الحقائق التى طمستها أحداث 23/7/1952 تحتاج إلى علماء منصفين لا يخشون إلا خالق الموت وواهب الحياة تقدست أسماؤه وآلاؤه لتجليتها.. ومع ذلك.. فصانع هذه الأحداث وقائد مرورها كان هو الفريق أ.ح. محمد نجيب وحده دون منازع فهو الذى واجه الملك صراحة وهو الذى فرض صمتا ومنع تحركا مضادا لها.. تاريخه ناصع حافل بالبطولات.. قاتل بشجاعة وبسالة فى حرب 48 وكاد أن يقتل بإصابات مباشرة فى موقعين.. وهو وحده بين مجموعة 23 يوليو الحاصل على أكثر من مؤهل جامعى وكان قاب قوسين أو أدنى من الحصول على درجة الدكتوراه قبل تصاعد هذه الأحداث.. فى كتابى (الاصلاح من منظور سياسى اقتصادى يبدأ من نقطة البداية لا من فوقها..) جعلت فى مقدمته الإهداء التالى.. إلى الرجل الذى يرجع إليه فضل التحولات الكبرى التى حدثت فى مصر إثر أحداث 23 يوليو 1952 بدءا من قبول الملك الأسبق فاروق الأول التنازل عن العرش وانتهاءً بما آل إليه الأمر بعد ذلك من التحول من النظام الملكى إلى النظام الجمهورى.. إلى المقاتل الجسور حامل العديد من الدرجات العلمية الرفيعة..الفريق أ.ح. محمد نجيب رئيس الجمهورية الأولى لمصر وادى النيل) انتهى.. لقد فوجئت بمقال فريد لا ينقص كاتبه شجاعة الرأى والتجرد فقد كتب أ. توفيق أبو علم فى مطلع عموده نبضة فكر بوفد 14/11/2014 تحت عنوان «منذ ستين عاما مضت» ما يلى: فى مثل هذا اليوم من نوفمبر 1954 تم التخلص نهائيا وبشكل رسمى وبصمت شديد من الرئيس الأول اللواء محمد نجيب قائد حركة الجيش السلمية التى قامت أساسا لأجل تحقيق عدة مطالب للقوات المسلحة وليس بمأرب خلع فاروق الأول عن عرشه، لولا أن ظروفا تدخلت فغيرت المسار العسكرى إلى حدث سياسى خطير بخلع أكبر ملك فى المنطقة بل واحد من أهم ملوك العالم. ثم أتبع ذلك بقوله: وما كان بخلد أحد أن تتطور الأمور إلى حد بعيد.. وحتى تنتهى إلى أن يتنازل فاروق عن عرشه بعد ثلاثة أيام وأن يقول للتاريخ يوم تنازله: إنى قلق على مستقبل مصر، وإن على «على ماهر» أن يدرك بأنه لن يبقى فى الحكم سوى أيام معدودات، وأن أولئك الذين أجبرونى اليوم على الخروج ليسوا إلا مجرمين عتاة وسوف يثبت التاريخ ذلك!!) انتهى.. وفى 15/11/2014 كتب الأستاذ رمزى زقلمة مقالا آخر متكاملاً معه تحت عنوان (حصاد الأيام المر) جاء بصدره (62 عاما مضت منذ رحيل الملك فاروق رحمة الله عليه ثم ما قيل عن انقلاب عسكرى والذى تحول بعد ذلك إلى ثورة شعبية بقدرة قادر، وتوالت الانقلابات والانهزامات وللحق بعض الايجابيات أو تصحيح الأخطاء، فترة وإن كانت دقائق فى عمر أمة إلا انها دهر حطم مصر. ثم يختم مقاله متسائلا وأخيرا أين الأخلاق أين العلم أين التربية أين الأسرة أين الانضباط؟ لقد أفسدت ثورة 52 هذا الشعب ونحن علينا اليوم ونحن نبنى البلد أن نبنى هذا الشعب بالتوازى. قلتها وأمرى على الله) انتهى.. بعد أن حسم محمد نجيب معركة فجر الأربعاء 23/7/52.. لم يكن وربما لم يدر بخلده على الاطلاق هدم نظام الحكم.. إنما اصلاحه، لا هدمه، بدليل ما أدلى به محمد نجيب فى المؤتمر الصحفى العالمى فى اليوم الثانى لمسمى الثورة وهاكم نصه (هدف الجيش تطبيق الدستور.. قلناها صريحة إننا نريد تطبيق الدستور الذى ينص على أن بلادنا ملكية دستورية) ثم ما يلبث أن يذيع فى نفس اليوم بيانا نصه (أننا ننشد الاصلاح والتطهير فى الجيش وفى جميع مرافق البلاد ورفع لواء الدستور).. لا ينبغى أن ينسى مصرى واحد ما قاله زكريا محيى الدين لفاروق جويدة ونشر بالأهرام من أن مطالبهم فى البداية كانت محدودة ولكن موافقة الملك على كل شىء أغرتهم بالمزيد حتى وصلوا فى النهاية إلى مطالبته بالتنازل عن العرش!.. أضيف ما قاله المؤرخ د. عبدالعظيم رمضان ونشر بالوفد من أن ثورة الجيش لم تكن تهدف للاطاحة بالملك بل إنها تثبت النظام الملكى فى البداية.. الوثائق حول هذا الموضوع وملابساته وتداعيات كثيرة أوضحت كثيرا منها فى كثير من مقالاتى وفى بعض مؤلفاتى.. ويؤكد هذا الموضوع وعلى نفس السياق ما ذكره لى المهندس هشام سالم ابن ناظر الخاصة الملكية و كان يعمل فى احدى شركات عثمان أحمد عثمان مع زوج ابنة السادات كما كان ضابطا احتياطيا فى وحدة تحت قيادتى عما قاله الفريق أ.ح. محمد نجيب للملك على ظهر المحروسة ساعة رحيله لتوديعه مع بعض ضباط الحركة! مرة أخرى.. ومما هو جدير ويلفت النظر ما قاله الفريق أ.ح. محمد نجيب نفسه بعد التطورات التى حدثت مع اعتقاله معترفا قائلا- ولكن بعد أن انتهى كل شىء.. كل شىء.. كل شىء!.. اعترف الآن بأن هذا كان خطأى الكبير.. فماذا كان يقصد بالخطأ الكبير؟!.. كان ينبغى محاكمة كل مجموعة 23 يوليو على تجاهلهم حقوق الشعب وكارثة يونيو 67 وفى النهاية أن ما نحن فيه وعليه الآن هو نتاج 23/7/52 بشكل قاطع وان تعددت أقنعته!! و محمد نجيب وليس عبدالناصر هو الزعامة الغائبة عن حقائق التاريخ!!..