الرواية السعودية المعاصرة كانت أول ملفات المناقشة لضيف الشرف هذا العام المملكة العربية السعودية، شارك بها كل من د. يوسف نوفل، د. سلطان القحطاني، د. فرج مجاهد، وأدارها د. مدحت الجيار. فى البداية قال د. مدحت الجيار: هناك احتفال مصري نقدي بالرواية السعودية وقد آن الأوان لتظهر للنقاد، ومن هذا المنطلق أقمنا بحوثاً متفرقة لروايات لأشخاص مختلفين يمثلون أجيالاً مختلفة وبمشاركة نقاد من خارج السعودية، ولدينا حتى الآن 9 أبحاث عن الرواية السعودية من باحثين لبلورة مشوار الرواية السعودية، وتبين نقاط القوة الموجودة فيها وبالتالي سنعيش مع الرواية السعودية في محاولة بدايات الاهتمام المصري بهذا الفن. تحدث بعد ذلك د. يوسف نوفل وهو باحث من عشرات السنين في الأدب العربي وأستاذ جامعي عن رؤية بانورامية عن الرواية العربية السعودية ذلك الفن المظلوم حسب قوله حتى الآن، وأوضح أن الاهتمام كان منصبا على الشعر، ومثال ذلك ما كتبه طه حسين عام 1948 عن الحياة الأدبية في شبه الجزيرة العربية، تلاه كتاب المرصاد لإبراهيم الهلالي عام 1951 عن مجلة رائدة في الاهتمام بالرواية وفتحت لنشر كتاب المرصاد الذي يعتبر أقدم كتاب نقدي لكنه أيضًا كان عن الشعر، الجميع كتب عن الشعر، حتى طه حسين كتب مقدمات لدواوين ولم يكتب للرواية، كذلك في البلاد العربية الأخرى، فطغى الاهتمام بالشعر لكن هذا لم يمنع الاهتمام بالرواية السعودية ومنهم سلطان القحطاني الذي كتب كتابة موسعة في بحثه (الرواية في المملكة نشأتها وتطورها) إلى جانب مقالات أخرى، ومثل عبدالله الجفري في كتابه، ومحمد صالح الشطي، ومنصور الحازمي وغيرهم ممن ينتمون إلى البيئة السعودية. وأضاف قائلاً إن البحوث والنتاج النقدي التاريخي الذي اهتم بالأدب السعودي، ونظراً لاتساع رقعة المملكة كان يتسم بالانتماء للمكان (نجد، الأحساء، عسير) فكان الأدباء يقسمون حسب الأماكن ولم يتحدث أحد عن الرواية السعودية بشكل عام، وبهذا شقت الرواية السعودية طريقها في غياب النقد. وأشار نوفل إلى أن الفترة ما قبل عام 1980 كان فيها المجال النقدي والتأريخي يفتقر للرواية التي كانت أولاها «التوأمان» سنة 1930 والفضل يرجع في ذلك لاهتمام «المنهل» وهي أول دورية كتبت عن الرواية السعودية، ثم تتالى الأمر بعد ذلك في سنين 1935 و1948 حتى كان التطور الحقيقي في «زمن التضحية» لحامد الدمنهوري عام 1959 والتي كانت نقطة تحول في الرواية السعودية، جاءت بعدها رواية إبراهيم الناصر عام 1961 «ثقب في ميدان الليل»، وتوالت الأسماء حتى عام 1980 كان الثراء الحقيقي للرواية حيث صدرت 170 رواية في حقبة محدودة إلى 1985 فكانت هناك زيادة كمية وتطور فني واستمرارية للكاتب بخلاف السابق حيث كان الأديب يكتب رواية أو اثنين لكن ما حدث أن الروائي ظل يكتب في هذا الفن، مثل عبدالله الجفري حين أصدر أعماله الكاملة عام 2005 صدرت في 6 مجلدات كان من ضمنها 9 روايات، كما انتزعت الرواية من الشعر كاتباً روائياً هو غازي القصيبي وأخيراً ظهرت الكاتبات وزاد عددهن. وعن التعرف على مصادر دراسة الرواية في السعودية وتطورها الفني تحدث د. سلطان القحطاني الأستاذ الذي وهب نفسه للرواية في نقاط أولاها: الجغرفة السكانية، حيث قال في عام 1926 كانت نسبة الأمية في المملكة 97%، وكانت تنقسم إلى الحجاز، الشرق، الجنوب، الشمال والوسط، وأضاف أن الوسط كان عندهم العلم التقليدي من شعر، منظومات، فقه ابن مالك واللغة، وكانت الثقافة تدور في حلقة مفرغة لعدم الاختلاط بثقافات أخرى، أما الجنوب فقد تأثر بالثقافة اليمنية وما بها من منظومات، مساجلات، والردود ما بين المذاهب المنتشرة، وكذلك الشمال كان يغلب عليه الطابع البدوي والاهتمام بالشعر الشعبي، أما الحجاز فقد احتفظت بثقافتها منذ القدم لكثرة ما يفد إليها من البلاد العربية والإسلامية محملة بالثقافات التي عجنت ببعضها وكونت الثقافة الحجازية. وختم القحطاني بقوله إن ما جعل الرواية الآن تشتهر بقراءتها هو شبه التوقف التام للمسرح السعودي الذي كان يمثل جزءاً كبيراً لكن للأسف جاء تيار يحارب كل ما هو نور وحرَّم المسرح والموسيقى والديكور وتوقف الآن وجمعية المسرحيين السعوديين أفلست تماماً. بعد ذلك تحدث الباحث فرج مجاهد، المتابع لتاريخ الرواية العربية السعودية قائلاً إن الرواية السعودية في نهوض بل بالعكس تكاد تنافس الرواية المصرية الآن واستطاعت في وقت وجيز وفي مراحلها الأربع أن تقفز قفزات زمنية وتقنية وكمية على مختلف الاصعدة، كما اختلف مع د. القحطاني في رأيه عن تراجع الرواية أمام السير الذاتية قائلا إن أدب السيرة الذاتية من روافد الرواية وليس منفصلا عنها، وهناك بعض الأعمال تمزج بين الفنين، فتكون رؤية تكميلية متناسقة. وقال مجاهد إن من العلامات البارزة في الرواية السعودية حصول رواية عبده خال على جائزة البوكر وهذا اعتراف ضمني بالرواية السعودية، بالإضافة إلى روايات عبدالرحمن منيف وخماسية مدن الملح، وروايات كل من عبداللطيف الشمري ويوسف المحيميد الذي حاز على جوائز وترجمت رواياته، غازي القصيبي، شريفة الشملان، محمد بن سعد بن حسين في روايته «الزهرة المحترقة» والتي طبعت عدة طبعات وهو من أهم النقاد العرب ويوصف بأنه طه حسين المملكة، كذلك محمد حسن علوان الروائي، ورجاء الصانع صاحبة رواية بنات الرياض التي فتحت المجال وخرجت من عنق الزجاجة وهوجمت كثيراً، فالمرأة السعودية أثبتت تفوقاً، ونحن بصدد إعداد لكتاب عن الرواية السعودية نتمنى أن يخرج للنور قريباً.