يبلغ عدد سكان سيناء 500 ألف نسمة تقريبًا ويمثل الحضر 40% وسكان البادية 60%. ويرجع أصل قبائل شبه جزيرة سيناء إلى شبه الجزيرة العربية ولها يرجع النسب، حيث نزحت معظم قبائل شبه جزيرة سيناء إلى مصر من شبه الجزيرة العربية فى فترات متفاوتة، ولها يرجع نسب قبائل سيناء إلى إسماعيل -عليه السلام- أى إلى الشمال بلاد الحجاز. ويلاحظ أن توزيع قبائل سيناء هو استمرار لبطون القبائل وعشائرها عبر الحدود إلى جنوبفلسطينوجنوبالأردن وشمال الحجاز، حيث نزحت إلى مصر وانتشرت عبر سيناء إلى غرب قناة السويس ومحافظات مصر، خاصة الشرقية والقليوبية وعبر خليج السويس وساحل البحر الأحمر وتنتشر قبائل البادية بسيناء بين شمال ووسط وجنوبسيناء. تضم شبه جزيرة سيناء 11 قبيلة على الأقل، وتتركز هذه القبائل فى المناطق الساحلية شمالاً وفى المناطق الواقعة فى الشرق من القناة وخليج السويس. أشهر هذه القبائل هى قبيلة السواركة فى شمال سيناء، وهى من أكبر قبائل سيناء وتسكن ضواحى العريش وتمتد حتى منطقة الشيخ زويد شمالاً والمطار غربًا. تتكون هذه القبيلة من 13 عشيرة أو عائلة هي: المقاطعة والعردات والمنايعة (يتفرع من هذه العشيرة بطون أبوهولى أبوشماس أبوخوصة الجرادات ومها) والخلفات وأبوجهينى وأبوزارع والمنصورين والجرارات والقرم والديهيمات وأبومنونة والبس والحوص. وتشتهر قبيلة السواركة بأن رجالها قدموا مساعدات لأفراد القوات المسلحة المصرية أثناء الانسحاب عام 1967. - قبيلة المساعيد هى فرع من قبيلة الأحيوات التى تسكن وسط سيناء، وهى أقوى قبائل العريش بعد السواركة، وتسكن منطقة شرق القنطرة ولها امتداد بالحجاز. - قبيلة السماعنة والسعديين من أقدم البدو الذين توطنوا فى شمال سيناء، تلا ذلك قدوم بطون طيء من الشام مثل البياضية والأخارسة وتسكن هذه القبيلة فى منطقة «قطين». - قبيلة العيايدة، وهى من أكبر قبائل شمال سيناء، ولها امتداد فى محافظة الجيزة. - قبيلة الرميلات التى كانت تسكن قديمًا فى بلدة القطيف فى بلاد الإحساء بالمنطقة الشرقية فى السعودية، ثم رحلوا إلى بلاد الشام وسكنوا فى ظانا بجنوبالأردن، ثم انتقلوا إلى منطقة غزة. - قبيلة البياضية، وتسكن هذه القبيلة منطقة بئر العبد بين القنطرة شرق والعريش، وهى تلى القبيلتين السابقتين من حيث عدد السكان، ولهذه القبيلة امتداد بمحافظة الشرقية. - قبيلة بلّي، وهى من أقدم قبائل سيناء وأعرقها. وتسكن منطقة المزار والريسان. ومن عشائرها: المطارقة، والمقابلة، وأولاد الفاطر، والشلبين، والعتابلة، والدهاتمة. - قبيلة الأخارسة، وهى قبيلة كبيرة تسكن منطقة رمانة ولها امتداد بمحافظتى الشرقية والإسماعيلية. - قبيلة العقايلة، وهى من قبائل ساحل سيناء الشمالية فى منطقة قاطية، ونزل منهم فى وادى النيل فى الشرقية بمركز فاقوس وصعيد مصر. - قبيلة الدواغرة، وهم من عرب مُطير، وتسكن هذه القبيلة منطقة الزُّقبة، من بلاد العريش. - قبيلة الرياشات، هى إحدى القبائل التى تقيم فى مصر وفلسطينوالأردن والسعودية واليمن وتحمل بطونها نفس الاسم. فى تقسيم آخر، يرى البعض أن قبائل سيناء يمكن تصنيفها كالتالي: قبائل بلاد الطور: العليقات - مزينة - العوارمة- أولاد سعيد- القرارشة- الجبالية. قبائل بلاد التيه: التياها - الترابين - الأحيوات - الحويطات. قبائل بلاد العريش: السواركة - الرميلات. قبائل بقية سيناء: بنو عقبة - المساعيد- العيايدة - الأخارسة - العقايلة - أولاد على - القطاوية - البياضين - السماعنة -السعديين - الملالحة - هتيم. تفرض خريطة التوزيع الجغرافى نفسها فى المعادلة، ففى شمال سيناء تتركز قبائل السواركة والرحيلات وعرب قاطية والمساعيد والبلي. وأهم القبائل الموجودة فى وسط سيناء هى الترابين والعيايدة والاحيوات والتياها والحويطات والصوالحة والعقبان، أما فى الجنوب فأهم القبائل هى الجبالية ومزينة والعليقات والقرارشة والبدارة والطوارة (أهالى الطور). لكن السؤال الجوهرى الآن هو: لماذا سيناء؟ ولماذا الإرهاب هناك أكثر من باقى المدن المصرية؟ يقول اللواء الدكتور أحمد عبدالحليم الخبير الاستراتيجي والعسكري إن العنصر الأكثر جوهرية لحسم المعركة ضد الإرهاب فى سيناء هو ضمان كسب الأهالي. قدم أهالى سيناء -على مدى السنين- أمثلة فى التضحية والانتماء للوطن. ولأنهم على خط النار الأول دائمًا فقد كانت العلاقات بينهم وبين القوات المسلحة هى علاقة رفقاء السلاح. هكذا كان الأمر فى حربى 1956 و1967 وفى معارك الاستنزاف وصولاً إلى نصر أكتوبر. فى السنوات الأخيرة من حكم مبارك تسلَّل الإرهاب إلى هناك. ومع حكم الإخوان المسلمين للبلاد تدفَّق السلاح وآلاف الإرهابيين ليحوّلوا سيناء إلى قاعدة لهم، وليهددوا بعد ذلك أمن الوطن ويعلنوا حربًا ضد شعب مصر وجيشها، كان آخر حلقاتها جريمة «كرم القواديس». وإذا كان أهلنا فى سيناء يقفون بصلابة مع جيشهم الوطنى جبهة واحدة ضد أعداء الوطن والدين من عصابات الإرهاب ومَن يقفون وراءهم فى الداخل والخارج، فإنه لا يمكن إغفال حقيقة أن جزءًا كبيرًا من المتورطين فى جرائم الإرهاب فى سيناء هم من أهالى المنطقة، أضف إلى ذلك غياب التنمية، والدور الإسرائيلى المشبوه. إلا أنه من العوامل المهمة التى لا نوليها عناية كافية هى انتشار الفكر المتطرف فى المنطقة بأكملها وتسلل بعض أنصار هذه التيارات التكفيرية إلى سيناء. وقد ساعدت ثورة الاتصالات فى التقارب بين الإرهابيين وكذلك ضعف دور القيادات القبلية التقليدية فى سيناء أو تمرد الشباب على سلطة شيخ أو زعيم القبيلة الذى كان مرتبطًا تقليديًا بالدولة. بعض هؤلاء الشيوخ لايزال مع سلطة الدولة المركزية، لكن تأثيره ضعف كثيرًا، إضافة إلى خوف طبيعى من تهديدات الإرهابيين تجلى فى تزايد ظاهرة قطع رقاب كل من يتجرأ على تحدى الإرهابيين وسلوكهم. وإذا أضفت هذا العامل الترهيبى إلى أن الإرهابيين هم أبناء العائلات، فإن هذا الأمر لايزال يوفر بيئة ملائمة لهم أو حاضنة يلجأون إليها فور تنفيذ عملياتهم. من هذا المنطلق، يبدو الحل المنطقى الصائب هو زيادة اهتمام الحكومة ومؤسسات الدولة بأوضاع أهلنا فى سيناء، مع مضاعفة الاهتمام بالدور الذى يقوم به شيوخ القبائل هناك، بعد تكرار الحوادث الإرهابية، واستغلال بعض الثغرات الاجتماعية، لتنفيذ عمليات عنف وإرهاب ضد الأمن.
بطولات أبناء سيناء منذ عام 1967 أوضح أحد ضباط المخابرات ل«الوفد» وطلب عدم ذكر اسمه، الذى كان مكلفاً بالتعامل مع أبناء سيناء وتوجيههم فى العمليات القتالية ضد العدو الإسرائيلى- أن الدور الرئيسى لأبناء القبائل بسيناء كان العمل ك«رادارات» للقوات المسلحة، لإمدادهم بالمعلومات المختلفة عن تحركات العدو، وأسلحته ومعداته وأماكنه، وفى بعض الأحيان كان ضباط المخابرات يعيشون وسط القبائل والأسر متنكرين، حتى يستطيعوا رصد تحركات العدو بشكل محترف، وكان أبناء القبائل يمثلون غطاء لهم. وأضاف: كانت خلايا المنظمة تقسم إلى أقسام كل منها له مسئولية محددة، فمنهم من كان يطلب منه تصوير بعض مواقع العدو أو معدات معينة أو مخازن أسلحة. وأشار إلى أن مجاهدى سيناء كان لهم الفضل فى كشف «المواد الكيميائية القاتلة النابالم»، التى كان يجهزها العدو لحرق أى شخص يعبر قناة السويس، وأنه «لولا المعلومات التى أمدوا بها الجيش لم نكن لنعرف عنها شيئاً». وتابع: كان المجاهدون موزعين، وكنا نستخدم ما يسمى «لانش أبوالدرج، التابع للأمم المتحدة وقتها للتواصل مع المجاهدين، وإرسال الإعانات لهم عن طريق زملائهم باختلاف الأشخاص كل مرة». وأكد أن الذى يشكك فى ولاء أبناء سيناء حالياً لا يعرف شيئاً عن التاريخ، منوها بأن إسرائيل كانت تتعمد تشويه سمعة أهالى سيناء، حتى تفقد مصر «أهم عيونها ومصادر المعلومات»، ولذلك كانت تروج عنهم شائعات عن التخابر أو التجارة بالمخدرات، وقد يكون ذلك الانطباع انتقل إلى من لا يعلم حقيقة دورهم. وأوضح أن اختيار المجاهدين كان يتم بعد عدة اختبارات لهم، وقال إن معظم أبناء سيناء يفضلون التعامل مع المخابرات الحربية حتى الآن، نظراً لكون حاكم سيناء من أيام الاحتلال الإنجليزى هو المخابرات الحربية. ومما يلفت النظر هو أنه بعد عام 1967 والانسحاب من سيناء كان لمجاهدى سيناء دور كبير فى جمع الشاردين من الجنود والضباط، وإيوائهم حتى يستطيعوا الوصول إلى الجبهة الشرقية للقناة، علما أن الجيش وقتها كان يحاول إعادة تنظيم نفسه، وكانت هناك رغبة فى إعادة تنظيم مقاتلى سيناء تحديداً، فبرزت فكرة إنشاء منظمة تختص بذلك. هذا وكان أن مجاهدى سيناء كان لهم دور مهم فى تحديد موعد انطلاق الضربة الأولى فى حرب أكتوبر، موضحاً أن قرار بدء المعركة فى الساعة الثانية ظهراً كان متوقفا على نجاح عملية تجريبية للمجاهدين بالتعاون مع المخابرات الحربية، حيث قمنا بعمل هجوم تجريبى على الجيش الإسرائيلى نهاراً فى منطقة الحرث شمال القنطرة، وتمكن الجنود بالفعل من تدمير دورية إسرائيلية كاملة وقتل جميع أفرادها، وبالتالى اتخذ قرار موعد الحرب نهاراً على غير العهد المتبع فى بدء الحرب ليلاً»، منوهاً بأن عنصر المفاجأة كان سبباً رئيسياً فى عبور القناة والانتصار على العدو. ولا يمكننا أيضاً أن ننسى الدور البطولى للمجاهدين فى رفض «تدويل سيناء» فى مؤتمر «الحسنة» عندما رفض كل أبناء سيناء اعتبارها منطقة دولية، وأعلنوا صراحة انتماءهم لمصر، وعدم رغبتهم فى الانفصال.