بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيدة نفيسة    حصيلة الانزلاق الأرضي في كولومبيا ترتفع إلى 16 قتيلا    «التعليم العالي» تصدر تقريرا حول تصنيفات الجامعات المصرية خلال 11 عامًا (التفاصيل)    شركة نقل الكهرباء توقع عقدًا مع شركة صينية لإنشاء خط هوائي بطول 64 كم    النواب يوافق على اعتماد إضافي للموازنة ب 85 مليار جنيه (تفاصيل)    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه بداية تعاملات اليوم 27 يونيو 2025    هجوم أوكرانى بطائرة مسيرة على موظفى محطة زابوروجيه النووية    مستوطنون يعتدون على منازل جنوب الخليل.. وإصابة فلسطينية في مسافر يطا    العثور على جثة معلم داخل الزراعات فى قرية دندرة بقنا    أهالي الضحايا يحتشدون أمام مستشفيات أشمون والباجور بعد حادث الطريق الإقليمي    مصرية من أوائل الثانوية العامة بالكويت ل«المصري اليوم»: أهم حاجة الثقة في ترتيبات ربنا    ضبط 352 قضية مخدرات و85259 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة    مروة عبدالمنعم تكشف عن إصابتها ب «فوبيا».. والجمهور: «مش لوحدك»    بعد إنذار الطاعة.. مؤلف «فات الميعاد» يكشف تفاصيل التجربة    صداع مؤجل    هل يجوز صوم يوم عاشوراء منفردًا إذا وافق يوم السبت؟. أمين الفتوى يكشف    توقيع الكشف على 872 مواطناً في قافلة طبية بشمال سيناء    أذكار الجمعة.. أمانٌ من كل شر وفتحٌ لكل خير    نقابة المهندسين: تطوير شامل لمصيف المعمورة يشمل الوحدات والمرافق والأنشطة    جامعة عين شمس تنشئ وحدة داخلية لمتابعة ودعم جائزة مصر للتميز الحكومي    ماكرون: ترامب عازم على التوصل لوقف إطلاق نار جديد في غزة    المراجعات النهائية للغة الإنجليزية الثانوية العامة 2025    مستشفى الناس تُبهر مؤتمر القلب العالمي في فرانكفورت بتقنيات إنقاذ نادرة للأطفال    وزير السياحة يعتمد الضوابط المنظمة لتنفيذ رحلات العمرة لموسم 1447 هجرية    تحقيقات موسعة حول مصرع 3 وإصابة 10 آخرين في حادث تصادم بالجيزة    تموين الأقصر تضبط نصف طن دقيق بلدى مدعم بأحد المخابز السياحية الغير مرخصة    ملك بريطانيا يدعو الرئيس السيسي لزيارة لندن    وسام أبو علي يقترب من الرحيل عن الأهلي مقابل عرض ضخم    محمد شريف ينتظر 48 ساعة لحسم مصيره مع الأهلى.. والزمالك يترقب موقفه    كاظم الساهر ل"اليوم السابع":مصر جزء من مشوارى الفنى وأنا دائم السؤال عليها    بمناسبة ذكرى 30 يونيو.. اعرف ماذا تقدم دار الأوبرا؟    البصل ب7 جنيه... أسعار الخضراوات والفواكه بكفر الشيخ اليوم    قانون الإيجار القديم أمام مجلس النواب الاثنين لمناقشته وإقراره    مفاجأة.. سعر الليمون ينخفض ل10 جنيهات| خللي براحتك    سعر الحديد اليوم الجمعة 27 يونيو 2025    حملة قومية للتبرع بالدم بجميع محافظات الجمهورية تحت شعار تبرعك بالدم حياة    جلسة علمية حول تخدير جراحة التوليد ضمن "مؤتمر الرعاية المركزة" بطب عين شمس    حالة الطقس اليوم في الإمارات    قتل 8 نساء ورجل.. اليابان تنفذ حكم الإعدام في "سفاح تويتر"    الدوسري قبل مواجهة مانشستر سيتي: لم نأتِ للمشاركة فقط.. هدفنا تشريف السعودية    مرموش ضد بونو مجددًا.. مواجهة مرتقبة في مونديال الأندية    ياسر ريان: طريقة لعب ريبيرو لا تناسب أفشة.. وكريم الديبس يحتاج إلى فرصة    "ياحراق اللجان".. شقيق رامي ربيعة يثير الجدل بهذا المنشور بعد خروج العين من المونديال    كريم محمود عبدالعزيز يتصدر تريند جوجل بسبب مملكة الحرير    "لازم واحد يمشي".. رضا عبدالعال يوجّه طلب خاص لإدارة الأهلى بشأن زيزو وتريزيجيه    قمة الاتحاد الأوروبي تفشل في إقرار الحزمة ال18 من العقوبات ضد روسيا    يكسر رقم أبو تريكة.. سالم الدوسري هداف العرب في تاريخ كأس العالم للأندية (فيديو)    حنان مطاوع تروي كواليس «Happy Birthday»: صورنا 8 ساعات في النيل وتناولنا أقراص بلهارسيا    30 مليار دولار مقابل نووي بلا تخصيب.. تفاصيل خطة «ترامب» السرية لإعادة إيران لطاولة المفاوضات    الورداني: النبي لم يهاجر هروبًا بل خرج لحماية قومه وحفظ السلم المجتمعي    ملف يلا كورة.. جلسة الخطيب وريبييرو.. فوز مرموش وربيعة.. وتجديد عقد رونالدو    الأوقاف تفتتح اليوم الجمعة 9 مساجد في 8 محافظات    الإيجار القديم والتصرف في أملاك الدولة، جدول أعمال مجلس النواب الأسبوع المقبل    بحضور مي فاروق وزوجها.. مصطفى قمر يتألق في حفلة الهرم بأجمل أغنياته    هل التهنئة بالعام الهجري الجديد بدعة؟.. الإفتاء توضح    طريقة عمل كفتة الأرز في المنزل بمكونات بسيطة    المفتي: التطرف ليس دينيا فقط.. من يُبدد ويُدلس في الدين باسم التنوير متطرف أيضا    حسام الغمري: الإخوان خططوا للتضحية ب50 ألف في رابعة للبقاء في السلطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثوار و«الفلول» .. مشاهد ولقطات
نشر في الوفد يوم 14 - 08 - 2011

حين اندلعت شرارة الثورة كنت مازلت بمنزلي أستعد للخروج إلي عملي، وإذا بي أسمع صوتا يتعالي كهدير الموج يأتي من بعيد ثم يقترب تدريجيا بهتافات مدوية تنادي بسقوط نظام مبارك..
حين أصبحت المظاهرة علي بعد خطوات من منزلي كانت زوجتي بالشرفة المطلة علي الشارع تبكي وتدعو للثوار بالنظر وبجانبها ابنتي التي كانت تفعل نفس الشيء ولكنها بحاستها الصحفية صارت تلتقط صورا نادرة وتسجل ما يحدث بالشارع من تلاحم وتوحد يتحولان الي قوة جبارة تزيح أمامها أعتي النظم وأكثرها شراسة وجبروتا وتشبثا بالسلطة وتفننا في مظاهر الفساد والظلم والقهر لشعب لم يفهمه لا الحاكم ولا خدامه من «فلول» النظام.. أما أنا فوجدت نفسي أجري علي السلم دون انتظار للمصعد لكي أنضم للثوار في مسيرتهم متوجها الي التحرير أهتف حين يهتفون وأغني حين يغنون.. عاد إليّ شبابي وشحنت بطاقة هائلة مستمدة من طاقة الشباب حولي، طاقة تتجاوز طرق القياس التقليدية المعروفة تضيء القلوب والنفوس بإشعاعات تملأ الفراغ الكوني كله بين السماء والأرض، وخلال المسافة ما بين بيتي في المعادي حتي ميدان التحرير عشت دراما إنسانية رهيبة لا يمكن أن يصل الي الإبداع في صياغتها بأمهر كتاب السيناريو في العالم الي مستوي حركتها وتفاعلها وأحداثها.. اختار بعض المشاهد التي تعبر أبلغ تعبير عن المعدن الأصيل النادر للشعب الذي لم تفهمه عصابات عصر مبارك الذي كانوا يحكمون في عالم خيالي من صنعهم داخل قصور وفيلل وضياع واقطاعيات داخل أسوار عالية تحجب صاحب الأرض وتحول بينه وبين وصول صوته الي المغتصب الذين لا يريد أن يسمع أو يري إلا ما يحب.. أفعل ذلك بغرض إبراز المفارقة الساخرة لمشاهد من محاكمة رأس النظام ورموزه رسمتها ريشة التاريخ بمهارة فائقة لكل من يريد أن يتعظ ويتعلم كيف تحكم الشعوب.
المفارقة الأولي أن النظام اعتمد في محاولة كسر شوكة الشعب «وتدجينه» وترويضه علي قبول الظلم بخلق دائرة جهنمية بحجم مصر كلها يتقاتل الناس فيها علي لقمة العيش ويسعون بلا كلل لتوفيرها لهم ولمن يعولون ويقنعون بحد الكفاف منها فلا يعود لديهم وقت لكي يصبحوا تهديدا يهز عروش النظام وسدنته كانوا يعتقدون أن الناس يمكن أن تضحي بأي شيء في سبيل لقمة العيش فإذا بي أري نفس هؤلاء الناس من أصحاب محال البقالة التي مررنا بها في طريقنا الي التحريريلقون الينا بزجاجات المياه المعبأة وقطع الحلوي والمأكولات المغلفة وهم يهتفون ويصفقون تعبيرا عن مساندتهم ومؤازرتهم للثورة وشحنا لهمم الثوار في أول استفتاء شعبي لحظي في التاريخ، مطالب الثوار إذن تتجاوز الجري بلا توقف وراء لقمة العيش وتسمو عليها بل إن عجوزا تبيع الفاكهة علي عربة يساعدها ابنها أخذت تزغرد بينما ابنها يلقي اليّ بحبات اليوسفي تعبيرا عن فرحه ومشاركته للثوار.. هؤلاء أناس بسطاء ضحوا بلقمة العيش وتحرروا من الخوف من عدم توافرها وأصبحوا ثوارا تعنيهم مصروليس حياتهم الخاصة.. في المقابل - ومهما قيل عن المعاملات الخاصة لرأس النظام وذيوله - لم يعد لهؤلاء من أمل سوي العيش والإفلات من العقاب والاستعداد للرضا بأقل القليل لو نجح «بهلوانات» القوانين بدلا من «ترزية أو إسكافية» القوانين الذين كانوا يعتمدون عليهم في إنفاذ مشيئتهم خلف واجهة قانونية يحتمون في تخفيف الحكم عليهم أو تبرئتهم من بعض التهم الموجهة اليهم.
المفارقة الثانية كانت حين مررنا بقسم بوليس يهتف «سلمية.. سلمية» فإذا بالضباط والجنود يصطفون أمام القسم يصفقون لنا ويشيرون بأصابعهم بعلامة النصر وقد علت وجوههم ابتسامات حقيقية نابعة من القلب.. نفس الضباط والجنود الذين كانوا «بالأمر» يستخدمون أدوات قمع وإرهاب وتخويف لنفس المواطنين الذين يصفقون لهم اليوم، وهم أنفسهم كذلك من يضعون القيود الحديدية في يد الظالم في رحلات متكررة للتحقيق معهم داخل سيارات الشرطة التي كانت تستخدم «لتعبئة» كل من يتجرأ علي رفع صوته في وجه النظام وشحنه الي مصيره المجهول في سجون ومعتقلات النظام التي كانت محجوزة فقط للشعب الي أن تبدل الحال وأصبح الظلمة يزاحمون الشعب في سجونه.. لا يهم الآن إذا كانت زنازين السادة مكيفة أو أكثر اتساعا، أو أن بعض أصحاب الأيادي والذمم المرتعشة لايزالون يعاملونهم بتوقير واحترام لا يستحقونه أويخافون من وضع القيود الحديدية في أيديهم عند نقلهم للمحاكمة.. المهم أن السجان قد أصبح سجينا خلف القبضان يحميه المسجون الذي ذاق مرارة الظلم لثلاثة عقود ومع ذلك يوفر لسجانه معاملة أفضل ومحاكمة عادلة.. أما القفص فكان قمة الدراما حيث يرقد رأس النظام الذي قدم صحفيا للمحاكمة وكاد يحبسه حين تجرأ وتحدث عن صحته لولا قضاء مصر الشامخ.. رأس النظام الآن «يتاجر» بتدهور صحته - ربما بنصيحة ممن ينالهم جزء من الغنائم - لكي يفلت من العقاب وسبحان مغير الأحوال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.