تمثل المشروعات الصغيرة حوالى 60% من الاقتصاد المصرى، ومع ذلك فهى تعانى من مشاكل بالجملة سواء من حيث العمالة أو تسويق المنتجات أو عدم رعاية الدولة لها، وطوال الأعوام الماضية تبحث هذه المشروعات عن مخرج من أزمتها إلا أنها لم تجده، ومن ثم جاءت فكرة إنشاء وزارة للمشروعات الصغيرة كطوق نجاة لإنقاذها من كبوتها، خاصة أن دمها متفرق بين عدد من الوزارات وفى النهاية ما زالت المعاناة مستمرة، ورغم معارضة البعض لفكرة إنشاء وزارة جديدة بما تمثله من أعباء على ميزانية الدولة، إلا أن البعض الآخر أكد أنها ضرورة لإنقاذ هذه المشروعات وبالتالى إنقاذ الاقتصاد المصرى كله، خاصة فى عهد مصر الجديدة، والتى يراهن فيها جانب كبير من التنمية الاقتصادية على المشروعات الصغيرة كحل سريع للبطالة. مليونان و400 ألف هو عدد المشروعات الصغيرة فى مصر، 99% منها يتبع القطاع الخاص وفقاً لتصريحات سها سليمان أمين عام الصندوق الاجتماعى للتنمية، أحد أهم الجهات المشرفة على هذه المشروعات، فمن يريد إقامة مشروع صغير فى مصر يواجه مشكلة الحصول على موافقات وتراخيص من 22 جهة تتراوح ما بين المحليات، والوزارات المعنية المختلفة، ثم تواجهه بعد ذلك مشكلات التمويل والضمانات التى يجب أن يقدمها للبنوك، ثم مشكلة انعدام الخبرة والتدريب، ثم مشكلة تصريف المنتجات، ولهذا تفشل معظم المشروعات الصغيرة ليجد أصحابها أنفسهم أمام أحد أمرين إما السجن بسبب العجز عن سداد قروض البنوك، أو فشل المشروع وضياع مستقبل صاحبه، الذى ينضم لطابور البطالة، ورغم وجود عدد من الجهات مسئولة عن هذه المشروعات، مثل وزارات الصناعة واتحاد الصناعات والصندوق الاجتماعى للتنمية الذى تم انشاؤه عام 1991، والإدارات المحلية وغيرها فإنها جميعا لم تفلح فى تطوير هذه المشروعات وإنقاذ المتعثرة منها، ومع اتجاه القيادة السياسية إلى الاهتمام بالمشروعات الصغيرة باعتبارها قاطرة التنمية فى مصر، فقد أعلن الرئيس فى لقائه بالمصريين فى ألمانيا أنه سيتم استحداث وزارة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، بعد أن كان التفكير فى انشاء كيان يهتم بهذه المشروعات إلا أنه تقرر تحويل هذا الكيان إلى وزارة لتقديم الدعم اللازم لهذه المشروعات نظرا لدورها الهام والمحورى فى عملية التنمية، وترفض الدكتورة بسنت فهمى الخبيرة الاقتصادية والمصرفية فكرة إنشاء وزارة جديدة حتى لا تتحمل خزانة الدولة أعباء مالية جديدة وتعلل رفضها بأن مصر بها عدد كبير من الوزارات فى حين أن الإدارة الأمريكية تتكون من 17 وزارة فقط، وأضافت أن مصر بها جهات عديدة مسئولة عن هذه المشروعات، ولابد أن تقوم هذه الجهات بدورها من أجل تطوير هذه المشروعات وتنميتها وضمها للاقتصاد الرسمى للدولة ليكون لها دور فى عملية التنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية، إلا أن هناك آخرين أكدوا أن هذه الوزارة ضرورة للاقتصاد المصرى. فرغم أن المشروعات الاقتصادية فى مصر قديمة قدم الاقتصاد المصرى، إلا أنها لا تمثل دوراً محورياً فى الاقتصاد الرسمى للدولة، ومعظمها لا تستفيد الدولة منه سواء فى الضرائب أو الإنتاج من أجل التصدير أو حتى التأمينات، حيث يعمد أصحاب هذه المشروعات إلى التهرب من دفع حقوق الدولة، ومن هنا جاء التفكير فى إنشاء وزارة للمشروعات الصغيرة خاصة أن بعض الدول مثل الهند وماليزيا قامت اقتصادياتها ونهضت اعتماداً على هذه المشروعات الصغيرة، ولذلك يؤكد السفير جمال بيومى رئيس اتحاد المستثمرين العرب على ضرورة إنشاء هذه الوزارة الجديدة، مشيراً إلى أن ألمانيا التى احتلت المركز الأول فى التصدير خلال الفترة من 2005 وحتى عام 2009 لم تكن صادراتها من الصناعات الكبرى، بل كانت من إنتاج هذه المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، ويمكن الاستفادة فى ذلك من وزارة التعليم الفنى الجديدة لتدريب الشباب والاستفادة منهم فى إقامة هذه المشروعات الصغيرة، وأوضح رئيس اتحاد المستثمرين العرب أنه عند تقديم المساعدة الفنية لهذه المشروعات ستتطور وتنمو مما يساهم فى تنمية الاقتصاد المصرى، بالإضافة إلى تشغيل عدد كبير من الشباب فى هذه المشروعات. وأوضح الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادى، أن هناك دولاً قامت نهضتها الاقتصادية على هذه المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومثل الصين واليابان، وأوضح أن هذه الوزارة الجديدة يجب أن تعمل على إزالة كل الصعوبات والمعوقات التى تواجه هذه المشروعات، مثل مشكلات التمويل وعدم وجود ميزانيات للمشروعات وغيرها من المشكلات، بشرط اختيار الخبراء والكوادر التى ستعمل فى هذه الوزارة لتحقيق التنمية المطلوبة، والتى من المتوقع أن تساعد هذه المشروعات فى إحداثها. من ناحية أخرى أبدى الشباب العاملون فى بعض المشروعات الصغيرة ترحيبهم بالفكرة، مشيرين إلى أنها خطوة فى سبيل إنقاذ المشروعات الصغيرة والمتوسطة وإنقاذ الشباب من البطالة، ولكن أحد هؤلاء الشباب ويدعى محمد محسن طالب بأن تتعامل الوزارة الجديدة مع الشباب بنظام الشباك الواحد أسوة بكبار المستثمرين، بحيث يتقدم الشاب إلى الوزارة بفكرة مشروعه وفيها تتم كل الإجراءات وتوفير التمويل اللازم وإنهاء جميع الإجراءات، ثم تتولى هذه الوزارة مسئولية الترويج للمشروعات وبيع المنتجات أو تصديرها للخارج إن أمكن، بدلاً من اللف على عدة جهات لعمل المشروع وفى النهاية نصطدم بالروتين الذى يعوق كل شيء، وأضاف نبيل عبدالمنعم الحاصل على بكالوريوس تجارة ويعمل على سيارة لبيع المنتجات فى الشارع أن الوزارة الجديدة لابد أن يكون لها دور فى تذليل العقبات التى تعوق عمل مشروعاتنا مثل مشكلات المرور، وتوفير السلع بأسعار مناسبة، ولابد أن يكون لها خطة فى الإنتاج وتدعيم المشروعات الصغيرة، مثل الصين التى تقوم بتقديم الدعم للمشروعات الصغيرة ومد أصحابها بالمواد الخام وبيع المنتجات بعد ذلك لأن مشكلة التسويق تعد مشكلة كبيرة بالنسبة لشباب الخريجين وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة.