أكد ممثلو النقابات المستقلة للعاملين بالجهاز الإداري للدولة على عدم دستورية قانون الخدمة المدنية الجديد، وضرورة تنظيم حملة موسعة لتوعية العاملين بسلبيات القانون والضغط للمشاركة فى وضع لائحته التنفيذية. وأكد ممثلو النقابات العمالية، فى ندوة المائدة المستديرة، التى حضرها ممثلو النقابات المستقلة فى القطاع الحكومي والمعنيون بهذا القانون، وجود العديد ممن السلبيات التى يحويها هذا القانون، وجاء على رأسها فلسفة إصدار القانون ذاته الذى يتعامل مع العاملين وكأنهم هم المسئولون عن ترهل الجهاز الإداري للدولة، وليست السياسات الحكومية المتعاقبة، ذلك أنه من غير الممكن إلقاء اللائمة على العاملين فى هذه الأجهزة الذين كانوا دوماً مفعولاً به لا شركاء. أشار ممثلو النقابات المستقلة إلى أنه لا يمكن تصور ثورة إدارية على الأداء أو الهياكل الوظيفية دون أن تكون هناك ثورة ديمقراطية من أجل احترام البشر جميعهم مقدمي الخدمة ومتلقي الخدمة والاعتراف بحقهم جميعاً فى الرقابة المجتمعية على أجهزة الدولة التنفيذية والمشاركة فى صنع سياساتها وتوجهاتها، والحق فى المعرفة الذى يبدأ من معرفة القوانين التى يجرى إعدادها، وينتهى بمعرفة النواقص وأوجه القصور وأسبابها لكى يمكن للجميع تجاوزها. أكدت المناقشات أن القانون اتجه إلى البدء فى معالجة مشكلة اختلالات هياكل الأجور التى تراكمت عبر عقود من خلال زيادة نسبة الأجر الوظيفي (الأساسي) إلى الأجر المتغير (المكمل).. حيث جعل الحد الأدنى للأجر الوظيفى – وفقاً للجداول الثلاثة مبلغ 835 جنيهاً شهرياً.. فيما يبلغ الحد الأقصى للأجر الوظيفى مبلغ 2065 جنيهاً، وعلى رغم ما تضمنته الإشارات الأولى فى بعض ما نشر عن تباين الاتجاهات بشأن نسبة الأجر المكمل إلى مجموع الأجر.. وتضاربت الأقوال فى شأن هذه النسبة [20% أو 40%].. فإن القانون الصادر خلا من تحديد أى نسبة، كما أن نص المادة 40 من القانون يثير ما يلى من الإشكاليات فى هذا الشأن: أن نظم الأجر المكمل (المتغير) أحيلت بكاملها إلى قرار يصدر من رئيس مجلس الوزراء بمراعاة طبيعة عمل كل وحدة، ونوعية الوظائف بها وطبيعة اختصاصاتها ومعدلات أداء موظفيها مما يفتح الباب مجدداً أمام إعادة إنتاج الاختلالات الهيكلية الحادة فى الأجور بكل ما شهدته ونشهده من غياب العدالة، وإهدار قاعدة الأجر المتساوى للعمل المتساوى القيمة. كما يعكس الباب السابع من القانون جانباً من فلسفة القانون، حيث يتبدى واضحاً الاتجاه إلى تشديد محاسبة العاملين وكأنهم يتحملون مسئولية وتبعات ترهل الجهاز الإدارى وضعف كفاءته.. إن الكفاءة لا يولدها الخوف من الحساب، كما أن الفساد ترعرع فى ظل ترسانة من القوانين حيث نفذ من بين ثغرات تشابكها وتعقيداتها.. وإن الكفاءة وحسن الأداء والانضباط يتولدون ويتطورون فى ظل بيئة عمل ديمقراطية تخضع لمبادئ الحوكمة والشفافية والحكم الرشيد، وتكفل المحاسبة العادلة وعدم التعسف. كما أن القانون ينص فى المادة 43 منه على الحد الأدنى لعدد ساعات العمل أسبوعياً دون النص على الحد الأقصى.. وإذا اعتبرنا أن الحد الأدنى سائغاً هنا باعتباره حماية لحق متلقي الخدمة.. فإنه من غير المعقول إغفال حق مقدميها فى تحديد الحد الأقصى لساعات العمل، وإن تحديد ساعات العمل ليس فقط أحد حقوق العمل الرئيسية التى لا يجوز أن يغفلها القانون وإنما هو أيضاً أحد العنصرين الجوهريين لعقد العمل [أجر محدد مقابل عدد محدد من ساعات العمل]. وأشار ممثلو النقابات إلى أن مقابل ساعات العمل الإضافية لا يفترض أن يكون أحد عناصر الأجر المكمل للأجر الوظيفى، ذلك أنه أجر عن عمل آخر - يفترض أن يحدده القانون بنسبة محددة من أجر ساعة العمل الأصلية - مثلما يحدد القانون فى المادة 44 مقابل تشغيل الموظف فى أيام العطلات والمناسبات الرسمية. وتوافق الحضور على وجود العديد من المواد بالقانون الجديد غير دستورية ويجب الطعن عليها، إضافة الى ضرورة وضع معايير محددة تضمن تكافؤ الفرص والشفافية، وتنظيم حملة مكثفة وسريعة لتوعية العاملين بالدولة بمساوئ هذا القانون والضغط بالسبل كافة للمشاركة فى وضع اللائحة التنفيذية للقانون التى لم تصدر بعد.