أول رد رسمي من وزير التعليم العالي حول مشكلة طالبة الطب بعد التلاعب في رغباتها    من أمام ضريح سعد.. يمامة يدعو المصريين للتمسك بوحدتهم لمواجهة التحديات (صور)    أستاذ قانون دستوري: القوائم الوطنية أصبحت بوابة خلفية لدخول الأحزاب إلى البرلمان    يوسف الحسيني: الإخوان من أبرز التنظيمات التي تسعى لهدم الدولة المصرية    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم في مصر السبت 23-8-2025 بعد ارتفاعه عالميًا    محافظ الجيزة يعاين عددا من المسارات البديلة لإجراء تحويلات مرورية لتنفيذ محطة مترو المطبعة    الدفاعات الجوية الروسية تعترض مسيرة كانت متجهة إلى عاصمة البلاد    سانت باولي يحبط دورتموند في انطلاقة البوندسليجا    تعادل مثير بين أسوان وبلدية المحلة.. نتائج مباريات السبت في دوري المحترفين    منتخب ناشئي الطائرة يهزم ليبيا ويصعد إلى نهائي البطولة العربية بالأردن    "تعليم الشرابية" تشدد على أعمال التشجير ورفع المخلفات بالمدارس    آخرهن دينا الشربيني في «درويش».. نجمات جسدن شخصية الراقصة على الشاشات    نائب الرعاية الصحية بالأقصر فى جولة ميدانية داخل أقسام الطوارئ والعناية بالمجمع الدولي    الأجهزة الأمنية تكشف حقيقة مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل بكفر الشيخ    إضافة المواليد على بطاقة التموين 2025.. الشروط والخطوات والفئات المستحقة بالتفصيل    عشائر غزة: الصمت الدولي شراكة في جريمة الإبادة الجماعية    قائمة ريال مدريد لمواجهة أوفييدو في الدوري الإسباني    بعد الاستغناء عنه قبل 14 عاما.. إيبيريشي إيزي يعود لأرسنال من الباب الكبير    أنشطة الطفل في معرض السويس الثالث للكتاب.. مساحات للإبداع وتنمية الخيال|صور    هل يجوز قراءة القرآن أثناء النوم على السرير؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز الطلاق على الورق والزواج عرفي للحصول على المعاش؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف تدرب قلبك على الرضا بما قسمه الله لك؟.. يسري جبر يجيب    أوقاف الدقهلية تبدأ اختبارات أفضل الأصوات في تلاوة القرآن الكريم    «بحوث الصحراء» يقدم الدعم الفني والإرشادي لمزارعي سيناء| صور    مجاعة غزة تهدد طفولتها.. 320 ألف طفل بين سوء التغذية والموت البطيء    الجالية المصرية بهولندا: المصريون في الخارج داعمون للقيادة السياسية واستقرار الوطن    أحمد سامي يتظلم على قرار إيقافه وينفي ما جاء بتقرير حكم مباراة الإسماعيلي    فحص 578 مواطنا ضمن قوافل طبية مجانية بالبحيرة    غدا.. قصور الثقافة تطلق ملتقى دهب العربي الأول للرسم والتصوير بمشاركة 20 فنانا    صلاح عبد العاطي: إسرائيل تماطل في المفاوضات ومصر تكثف جهودها لوقف إطلاق النار    توجيهات بالتنسيق مع إحدى الشركات لإقامة ملعب قانونى لكرة القدم بمركز شباب النصراب في أسوان    أبناء الجالية المصرية بميلانو يعلنون دعم مواقف الدولة وينضمون ل"وطنك أمانة"    زلزال بقوة 6 درجات يضرب المحيط الهادئ قبالة سواحل السلفادور وجواتيمالا    الموظف المثالي.. تكريم قائد قطار واقعة "الشورت" للمرة الثانية - صور    حصاد الأسبوع    اليونيفل: الوضع الأمني لجنوب لبنان هش ونرصد خروقات يومية لاتفاق 1701    بخسارة وزن ملحوظة.. شيماء سيف تستعرض رشاقتها.. شاهد    إسماعيل يوسف مديرا لشؤون الكرة في الاتحاد الليبي    صور.. 771 مستفيدًا من قافلة جامعة القاهرة في الحوامدية    "عبد الغفار" يتابع استعدادات "المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية -3"    وزير العمل يتفقد وحدتي تدريب متنقلتين قبل تشغيلهما غدا بالغربية    وزيرا الإنتاج الحربي والبترول يبحثان تعزيز التعاون لتنفيذ مشروعات قومية مشتركة    مصر ترحب بخارطة الطريق الأممية لتسوية الأزمة الليبية    وزير الدفاع الأمريكي يجيز ل2000 من الحرس الوطني حمل السلاح.. ما الهدف؟    موعد إجازة المولد النبوي 2025.. أجندة الإجازات الرسمية المتبقية للموظفين    الموت يغيب عميد القضاء العرفي الشيخ يحيى الغول الشهير ب "حكيم سيناء" بعد صراع مع المرض    تم تصويره بالأهرامات.. قصة فيلم Fountain of Youth بعد ترشحه لجوائز LMGI 2025    قلق داخلي بشأن صديق بعيد.. برج الجدي اليوم 23 أغسطس    مؤسسة فاروق حسني تطلق الدورة ال7 لجوائز الفنون لعام 2026    رئيس «الرعاية الصحية»: تقديم أكثر من 2.5 مليون خدمة طبية بمستشفيات الهيئة في جنوب سيناء    طقس الإمارات اليوم.. غيوم جزئية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    مصر تستضيف النسخة الأولى من قمة ومعرض "عالم الذكاء الاصطناعي" فبراير المقبل    محافظ الجيزة يشدد علي التعامل الفوري مع أي متغيرات مكانية يتم رصدها واتخاذ الإجراءات القانونية    حملة مكبرة لإزالة إشغالات الباعة الجائلين والتعديات على الطريق بمدينة أبوتيج بأسيوط    مصرع وإصابة أربعة أشخاص إثر حادث تصادم بين سيارتين بأسيوط    تحرير 125 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    «مياه الأقصر» تسيطر على بقعة زيت فى مياه النيل دون تأثر المواطنين أو إنقطاع الخدمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحلام مشروعة 2
نشر في الوفد يوم 11 - 01 - 2015

كانت الساعة تقترب من الثانية عشرة مساءً وأنا – من شدة البرد – قابع في غرفتي تتملكني وحشة تستولي عليَّ دوما عند حلول الشتاء وأعيش سكونا لا تقطعه سوى دقات قلبي المختلطة بأصوات حبات المطر وهي تتساقط بغزارة على نوافذ غرفتي المغلقة وتختلط رائحتها بالتراب.
حاولت أن أمد يدي لأي كتاب لأقرأ فلم أستطع، حاولت النوم فلم أستطع، حاولت أن أفعل أي شيء يريحني ويخفف عني بعض ما استولى عليَّ من أفكار فلم أستطع، ومن أين لي بالراحة وأنا مندهش من كم السنين التي ضاعت مني ولا أعرف كيف ضاعت؟ وحزين على الأيام التي فشلت في استثمارها فيما ينبغي أن يعينني الآن على حياة باتت من صعوبتها مُرة وقاسية، يا إلهي لو أنني عدت للوراء لما فعلت الكثير مما فعلت، لو أنني عدت للوراء لحذرت هذا وامتنعت عن ذاك وقربت هؤلاء وتجنبت أولئك، لكن الماضي أبدا لا يعود والندم لا ينفع، وعليَّ من الآن فصاعدا ألا أتسامح مع نفسي في لحظة واحدة أضيعها دون جدوى.
بينما أنا هائم في خواطري سمعت طرقاً خفيفاً على باب الغرفة، إنها صغيرتي حنين «آخر العنقود» وبمجرد أن فتحت لها تشبثت برقبتي مستنجدة: (بابا، أنا خائفة، كلهم ناموا وسبوني وحدي، أنا بردانة جدا، لو سمحت أنا عايزة أنام جانبك) وبلا تردد حملتها على ذراعي وضممتها إلى صدري ثم طبعت قبلة على جبينها ثم استرخيت إلى جوارها وكأنني أتطهر بها من كل هواجسي التي تؤرقني، وما هي إلا لحظات حتى رحت في نوم عميق ثم رأيت في منامي أنني واقف على قارعة الطريق أنتظر شيئا لا أذكره وأعاني خوفا جعلني أسأل نفسي: (متى سوف يأتي الفجر؟) طال انتظاري حتى بلغت الساعة الواحدة والشتاء القارس يكاد يمزق أوصالي والثياب التي أرتديها – على كثرتها – فشلت في حمايتي من البرد ولا يؤنسني في وحدتي سوى صوت المطر المنهمر على قارعة الطريق وفوق رأسي بلا هوادة أو رحمة.
نظرت يمينا ويسارا وأنا محاط بآلاف الأسئلة ربما كان أهمها: (متى سوف يأتي الفجر؟) وميض السحاب وارتطامه يفزعاني، الرعد والبرق يتناوبان علىَّ حرماني إحساسي بالأمن والأمان، زحام في داخلي قلق وتوتر وغيرهما من مفردات الحيرة التي أسلمتني للبحث عن إجابة عن السؤال الأهم بالنسبة لي: (متى سوف يأتي الفجر؟) قدماي تغوصان في الطين وأغرق شيئا فشيئاً والوقت يتأخر وأصوات خافتة تأتي من داخل البيوت المحيطة بي، همسات كلمات وأشياء كثيرة لا أستطيع إدراك ماهيتها والحيرة تكاد تفترسني فإلى أين سوف يأخذني مصيري؟ وهل هناك سبيل لأنقذ نفسي مما وقعت فيه؟ كدت أجن فأنا أحدث نفسي في السر وفي العلن وأتمنى الشاطئ الذي ألوذ به من أمواج الخوف العاتية: (متى سوف يأتي الفجر؟) غرقت حتى وسطي، والطين قد أخفي معالم ثيابي أحسست كأنني فقدت القدرة على المقاومة، أريد أن أمسك بشيء فلا أجد سوى الهواء.
جاءت الساعة الثالثة وأنا أشعر أنني سوف أفقد الحياة لا محالة طالما أنه لم يأت الفجر، على امتداد الطريق من بعيد ناس يمشون في اتجاهي وهم ينظرون إلي في عجب ويتهامسون: (ما الذي أتي بإنسان في هذه الظلمة الحالكة من الليل؟ إنه ليس ببشر، لا بد أنه حجر ألقى به أحد المارة على الطريق، فدعونا منه ولنمض لحالنا) وأنا من فرط تعلقي بالأمل ناديتهم، ترجيتهم، توسلت إليهم أن يتوقفوا ويسمعوني ويرفقوا بحالي، فأنا مثلهم بشر، أغرقتني وحدتي في الوحل إلا أنهم لم يلتفتوا إلي ومضوا وتركوني أسأل نفسي: (متى سوف يأتي الفجر؟) غطست في الطين حتى صدري، كتفي، رقبتي وأوشك أن يصل إلى أذني، الساعة الآن الخامسة وعشرون دقيقة وإذا بشيخ المسجد المجاور لمسكني يوقظني بصوته الرخيم وهو يرفع أذان الفجر: (الله أكبر الله أكبر، أشهد ألا إله إلا الله أشهد أن محمداً رسول الله) وإذا بابنتي حنين هي الأخرى تستيقظ لتطبع قبلة على جبيني وتقول لي: (بابا، مش هاتقوم تصلي الفجر) هنا حمدت الله على أن ما كنت فيه مجرد حلم أو بالأحرى كابوس وأنه لا يزال في العمر بقية ينبغي أن أعيشها وأستمتع بها وأوظفها فيما يخدمني وآل بيتي وعموم الناس، فمن العار أن يعيش الإنسان بلا هدف ومن العار كذلك أن يموت بلا ثمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.