اهتمت الصحف العالمية الصادرة اليوم بالانتخابات التركية المزمع انعقادها غداً، حيث تعتبر نقلة استراتيجية على مستوى الحياة السياسية الداخلية والإقليمية، ذلك أنها من شأنها أن تغير تمركز القوى السياسية التركية وتحدد مصير حزب العدالة والتنمية ومنافسيه وبالتالي دور تركيا الإقليمي. ففي حال بسط حزب العدالة والتنمية نفوذه بأغلبية الثلثين وحصل على 46% من أصوات الناخبين؛ فإننا أمام تغيير نظام الحكم في تركيا إلى نظام رئاسي تُقِرُّه أغلبية البرلمان، وتمرره للاستفتاء الشعبي، وهنا سيحدث التحول إلى النظام الرئاسي. لكن إذا حدثت مفاجأة بتقهقر "العدالة"، ودخول حزب الشعوب الديمقراطية- القريب للأكراد- إلى البرلمان الذي يحتاج إلى نسبة 10% من أصوات الناخبين؛ فإن الصراعات الداخلية التركية ستحجم من الدور الإقليمي التركي، خصوصا أن القضية الكردية ستكون مشرعنة داخل قبة البرلمان. وول ستريت جورنال قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية إن مستقبل الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" متوقف على الانتخابات العامة التركية. وأوضحت الصحيفة، أن "أردوغان" عمل على تعزيز قبضته الحديدية على البلاد خلال العقد الماضي ، حيث فاز في ست انتخابات متعاقبة وركز السلطة حول نفسه. وأكدت الصحيفة أن استطلاعات الرأي أظهرت تراجع تأييد حزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي شارك أردوغان في تأسيسه حيث تراجع التأييد من الصيف الماضي حتى الآن من نسبة 52% إلى%40 ورأت الصحيفة أن مستقبل السلطة السياسية فى تركيا على المحك، مشيرة إلى أن أنقرة حليف مهم لأمريكا لكن توجد خلافات متزايدة بينهما، كما أن تركيا العضو فى حلف الناتو تطمح للانضمام للاتحاد الأوروبى. نيويورك تايمز قالت صحيفة نيويورك تايمز إن الانتخابات التركية تعد استفتاء على أردوغان، مشيرةً إلى أن الرئيس التركى الذى اعتبره الدبلوماسيون والخبراء من قبل نموذجا للشرق الأوسط للدمج بين الإسلام والديمقراطية والاقتصاد، إلا أنه انحرف عن المسار الديمقراطى منذ فترة طويلة، وحجم دور المعارضة السياسية وعزز سلطاته خلال فترة حكمة طيلة 10 سنوات، والآن، قد يكون على وشك تعديل الدستور لتعزيز سلطته فى منصب الرئاسة. ونبهت الصحيفة إلي أن ما قام به أردوغان خلال الفترة الماضية من سعيه لإسكات المعارضة السياسية والرقابة التى فرضها على مواقع التواصل الاجتماعى وبنائه قصرا فخما وصفته ، ما هو إلا دليل طموحه الزائد. وفي السياق ذاته، استمرت حاله الشد والجذب والانتقادات المتبادلة بين صحيفة "نيويورك تايمز" والرئيس التركي، حيث اوردت الصحيفة في سياق تقرير لها نشر اليوم علي مواقعها الالكتروني خمس نقاط للإشارة إلى بعض التطورات والأحداث التي شهدتها تركيا في العقد الأخير، خلال فترة حكم "العدالة والتنمية". اولها عقدت الصحيفة مقارنة بين الرئيس التركي، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، لتؤكد انتهاجهما لنفس السياسات، التي دفعتهما ليكونا أقوى رجل في الدولة والسيطرة على مقاليد الحكم وإضعاف المعارضة. ثانياً: أشارت الصحيفة إلى قضية 17 ديسمبر عام 2013، التي تعد أكبر قضايا الفساد المالي والرشوة في تاريخ تركيا الحديث، والمتورط بها عدد من الوزراء وأبناءهم، وأسفرت آنذاك عن استقالة 4 وزراء من حكومة أردوغان. ثالثا سلطت الصحيفة الضوء علي القصر الرئاسي الجديد، الذي شيده الرئيس التركي وعرف بالقصر "الأبيض"، بالعاصمة أنقرة، الذي دار الكثير من الجدل حول تكلفته الباهظة، التي بلغت نحو 5 مليارات دولار، متضمنة الأثاث والملاعب والمناطق الخاصة داخل القصر. رابعاً نبهت الصحيفة إلي أن عام 2013 شهد محاولات ضارية من الرئيس التركي للسيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي، التي كشفت عن مدى فساده، وتورط "العدالة والتنمية" في قضايا فساد، فضلا عن فساد أفراد عائلته. خامساً : تناولت الصحيفة موقف الرئيس التركي من الأعلام ، موضحة أن الفترة الأخيرة تزايدت حدة النقد المتبادل بين الرئيس التركي ورؤساء تحرير بعض الصحف والقنوات الإعلامية المعارضة لحكومة "العدالة والتنمية"، إذ تم تحويل رئيس تحرير صحيفة "جمهورييت" المعارضة، جان دوندار، إلى المحاكمة، بتهمة التجسس على خلفية نشر مقطع فيديو للأسلحة والذخيرة التي كانت تحملها شاحنات الاستخبارات التركية قبل توجهها إلى جماعات متشددة في سوريا، فضلا عن اتهام مراسلة صحيفة "نيويورك تايمز" في إسطنبول، جيلان ييجينصو، بأنها عميلة أجنبية وجاسوسة. فايننشال تايمز نشرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، تحليلاً عن الانتخابات البرلمانية في تركيا كتبه دانيال دومباي وأكد فيه أهمية هذا الاستحقاق الانتخابي الذي يخيم الغموض على نتائجه والذي قد يسفر عن مفاجأة. وأشار "دومباي" في تحليله إلى أن حزب العدالة والتنمية لن يحقق النجاح السابق له، موضحا أن استطلاعات الرأي والدراسات كشفت عن تراجع الأصوات المتوقع حصول حزب العدالة والتنمية عليها بالمقارنة مع الانتخابات البرلمانية السابقة في 2011. وأوضح التقرير أن حزب العدالة والتنمية أحرز نجاحاً نسبياً في الانتخابات السابقة بفضل تقديمه للرأي العام خارطة طريق في الحملة الانتخابية التي قادها آنذاك من أجل تنفيذ إصلاحات اقتصادية، إلا أن حالة التباطوء التي أصابت الاقتصاد التركي والتي بدأت ملامحها تظهر أكثر من السابق من الأسباب الرئيسة في تراجع أصوات الحزب الحاكم. لوموند قالت صحيفة (لوموند) الفرنسية إن التقدم المعلن عنه من قبل الحزب الموالي للأكراد في انتخابات التركية سيضعف الاسلاميين المحافظين. وأضافت أن حزب العدالة والتنمية الحاكم استطاع الاعتماد في كل الانتخابات السابقة على دعم جزء كبير من الناخبين الاكراد من جنوب شرق البلاد، لكن يبدو ان هذه المرحلة قد انتهت ، وأكدت الصحيفة أن الأسر الكبرى بالمنطقة التي أصيبت بخيبة أمل من السياسة الغامضة للرئيس رجب طيب أردوغان حول قضية الأكراد ، أصبحت تدير ظهرها للحزب الحاكم واتجهت نحو حزب الشعب الديمقراطي (يسار موالي للأكراد ). ليبراسيون من جهتها، قالت صحيفة (ليبراسيون) الفرنسية إن أردوغان الذي يعتبر أول رئيس تركي ينتخب عن طريق الاقتراع العام المباشر يطمح إلى الحصول على أغلبية الثلثين التي تمكنه من تغيير الدستور من أجل إقامة نظام رئاسي ، مشيرة إلى أن ذلك رهين بالنتائج التي سيحصل عليها الحزب الحاكم أول قوة اقتصادية في البلاد. لوفيغارو ذكرت صحيفة (لوفيغارو) الفرنسية أن حزب العدالة والتنمية يتجه نحو الفوز في هذه الانتخابات، مبرزة أن هدف أردوغان يكمن في إصلاح الدستور من أجل الوصول إلى نظام رئاسي على مقاسه علي حد زعم الصحيفة.