شهدت أسواق الخضراوات والفاكهة موجة جديدة من ارتفاع الأسعار، تزامنت مع الموجات الحارة المتعاقبة، الأمر الذي يجعلنا في »حيرة« نصدق من؟!.. واقع السوق يؤكد استمرار ارتفاع الأسعار.. والمسئولون »مصرون« علي ان الأسعار انخفضت وانها »تحت السيطرة«.. إلي متي سيستمر هذا اللغز ومتي سيشعر المواطن »بهدوء« الأسعار.. المزارعون يؤكدون ان التقلبات الجوية وموجات الحرارة الشديدة تسببت في اتلاف جزء كبير من المحاصيل، ويؤيدهم الرأي خبراء الزراعة الذين شددوا علي ضرورة توعية المزارعين بالتغييرات المفاجئة في المناخ، ويطالبون بعودة دور الارشاد الزراعي الغائب، وتجار التجزئة يكيلون الاتهامات لما يسمونه ب»الوسطاء« معتبرين أنهم السبب الرئيسي في ارتفاع الأسعار رغم ان المنتجات تخرج من الحقول بأسعار زهيدة مقارنة بالأسعار التي تباع بها.. وبين هذا وذاك ضاع المستهلك وحقوقه في هذه الحرب الطاحنة بين التجار والمزارعين.. »الأخبار« حاولت الاقتراب أكثر من القضية.. ناقشت الخبراء والمتخصصين والتجار وكذلك المزارعون للوصول إلي حل لطرفي معادلة الأسعار.انخفاض الأسعار حلم يراود المواطنين البسطاء ويتمنون تحقيقه فرغم انخفاض الأسعار عالميا، إلا أن هناك اصرارا من التجار علي عدم الامتثال لقواعد السوق العالمية، فأسعار الخضراوات والفاكهة »في السماء« رغم انخفاض مستلزمات الانتاج وانخفاض أسعار الأسمدة ويبرر بعض التجار الأسباب الرئيسية وراء الارتفاع المستمر في الأسعار إلي اتجاه المزارعين وتجار الجملة إلي التصدير بأسعار عالية بدلا من عرضها في السوق المحلي، وأيضا بسبب تلف كميات كبيرة من المحاصيل بسبب الحرارة الشديدة. ركود عام واقع السوق يؤكد استمرار موجة الغلاء وارتفاع الأسعار الأمر الذي أثر علي حركة البيع والشراء وسبب ركودا عاما وأصبح لسان حال البائعين »موت وخراب ديار« بعض المناطق الراقية يؤكد محمد علي بائع في الدقي ان الاسعار وصلت الي ذروتها حيث سجلت الطماطم 10 جنيهات للكيلو الواحد و8 للطماطم غير الجيدة والخيار ب6جنيهات والبطاطس ب4 جنيهات والبصل ب3 جنيهات ،الكوسة ب4 ،الفلفل الرومي ب15 جنيها والباذنجان ب4 جنيهات والجزر ب10جنيهات والفاصوليا كذلك اما الفاكهة فقد ارتفعت اسعارها ايضا فكيلو المانجو ب15 جنيها والتفاح ب12 والعنب ب8 والموز ب10 جنيهات واحيانا ب7 "حسب النوع " ولم يضع البائعين اللافتات التي توضح الاسعار خوفا من هروب الزبائن ويضعون لافتات باسعار السلع المنخفضة او الرديئة فقط . وتختلف الاسعار من منطقة لاخري ففي المناطق الشعبية تقل الاسعار بقيم تتراوح ما بين جنيهين و4جنيهات حسب نوع الفاكهة او الخضار. ويضيف محمود تمام بائع فاكهة بمنطقة امبابة ان جميع أنواع الفاكهة هذا العام مرتفعة السعر، ولم تنخفض منذ بداية الموسم بل ترتفع أسعارها تدريجيا، فالتفاح »الأمريكاني« يباع ب51 جنيها للكيلو والتفاح الأخضر السوري ب01 جنيهات رغم انه كان يباع العام الماضي ب5 جنيهات، والكانتلوب يباع الكليو منه بأسعار تتراوح من 4 إلي 5 جنيهات، والجوافة ب7 جنيهات والتين ب01 جنيهات والبلح ب4 جنيهات والكاكا ب51 جنيها، وهذه الأسعار هي ضعف السعر التي كانت تباع به العام الماضي. ويتفق معه سعيد عثمان تاجر فاكهة في ان أسعار الفواكه ارتفعت بنسبة تجاوزت 05٪ عن العام الماضي فالليمون البلدي وصل إلي 9 جنيهات للكيلو والموز يتراوح سعره من 6 جنيهات حتي 8 جنيهات »حسب النوع« والمانجو تباع بأسعار تتراوح من 8 إلي 21 جنيها وكذلك البطيخ ارتفع سعره ليصل الكيلو إلي 7 جنيهات، موضحا انه نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار الفاكهة لم يعد المواطنون يقبلون عليها ولجأ البعض الآخر إلي ترشيد الاستهلاك وتقليل الكميات المستهلكة ولكنه يتوقع أن تنخفض الأسعار نسبيا الأسبوع المقبل خاصة بعد انتهاء اجازة العيد. أما الخضراوات فانفلتت »موازينها« ولم تعد تحت السيطرة فيقول مجدي المنياوي تاجر خضراوات بمنطقة فيصل ان الخيار ارتفع سعره من جنيه ونصف الجنيه إلي 3 جنيهات للكيلو الواحد وأحيانا 4 جنيهات خاصة بعد أن غزي خيار »الصوب« الأسواق في ظل تراجع جودة »الخيار البلدي« وكذلك الطماطم فهي مجنونة في أسعارها حيث سجلت معدلا كبيرا تجاوز 6 جنيهات للكيلو الواحد في المناطق الشعبية، وكانت قبل عيد الفطر تباع ب4 جنيهات، والفاصوليا الخضراء ارتفعت لتصل إلي 01 جنيهات بعد ان كانت ب4 جنيهات أي ان الزيادة بنسبة 051٪، والفلفل ب3 جنيهات والبامية ب7 جنيهات والبصل ب3 جنيهات بعد ان كان ب5.1 جنيه، والجزر وصل إلي 6 جنيهات للكيلو رغم أنه قبل بضعة أيام كان بجنيهين فقط، وكيلو البطاطس ب3 جنيهات ونصف الجنيه والباذنجان ب4 جنيهات. ويضيف شحاتة سيد بائع خضراوات بشبرا ان أسعار الخضراوات متذبذبة وغير مستقرة طوال العام، وقد ارتفعت قبل شهر رمضان ولم تنخفض بعد ذلك ويبرر السبب في أن المزارعين قاموا برفع الأسعار بنسبة تجاوزت 03٪، الأمر الذي يجعل تجار التجزئة يحملون فارق الأسعار علي المستهلك، هذا بالاضافة إلي تكلفة النقل والشحن والعمالة وغيرها من المصروفات الاضافية التي ينفقها التاجر ولا يشعر بها المزارع، مشيرا إلي ان الكوسة ارتفع سعرها لتصل إلي 4 جنيهات للكيلو والثوم ب41 جنيها والملوخية الخضراء ب5 جنيهات وورق العنب يباع بأسعار تتراوح بين 6 و8 جنيهات. المزارعون يدافعون وعلي الجانب الآخر فإن المزارعين يؤكدون ان عددا كبيرا من الفلاحين أعرضوا عن زراعة الخضر والفاكهة بسبب الأزمة المالية، هذا فضلا عن الركود الذي سببته الأزمة والذي تسبب في اتلاف كمية كبيرة من المخزون بسبب حرارة الجو، مؤكدين ان ليس لهم علاقة بهذا الارتفاع وأن الأسعار تخرج من الحقول بأقل من نصف ما تباع به في الأسواق، موضحا ان لديه 01 أفدنة كان يزرعها بالخضراوات وبعض أنواع الفاكهة مثل الموز والكانتلوب والبطيخ ولكن الموجات الحارة التي تعرضت لها البلاد خلال الفترة الأخيرة كانت لها آثار سيئة علي معظم الزراعات، الأمر الذي أدي إلي قلة الانتاج ومع زيادة الطلب يرفع التجار الأسعار ويلصقون التهم بالمزارعين رغم ان المزارع ليست من مصلحته رفع الأسعار ونفاجأ بعد ذلك بهذه المنتجات تباع في أسواق القاهرة والجيزة بأسعار خيالية محققين من ورائها مكاسب كبيرة. ويتفق معه علي حسن مزارع في ان تجار الجملة يشترون الخضراوات والفواكه بأسعار زهيدة، وأنهم ليسوا مسئولين عن جشع التجار وطمعهم، مؤكدا ان الموز الذي يباع الآن ب6 جنيهات يخرج من الحقل ب5.1 جنيه للكيلو، وكيلو البطيخ يخرج ب09 قرشا والكانتلوب 07 قرشا وبالنسبة للخضراوات فإن البطاطس يبيعها المزارعون ب57 قرشا للكيلو والطماطم ب03 قرشا والكوسة ب09 قرشا وتباع في الأسواق ب4 جنيهات والفلفل بجنيه ونصف ويباع ب3 جنيهات والبصل ب09 قرشا ويتساءل هل هذا الفارق الكبير في الأسعار والذي يتحمه المواطن البسيط في ظل الغلاء الذي أصاب جميع السلع من حق تجار الجملة والتجزئة، وتكون الخسائر من نصيب المزارع بسبب الأحوال الجوية. التقلبات الجوية موجات الصقيع التي تعرضت لها البلاد في بداية فصل الشتاء كانت لها آثار سيئة علي محاصيل الخضر والفاكهة، فأشجار المانجو والموز وبعض الخضراوات الورقية تأثرت مما سبب أضرارا جسيمة بالمحاصيل وقلة انتاجية الأشجار، هذا ما أكده المهندس أحمد عبدربه مسئول باحدي الشركات الزراعية، حيث إن أشجار المانجو تعرضت في فترة الازهار لصقيع وعواصف شديدة في بداية الموسم أدت إلي فقدانها كمية كبيرة من الثمار، وبالتالي قل المعروض فزاد الطلب فارتفعت الأسعار، ومحصول الطماطم أيضا أدت الموجات الحارة المتتالية إلي اتلاف الشتلات التي تم زراعتها لأكثر من مرة، بالاضافة إلي انتشار بعض الأمراض التي تصيب الخضراوات الورقية خاصة الذبابة التي تنتشر في الأجواء الحارة، وكذلك هناك بعض المبيدات تكون مغشوشة وبدلا من ابادة الحشرات فقد كانت تنميها!.. كل هذه العوامل أثرت علي المحاصيل فقلت الانتاجية بالتالي قل المعروض فارتفعت الأسعار. ويتوقع ان تنخفض الأسعار انخفاضا نسبيا خلال الأيام القادمة خاصة ان جميع العمال الذين يقومون بجمع المحاصيل كانوا يقضون اجازة العيد مع أقاربهم، الأمر الذي جعل هناك توقفا في جمع المحاصيل وعرضها في الأسواق فارتفعت الأسعار نتيجة قلة المعروض. غياب الارشاد الزراعي ومن جانبه أكد الدكتور نادر نورالدين الأستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة ان ارتفاع الحرارة والموجات الحارة المتعاقبة التي تتعرض لها البلاد أثر علي انتاج العديد من الفواكه مثل العنب والتفاح والمانجو وكذلك الخضراوات مثل الطماطم والخيار وهو ما أدي إلي تراجع الكميات الواردة إلي أسواق الجملة وبالتالي قل المعروض فارتفعت الأسعار، هذا بالاضافة إلي أن هناك بعض المبيدات المغشوشة أضرت بالمحاصيل، كما ان غياب الرقابة أدي إلي مغالاة التجار في جني الأرباح، الأمر الذي نتج عنه فوضي في الأسواق تضرر منها المزارع والمستهلك، مشيرا إلي ان قفص الطماطم زنة 02 كيلوجراما سعره في الحقل يتراوح ما بين 3 و5 جنيهات أي ان سعر الكيلو لا يتجاوز 03 قرشا ولكن التاجر يبيعه للمستهلك ب4 و6 جنيهات، مؤكدا ان أسواق الخضراوات والفاكهة تشهد احتكارات واضحة. ويضيف أنه يجب ان تكون سياستنا الزراعية واعية ومتوافقة مع التغيرات المناخية حيث إنها لا تحدث بين يوم وليلة ولكنها تؤثر في فترة زمنية لا تقل عن 01 سنوات وهذا لا يمنع ان الموجات الحارة أثرت علي الزراعات وهو ما انعكس علي حجم الانتاج ورفع سعر التكلفة ومع تزايد حلقات التوزيع ارتفعت الأسعار علي المستهلك، كما أكد ان منظومة النقل في الاقتصاد الزراعي لا تمثل أكثر من 5٪ من سعر التكلفة ولن يمثل عبئا كبيرا علي التاجر الذي يحقق أرباحا تزيد علي 003٪. ويطالب أستاذ الزراعة بضرورة عودة دور الارشاد الزراعي الغائب والذي له أثر كبير في توعية المزارعين بالموجات الحارة والطرق السليمة للتعامل مع المزروعات في مراحل نموها المختلفة، وأن يكون هناك اهتمام من جانب المزارعين بالمحاصيل وذلك بالمتابعة المستمرة للنباتات في الحقول لأن هذا الجو الحار هو مناخ مناسب للحشرات والفطريات لنشر الأمراض بين الحقول، كما يجب مراعاة الندي أثناء الليل أثناء حدوث موجات شديدة الحرارة مثل التي تتكرر هذه الأيام، ويجب ان يكون هناك اهتمام من جانب المسئولين لخلق محاصيل تتأقلم مع التغيرات المناخية التي قد تضر بالأراضي الزراعية وتسبب التصحر وزيادة نسبة الملوحة، لذلك يجب البدء في استنباط سلالات زراعية جديدة تتحمل درجات الحرارة المرتفعة.