حديث الناس الآن هو ارتفاع الأسعار، وكلنا يعلم أن البلاد ضربتها موجة غلاء شديدة لم تحدث منذ ثورة 30 يونية.. الحكومة أمام خيار صعب وفى موقف لا تحسد عليه فهى أمام ضرورة خفض العجز فى الموازنة، ورفع الدعم، والرئيس عبدالفتاح السيسى حذر الحكومة من الاقتراب من محدودى الدخل، ورغم ذلك يدفع الفقير والمعدم الفاتورة الآن، ما معنى أن يكون سعر كيلو الطماطم 10 جنيهات وحتى 5 جنيهات، فنحن لا نتحدث عن رفاهية الآن، إنما نتحدث عن ضروريات أساسية فى الطعام، ومع الأسف الشديد كل إصلاح اقتصادى أو حتى سياسى بالبلاد على مدار عقود طويلة لا يدفع فاتورته سوى المواطن الفقير المعدم الذى لا يجد قوت يومه إلا بشق الأنفس. موجة الغلاء الحالية كارثة بكل المقاييس، ولا يجب أبداً أن تترك دون حساب لمن يقوم بها، الناس قلوبها بلغت الحناجر من قلة ذات اليد، والحساب ألف مرة للقروش البسيطة التى يتقاضونها، ماذا يفعل رب أسرة راتبه ألف جنيه، لن نقول خمسمائة.. هل هذا المبلغ يكفى لإطعام أسرة فول وطعمية فقط؟!.. لن نتحدث عن فواتير فى الكهرباء والمياه أو أنبوبة الغاز، وبصراحة شديدة التصريحات الحكومية للرد على هذه المسخرة تجلب العار لمن يصدرونها، فلا هى تحل أزمة ولا تشفى غليل الناس الموجوعين الذين يواجهون الذل والعذاب فى توفير لقمة العيش. كنت أتوقع من وزير التموين الذى حمله المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء مسئولية ضبط الأسواق ومواجهة جشع التجار، أن يقوم بالبحث عن الأسباب التى أدت الى هذه الموجة من الارتفاع الجنونى فى الأسعار، والذى لا يعرفه الوزير أن سعر السلعة فى الأرض لدى الفلاح مختلفة كثيراً عن قيمة وصولها الى المستهلك، فعلى سبيل المثال لا الحصر فى ارتفاع أسعار الطماطم، نجد أن سعر الكيلو داخل الحقل لم يتجاوز مائة وخمسين قرشاً، فى حين كان يباع للمستهلك بسعر عشرة جنيهات، المعروف أن الفلاح يبيع الانتاج الى تاجر، وهو بدوره يطرحه فى سوق الجملة، لتاجر أقل ثم يباع بعد ذلك لتاجر التجزئة، وكل هذه الدورة الطويلة، نجد أن التجار هم الذين يتحكمون فى الأسعار، ويفرضون مبالغ مغالى فيها، بحجة ارتفاع أسعار وسائل النقل، اضافة الى العمولات الكثيرة بين الفلاح وتاجر الجملة وأرضية السوق. الضحية فى النهاية هو المواطن الذى تصله السلعة، والفلاح يتعجب من الارتفاع فى قيمة السلعة التى ينتجها لأنه غير مستفيد من كل هذه الزيادات.. ولذلك كان يجب على المسئولين بالحكومة الدخول فى عصب المشكلة والنزول الى الحقول ومتابعة أسواق الجملة والتجزئة، بدلاً من اطلاق التصريحات من المكاتب دون الإلمام أو العلم بالأزمة الحقيقية وأسبابها.. التجار هم من وراء هذه الأزمة فحاسبوهم.