نظم الدستور الإدارة المحلية فى فرع خاص بها ضمن الفصل الخاص بالسلطة التنفيذية فى المواد (175 - 183) ويقضى نص المادة (175) بصفة حتمية أن يتم تقسيم الدولة إلى وحدات إدارية لها الشخصية الاعتبارية وتتكون هذه الوحدات من المحافظات والقرى والمدن، كما يجوز أن تنشأ وحدات إدارية محلية أخرى تكون لها الشخصية الاعتبارية إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك، ويقصد بهذه الوحدات الأقاليم الإدارية المحلية والتى تتكون من المحافظات المتكاملة مع بعضها البعض على أساس تعامل الأنظمة الخدمية والاقتصادية فى هذه الوحدة الإقليمية، وقد أوصت هذه المادة أيضاً أن يتم تحديد حدود الوحدات المحلية المختلفة بناء على قانون خاص بالإدارة المحلية، وأوجب النصر مراعاة الظروف الاقتصادية والاجتماعية لكل وحدة فى وضع حدودها الإدارية سواء عند الإنشاء، أو تعديل الحدود الإدارية المحلية أو إلغاء الوحدات... إلخ. وألزمت المادة 171 الدولة بدعم اللامركزية الإدارية والمالية والاقتصادية كما جعلت تنظيم وسائل تمكين الوحدات المحلية آنفة الذكر بالقانون!! بحيث تستطيع هذه الوحدات توفير المرافق المحلية والنهوض بها وحسن إدارتها كما أوجبت المادة (171) وضع برنامج زمنى لنقل السلطات والموازنات إلى وحدات الإدارة المحلية وذلك نقلاً من أجهزة السلطة التنفيذية!! كما ألزمت المادة (177) توفير ما تحتاجه الوحدات المحلية من معاونة علمية وفنية وإدارية وألزمت الدولة بالتوزيع العادل للمرافق والخدمات والموارد وتقريب مستويات التنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية بين الوحدات المحلية المختلفة وذلك طبقاً لما يقرره القانون الخاص بتنظيم الإدارة المحلية!! ونصت المادة (178) على أن يكون لكل وحدة محلية موازنة مالية مستقلة ويدخل فى إيراداتها فما تخصصه الدولة للوحدات المحلية من موارد وتضاف إليها الضرائب والرسوم الأصلية والإضافية ذات الطابع المحلى، وتتبع فى تحصيلها القواعد والإجراءات المتبعة فى تحصيل أموال الدولة وذلك كله طبقاً للأحكام التى يحددها قانون الإدارة المحلية!! وقد أناطت المادة (179) بالقانون المذكور تنظيم شروط وطريقة تعيين أو انتخاب المحافظين ورؤساء الوحدات المحلية الأخرى ويحدد اختصاصاتهم، وبناء على ما تقضى به المادة (242) من الدستور فى الأحكام الوقتية باستمرار العمل بنظام الإدارة المحلية القائم إلى أن يتم تطبيق النظام المنصوص عليه في الدستور بالتدريج خلال خمس سنوات من تاريخ نفاذه وذلك دون إخلال بالمادة (180) من الدستور والتى تنص على أن تنتخب كل وحدة محلية مجلساً بالاقتراع العام السرى المباشر لمدة أربع سنوات ويشترط فى المترشح ألا تقل سنه عن إحدى وعشرين سنة ميلادية، وينظم القانون المذكور شروط الترشح الأخرى وإجراءات الانتخاب وقد ألزمت هذه المادة القانون بتخصيص ربع عدد المقاعد للشباب دون سن خمس وثلاثين سنة، وربع العدد للمرأة، وعلى ألا تقل نسبة تمثيل العمال والفلاحين عن خمسين فى المائة من إجمالى عدد المقاعد وأن تتضمن تلك النسب تمثيلاً مناسباً للمسيحيين وذوى الإعاقة. ويلاحظ أن النص لم ينص على تخصيص «كوتة» لغير المسيحيين!! كما حدد خمسين فى المائة للعمال والفلاحين على خلاف ما التزم به الدستور بالنسبة لمجلس النواب!! وقد حددت المادة المذكورة اختصاص المجالس المحلية بمتابعة تنفيذ خطة التنمية ومراقبة أوجه النشاط المختلفة وممارسة الرقابة على الأجهزة التنفيذية المحلية مع تقديم اقتراحات وتوجيه أسئلة وطلبات إحاطة واستجوابات وغيرها مع سحب الثقة من رؤساء الوحدات المحلية طبقاً لما يحدده القانون الذى أناطت به المادة تحديد اختصاصات المجالس الأخرى ومواردها المالية وضمانات أعضائها واستقلالهم ويلاحظ على أحكام هذه المادة أنها وضعت المبادئ الأساسية الحاكمة للمجالس المحلية واختصاصاتها على نحو مشابه للبرلمان ووسائل الرقابة البرلمانية وذلك رغم إيراد تنظيم الإدارة المحلية في الدستور ضمن السلطة التنفيذية، ولم يرد أي حكم ينظم الصلة بين هذه المجالس الشعبية المحلية ومجلس الشعب، حيث كان يوجد نص على ذلك فى دستور 1971. وبالإضافة إلي تمتع المجالس المحلية بالاستقلال عن السلطة التنفيذية وبالموازنة المستقلة وسلطة الرقابة على الأجهزة المحلية، نصت الفقرة الأخيرة من المادة (180) على أن يحدد القانون اختصاصات المجالس المحلية الأخرى ومواردها المالية وضمانات أعضائها واستقلالهم، ويبدو أن المقصود بالمجالس المحلية الأخرى المجالس المحلية الإقليمية ويفترض النص أن يكون لها مجالس ذات تشكيل خاص بها!! وقد نصت المادة (182) علي أن قرارات المجلس المحلي الصادرة فى حدود اختصاصه تكون نهائية وتحظر تدخل السلطة التنفيذية فيها إلا لمنع تجاوز المجلس لهذه الحدود أو الإضرار بالمصلحة العامة أو بمصالح المجالس المحلية الأخرى!! وقد أناطت الفقرة الثانية من هذه المادة بالمجلس المحلى للمحافظة الفصل فى أي خلاف على اختصاص المجالس المحلية للقرى أو للمراكز وأناط بالجمعية العمومية للفتوى والتشريع بمجلس الدولة طبقاً لما ينظمه قانون الإدارة المحلية الفصل في الخلاف على اختصاص المجالس المحلية للمحافظات ويلاحظ على ذلك أن الدستور قد أناط بمجلس الدولة وهو هيئة قضائية الفصل فى الخلافات المذكورة، بينما أناط بالمجلس الأعلى درجة الفصل في الخلافات الخاصة بالمجلس المحلى للمدن والقرى والمراكز والمفروض أن يكون الفصل في هذه الخلافات بين المجالس المحلية لمجلس الدولة للجمعية العمومية للفتوى والتشريع وذلك بصفته ينتمى إلى السلطة القضائية ويشمل الاختصاص الوارد فى قانون الفصل نهائياً في أي نزاع بين الأجهزة الإدارية التنفيذية بواسطة الجهة المذكورة بقرارات نهائية وباتة؟!! ولم يفت المشرع الدستورى حظر حل المجالس المحلية بإجراء إدارى شامل وأناط بالقانون الجديد تحديد طريقة حل أى من هذه المجالس بسبب ارتكابه مخالفات لأحكام الدستور أو القانون وأبرزها تجاوز المجلس لاختصاصاته، وإنما أناط بالقانون قواعد وإجراءات انتخاب المجلس المحلى الذي يتم حله!! وتثير النصوص الدستورية آنفة الذكر السؤال عن أولوية القانون الخاص بنظام الإدارة المحلية مع مراعاة أحكام الدستور قبل القانون الخاص بحدود المحافظات والقانون الخاص بالدوائر الانتخابية ومدى أولوية إجراء الانتخابات للمجالس المحلية قبل انتخاب مجلس النواب والرأى السديد أن يتم تشكيل وانتخاب المراكز المحلية بناء على قرار جمهورى بقانون يصدر بنظام الإدارة المحلية قبل انتخابات مجلس النواب وذلك تأسيساً على العدد الكبير لأعضاء المجالس المحلية الذى يتجاوز عشرات الآلاف ولأن تشكيل هذه المجالس المحلية يحقق ديمقراطية الإدارة المحلية واللامركزية في إدارة شئون الخدمات والمرافق العامة فى كل وحدات الإدارة المحلية ويعالج الفساد المنتشر فى المحليات. رئيس مجلس الدولة الأسبق