلاء على رءوس الكبارى للعبور إلى السويس، حتى يحصلوا على هدف عسكرى باحتلال السويس وجولدا مائير كانت تريد أن يلتقط لها صور هناك وهذا هدف سياسى، ولهذا رفعت روسيا درجة الاستعداد القصوى.
وماذا كان ر فعل كسينجر وهو يملك صلاحيات رئيس الولايات المتحدة فى هذا الشأن؟
- كسينجر رد على التهديد الروسى بأنه رفع درجة الاستعداد القصوى للأسلحة الاستراتيجية النووية فى أوروبا دون الرجوع إلى الرئيس الأمريكى، مع إن هذا الأمر لا يتخذه إلا رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وكسينجر لم يخطر نيكسون بهذا القرار إلا بعد 3 ساعات من اتخاذه.
وهل هذا القرار فجر أزمة سياسية فى أوروبا؟
- نعم.. لأن قرار رفع درجة الاستعداد النووى أحدث أزمة سياسية عالمية بين شارل ديجول الرئيس الفرنسى وبين أمريكا لأن كسينجر اتخذ القرار دون إبلاغهم، فقال ديجول كيف يحدث هذا وقد يمكن أن ترد عليه روسيا بضرب الأسلحة الموجودة فى أوروبا ومنها فرنسا ولهذا انسحبت فرنسا من الجانب العسكرى فى حلف الناتو وقالت إن الاتفاقية النووية ليست فى صالحنا.
كيف اتخذ قرار تطوير الهجوم لتخفيف الضغط عن سوريا؟
- طبعاً سوريا كانت حليفاً استراتيجياً لمصر فى حرب أكتوبر لكن يوم 10/10 كانت إسرائيل استردت الأرض التى حررتها القوات السورية ويوم 12/10 كانت قوات إسرائيل وصلت إلى 35 كم من دمشق واستولت على أرض زيادة، وسياسياً أمريكا طلبت من إسرائيل التوقف ومنعتها من دخول دمشق لأنها تعرف أن روسيا لن تسمح باحتلالها ولهذا جاء تطوير الهجوم من مصر حتى لا تنقل إسرائيل كامل قواتها إلى الجبهة المصرية، واليهود اعتادوا على الحرب فى جبهة واحدة، ولكن الخطة المصرية السورية شتت جهود اليهود بين سيناء وبين الجولان، ولهذا كانت عملية تطوير الهجوم سياسية حتى لا تسقط دمشق.
طالما القرار السياسى لماذا الخلاف بين رئيس الأركان وبين القائد الأعلى للقوات المسلحة؟
- سبب الخلاف بين السادات وبين الشاذلى أن الأخير قال: نسحب 4 لواءات مدرعة من الشرق إلى الغرب لتنهى على الثغرة ثم يعودوا مرة أخرى وطبعاً هذا كلام غير واقعى لأننا انسحبنا مرتين غرب القناة فى 56، 67، ثم كيف نعيد قوات للانسحاب لتقضى على الثغرة وبالطبع سيحدث بها خسائر ثم تعود إلى الشرق مرة أخرى؟!!، ولكن يوم 17/10 عرف السادات أن القيادة مهزوزة فدخل عليهم مساء وقال لهم: ما لكم وعاملين كدة ليه؟ كل الحروب بتتعرض للأزمات وهذا شىء طبيعى لكن ولا عسكرى واحد ينسحب للغرب، وهذا القرار السياسى هو الذى نجح الموضوع.
كيف؟
- لأن إسرائيل عندما دخلت قواتها الثغرة صورت للعالم كله أن مصر مهددة، لكن القرار السياسى المصرى شكل 5 فرق وحاصرت القوات الإسرائيلية فى الثغرة لدرجة أن كسينجر قال للرئيس السادات لو هاجمتم على القوات المحاصرة فى الثغرة وأنهيتم عليها سنضطر إلى التدخل العسكرى المباشر، وكانت هذه القوات أول قوة يتم سحبها من الحصار، فكيف كانت تهدد مصر إذن؟ وهم الذين استعجلوا فى سحبها وهذه هى السياسة.
ومتى بدأت المفاوضات السياسية الفعلية بعد انتهاء الحرب؟
- بدأت بعد إجبار إسرائيل على قبول وقف إطلاق النيران فى 28/10/1973، بمفاوضات الكيلو 101 إلى أن حلها كسينجر بذهابه إلى أسوان ومقابلته للسادات وأطلق عليها الرحلات المكوكية، ومحمد حسنين هيكل غضب حينها وقال: إزاى الرئيس يجلس مع كسينجر بمفرده وقاطع السادات من حينها وحتى الآن مازال يتهمه بالتنازل والتفريط فى أشياء كثيرة، لأن هيكل اعتاد على الحضور مع عبدالناصر فى جميع لقاءاته فى برج العرب.
وكيف كان الصراع بين السادات داهية العرب وبين كسينجر ثعلب الغرب الأمريكى؟
- الرئيس السادات لم يكن سهلاً ووضع لنفسه مبادئ ولم يحد عنها بناء على المعطيات والنتائج التى معه ومن يقف معه ومن يسانده أولها أنه عرف أن نتائج الحرب لن تعطى مصر قوة لأن تفرض حلاً عربياً 100٪ ثانياً أن أمريكا تلعب دوراً كبيراً مع إسرائيل يكاد يصل إلى 90٪ منه، ثالثاً: طالما سيدخل مفاوضات مع أمريكا وإسرائيل سيكملها إلى النهاية حتى يستعيد كامل أراضيه، رابعاً: لابد أن الحل يشمل العرب جميعاً، وقدكان إلا أن الحل الرابع لم يتحقق لأن العرب هى التى خذلته، ولكن زيارة السادات إلى القدس عام 77 كانت هى مفتاح الحل لأنه كان فى منتهى الشجاعة، وقال كلاماً حقيقياً وموجعاً لإسرائيل داخل الكنيست الإسرائيلى، والسادات كان فى ميدان السلام بمفرده بعد أن استقال وزير خارجيته هناك ورجع والسادات ضغط على أمريكا وإسرائيل لأنه قطع المفاوضات أكثر من مرة وجهز شنطته بحجة أنه عائد إلى القاهرة ولا ننسى أن ولاء كسينجر كان لإسرائيل 100٪ إذن السادات عمل ما يمكن عمله وأنقذ ما يمكن إنقاذه واسترد أرضنا وأعاد كرامتنا بالسياسة وهى الوجه الآخر للحرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.