نشرت أخيراً الدائرة المركزية للحملة العراقية لإدراج الميليشيات على القائمة الدولية للمنظمات الإرهابية لائحتها «السوداء» الأولية، وضمت مجموعة كبيرة من الميليشيات والتنظيمات المسلحة المتطرفة. أعتبرتها تشكل حالة من التطرف واللااستقرار التي تعيشها المنطقة، كذلك عرضت الحملة مطالبها العامة وخطابها الشامل، وأكدت في بيانها أن هذا الإعلان سيليه إعلان بانطلاقة جديدة للحملة لتكون الحملة العربية والإقليمية لإدراج الميليشيات على القائمة الدولية للمنظمات الإرهابية. رؤيتنا طرحناها أكثر من مرّة، أن الإرهاب لا يمكن أن يتجزّأ بأي حال من الأحوال، يجب التعامل مع معطياته وأسبابه ومخرجاته وتوجهاته وأهدافه كأنه جسد واحد، لأنه بالنتيجة يشكّل خطراً حقيقياً علينا كعرب وعلى الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي. لا بدّ على صنّاع القرار في منطقتنا أن يعرفوا جيداً أن الصراع الذي نعيشه مع الإرهاب والتطرّف هو صراع من أجل البقاء، لأن وجودنا أصبح مهدداً رهن الأحداث الجارية التي يساهم الإرهابيون الطائفيون ومن يقف وراءهم في إعادة إنتاجها من جديد في المنطقة. كذلك من الضروري أن يصدّق صناع القرار ان الإرهاب والتطرف لا يواجهان بالسلاح فقط وهناك ما هو أهم بكثير، يتعلق بالأسباب الاجتماعية التي دعت الآلاف من الشباب إلى الانخراط في صفوف هذا الطرف أو ذاك، حاملين السلاح من أجل إشباع غريزة الحقد الطائفية لديهم بقتل كل من يجدونه أمامهم. كذلك إيجاده حواضن شعبية تستوعبه بخطابه الطائفي. يكمن خطر التطرّف والإرهاب الشيعي - السُني في خطابهم ورؤيتهم المستقبلية الخطيرة التي أعلنوها أكثر من مرة طوال السنوات الماضية بأنهم يسعون من وراء ما يقومون به إلى إنشاء دول سُنية - شيعية مذهبية في المنطقة، وإعادةَ رسم الخريطة الإقليمية من جديد بطريقة تخلق مشاكل عميقة معقدة جديدة وتضع لنا قنابل موقوتة للمستقبل لن نتمكن من معالجتها في ما بعد، لأن هذا يعني أن المنطقة، إذا ما تشكّلت فيها دويلات طائفية كما يريدون لها ان تكون وإعادة بناء مجتمعات جديدة، ستكون معزولة ثقافياً وحضارياً وإنسانياً عن شعوب العالم، فلن تهدأ أبداً وستعيش حال اضطراب وعدم استقرار وحروباً طائفية مستمرة. إن مشروع التطرّف الشيعي تقوده إيران، يقابله مشروع التطرّف السُني الذي يقوده «داعش» و«الأخوان المسلمون»، من خلال معادلة واحدة بالغة الخطورة انتجت شريحة واسعة من داخل المجتمعات العربية المختلطة مذهبياً، انجرفت إلى المشروع الشيعي أو المشروع السني، وفقاً للانتماءات المذهبية، فأصبح الشعور الوطني والإنساني مهدداً. باختصار أن ما يجري سينتج لنا في نهاية المطاف، إذا ما نجح المشروعان الطائفيان الشيعي - السني -، إعادة إنتاج استعمار جديد - قديم شديد الخطورة، سيلغي هويتنا وتاريخنا ويضع مستقبلنا على حافة الهاوية. إن الأنظمة العربية لا تمتلك القوة الكافية وحدها لمواجهة هذه الموجة التي تضرب المنطقة من جهة، ومن جهة ثانية إن بعضها نراه سبباً في استمرار الصراع وليس سبباً للحل. لكنّ في الوقت نفسه هناك أنظمة تتحمّل مسؤولية دعم القضية برمّتها في المحافل الدولية. إن هدفنا صناعة أسباب إعادة الاستقرار الأمني والاجتماعي للمنطقة العربية والإقليمية. لقد توجّهنا بخطابنا إلى المجتمع الدولي لإدراج تلك التنظيمات والميليشيات المسلحة على لائحة الإرهاب الدولي وفرض عقوبات على الداعمين والمموّلين لها، والجزء الأخير شديد الأهمية للإشارة إليه. إن أهميّة إدراج تلك التنظيمات وتجريمها وفرض عقوبات على الداعمين لها، يعني خنق مموليها اقتصادياً، سواء كانوا حكومات أم جماعات، وكذلك الملاحقات الجنائية والقانونية للمتهمين منهم بتمويل ودعم الجماعات المتطرفة الشيعية - السُنية. فتجفيف مصادر الدعم والتمويل ومعاقبة الحكومات الداعمة لهذا الإرهاب ضرورة قصوى لا بد من تحقيقها. ومشروع الحملة ليس قضية خاصة بل قضية عامة تعني كل شعوب المنطقة. ليس فقط العرب من يستهدفهم الإرهاب بل هناك قوميّات وأقليّات دينيّة يستهدفها أيضاً. لذا فإن باب الحملة مفتوح للجميع، لأن أهمّ أهدافنا صناعة متغيّر جديد في المشهد العام وتأسيس توجّه سلميّ وإنسانيّ لطرح القضيّة من وجهة نظر بعيدة من التخندقات الحاصلة لتكون نواة استقرار وسلام في المنطقة. نقلا عن صحيفة الحياة