ألقت أزمة الانتقادات البريطانية الصادرة خلال اليومين الماضيين للقضاء المصري حول الحكم الصادر فى قضية «خلية الماريوت» بظلال جديدة من الغموض حول الزيارة التى كان من المقرر قيام الرئيس عبدالفتاح السيسي بها إلى لندن، تلبية للدعوة التى تلقاها فى منتصف شهر يونية الماضى من رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون، خلال استقباله مستشار رئيس الوزراء البريطانى لشئون الأمن القومى كيم داروك. أكد مراقبون أنه من المرتقب تأجيل هذه الزيارة التى لم يكن موعدها قد تحدد بعد، وخاصة فى ظل ما تردد عن وجود حملة فى بريطانيا تطالب بإلغاء دعوة السيسي لزيارة المملكة المتحدة، بزعم «أن النظام المصري القائم يمثل النقيض للقيم البريطانية الأساسية من سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان والديمقراطية» على حد قول منظمى هذه الحملة. واستدعت وزارة الخارجية صباح أمس السفير البريطانى بالقاهرة «جون كاسون» لابداء اعتراضها الشديد على ما صدر منه من تصريحات اعتبرتها الخارجية المصرية «تدخلاً غير مقبول فى أحكام القضاء المصرى»، و«يتنافى مع الأعراف والممارسات الدبلوماسية لسفير معتمد فى دولة أجنبية، مهمته الرئيسية توثيق العلاقات مع الدولة المعتمد لديها». ورداً على ما قاله السفير البرطانى إن «الأحكام الصادرة سوف تقلل من الثقة فى الخطرات التى تقوم بها مصر نحو تحقيق الاستقرار بناء على تنفيذ الحقوق المنصوص عليها فى الدستور المصرى»، علق المتحدث باسم الخارجية بأن المهم هو ثقة الشعب المصرى فى نزاهة قضائه واستقلاليته، مؤكداً أن مصر لاتنتظر دروساً من أحد. كما أعربت وزارة الخارجية عن رفضها الكامل لأى بيانات أو تصريحات صادرة عن جهات خارجية تتعلق بالحكم الصادر بقضية «خلية الماريوت» واعتبرت ذلك تدخلاً غير مقبول فى أحكام القضاء المصرى يحمل إسقاطات معروفة اسبابها وخلطاً متعمداً بين حريات نص الدستور المصرى على حمايتها، ومخالفات قانونية صريحة وموثقة تضمنتها حيثيات الحكم الصادر فى القضية. وفى تعقيب للمتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية اكد ان مصر دولة قانون ودستورها يصون ويحمى جميع الحقوق والحريات وأن المحاولات المستمرة لخلط الاورراق للايحاء بأن الأحكام تستهدف تقييد حرية الصحافة هى ادعاءات لا تتسق مع الواقع حيث ان هناك الآلاف من الصحفيين المصريين وغير المصريين الذين يعملون فى مصر بحرية تامة ولم توجه اليهم أى اتهامات، مشيراً الى ان المتهمين فى القضية اقترفوا مخالفات قانونية محددة وموثقة استندت اليها هيئة المحكمة. وأضاف المتحدث باسم الخارجية ان مصر دولة عريقة وشعبها على وعى كامل بحقوقه والتزاماته وان من يتبنون مثل تلك الحملات لديهم الكثير مما يسحق النقد. وأصدرت السفارة البريطانية بياناً حول استدعاء السفير، اشارت فيه الى ان السفير كاسون اجتمع مع هشام سيف الدين مدير مكتب وزير الخارجية سماح شكرى بناء على طلب من وزارة الخارجية، وأوضح البيان أن السفير شرح موقف المملكة المتحدة بخصوص حكم/ المحكمة..وهذا الموقف تم التعبير عنه فى بيانات صادرة من لندن والقاهرة فى ظل وجود مواطنين بريطانيين اثنين تضمهما القضية، وأكد البيان أن السفير البريطانى تعهد بنقل التحفظات التى عبر عنها الجانب المصري إلى الوزراء فى لندن. وكان توباياس إلوود وزير شئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا البريطانى، قد أعرب عن قلقه تجاه الأحكام الصادرة ضد صحفيي «الجزيرة» في مصر. وقال: «إن هذه الأحكام تقوض الثقة بإحراز تقدم في مصر تجاه الاستقرار على الأجل الطويل المبني على احترام الحقوق التي كفلها الدستور المصري» على حد وصفه، وأضاف: لقد أثرنا مرارًا وتكرارًا موضوع هذه القضية والقيود المفروضة على حرية التعبير في مصر مع الوزراء وكبار المسئولين. وندرك أن هناك إمكانية للاستئناف في هذه القضية، وسوف نراقب التطورات مستقبلا عن قرب. ومن الضروري أن تتخذ السلطات المصرية إجراء عاجلاً لتسوية وضع الصحفيين البريطانيين في هذه القضية. وفى نفس السياق صرحت المتحدثة الرسمية للممثلة العليا للاتحاد الأوروبي ونائبة الرئيس فديريكا موجريني بأن الحكم الذي صدر على صحفيي الجزيرة محمد فهمي ومحمد باهر يمثل انتكاسة لحرية التعبير في مصر. وكذلك بشأن الحكم الذي صدر غيابيا على بيتر جرسته ووصفته بأنه يعد «خرقاً لالتزامات مصر بموجب القانون الدولي ويثير أسئلة حول مصداقية إجراءات العملية». وأضافت أن الاتحاد الأوروبي يتطلع إلى مرحلة الطعون ويكرر دعوته للإفراج عن المتهمين. ويؤكد الاتحاد الأوروبي أن حرية وتنوع واستقلال وسائل الإعلام هي ضرورة للمجتمع الديمقراطي، كما يتوقع اتخاذ خطوات فعالة لتعزيز بيئة آمنة للصحفيين.