أثار مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام، مؤخراً ضجة كبيرة بين الحقوقيين - الذين اعتبروه «مجحفا» - لكونه يهتم بالصحف القومية وتطويرها وتحديثها، بخلاف المميزات المالية للعاملين بها، بينما لم يوف أيا من حقوق الصحفيين فى الصحف الخاصة والحزبية، وبالتالى يتسبب فى تكبيل الحريات، والإضرار بالاستقرار المهنى للصحفيين بالصحف الحزبية والمستقلة، نتيجة غياب المساواة والعدالة بين الجميع، الأمر الذى يتسبب فى إحداث الفرقة والتمييز والانقسام بين أبناء المهنة الواحدة، حيث ستغيب معه الضوابط والمعايير التى تمكن القانون من التطبيق العادل، وضمان حقوق العاملين وكفاءتهم، مما يضاعف من أهمية ضمان المشروع لمعايير وضوابط واضحة تحقق الاستقلالية والحيادية المطلوبة. و«الوفد» تطرح تساؤلاً حول: أين الصحف الحزبية والخاصة من الهيئة الوطنية للصحافة والمجلس الأعلى للإعلام.. وما آلية اختيار أعضاء هذا الكيانات الجديدة؟! بداية قال الدكتور طارق زغلول، الناشط الحقوقى والمدير التنفيذى للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان: أن قانون تنظيم الصحافة يعتبر «مجحفا» بحق الصحفيين بالصحف الحزبية، لما يعد انتهاكا لمبدأ المساواة، ويكرس لفكرة هيمنة الصحف القومية على الصحافة والإعلام، وهو ما اعتبره مثيراً للقلق والدهشة حول استثناء المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة وإعفائها من مديونيتها وتعظيم دورها وتطويرها وضمان تحديثها، وتجاهل تماماً الصحف الحزبية والمستقلة، على نحو يخالف نصوص الدستور. كما أنه لا يجوز للمجلس الأعلى وهيئات الصحافة والإعلام، أن تمتلك الصحف الحزبية، ولكن إشرافه من حيث المحافظة على حقوق الصحفيين، وضبط العملية الإعلامية والصحفية . وطالب «الناشط الحقوقى» بسحب هذا القانون، وعدم العمل بموجبه، لأنه يحمل أخطاء فادحة بحق الصحافة والنقابة المهنية وأصحاب الأقلام الحرة، لأن الهيئة الوطنية للصحافة ليست تمثيلاً عادلاً للصحفيين جميعهم. وأكد «الناشط الحقوقى» أن القانون ينص على: «التزام الهيئة الوطنية للصحافة بتمويل مكافأة نهاية الخدمة للعاملين بالمؤسسات الصحفية القومية عند الإحالة للمعاش أو التقاعد أو الوفاة بما لا يقل عن شهر عن كل سنة خدمة»، وهو أمر يتناقض مع مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص بين أبناء المهنة. مكتسبات فى الدستور والتقط طرف الحديث الدكتور صفوت جرجس، مدير المركز المصرى لحقوق الإنسان . مؤكداً أن قانون تنظيم الصحافة اختص بعض المواد بالعاملين بالصحف القومية عن الجرائد الأخرى، وخلق تفرقة وتمييزاً بينهم، وهو ما يعد تمييزاً غير دستوري بين الصحفيين، وما يستوجب من المشاركين مراجعة نصوصه مرة أخرى. ويوضح الدكتور «جرجس» أن السماح بتطبيق نصوص قانون تنظيم الصحافة هو خطأ كبير، لكونه يتناقض مع القاعدة القانونية العادلة التى تحمل بين جوانبها الفهم الواضح لمواد الدستور وروحه، لأنه من المفترض ألا يكون هناك تمييز بين الصحفيين على أساس العمل، وذلك يهدر الحماية القانونية المتكافئة بينهم. ومن جانبه قال نجيب جبرائيل، المحامى رئيس الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان: من غير المقبول إعطاء ميزات وحقوق للصحفيين فى المؤسسات القومية، وحرمان زملائهم فى المؤسسات الحزبية والمستقلة، فهذا تمييز غير مفهوم، ويتسبب فى إحداث فرقة وانقسام بين أبناء المهنة الواحدة، مما يشوبه بعض العوار الدستورى. حريات الصحافة فيما أكد محمد أسامة جمعة، الناشط فى مجال حقوق الإنسان: أن قانون الصحافة بشكله الحالى يتعارض مع نصوص الدستور الذى استفتى عليه الشعب. لافتاً إلى أن المشكلة الحالية تتطلب مراجعة القوانين والمواد القانونية الخاصة بالصحافة والإعلام. وطالب «جمعة» بأن يتم التعامل مع المؤسسات الصحفية الحزبية مثل الصحف القومية، فيما يتعلق بإسقاط مديونياتها، والمساواة بين الصحف الخاصة والحزبية، والحفاظ على حريات الصحافة، التى تم اكتسابها من الدستور، وإتاحة فرصة التعبير، وإلغاء النصوص السالبة للحريات بشكل عام، للارتقاء بحقوق أبناء المهنة. العدالة المفقودة ومن ناحيتها قالت الدكتورة ابتهال أحمد رشاد، مستشارة التنمية البشرية وحقوق الإنسان: هناك تحديات تواجه العاملين فى الصحف الحزبية ومنها غياب الدعم الصحفى، وغياب العنصر المادى، والمعاناة التى يعانى منها الصحفى فى توفير قوت يومه، وهذه مشاكل فى منتهى الخطورة، هذا بالإضافة إلى الصراعات القائمة داخل أرجاء المؤسسات الصحفية الحزبية والمستقلة، كما أن منظومة التشريعات الحالية مازالت تشريعات الرئيس المخلوع «مبارك»، ومن ثم يجب مساندة جميع المؤسسات الصحفية الحزبية والقومية، والوقوف بجانب الصحفيين، وكل من يخاطبون الرأى العام، ومنع المصادرة، والقوانين السالبة للحريات، وإبعاد يد السلطة التنفيذية من النيل من حريات الصحافة.