جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا.. صرح أكاديمي متكامل ورؤية تعليمية عالمية    "التربية السليمة للأطفال وحقوق الطفل وذوى الإعاقة " فى ندوة بالشرقية    مدبولى: وجهت بالمتابعة المستمرة لمواجهة أى زيادات غير مبررة فى الأسعار    الرقابة المالية: مد وقف تلقي طلبات التأسيس لنشاطي التمويل الاستهلاكي ومتناهي الصغر لمدة عام    نائب محافظ القاهرة يوجه بتكثيف حملات النظافة على شوارع روض الفرج والساحل    مصر تستضيف مؤتمر تسليم وتسلم قيادة افريكسم بنك    زلزال بقوة 5.1 درجة يضرب قبالة مدينة كوشيرو اليابانية    نتنياهو: شراكتنا مع واشنطن غير مسبوقة.. وتحالفنا خلق فرصا للسلام والأمن    بوتين يطلع عبر الفيديو على تدريبات للقوات النووية الاستراتيجية    محافظ شمال سيناء: معبر رفح من الجانب المصري لم يغلق منذ 7 أكتوبر 2023    مصر تتصدر قوائم المرشحين لجوائز كاف 2025.. محمد صلاح ينافس حكيمي على ملك القارة.. حسام حسن مرشح لجائزة أفضل مدرب.. إمام عاشور ينافس إبراهيم عادل وثلاثي بيراميدز على لقب أفضل لاعب محلي.. والشناوي لأحسن حارس    شاهد غرفة ملابس الأهلي قبل مباراة الاتحاد السكندري في الدوري    رفض طعن برشلونة على طرد فليك وغيابه عن الكلاسيكو أمام ريال مدريد    مشاجرة عنيفة بسبب "تروسيكل سريع".. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة الشرقية    فئات ممنوعة من أداء مناسك الحج    حملات مرورية مكثفة بمنطقة المساكن والجامعة بقنا بعد شكوى الطلاب والأهالى    هدم جدار المسجد لسرقة مكتب بريد بالإسكندرية.. اعترافات صادمة "صور"    مهرجان الموسيقي العربية.. مى فاروق على مسرح النافورة والحجار فى سيد درويش    زاهي حواس: المتحف المصري الكبير إنجاز علمي جبار .. وافتتاحه سيعزز السياحة    النجم التركي كان أورجانجي أوغلو: مستعد للعمل في الدراما المصرية والعربية    محمد عبده يقبل يد المايسترو هاني فرحات : "ونكيد العوازل بقي "    دبلوماسي أوكرانى: ترامب كان مستعدًا لتنازلات لأجل السلام وبوتين رفض    تعليم المنوفية: فحص طبى لجميع طلاب مدرسة بالباجور عقب إصابة 24 بالجدرى المائى    505 جهة وشركة تتعاقد بمنظومة التأمين الصحى الشامل على مستوى الجمهورية    وزارة العمل تعقد اختبارات للمتقدمين ل 8 مهن في دولة الإمارات    «تعليم الغربية» تتفقد انتظام الدراسة وتوافر وسائل الأمن والسلامة في عدة مدارس    الأورومتوسطي: لم ينجُ أحد بغزة من الإبادة.. وإسرائيل قتلت وأصابت واعتقلت 12% من سكان القطاع    اليوم.. ملك المغرب يستضيف منتخب الشباب بعد التتويج بكأس العالم    المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات: ندعو لوقف فوري لإطلاق النار في السودان    «الرعاية الصحية» : تقنية حديثة لعلاج دوالي الساقين دون جراحة بمستشفى السلام التخصصي ببورسعيد    إحالة أوراق سائق للمفتي بعد اتهامه بقتل مزارع وتزعُّم عصابة للإتجار بالمخدرات في القليوبية    القبض على المتهم بقتل طليقته أمام مدرسة في مدينة السادات بالمنوفية    نائب وزير الإسكان يتفقد محطة معالجة الصرف الصحي بالجبل الأصفر بمرحلتيها الأولى والثانية    للقضاء على السحابة السوداء.. تجميع 408 آلاف طن قش أرز منذ بداية الحصاد    لبنى عبد الله: أمير عبد الحميد رحب بالاستمرار في الأهلى من موقع الرجل الثالث    تأهل كلية الاستزراع المائي بالعريش لجائزة مصر للتميز الحكومي    "الأونروا": يجب فتح جميع المعابر إلى غزة مع ضرورة أن تكون المساعدات غير مقيدة    الأقصر تتحرك لدعم موسم سياحي استثنائي.. لقاء موسع بمشاركة خبراء ومختصين    بيحبوا يكسروا الروتين.. 4 أبراج لا تخشى المخاطرة وتحب انتهاز الفرص    وزير الإسكان: تخصيص 408 قطع أراضٍ للمواطنين بمنطقة الرابية    البترول: مصر تُصدر 150 ألف متر مكعب من الغاز المسال إلى تركيا لصالح توتال إنيرجيز    على خطى «لصوص لكن ظرفاء».. اعترافات المتهمين ب«سرقة ذهب» من فيلا التجمع    نائب وزير الصحة يتفقد جاهزية الخدمات الطبية والطوارئ بميناء رفح البري    بينها الأسماك الدهنية وممارسة الرياضة.. أطعمة صحية للمحافظة على القلب    منتخب مصر للسيدات يختتم استعداداته لمواجهة غانا في تصفيات أمم إفريقيا    مفتي الجمهورية: الله تولى بنفسه منصب الإفتاء وجعله من وظائف النبوة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 22-10-2025 في محافظة الأقصر    موعد مباراة بايرن ميونخ وكلوب بروج فى دوري الأبطال والقنوات الناقلة    الغندور: عبدالقادر يرفض الانتقال للزمالك ويقرر تجديد عقده مع الأهلي    افتتاح ساحة جامعة قنا    منال عوض: نسعى لحل مشاكل المواطنين والتواجد المستمر على أرض الواقع    الصحة وصندوق مكافحة الإدمان يفتتحان قسما جديدا للحجز الإلزامي بمستشفى إمبابة    حكم القيام بإثبات الحضور للزميل الغائب عن العمل.. الإفتاء تجيب    مجلس الكنائس العالمي يشارك في احتفال الكنيسة المصلحة بمرور 150 عامًا على تأسيسها    سماء الفرج    موعد شهر رمضان المبارك 1447 هجريًا والأيام المتبقية    حين يتأخر الجواب: لماذا لا يُستجاب الدعاء أحيانًا؟    إنها مصر السلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كنوز مصر المنهوبة
نشر في الوفد يوم 06 - 09 - 2015

إذا كنت ممن جرت دموعهم أنهاراً حزناً علي تدمير آثار العراق وسوريا علي يد الداعشيين، فوفر دموعك لآثار مصر، فآثارنا تتعرض لما هو أخطر وأبشع.
فداعش تحطم الآثار، ولكن مافيا مصر تفعل ما هو أبشع، تسرقها وتهربها للخارج وتبيعها لمن يدفع أكثر.. والتحطيم والقتل أرحم كثيراً من العبودية والنخاسة والبيع أمام عينيك.
فلو أن تمثال «سخم كا» بطل آخر حادثة أثرية حتى الآن، تحطم بأيدي الجاهلين، فلربما كان أرحم من أن يعرضه متحف بريطاني للبيع، أمام أعين 90 مليون مصري، وقفوا جميعاً عاجزين عن استرداده، فتشتريه في النهاية سيدة قطرية مقابل ما يعادل 160 مليون جنيه، فيما اكتفي المصريون جميعاً بتبادل الاتهامات والصراخ.
وفر دموعك علي آثار مصر التي ترك المسئولون 96% منها معرضة للسرقة والنهب، وتجاهلوا مئات المناطق الأثرية في كل محافظات مصر رغم أن بها كنوزاً أثرية لا تقدر بثمن.
وفر دموعك لآثار المفروض أنها محفوظة في المخازن الأثرية بمصر، ولكنها في الحقيقة تباع في مزادات علنية في الخارج!
المدهش في قضية تهريب الآثار أنك تجد شخصيات محددة وجهات بعينها، تتكرر أسماؤها في أكثر من حادثة نهب لآثار مصرية.. مثلاً.. متحف نورث هاملتون البريطاني.. المتحف الذي عرض قبل أيام تمثال «سخم كا» للبيع، نفس هذا المتحف كان بطل واقعة حدثت في مطلع ستينات القرن الماضي.. الواقعة يرويها في مذكراته الراحل ثروت عكاشة - وزير الثقافة ونائب رئيس الوزراء سابقا - يقول «عكاشة» في مذكراته التي تحمل اسم «مذكراتي في السياسة والثقافة»: إنه فوجئ بالسفير الأمريكي بصحبة مدير متحف نورث هاملتون، يزورانه في مكتبه (وكان وقتها وزيراً للثقافة والإرشاد)، وفي هذا اللقاء عرض مدير المتحف البريطاني أن يشتري آثار النوبة التي ستغرق تحت مياه النيل في مطلع الستينيات بعدما بدأت مصر تحويل مجري نهر النيل لبناء السد العالي.
وأشار «عكاشة» في مذكراته إلي أنه قال لمدير المتحف البريطاني ما معناه، إنه كان يجب أن يعرض المساعدة في إنقاذ تلك الآثار باعتبارها أحد كنوز التراث الإنساني العالمي.. وانتهي اللقاء عند هذا الحد، وعلي الفور توجه «ثروت عكاشة» للقاء الرئيس عبدالناصر، وأخبره بما حدث، وأقنعه بالبدء فوراً في حملة دولية ومحلية لإنقاذ آثار النوبة.. وهو ما حدث بعد ذلك.
الواقعة رغم قدمها تكشف أمرين شديدي الخطورة، أولهما أن سفراء لدول كبيرة يشاركون في عمليات تتعلق بالآثار، والحقيقة الثانية أن جهات دولية مستعدة لدفع مبالغ خيالية للحصول علي قطعة آثار مصرية.
وفي أجواء كهذه صارت آثارنا مطمعاً للكثيرين، وزاد الأمر سوءاً، أنه أتي علي آثار مصر حين من الدهر كانت تباع علي قارعة الطريق تماماً مثلما تباع الطماطم حالياً، وكانت تقدم كهدايا للملوك والرؤساء ولشخصيات مصرية وأجنبية، وفوق هذا استولي مسئولون مصريون علي الكثير منها واحتفظوا بها في بيوتهم، كما تبارت بعثات أثرية أجنبية ودبلوماسيون أجانب في تهريب ما استطاعوا من آثار إلي خارج مصر.
وعام بعد آخر تواصل تهريب الآثار، حتى وصل ما تم تهريبه حتى الآن 250 ألف قطعة أثرية نادرة - حسب تقديرات الأثري الكبير نور عبدالصمد، مدير عام التوثيق الأثري بلاظوغلي - والمثير كما يقول «عبدالصمد» أن كل تلك الآثار يحتفظ بها 200 ملياردير خارج مصر في متاحفهم الخاصة!
وتتوالي المفاجآت التي يكشفها «نور»، مؤكداً وجود عدد ضخم آخر من الآثار التي تحتفظ بها متاحف حكومية في دول غربية كثيرة، وتقدر هذه الآثار بما يزيد علي 500 ألف قطعة أثرية.. والكارثة أن الغالبية العظمي منها غير مسجلة في مصر وبالتالي لا يمكن استعادتها!
ورغم أن وزارة الآثار منذ عام 2002 رفعت لواء استعادة الآثار من الخارج، إلا أنها لم تستعد حتى الآن سوي حوالي 5 آلاف قطعة أثرية، منها 4500 زلطة تعود لعصر ما قبل التاريخ!
والكارثة الأكبر - والكلام لا يزال للأثري نور عبدالصمد - أن المتحف الإسلامي كان يضم 100 ألف قطعة أثرية، لم يعد موجداً منها سوي 3 آلاف قطعة أثرية فقط، أما المتحف اليوناني الروماني فيوجد في مخازنه آلاف القطع الأثرية التي لا يعلم أحد عنها شيئاً، لأنه لم يتم حصرها ولا جردها منذ سنوات طويلة، وحتى المتحف المصري الكبير القابع وسط ميدان التحرير تمت سرقة 38 قطعة ذهبية من داخله، عندما كان وزير الآثار الحالي «ممدوح الدماطي» مديراً للمتحف، والغريب أنه تم تهريب هذه القطع الذهبية خارج المتحف من خلال كرتونة!.. نفس الحال في المتحف القبطي الذي شهد سرقات لمخطوطات نادرة، دون أن يُعاقب أحد علي تلك الجرائم!
ويبقي أخطر ما كشفه الأثري نور عبدالصمد ل «الوفد» تأكيده أن مصر بها 50 مخزناً للآثار كانت مزودة بأحدث أجهزة الإنذار وكاميرات المراقبة التي تسجل كل همسة تقع داخلها، ولكن تم تعطيل كل تلك الأنظمة في كل المخازن واكتفت وزارة الآثار بالصمت!
كلمة سر ثلاثية
كل تجارة غير مشروعة لها كلمة سر، وكلمة السر في تهريب الآثار كما يقول الأثري «عمر الحضري»، الأمين العام للنقابة المستقلة للآثار، هي كلمة ثلاثية، تضم مسئولين كباراً وبعثات أثرية أجنبية ودبلوماسيين، وتساعدها دول وكيانات دولية.. ويقول: «المافيا تمارس تهريب الآثار بطريقة ممنهجة، لتحقيق هدفين، الثراء السريع، ومحاولة تزوير التاريخ».
وواصل: «للأسف فتحت مصر ذراعيها للبعثات الأثرية الأجنبية التي كانت تحصل علي ثلث الآثار التي تكتشفها، حتى صدر قانون الآثار الحالي عام 1983 الذي أوقف هذه النزيف الخطير، وهذا الأمر سهل خروج مئات الآلاف من القطع الأثرية النادرة، خاصة أن تلك البعثات كانت تحتفظ لنفسها بأفضل القطع الأثرية وأكثرها ندرة، وكان أغلبها لا يكتفي فقط بالحصول علي ثلث الآثار، فكانت تلجأ إلي المهربين لتهريب أكبر كمية ممكنة من القطع الأثرية، ومن بين من قاموا بعمليات التهريب دبلوماسيون كبار، استغلوا البروتوكولات الدبلوماسية أبشع استغلال فهربوا آثار بلا حصر داخل حقائبهم الدبلوماسية التي لا تخضع لأي تفتيش في المطارات والموانئ، والكارثة أن مطارات مصر وموانيها جميعها ليس فيها أجهزة تكشف عن الآثار، ولهذا يمكن بسهولة تهريب الآثار وسط كونترات الفاكهة أو الخضراوات أو الأثاث أو الأجهزة الكهربية التي يتم تصديرها للخارج عبر الموانئ المصرية.
.. وقيدت ضد مجهول
وإذا كانت مصر كلها تتحدث عن تمثال «سخم كا» الذي خرج من مصر في منتصف القرن التاسع عشر، فهناك آلاف القطع الأثرية التي تم تهريبها في السنوات الأخيرة، وعرضها للبيع في الخارج، ولم يحاسب مصري واحد علي تهريبها.. مثلاً.. تمثال لكاتب يشبه تماماً «سخم كا»، اكتشفته بعثة تشيكية منذ عامين، وتم وضعه في مخزن ميت رهينة، ومرت شهور، وفوجئ أحد الأثريين بأن ذات التمثال معروض للبيع في الولايات المتحدة الأمريكية، فتم إبلاغ الإنتربول، وبدأت التحقيقات في مصر حول الواقعة، وكشفت أن التمثال لا يزال موجوداً في مخزن ميت رهينة، ولكنهم اكتشفوا أنه تمثال مزور، وفي التحقيقات اعترف أحد المتهمين، بأن مسئولاً بالسفارة السويدية عرض شراء التمثال ب 30 مليون دولار، ولكنه رفض.. وانتهت التحقيقات بحبس كبير مفتشي منطقة ميت رهينة وفردي أمن مسئولين عن المخزن.. وبعد فترة خرج الجميع من الحبس وعادوا إلي عملهم، وكأن شيئاً لم يكن!
نفس الواقعة تكررت مع لوحة الزيوت السبعة، وهي لوحة أثرية نادرة تتضمن أسماء الزيوت التي استخدمها القدماء في التحنيط، وكانت موجودة في مخزن وزارة الآثار، وفجأة اكتشف عالم آثار مصري يحمل الجنسية الأسترالية أن اللوحة معروضة للبيع في الخارج فأبلغ السفارة المصرية، التي أبلغت بدورها الإنتربول، ولكن وزارة الآثار المصرية، قامت بتصرف غريب جداً، أعلنت أن اللوحة المعروضة للبيع في الخارج مقلدة، وأن اللوحة الأصلية موجودة في مخزن الآثار بمصر، ولكن بعد بحث وتدقيق، تكشفت الحقيقة، لتقول إن اللوحة الموجودة في المخازن المصرية هي اللوحة المزورة، بينما اللوحة المعروضة للبيع في الخارج هي اللوحة الأصلية، وتم فتح تحقيق في مصر حول الواقعة، فقال المسئول عن المخزن إنه سلم اللوحة إلي المتحف الكبير، بينما قال مسئولو المتحف إن التسليم كان علي الورق فقط.. وانتهي الأمر عند تبادل الاتهامات!
عصابات التنقيب
قبل أيام تم القبض علي عصابة للتنقيب عن الآثار في قنا.. والغريب أن المتهمين المقبوض عليهم بينهم طبيب وباحث، وأستاذ جامعي.. والأغرب أنهم كانوا من محافظات القاهرة والمنوفية والجيزة، ومع ذلك كانوا ينقبون عن الآثار في الجنوب البعيد.. في قنا!
وتكشف هذه الواقعة إلي أي مدي سيطرت عملية البحث عن الآثار علي عقول المصريين، حتى النخبة منهم سقطوا في بحر حلم الثراء السريع بالبحث عن الآثار.
ولا نتجاوز إذا قلنا إن محافظات مصر كلها ينتشر فيها عصابات البحث عن الآثار، التي تضم في الغالب دجالين ووسطاء وسماسرة ينتشرون في المحافظات المختلفة، خصوصاً في القرى بحثاً عن الآثار، ويتم الحفر لعشرات الأمتار بحثاً عن التماثيل الفرعونية والزئبق الفرعوني!.. ويستعينون في ذلك بأجهزة رصد خاصة، وعند الوصول إلي الآثار تبدأ رحلة البحث عن المشتري، التي تبدأ بتصوير الأثر بالفيديو من جميع الاتجاهات وبجانبه ورقة نتيجة تحمل يوم اكتشافه، وبجوارها عملة ورقية موضح بها رقم وهو ما يريده البائع لبيع الأثر، فإذا أراد أحد شراء هذا الأثر، فإنه يستعين أولاً بخبير آثار لفحص الأثر للتأكد من أنه أصلي وليس مقلداً، وبعدها يبدأ الاتفاق علي ثمن الأثر الذي يكون غالباً بعشرات الملايين من الدولارات وأحياناً بمئات الملايين من الدولارات.
وتأتي علي رأس قائمة المحافظات الأكثر جذباً لعصابات التنقيب عن الآثار الفيوم والجيزة وبني سويف والوادي الجديد وقنا والأقصر وسيناء.
والمؤكد أن قانون حماية الآثار الذي يحمل رقم 117 لسنة 1983 مسئول بشكل كبير عن انتشار عصابات التنقيب عن الآثار، لضعف عقوبة المتورطين في تلك الجريمة.. فحسب القانون فإنه يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على خمس، وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألفاً، كل من نقل بغير إذن كتابى صادر عن المجلس الأعلي للآثار، أثراً مملوكاً للدولة أو مسجلاً أو نزعه من مكانه، أو حول المبانى أو الأراضى الأثرية أو جزءاً منها إلى مسكن أو حظيرة أو مخزن أو مصنع أو زرعها، أو أعدها للزراعة أو غرس فيها أشجاراً أو اتخذها جرناً أو شق بها مصارف أو مساقى أو أقام عليها أي إشغالات أخرى أو اعتدى عليها بأي صورة كانت دون ترخيص طبقاً لأحكام هذا القانون.. وطبعاً السجن 5 سنوات أمر هين إذا كان ثمن أقل قطعة أثرية يتجاوز بكثير مليون جنيه.
آثار منسية
وتبقي أم الكوارث في قضية الآثار المصرية هي ما أكده العالم الأثري الكبير الدكتور عبدالحليم نور الدين، رئيس اتحاد الأثريين العرب، مقرر لجنة الآثار بالمجلس الأعلى للثقافة.. ففي دراسة علمية قال الدكتور «نور الدين»: «إن 96% من آثار مصر منسية وخارج دائرة الضوء ومهملة ومتروكة بلا تنمية ولا تأمين، ومعرضة للسرقة بين الحين والآخر».. وقال: «ما أكثر السرقات التي تعرضت لها الآثار بعد ثورة يناير».
وأضاف: «كل محافظات مصر تضم آثاراً منسية، والغريب أن من بين تلك الآثار، كنوزاً أثرية نادرة ولا مثيل لها. والأكثر غرابة أن هناك آثاراً منسية في قلب العاصمة».
تابع «نور الدين»: «توجد مناطق أثرية منسية في «المعادي» وعزبة الوالدة بحلوان بالقاهرة، وهناك أيضاً مرمدة بنى سلامة وطرانة بمركز إمبابة وزاوية العريان بمركز الجيزة، فضلاً عن مناطق مزغونة وميت رهينة التي تضم مدينة المدائن في مصر القديمة، وهناك أيضاً منطقة «منف» واللشت وكفر طرخان وجرزا وقرية السعودية بمركز العياط بالجيزة.
وحدد الدكتور نور الدين، قائمة طويلة من المناطق الأثرية المنسية في محافظات مصر المختلفة ضمت: «تل بنى عامر» و«تل إبراهيم عوض» و«تل كفور نجم» و«منشأة أبوعمر» في محافظة الشرقية.. أما في القليوبية فتضم قائمة الآثار المنسية «تل أتريب» و«تل اليهودية» و«تل العمارنة» وغيرها.. وفي محافظة الدقهلية «تل البويب» و«تل الفرخة» و«تل تِبِلَّة».. وفي محافظة المنوفية تل منطقة محاجر قويسنا و«الكوم الأحمر» بقويسنا وقرية «الفرعونية» مركز أشمون.
وفي محافظة كفر الشيخ تل الفراعين «بوتو» و«كوم الدهب» و«تل مطوبس» موقع «تل مطوبس» من الجنوب و«تل قبريط» و«تل العامية» و«تل المطيور»، و«كوم أبوإسماعيل»، و«تل المسك» و«تل علوى» و«تل الشيخ إبراهيم» و«تل الفقعة».. وفي محافظة البحيرة تضم المناطق الأثرية المنسية مناطق «نقراطيس» و«أبوالمطامير» و«تل كوم الحاج» و«تل دفشو» و«تل كوم الحاج» و«تل المحار» و«كوم دفشو» و«الطرفاية» و«كوم القاضى» و«تل الكنايس» و«كوم الجيزة» و«كوم الحمام» مركز أبوحمص «كوم الضباع» و«تل سيدى يوسف» و«كوم الحصن» و«كوم خليش» و«كوم البوص» و«كوم الضباع» و«كوم الضباع البحرى» و«كوم عزبة الجلاد» و«كوم عزيزة» و«كوم جنادى» و«كوم عوض» و«كوم عوض» و«كوم فرين» و«تل الأبقعين» و«كوم النوام».. وفي محافظة الغربية (صان الحجر) وقرية «النحارية» و«بهبيت الحجارة» سمنود.. وفي محافظة الإسكندرية مقبرة الشاطبي ومقابر الأنفوشي ومعبد أبوصير مريوط.. وفي محافظة مطروح «زاوية أم الرُّخم» ومخازن مقبية من قلعة «زاوية أم الرخم» مارينا العلمين وجبل الموتى و«جبل الموتى» فى واحة «سيوة».. وفي محافظة الفيوم «مدينة ماضى» و«قصر الصاغة» و«هرم سيلا»، ومدينة أم الأثل الأثرية ومدينة كرانيس الأثرية.. وفي سيناء «الخروبة» و«رفح» و«الشيخ زويد» و«تل مخزن».. وفي بورسعيد، منطقة الفارما.. وفي الإسماعيلية «تل مسخوطو» و«تل كوع».. وفي السويس «تل القلزم».. وفي بني سويف «ميدوم» و«الحيبة».. وفي المنيا «شارونة»، و«تونة الجبل» التي يوجد بها أقدم تراث اسلامي ومسيحي وبعضها تحول إلي مقار لأحزاب ومقار لأجهزة حكومية والباقي تحول إلي خرابات.. وفي أسيوط «البداري» و«دير مريعا».. وفي سوهاج «الحواويش» و«أخميم» و«أبيدوس» و«البلينا».. وفي قنا «دندرة»، بالإضافة إلي 20 منطقة أثرية في النوبة وأسوان.
والمؤسف أن فشلنا لم يتوقف فقط عند عجزنا عن حماية آثار أجدادنا من النهب والسلب، بل امتد الفشل إلي عجزنا عن جذب السياح لمشاهدة آثار أعظم حضارة في التاريخ.. ودليل عجزنا هذا أن عدد السياح الوافدين لمصر في العام الماضي بلغ 10 ملايين سائح، ومتوقع أن يصل إلي 13 مليون سائح هذا العام، بينما دولة مثل تركيا، الأقل من مصر كثيراً من الناحية الأثرية استقبلت العام الماضي 30 مليون سائح، ومدينة أسطنبول وحدها استقبلت 10 ملايين سائح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.