في لفتة إنسانية نادرة تؤكد أن الحب والوفاء في الوسط الفني لم يختفيا بعد، وأن صاحب القيم والمبادئ والعطاء الفني المتجدد يؤكد دائما أنه الزعيم، ونظرا للعلاقة الوطيدة التي تربطه بالفنان الراحل نور الشريف. وقرر الفنان عادل إمام، احتراما لذكرى صديقة ورفيق مشواره الفني، ومشاركة لأسرته ومحبيه أحزانهم، تأجيل موعد زفاف نجله الفنان محمد إمام الذي كان مقررا يوم السبت القادم في إحدي القري السياحية بالساحل الشمالي، وكان من المنتظر أن يحييه كبار المطربين في الوطن العربي، في مقدمتهم عمرو دياب، وذلك بعد موافقة ابنه وتحمسه لفكرة التأجيل. ولم يكتف الزعيم عادل إمام - وفاء لزميله الفنان الراحل نور الشريف - بتأجيل فرحة أسرته بزفاف نجلها الذي كان محددا منذ فترة طويلة، بعد أن أعد العروسان بيت الزوجية وكل ما يتعلق بالزفاف، بل قرر فور سماعه نبأ وفاة الفنان الكبير نور الشريف قطع إجازته بالساحل الشمالي والعودة إلى القاهرة والمشاركة في تشييع الجثمان والعزاء. الوسط الفني كان على مدار عشرات السنين يعاني من غياب الوفاء بين الفنانين، وكانت هذه الحالة تبدو بشكل لافت ليس فقط في حالة فنان هرم يبحث عن قوت يومه أو علاجا من مرضه ولا يجد من زملائه الفنانين من يمد له يد العون والشفقة، بل ظهرت أيضا في تشييع جثامين فنانين لم نجد من بين المشيعين أو المعزين ولو فنانا واحدا خلاف مسؤولي النقابات الفنية وخاصة الفنان سامح الصريطي عضو مجلس إدارة نقابة المهن التمثيلية. وقبل فترة قليلة رحل الفنان الكبير عمر الشريف بعد تدهور حالته الصحية وإصابته بمرض الزهايمر، شهدت صلاة الجنازة على جثمانه غياب جيل كامل من الفنانين تزامل وتعامل مع الشريف أو تتلمذ على يديه، وحضر الجنازة سامح الصريطي وحسين فهمي ومادلين طبر بينما اختفي باقي العاملين في الوسط الفني الذين قدموا فقط واجب العزاء على مواقع التواصل الإجتماعي. ونفس المشهد تكرر مع وفاة سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة التي رحلت عن عالمنا قبل عدة أشهر، حيث امتلأ مسجد الحصري الذي انطلق منه الجثمان بآلاف المصلين من الجمهور محبي الفنانة الراحلة ولم يشارك من الفنانين سوى إلهام شاهين وحسين فهمي، ويسرا الذين بدا عليهم التأثر. ولم تخلو صلاة الجنازة على الفنانة الشابة ميرنا المهندس، التي توفيت قبل أيام بعد صراع مع مرض السرطان، من غياب الوفاء، فقد اكتفى عدد من النجوم الشباب الذين رافقوا ميرنا في مشوارها الفني بتقديم العزاء من خلال صفحاتهم الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي. كما أن جنازة الممثل الشهير غسان مطر، غاب عنها النجوم، وهو نفس ما حدث في جنازة الممثل الكبير جمال إسماعيل الذي اشتهر بأدوار الأب الطيب، فلم يحضر جنازته سوى سامح الصريطي ورشوان توفيق ومسعد فودة ومنير مكرم ومحمد الصاوي وفيفي عبده. وفي شهر نوفمبر من العام الماضي، توفيت الفنانة الكبيرة مريم فخرالدين، تلك الفاتنة التي تربعت على عرش الجمال والموهبة، وحضرت طويلا في وجدان السينما، لم يحضر جنازتها سوى عدد قليل من زملائها الفنانين، مثل أشرف عبد الغفور وسامح الصريطي وميرفت أمين ودلال عبدالعزيز،وأحمد بدير الذي أبدى استياءه الكبير يومها من غياب الفنانين وتخلفهم عن واجب العزاء. أما فتي الشاشة أحمد رمزي، الذي عاش حياة نجومية صاخبة، فقد غادر في صمت وفي غياب زملائه أيضا، فلم يحضر لتوديعه سوى بعضهم مثل محمود حميدة، وأشرف عبدالغفور، وأحمد السقا والراحل غسان مطر وسمير صبري ومادلين طبر ومها أبوعوف. كما أن الفنان الكبير سعيد صالح، صاحب أكبر رصيد من الإفيهات الكوميدية التي لا تزال خالدة باسمه، غادر الحياة في مشهد درامي، إذ لم يحضر تشييعه سوى سامح الصريطي ومنير مكرم وعهدي صادق، بينما غاب جحافل النجوم الذين عمل معهم في مسيرته الطويلة، وكان بعضهم مثل عادل إمام ولبلبة ويسرا ومحمود عبدالعزيز قد حاولوا تدارك الأمر وحضروا مجلس العزاء فقط. وصار مشهد غياب النجوم عن جنائز زملائهم مشهدا يتكرر لدرجة تحوله إلى ظاهرة بطلها "قلة الوفاء"، فكان مشهدا أخيرا في جنازات كمال الشناوي والنجمة هند رستم وإبراهيم خان وفايزة كمال وغيرهم.