سجل فنانو ثورتي 25 يناير و30 يوينو معالم تاريخ تلك الفترة، ورسموا بريشتهم صور ناطقة تحكي في مشاهد متتالية مرحلة تطهير مصر تارة من ديكتاتورية نظام مبارك، وتارة أخرى من فاشية جماعة الإخوان. وظلت رسوم الجرافيتي تصرخ بمعاناة الثوار، وتحمل آثار ما تبقي من ثورتي يناير ويونيو، إلا أن تقرر هدم سور الجامعة الأمريكية، بما يحمله من صور لعدد من شهداء الثورة ومنهم، مينا دانيال، والشيخ عماد عفت، وجابر صلاح جيكا»، وصورًا لمن حمَّلهم النشطاء مسؤولية الدماء المسالة أمثال المشير حسين طنطاوي، والملازم محمود الشناوي الشهير بقناص العيون. ويأتي هدم سور في إطار خطة الجامعة الأمريكية لتطوير مقرها بالتحرير وتحويله إلى مركز ثقافي، على أن يستبدل موقع مبنى علوم بحديقة كبيرة، على أن يتم توثيق الجرافيتي بتصويره فوتوغرافيا وإقامة معرض له داخل الجامعة. وقالت إدارة الجامعة الامريكية، إن المبنى غير مستخدم منذ سنوات، بسبب حدوث تلفيات شديدة منذ فترة كبيرة، مؤكدين أن الحكومة طرحت منذ فترة إما إزالة المبنى أو إعادة تجميله، فتمت الموافقة، وسيتم تحويله إلى حديقة خضراء، وسيتم أرشفة رسوم الجرافيتي الموجودة على سور الجامعة، وسوف تستمر أعمال الهدم والتطوير 6 أشهر تقريبًا. وأوضحت رحاب سعد، مدير الإعلام بالجامعة الأمريكية، أن هدم السور جزء من تنفيذ الجامعة لخطة الحكومة لتطوير وتجميل ميدان التحرير، وقررت الجامعة إزالة المبنى وتحويله لحديقة وإنشاء سور معدني بدلا من السور الحالي الذي يحتوي علي الجرافيتي. ولl تكن هذه هي المحاولة الأولي لإزالة جرافيتي محمد محمود، ففي 18 سبتمبر 2012، مسحت محافظة القاهرة جداريات الجرافيتي، إلا أن رسامي الجرافيتي أعادوا رسمها في نفس الأماكن، وكتابة عبارة التحدي "امسح.. هارسم تاني". ونشأت فكرة رسوم الجرافيتي، في الفترة من 19 إلى 24 نوفمبر 2011عقب اندلاع أحداث محمد محمود، في أماكن متنوعة، ومنها أسوار الجامعة الأمريكية وجدران بعض العمارات وأسوار المدارس الملاصقة لها، كما ظهرت جداريات على الحاجز الخراساني الذي وضعته الأجهزة الأمنية في شارع محمد محمود. وفي مارس 2012، أطلقت مبادرة بعنوان "مفيش جدران" رسم خلالها الفنانون لوحات جداريه على كتل الخرسانة التي سدت بها الأجهزة الأمنية شوارع رئيسية قريبة من وزارة الداخلية وممقر جلس النواب. وأعلنت الجامعة الأمريكية عن مبادرة لحفظ جداريات محمد محمود عن طريق نسخها بالحجم الطبيعي لعرضها في حرم الجامعة بميدان التحرير. وحرص فنانو "الجرافيتي" على توثيق ما رسموه فوتوغرافيًا، وأصبح بعضها مادة بحثية ونشر عنها مؤلفات. وتضمنت تلك الجداريات العديد من شعارات الثورة المصرية وأهم رموزها سواء كانوا من أبطالها، وضحايا الأحداث المتوالية. وصورت بعض الجداريات المصادمات مع الأقباط أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون في ماسبيرو في أكتوبر 2011، ومصادمات شارع محمد محمود في نوفمبر 2011، والمواجهات التي دارت بالقرب من مجلس الوزراء في ديسمبر 2011. ومن تلك الجداريات أيضًا جداريه سجلها فنانو الجرافيتي على سور الجامعة الأمريكية، وتمثل صعود الشهداء إلى الجنة مستلهمين فيها أساليب الرسم المصري القديم والأوضاع التي تتخذها الشخوص في اللوحات المسجلة على جدران المعابد الجنائزية.