سلسلة متواصلة من الآلام عانى منها الفلاح المصرى علي مر العقود السابقة، فمن وقوعه تحت براثن الاحتكار حتى غلاء اسعار المنتجات الزراعية وصولا إلي حالة الاضطهاد والحرمان من حقوق كثيرة جعلته يشارك وبقوة في ثورتى يناير ويونيو لإنهاء هذا الواقع المتخاذل. أو كما يقول محمد برغش نقيب الفلاحين، في حواره ل«الوفد»،إن الفلاح المصرى واقع تحت سيطرة العديد من الأزمات كأزمة زراعة القطن التى لم تحسم حتى الآن وأزمة السكر وغيرها من الأزمات، مشيرا الي أن الجانى الحقيقي في أزماته المختلفة التقاعس الحكومى الذى لم يكتف بتهميش الفلاح المصرى وإضاعة حقوقه في التأمين الصحى والتقدير المادى فقط، بل وضع الفلاح ايضا تحت براثن رجال الاعمال لممارسة ما نعهده من سياسات متخاذلة، وإلي نص الحوار: ما تقييمك لأوضاع الفلاح المصرى في ذكرى عيد الفلاح؟ - أرى أن الفلاح المصري عانى من الضياع والتشتت علي مر العقود مع تتابع الأنظمة، وذلك بسبب تراجع مستوى الزراعة في مصر الناتج عن إهمال المسئولين ، فضلا عن إهمال حقوق طبقة الفلاحين التى بلغت ما يقرب من 50 مليون فلاح. والدليل على ذلك ما حدث للفلاح المصري في الأيام الماضية، من أزمات عدة على رأسها أزمة السكر مع فلاحين الصعيد، واستيراد الأرز وغيرها من المشاكل التي تتخاذل الحكومة في حلها، لذا أرى أن الفلاح في مصر ليس لديه أى عيد، فالفلاح مكلوم ومهموم وحزين. والأخطر أن هناك من يعبث بالزراعة المصرية ويريد أن يقضى عليها، من قبل عدة أيادٍ خفية ، تبث السموم برأس الفلاحين بحرفية شديدة لتوجيههم ضد الدولة. ما تعليقك علي قرار الرئيس بتطبيق التأمين الصحي على الفلاحين؟ - التأمين الصحي قرار جيد من الرئيس عبد الفتاح السيسي وأمر طال انتظاره، لكن هناك عدة تساؤلات هل يستطيع التأمين الصحي استقبال ال 51 مليون فلاح، أو يستطيع تحمل مليون فلاح فقط، بالتأكيد ستكون الإجابة «لا». هذا بالإضافة إلى ان العمال الزراعيين، وكذلك حجم الأطباء والعاملين في التأمين الصحي لن يستطعيوا استقبال هذا الكم الهائل من الفلاحين، خاصة مع كثرة الأمراض بسبب المياه الملوثة والمبيدات ووجودهم في الطين لفترات طويلة. ويضيف: التأمين الصحي يحتاج لموقف وخطاب سياسي، فمن حق كل مواطن فوق الستين أن توفر الدولة معاشا حده الأدنى1200 جنيه، في الوقت الذي يصرف للفلاح في نفس العمر 400 جنيه فقط، فهل هو مواطن درجة عاشرة؟، مضيفًا لم أر تمييزا واضطهادا في العالم مثلما يحدث للفلاح المصري. هل يستطيع مشروع المليون فدان حل بعض أزمات الفلاحين؟ - مشروع المليون فدان أحد أهم المشاريع القومية التي أعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي بل أجزم أنه أهم من قناة السويس والمليون وحدة سكنية لأنه سيحرر الإرادة المصرية من أي ضغط، فإنتاج الغذاء بالأيدي المصرية هو تحرر من الأيدي الأجنبية. ولكن لابد من أن يكون هناك بحث علمي يخدم التربة وعناصرها ويمنع تملح الآبار، كذلك أن توضع خريطة مناخية تفصيلية كي نزرع المحصول حسب الوقت الملائم له، بالإضافة إلى أن يكون لدينا منتجات تتحمل الملوحة والتنوعات المناخية وذات إنتاجية عالية. ويضيف نقيب الفلاحين: «البحث العلمي ثم البحث العلمي ثم البحث العلمي» هو الحل لكل ازمات الفلاح ، وذلك حتى يستطيع الاسلوب المتطور مساندة الفلاحين لينتصر على الظروف الطبيعية التي تكافح التصحر والجفاف. بعد تفعيل منظومة الكروت الذكية .. كيف يتم احتواء الفلاحين تحت مظلتها؟ - في تلك المسألة بالذات الحكومة أعلنت عن منظومة الكروت الذكية، وأصدرت ملايين الكروت دون التفكير في استشارة المزارعين وإدراج الآلات الزراعية داخل المنظومة، ولولا تدخل الرئيس عبدالفتاح السيسي في الوقت المناسب، وإعطاء أوامر للحكومة بوضع استراتيجية جديدة لمنظومة الكروت الذكية لإدراج الفلاح بها، لأصبح الفلاح في أزمة حقيقية عند التعامل مع آليات لا قبل له بها. من المتسبب الحقيقي في أزمة السكر بالصعيد.. من وجهة نظرك؟ - المشكلة في أزمة قصب السكر مع فلاحين الصعيد هي مشكلة تقاعس حكومي، فلم يتم حتي الآن صرف أموال القصب للمزارعين، وفي الوقت نفسه يتم فتح الباب الاستيراد على مصراعيه وكأن وزارة الصناعة والتجارة برئاسة الوزير فخري عبد النور تريد أن تقضى على زراعة القصب في مصر. ويستكمل: كان من الأولى إيقاف الاستيراد حتى الانتهاء من الناتج المحلي، وليس ترك آلاف الأطنان من السكر مركونة حتي أغلقت المصانع. كيف ترى زراعة القطن في مصر في عام 2015؟ مشكلة القطن المصري، كغيرها من الأزمات التي ذكرتها سابقًا هي مشكلة حكومة، حيث انتصرت الحكومة لرجال الأعمال وصناع الغزل والنسيج على حساب الفلاح البسيط. أما عن أسعار القطن «لو حد باع يقولك السعر كام» لافتًا الي أن القطن المصري مازال في المخازن وآخر في الأراضي ولم يبع حتي الآن، في الوقت الذي ترفض الدولة شراءه قائلًا: «الحكومة قضت على أحلام الفلاحين وكأنهم ولاد البطة السودة» . ما رأيك في قرار منع تصدير الأرز؟ - أرى انه كان لابد من اتخاذ عدة قرارات قبل منع تصدير الأرز، وهي أن يتم تحديد ثمن سعر الطن وتلتزم الدولة بشرائه من المزارعين، بالإضافة إلى فتح شون الجمعيات الزراعية وجميع المضارب لاستلام الأرز فور حصاده. والنقطة الأهم هي أن تصرف الدولة أموال المزارعين فورًا، في هذا الوقت فقط يكون للدولة حق غلق باب تصدير الأرز، لكن بطريقة أخرى فالحكومة تقتل الفلاحين بقرار طائش وهذا ليس من حقها. هل تستطيع الحيازة المميكنة في إيصال الدعم لمستحقيه من الفلاحين؟ - لا يوجد الكثير من التفاصيل حول منظومة الحيازة المميكنة التي أعلن عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي، هي بالتأكيد أمر جيد لأنه سيستطيع تنظيم وصول الدعم لمستحقيه.