كثيراً هو التشابه بين بيانات القوات المسلحة فى العالم بأكمله ، فعندما تقوم ثورة يخرج علينا شخص يجيد الكلام ، مقبولا عند الناس ، له نبرة حادة ، يستطيع طمأنة أتباعه ، وتخويف أعدائه ، هذا مالم يحدث فى أعقاب ثورة يوليو المجيدة عندما ألقى البيان أول رئيس لمصر "محمد نجيب" وتم الإطاحة به فى أقرب فرصة ، وعلى العكس تماما حدث فى ثورة 25 يناير 2011 والتى قام بها الشعب المصري ووقف بجانبها القوات المسلحة ، وكأن عقيدتها ضد الفساد والمفسدين لم تتغير بل تغييرات الطريقة التى يتم بها الوصول إلى السلطة بين ثورة شعب ، وثورة الجيش. فمصر تحتفل اليوم بذكري ثورة يوليو المجيدة التى خرج فيها الضباط الأحرار ثائرين على الظلم والفساد باحثين عن مستقبلا أفضل وإن إختلفت الأراء .
فمع ثورة يوليو يحتفل المصريون أيضا بثورة يناير المجيدة التى قام بها الشعب المصري متخذا من ثورة يوليو العبرة والعظة ، فالوضع لم يختلف كثيرا . هذا أول بيان لثورة 52 ، مؤكدا فيه نجيب أن الهدف من الثورة القضاء على الفساد :_
وهذا بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى دار على نهج يوليو مؤكدا على حماية شرعية الشعب ، وتسليم السطلة خلال 6 أشهر وهو مالم يحدث ، وكأن العقيدة العسكرية تقتضى الدفع بكلمات للتضحية ثم النظر فى الأمر كما تم مع "نجيب"
وهؤلاء هم قادة الثورة ثورة 23 يوليو 1952 هي انقلاب عسكري بدأ في مصر بواسطة مجموعة من الضباط أطلقوا على أنفسهم تنظيم الضباط الأحرار ، وأطلق على الثورة في البداية "حركة الجيش" .
ثم اشتهرت فيما بعد باسم ثورة 23 يوليو، وأسفرت تلك الحركة عن طرد الملك فاروق وإنهاء الحكم الملكي وإعلان الجمهورية.
وبعد أن استقرت أوضاع الثورة أعيد تشكيل لجنة قيادة الضباط الأحرار وأصبحت تعرف باسم مجلس قيادة الثورة وكان يتكون من 14 عضواً برئاسة اللواء أركان حرب محمد نجيب.
*أعضاء مجلس قيادة الثورة
1- اللواء محمد نجيب
2- البكباشي جمال عبد الناصر
3- أنور السادات
4- عبد الحكيم عامر
5- يوسف صديق
6- حسين الشافعي
7- صلاح سالم
8- جمال سالم
9- خالد محيي الدين
10- زكريا محيي الدين
11- كمال الدين حسين
12- عبد اللطيف البغدادي
13- عبد المنعم أمين
14- حسن ابراهيم
فربما الفارق بين ثورة يوليو المجيدة وثورة يناير هى طريقة الترحيل بين الملك فاروق ، والمخلوع حسني مبارك..
فلقد واصل الثوار اتخاذ خطواتهم نحو السيطرة على الحكم وطرد الملك واجبروه على التنازل عن العرش إلى ولّي عهده ابنه الرضيع أحمد فؤاد وقد تم ترحيل الملك وأسرته إلى ايطاليا على متن يخت المحروسة.
أما فى عهد المخلوع فقد أكتفى الثوار بتسليم الأمور إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة ، محاولين فى بداية الثورة ترحيل مبارك وأسرته عن البلاد وهو ما رفضه المخلوع بعكس فاروق ، جالسا فى شرم الشيخ حتى جاء به الثوار الى سجن طرة للمحاكمة. فطنطاوي لم يختلف عن عبدالناصر كثيرا فى طريقته ، واسلوبه ، فى بعض المواقف وحتى الطريقة والميول الناصرية ..
وهذه شهادة الغريب الحسينى الحارس الخاص للملك فاروق قائلا "شاءت الاقدار لى أن أكون حارسا خاصا لشخص كنت أكره حتى مجرد سماع إسمه و عندما إقتربت منه تمنيت أن يجئ اليوم الذى اقدم فيه روحى كأقل ثمن فداء لهذا الرجل مازال صوت الملك فاروق يدوى فى أذنى عنما كان ينادينى قائلا يا حسينى تعال هنا ما زالت صورته و هو يغادر الإسكندرية يوم 26 يوليو 1952 تسيطر على ذهنى فى كل وقت يومها قال لى الملك فاروق ماتبنيش يا حسينى خليك ورايا أمن ضهرى أنا حاسس أنهم ح يقتلونى هكذا كان الملك فاروق يخاف دائما من الإغتيال كان محاطا بأسوار عالية و ساحة من المؤامرات فى كل مكان هكذا كان فاروق لم تقتله الثورة و حدها و إنما قتله المقربون منه لم ينته سلطان فاروق فى يوليو 52 و إنما إنتهى سلطانه كرجل قبل ذلك بسنوات طويلة إنتهى سلطانه يوم تزوجت والدته الملكة نازلى عرفيا من أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكى إنتهى سلطان فاروق عنما تركته الملكة فريدة و رحلت بعيدا عن القصر إنتهى سلطان أمير الصعيد يوم ترك اللصوص و المرتشين و عملاء المخابرات الأجنبية و رجال القصر يتحكمون فى كل شئ دون إرادته و لم يكن يوم 26 يوليو يوما عاديا أو مجرد خروج ملك أطاح به إنقلاب بل كان بداية لعهد لا يعرف أحد حتى مجرد ملامحه حتى فاروق نفسه لم يكن يعلم إلى أين هو ذاهب ؟ و هل سيخرج من مصر حيا أم يقتله الثوار فى عرض البحر ؟ و هل سيجئ اليوم الذى يتحقق فيه الحلم و يعود إلى حكم مصر مرة أخرى ؟ كلها تساؤلات تبحث عن إجابة و لم تدر هذه التساؤلات فى رأس الملك فاروق وحده و إنما فى رؤوس رجال الثورة أنفسهم إن علاقتى بالملك لم تكن علاقة عادية أنا بالنسبة له فرد من أفراد الحراسة الخاصة و هو بالنسبة لى أهم رمز رأته عيناى إن السنوات التى قضيتها معه أشبه بربيع لم يدم طويلا و إن كانت سنوات أربع فقط لكنى بعد خروجه من مصر تأكدت انها أهم و أدق مرحلة فى حياتى و ليس فى عمرى فقط و لكن فى عمر مصر كلها
مقتطفات من المذكرات /
1 / و فجأة هبط الملك من داخل القصر ووجدناه واقفا أمامنا فى الحديقة و تقدم البكباشى مرتضى نحوه و قال يا مولانا الرصاصة إنطلقت من داخل القصر.
2 / و قام الدكتور طه حسين وزير المعارف ليستأذن فى إلقاء كلمة الإستقبال للملك فاروق و ما أن صعد طه حسين الى المنصة حتى كادت وزارة الوفد تسقط فى هذه اللحظة
3 / و لم يمض سوى عشر دقائق و صرخ الملك فى على ماهر باشا و سليمان حافظ قائلا / فين السودان ؟ ولم يكن أحد يعرف ماذا يقصد الملك ؟
4 / ظللت واقفا أرقب الملك و هو ينظر إلى انوار الإسكندرية الجميلة من بعيد كانت نظرة غريبة لم أعهدها فى الملك من قبل و بدأت الأنوار تختفى شيئا فشيئا
بهذه الكلمات يطالعنا هذا الكتاب الوثيقة المهمة للغاية من أحد الأفراد المقربين للملك فاروق و أحد حراسه الخاصين الذين إطلعوا على بواطن الأمور التى لم تتيسر لأحد سواهم